البارت السادس عـشرّ

680 19 8
                                    

الرياض ..
"نيزك"
ضج صوته بغرابه وهو يشعر بأن المكان قد تغير و ان جسده يتحرك فوق شيء يجهله ،عواء بشده و يبدو بأنهُ متحمس جدًا !
اوقف عبدالعزيز السيارة امام منزلها ،حمل نيزك في حِجره :تعال هِنا
اندثر في حجره اكثر ليخرج عبدالعزيز من السيارة
توقف امام الباب المردود ..وقد ادرك بأن خالتها ذهبت إلى البسطه ،تنهد ليدفع الباب الحديدي الذي اطلق صريرًا حاد عند فتحه ..
شهقت بهلع ،وقد كانت تقف بالحوش بيدها المكنسه المعبأة بالماء و في كفها الاخرى انبوب الماء..
عقد ملامحه وهو يرمق قميصها الازرق الفضفاض ثم الى شعرها المنتثر خلف ظهرها بفوضوية
اطال النظر بشعرها كثيراً ..اطلنا السُخريه
اطلناها و نحن نتجاهل الاعجاب الذي يدغدغ قلبي بحُزنه ..تنهد وهو يسرفُ النظر في شعرها إلى ان فجعته بصراخها :انت وش تسوي هِنا!!

تبقى ثلاثُ ساعات على الوصول ..منذ أن فارقنا بُنيان الرياض و حتى هذه اللحظه لم نتحدث بشيء لا انا و لا هو ..
تنظُر إلى زخات المطر الخفيفه و ل الطريق الذي تبلل بالماء ،وضعت يدها على الزر لينخفض زجاج النافذه الى الاسفل ،اغمضت عينها بهدوء ما إن لفحها الهواء الرطب التفت نحو حاشد و بإيجاز دون أن تضع عينُها بعينه :الطريق فاضي بطلع يدي شوي
نظر إليها لمُدة طويله دون أن يرُد عليها .. نُمارس الصمت يا ليل ..نُحب أن نلتزم الصمت دائمًا في فضولنا و سؤالنا في كُل شيء يعنينا ..
امتدت كفها الثلجيه نحو الخارج ..الطريق فارغ من السيارات سيارة رِفاقه تقدُمنا بمسافة و يبدو بأن الطريق بات مهجورًا من السير عليه
ابتسمت بلُطف و هى تشعر بالهواء يداعب اصابعها
تُقبلها دموع السماء لحظات و يمحو الهواء بكاء السماء عنها لحظات اخُرى ،لم يُعلق
ربما لان مفاهيم الكلام هجرت لسانه ،او ربما لانهُ يطالع سكونها كالعاشق الذي لا يود ذهاب هذه اللحظه ..ليت الطريق لا ينتهي
اطالعُكِ من هُنا و تبقين بجانبي ..الى الابد
بتراقصات حبات المطر على كفها :أتعلم ؟
لوى فكه:حاكيني بالعربي ليه لازم اسمع اعترافاتك اجنبيه؟
ابتسمت بلطف لتضع راسها على النافذه :إنهُ سِر .
نظر إلى الطريق ليخفف السرعه و يبدو بأن زخات المطر لن تنتهي :سِر و لا تتعمدين عشان تضمنين إني ما افهمك
ضحكت:توقف عن الهُراء..انت تفهم ما اقول
تنهد:اخاف تقلبينها اسباني ولا هندي و بعدين اعجز افهمك
تشبعت ضحكًا ،لتعيد راسها الى الخلف ...سحبت هواء كثيفًا الى رئتها لتنظر إليه :اطمئن لن اتحدث إلا بالانجليزية هذا وعد
رمقها بِحده :ما انتِ ناويه تحاكيني عامي بديتي تستفزين صبري ما احب اللكاعه انا
تنهدت :لا مزاج لي بالحديث إلا هكذا
لوى فكه و بسخريه هامسه :له الجنه شاهين لولا الله ثم هو كان ما فهمت وش تخربطين فيه
و بتغيير للموضوع :تهوين القصيد ؟
ليل :عندي كم خلفيه عنها
عقد حاجبه :كيف يعني خلفيه ؟
ليل :عن اي ادب تحب تحكي عنه الروسي الروماني في الادب العربي الفصيح الادب العربي حيل يجذبني مطران خليل مطران دايم يجذبني بكتاباته
ابتلع رمقه :اقصد القصيد القصيد خل عنك ذول
رمقته بعدم فهم
تنحنح ليردف :يقول الشاعر
باطراف بيته للمواجيب شِنكار
معلاق كبشٍ عند راعيه غالي
اتسعت احداقها لتنظر اليه بقشعريره ،ظلت لحظات لتلوي فكها بعد سمعت رنين ضحكاته :للمعلوميه انا ماني عربيه و لولا الله ثم جدي ما كان فهمت حرف من الي تقوله يعني تراني بذي الامور صفر
زم شفتيه :حلو اقدر الحين اغيضك مثل ما تغيضيني
ليل بقهر :وش جاب لجاااب؟؟
اعتلا صوته و بإستشفاء منها :جااااببب و نصصص
نظرت للامام وقد تعكر مزاجها
حاشد و يتذكر قصيدة لمشعل بن سابر :
يالله عسى من تركني ساعة الشدّه
تحدّه ظروف وقته لين ياتيني
رمقها بعينان تقصد اشياء كُثر ..بللت رمقها وقد وصل لها البيت بشده ليطعن نحرها
اردف مُكملا :
أنا رفيقي على العسرات ما احدّه
أدرى رفيقي مثل ما ادرى على عيني
وأنا رفيقي ليا شفت الزمن ضدّه
أقوم في واجبه من قبل يدعيني
ليل وتشعر بالاختناق :توقف عن الحديث انت تُزعجني
يُدرك بأنها تفهم ما يقول اكمل بحده شافيه :
ما يوجع الكبد كود البور والصدّه
من واحدٍ يقدر وما قام يسقيني
اكمل البيت من تأليفه :
من واحدٍ يبي اشياء منعِده
وهو على بيبان الفراق يلوني
ليا طاح ترسه و العناد كده
ضميته لصدري بين قلبي وبيني
ابتلعت رمقها لتشتعل محاجرها بدموع كثيفه شوشت رؤيتها وهو يعترف لها .
__
دخل القرية ،لتبدأ السيارة بالارتجاج من الطريق الوعر الذي يمرُ خلاله
وضعت كفها على معدتها بتألمُ ما إن شعرت بركلات جنينها الذي لم يتوقف لحظه عن الركل همست بإرهاق :تضايقت من الجلسه ..
رمقها حاشد بطرف عينه و قد أدرك تعبها من الجلوس لساعات بالسيارة ،تنهد بشدة تميل للعصبيه ،عنيده و مستحيل احد يلين هالعناد الي براسها و بنبرة لوم حاده :قلت لك نزور الديرة بعد ما تولدين ،هالحين يرضيك حالك ؟
زمت شفتيها للداخل و فعلا الالم الذي بظهرها يُشعرها بأن ظهرها انكسر فعلا لنصفين ..اغمضت عينها بمحاولة هزيلة لاستدراك الوجع دون أن ترد عليه ..
تأفف بشده ليقف واخيرًا امام منزل الغيث الذي يقبع وسط الديره و بنبرة حاده جازمه :انزلي !..انا الغلطان هِنا
ارخت راسها نحو الخلف و بنبرة مبحوحه تالفه :ألم و يزول لا تشيل همي
شعر بالندم ،لو أنهُ استمع لنفسه دون أن يلين لغضبها لَمَا شعرت بُكل ذلك التعب ..
فتحت عينها لتنظر إلى منزل الغيث لحظات ،عقدت حاجبها و بإستنكار صريح وحاد :ليه جبتنا لهنا ؟
ملامحُه لانت حتى باتت لا تُفهم ..
اعادت صيغة السؤال بحده أكبر :ما اصدق !..انت ليش مرتبط بهالبيت لحد هالحين ؟..ليه تتعب نفسك يا حاشد
ابتسم لينظر إليها :من قال لك إن اتعّب نفسي؟...انا متعلق
اردفت بذهول :كنت اظن انك تجاوزة !..
و بتساؤل ممتزج بجزع :انت لحد هالحين ضايع بين صقر وحاشد ؟!!
لوى فكه بسخريه لينظر نحوها بلا رد
اردفت بقهر :جاوبني !
ارتفعت عينهُ الى الزجاج الامامي المُنمش بقطرات الماء
اخفضت نظرها حين طال تأملهُ ..لتتنهد بين شفتيها هواء حار
نظر نحوها ليردف ببحة أذابت قلبها :
يا سلامي يا جانحي يوم اطير
كيف حال الطير ذي ماله جناح؟
ابتلعت رمقها الذي جف بحلقها فجأة و لم تفهم فِعلا قصيدتهُ ،او أنها فهمتها للحد الذي شعرت بأن قلبها ينكمش كخرقة بللها صوته المُنهمر بالحُزن
غصة بصدق ما تشعر به :مو فاهمه عليك
حاشد بقهر لعدم فِهمها :هُم عزوتي لا تعزويت هم جناحي
و ببحه: ما يطير الطير من غير الجناح ..
ليل بإندفاع :سلطان هلك و عزوتك و اخوانك الي من دمك هم جناحنك ليه تتقيد فيهم ،انت حُر من دون الغيث و قسوته ،ربي عطاك اب في صدره حنية هالكون كِلها ليه تجفى نفسك و تروح للشقى بروحك و جسدك و القهر إنك ملهوففف!!
انقهر ليرد بصورة غاضبه موجعه :سلطان عين و هم عين ما ابي الغي احد ، إن كان سلطان جناح لي فالغيث جانحي الثاني انا اطير بهم الاثنين ولا ابي اتخلى عنهم الاثنين ..هم سنين حياتي و شبابي و طفولتي كيف تبوني امحي كُل هالذكريات بيوم وليله ..ليه ما يصير عندي ابين و اهلين و اُمين !!!..ليه تبون تلغون واحد من جناحني ؟..كيف تبوني اطير ؟
افحمها برده ..لتسكت بصمت متوجس وعدم رضى للنقطة التي وصلا لها بالحديث ،غير مُقتنعه
هى فعلا غير مقتنه و لن تقتنع بما يقول !..
فتح الباب بشدة و بنبرة حادة تُنهي النقاش :انزلي !
توقف امام الباب الحديدي الضخم ،رمقه لمدة طويله ليبتسم ،تراجع الى الخلف ليرفسهُ بقدمه ،فُتح الباب بقوة لينظر الى ليل :ادخلي
ليل وقد ارتفع حاجبها :في اختراع اسمه جرس !
دفع الباب بكفه ليدخل :باب الحوش خربان من زمان و ما ينفتح الا بالرفس مثل عقول بعض الناس
اتسعت احداقها لتتبعه بقولها:وش قصدك !!
نظر نحوها و بسخريه :وش الي وش قصدي؟..انا قلت عقلك يبي له رفس ؟..انا قلت بعض عقول الناس اذا انتِ تحسين نفسك منهم فوش دخلني !
اتسعت احداقها من تلاعبه بالحديث حتى وصوله لنقطه يتكئ عليها لصالحه !:تقول انك ما تحب اللكاعه و هالحين تثبت الي انك ملكع بمرتبة الشرف !!
اتسعت ابتسامته ليتوقف امام الباب الداخلي بعد ان تخطى الحوش الترابي الواسع ..تجاهلها
اردفت بقهر :احاكيك !
وضع يديه بجيبي ثوبه بعد ان قرع على الباب ثلاث مرات ..
مد ذراعه نحو ليل ليسحبها بهدوء حتى توقفت خلفه تماما ،اردف دون إن ينظر لها :يمكن احد من العيال يفتح الباب،خليك وراي !!
لم ترد عليه ولا زالت غاضبه ..
-
جاي ..جاي!
ظهرت طرف ابتسامه على شفتيه وصوت شاهين يرن بأذنيه ،
(للتذكير فقط،شاهين شقيق مطلق و ابن ثاني للغيث وقد ذُكر في بدايات القِصه)
فُتح الباب لينظر نحوه شاهين لفتره طويلة :عوذه توني حالم فيك امس
حاشد وقد ابتسم :ما تبي تسلم طيب
شاهين و يشعر بالفرح يتسرب الى صدره فتح صدره ليتقدم إليه :حيّ هالشوف
احتضنه بشده شنيعه وهو يضحك :يا جعل ما يفقدك غالي ،والله ثم والله إنك فقيده يا ابن اخـ..ـو
انقطع صوته ما إن تذكر الحاصل ،ليكتفي بالصمت في احضان الغائب عنهم مُدة طويلة
ابتعد حاشد بعد اندثاره في حضنه و لا زالت ابتسامته مرسومه على ثغره :شلونك
شاهين بحرارة:انا!..بخير ،في اشد الخير دام شفت هالوجه بعد هالمده ..وينك ؟..ما تعودنا نشتاق لك هالكثر
بلل رمقه ،شاهين ليس من النوع الذي يعترف بالاشتياق مثلا ،إلا انهُ في هذه المره اندفع باشواقه إلى حاشد ،يبدو بأنه يئس عودته للدرجه التي يشعر بها بأنهُ يشاهد حُلم .
لمح المرأة المُحتشمه بالعباءة خلفه ليستدرك الموقفه و بلعثمة :حياكم ..
التف حاشد بجسده نحو ليل ليمُد لها كفه ،نظرت نحو كفه لمدة قصيره سرعان ما استجابة له لتعقد اصابعها باصابعه ،شد من امساك كفها ليسحبها برفق نحو الداخل لتسير بجانبه تمامًا هذه المره و ليس خلفه ..
-
سار ببطء ما إن مر من خلال المجلس الذي كان يسهر به كثيرًا مع شاهين و عِقاب و اخوانه بلل رمقه ليتوجه نحو المجلس ..
توقف عند المدخل حينما سمع اصواتهم
مزن بقهر :شفتي كيف طاحت نسبتي هالسنه ؟..قلت لك حاشد طاقة مب طبيعيه لي ،لو انه قدامي كان جتني ام الركب وصرت جاده لكن هالحين شايفه كم ناقصه
غيم وقد وضعت كفها على راسها بصُداع من ثرثرة مزن التي لم تتوقف:يرحم لي والديتس انتِ ما تسكتين ؟..من تصبحين الين تمسين وانتِ على هالحديث ما تغيرينه ؟..يابوي ما انتِ اخر وحده تنقص بنسبتها ولا اول وحده شدي حيلتس الترم الثاني و امنعيني عن الردى تكفيننن راسي يصننننن من صوتس
مزن بذهول :بل !..حكي الجده تفطنين تقولينه يالنابره و انا احسبك ما تعرفين
غيم بقهر :من سببك ،تخلين الواحد يسبك بجميع اللهجات ،اسكتي
تنهدت بشده :اشتقت لعمي حاشد و اشتقت لسحاب ،عِقاب ما ودك نروح ل الرياض نزورهم
رمقها بطرف عينه و بيده السلاح يُلمعه :انتِ شايفه المسافه الي بيننا وبين الرياض
مزن بعدم فهم :و خير يا طير ؟
استدركه نمر :يا فطينه حنا ماسكين الحلال هِنا و لا عندنا وقت نحك شعورنا ولا ننام ولا حتى نعرس ،يعني باختصار روحه للرياض مافيه!
مزن من كبت القهر اردفت :احفاد الغيث يعني وش ارتجي !
-
السلام عليكم !
رفع عِقاب بصره نحو حاشد الذي توسط المجلس لينظر نحوه بذهول !
اخفضت ليل بصرها نحو الارض و ذكرياتها في هذا المنزل سيئة و قليله
افلت حاشد كفها ليتقدم نحو عِقاب الذي سابق خطواتهِ نحوه ليحتضنه :يا هلا و مرحبا نورة الديرة اي والله !
-
في ظل احاديثهم و ضحكاتهم المُتعالية ،تأملت ليل حال حاشد الذي يضحك كثيرًا معهم ،يُطلق النِكات و الضحكات ،و كأنهُ مُرتاح ..لا بل سعيد و كأنهُ عاد الي عُشه !
مزن وقد سحبت طرحتها من عُنقها لترميها على حاشد :حلفت عليك ان تمسي عندنا الليله و الصبح و ما بعد الصبح
رمق طرحتها التي لم تصل اليه بل وقعت بالمنتصف ليلوي فكه :انتِ كُل شيء عندك معوق ؟..من متى الحريم يرمون طرحهم و يحلفون
كحت بفخر :من جاب ابو عقاب مزن
ضحك بيأس
مزن :وشو ؟..انا حلفت عليك تنام عندنا ،و رميت كلمتي ما ترجعها وانا بنت ابوي
عِقاب بتأييد :ما به خلاف انا مع مزن ولا ايش يا شاهين
شاهين بموافقه :غصب عنه ينام الليله ولا ما وده يشوف المطر
التهفت ملامحه لينظر نحوه :ماهو وقت نومها ولا وقت خلوتها... وينها ؟
شاهين :راحت للجول مع ابو عِقاب
تغيرت ملامحه للغيض:ما كانت تروح الا معي
شاهين وقد ابتسم بحُزن :كانت تروح لهناك لجل تروي شوقها لايام اول لكن هالحين صارت تروح لجل تروي شوقها لك
تلونت ملامحهُ بالحُزن ليمتنع عن الرد
همست غيم لمزن التي تكاد تبكي :تهقين يعلمه شاهين عن جدتي ؟
حركت كتفيها بتعب من الاحزان :مدري
-
بمدخل البيت ..
اسندها جيدًا وقد احاطها بذراعه ،ابتسمت المطر من حنيته :بو عقاب قل امين
ساعدها على صعود العتبه ليبتسم:امين
المطر وتشُد كفها على عصاتها :الله يعوضك بالعوض الصالح في ذريتك ومالك
ابتسم ليُعيد تمتمت "الامين "..وضعت كفها الحُره على الباب و بتساؤل :وصلنا ولا باقي اعتبه ثانيه ؟
ابتسم بحُزن من حالها الذي انقلب فجأة فقبل اسبوعين.. فقدت بصرها بسبب المياه البيضاء التي اُصيبت بها ،تنهد :لا وصلنا
-
ابتسمت بهدوء و لا يبدو على حالها الحُزن :زين
مرة من جانب المجلس إلا انها اشارت لابو عقاب بأن يتوقف ..
ابو عقاب بتساؤل :بغيتي شيء؟
رفعت راسها نحوه :بغيت المجلس
استغرب طلبها ،تحركت وهى تُسابق خطواتها
توقف حاشد بلهفه ما إن شاهد دخولها إلا انهُ سرعان ما شعر بكهرباء تضرب ظهره بشده ما إن شاهدها تتخبط و يُسندها ابو عِقاب شعر بحاجه مُلحه للتنفس و هو يُحس بأن حجرًا ضخمًا هرس اضلاعه
غرقت محاجره بالدموع رغمًا عنه لينظر نحو شاهين الذي توقف وقد شتت بصره و لا يدري ما يقول
المطر و تشير بعصاتها نحو الهواء :يعقوب عليه السلام قال ..إني لاجد ريح يوسف ..بو عقاب
-لبيه
ابتسمت:اشم ريح حاشد
يالله!..افقد قُدرتي على الاتزان كُل ما وقفت ،افقد مقدرتي على العيش بصوره طبيعيه دون أن ابكي ..
ابكي رجلاً لم تُعد الدموع تُعزيه و لا حتى ترثيه رثاءً تواسي قلبهُ بمصابه
سار بخطوات بطيئة تجر أثقال الحُزن و الاشواق نحوها ،خطواته البطيئة التي تسارعت حين بات قريبًا جدًا منها حتى اندفع ليحتضنها بين ذراعيه بشده ،اسقطت العصا لتبتسم وهى تُحيطهُ بكفيها الكهله ،دثرتهُ بحضنها لتغفي ملامحهُ بكتفها ،همست بقُرب اذنه :شميت ريحك ..حيّ هالريح و حيّ راعيها
-
فتنه"
شهقت بهلع ،وقد كانت تقف بالحوش بيدها المكنسه المعبأة بالماء و في كفها الاخرى انبوب الماء..
عقد ملامحه وهو يرمق قميصها الازرق الفضفاض ثم الى شعرها المنتثر خلف ظهرها بفوضوية
اطال النظر بشعرها كثيراً ..اطلنا السُخريه
اطلناها و نحن نتجاهل الاعجاب الذي يدغدغ قلبي بحُزنه ..تنهد وهو يسرفُ النظر في شعرها إلى ان فجعته بصراخها :انت وش تسوي هِنا!!
تقدم نحو كُرسي بلاستيكي مركون بالقُرب منه ،جلس عليه ليضع نيزك في حِضنه ..رمقها بعينين خاملتين :قِبلت بشروطك
عقد حاجبيه ما إن انحنت راكعه لتضع مكنسة السعف المُغرقة بالماء على الارض لملمت طرف ثوبها من الاسفل لتجمعهُ في كفها و تعصره مرتين تلو الاخرى افلتته لتسحب الانبوب ،غسلت يدها مرتين لتعود لتستقيم كغزالة رشيقه مُستعده لأن تنقض لا لأن يُنقضَ عليها :صرت أفهمك ،و أفهم حكيك إلي تخفي وراه اشياء كثيره ..علمني بصراحه ...رَفَضّتك ؟
عبدالعزيز و يلصق ظهره بالكُرسي تماما ،ابتسم ابتسامه ضيقه ليُمرر اصابعه فوق شعر نيزك الذي نام :وش الي فهمتيه ؟
ضيقة ابتسامتها لتُشابه ابتسامته :جاوب بالاول حبيبتك رفضتك ؟
ضيق ابتسامته لبرود تام :راحت الله يستر عليها
ارتفع حاجبها وبقهر ،يعني صحيح بأنهُ ذهب لها لك يضعها فوقي زوجه اخرى !..:وش رجعك ؟
تنهد و بسخريه :يعني بالله الواحد يزهق وهو يحاول يتفاهم معك ،قلت لك رضيت بشروطك
تفاقم الغضب بصدرها ليعتلي صوتها وهى تشير نحن الباب :معاد ابي شروط ابيك تذلف برى البيت و تكفيني شرك !
نظر نحو الارض ولا يريد النظر نحوها ،او ربما لانهُ بدأ يشعر بأن عيناه تخذلانه في شيء يخصها :زواجي منك بالاول كان لحظة غضب ..كنت محروق و مندفع (عقد حاجبيه بضيق )..و ابي اشفي قهري لكن هالحين الوضع اختلف ..
تنهدت بشده وبصوت عال :الوضع اختلف يوم راحت الله يستر عليها !..انت ليش مُصر تلوثك بعيني كثير ؟..ياخي عُمري ما انقرفت من مخلوق كثر ما انقرفت منك !
رفع بصره ليثبته نحوها بقسوه شديده تصف غضبه هذه اللحظه من حديثها عنه
شدت قبضة يدها و بضُعف خان صوتها :من وش مخلوق ؟..اقول لك روح.. تبقى بس عشان تقهرني لذي الدرجه انت مستلذ بقهري
تنهد :قولي الي ودك تقولينه ..انا ما ابي اطلق عشان كذا بعطي هالزواج فُرصه وقلت لك راضي بشروطك .
تنهدت بغصه :مادي يا عزيز ..مادي جدًا لدرجه انك ما فكرت تقول اسف من قلبك
وضع نيزك على الكرسي بعد نهوضه ليسير نحوها :انا ابي اتقدم خطوه ،مهما كانت مهزوزه و هشه ،انا احاول إني اسعى بعد كل الجِنان الي صار
فتنه بدمع مالح ،بلل محاجرها :أنت ببساطه عاجز تقول أنا غلطان تقول اسف من قلبك ،انا بس استحي من نفسي في كل مره افكر إني بقبل اعتذارك ..انت من كُل عقلك جاي لي بعد كُل الي سويته فيني ؟
عبدالعزيز وتضيق عينيه بحُزن غريب:اقسم بالله ما قد شفت متناقضه مثلك ..تقولين ايه بشروط وهالحين تقولين لا !
لكمته بشده نحو صدره لتصرخ :ايه انا متناقضه و معتله ..اطلع من هِنا!
رفعت كفها نحو جبينها المرسوم به جُرح و بحُرقه :كيف قادر تمحي ذا ؟
احاط بكفه شعرها المُلتف لتغرق اصابعهُ في شعرها وهو ينحني بشفتيه نحو جبينها المجروح ليطيل بُقبله مُهشمه ،أغمض عينيه وهو يستشعر هذه القُبله التي تلامس جُرحها و تُبكيها ..و لكنني سيء ،سيء جدًا لأن السُخريه بدأت تتفاقم بصدري ،السخرية التي تعني الاعجاب كثيرًا ..يالله لم اعد افهمني ،لم اعد افهم ما اريد ..
أنا احُب ريم و أريد فتنه ..أو انني نسيت حُب ريم و أردت فتنه ..او انني احب فتنه و اريد فتنه ..بللت دموعها ذقنها و هو يطيل بهذه القُبله ..أظن بأنهُ الخِيار الثالث .
-
ابتسمت لتنظر نحو الناسك بجانبها بحواسه و قلبه ،يراقبها منذ بدأت الكشف على المطر ..:هينه تحتاج عملية بسيطه و ترجع تشوف
زم شفتيه و ببحة رجاء :تقولينها صادقه ؟..انتِ متأكده انها بترجع تشوف
شاهين :ولد !..قلت لك انها عملية بسيطه الا ملزم تكشف عليها حرمتك
توقف وهو يكور كفه :اوديها الرياض..ايه اوديها الرياض باحسن مستشفى ينقش لها عينها
تنهد شاهين:وش مقصرين فيه حنا ؟..بعدين الطبيب الي حنا عنده شاطر و ما عليه خلاف ،يرحم لي والديك بطل خوف .
تنهد ليسحب نفسًا عميقًا :متى عمليتها؟
شاهين :بعد ثلاث ايام
حاشد بإصرار :زين ماني طاب الرياض الا بعد عمليتها
ليل بجديه وقد بدأ الشوق يعتليها :ودي اروح الكهف حاشد
انسحب شاهين مُبتعدًا عنهم دون أن ينتبه لهُ حاشد الذي رمقها لفتره قصيره ،حين تذكر وعدها ..لوى فكه :انتِ تعبانه الحين من السفر بكره إن شاء الله نروح
تقدمت نحوه :ما عاد اقدر اصبر ابي اتطمن على نجم
حاشد :لا..اليوم مِلكة كساب ولزوم نروح له
ليل بقهر :وانا وش علي تبي تروح روح له خلني بمكاني انتظر الين تجي
حاشد بإيجاز :قلت لا
كبحت رغبه عارمه في لكمه بشده ..فِكرت انها لا تستطيع فِعل أي شيء الا بإذنه تقودها للجنون ..منذ متى وليل تستمع لاحد!!!
توجه مُبتعدًا عنها لتدخل الى الغرفه التي كانت تعيش بها هُنا ..الغرفه التي ترتبط بغرفته
-يا حبيبي صار يؤمر و يتأمر
رمقت ادريس الراقد في الهواء لتنظر نحوه بغضب
اردف بحماس:وش رايك نكسر القوانين ونروح..
تنهدت :اكيد ..بس بأخذ لي غفوه احس هلكانه
عبِس:لا تقتلين المتعه ..كان جوي اخليه يعصب منك
رفعت راسها عن المخده وبقلة حِيله:انام شوي ..وبعدها لك الي تبـ...
غلبها النوم على حين غِرة لتدخل في السبات
-
الغيث"
رمق شهاب الذي لم يعد يتحدث كثيرًا منذ ذهاب عتب ،تنهد :ما هقيتك تسويها
رفع بصره نحوه ليتنهد وبسخريه:إني انسبه لي؟..ايه حتى انا ما هقيتها ،لكن انت ليه لحد هالحين ما تبي تشوف مطلق (و بتنهيدة)..و ولده
غيث و يرمق الفراغ :ومن الي ما يبي يشوف ضناه ،مير أرقب الايام كل شيء بعقابه
،
تحرك بوتيره مستعجله ليدخل دون أن يتردد :السلام عليكم
رمقه الغيث بعينيه وقد تفاجئ من وجوده هِنا
وضع كفيه بجيبي ثوبه وقد ثبت نظراته نحو عيني الغيث تماما دون أن يُزيحها :شلونك يبه
اخفى ابتسامه ظهرت من قلبه ليخفيها بهدوءه :نرد على الاوله و عليكم السلام ..اما الثانيه وش تشوف ؟
حاشد الذي سار اليه حتى جلس بذات المكان الذي كان يُعاقب به دايما امام اهل القريه ،المكان نفسه الذي كُسرت بهِ العصا على كتفه ..مرقدُ تعذيبه بأقل تعبير :اشوف انك بخير
ظهرت ابتسامته هذه المره ليلمحها حاشد :وش جايبك هالمره
كرر ذات الاجابه ذات اليوم :الشوق ..جابني الشوق
تنهد :الوكاد ان عقلك مسطول ،ذيك النوبه بغيت تقتلني بالجفري من زود غيضك..كيف باقي شوق لي بقلبك او قل ليه ؟
ابتسم :ايه وبالحيل
تنهد الغيث و بتعب منه:ما قد شفت سجين يحب سجانه
اخفض بصره:لو بتغاضى عن ثأر سلطان بقول بصدق إني ما كنت سجين ،انت أويتني عندك ربيتني بين اخوان و عمان ..ما قصرت علي بشيء و كنت ابوي و جدي و روحي لو بغيت ..
شتت بصرهُ عنه و بعجز من الوصول الي سد معه :سو الي تبي
حاشد :بقعد عندكم ثلاث ايام لين تسوي امي العملية
رمق الغيث السقف متجاهلا سعادته بقدومه وبالكاد نطقها رغم كبريائه:حياك
توقف حاشد ليسير نحوه حتى جلس امامه تماما :وبغيت اليمامه
لوى فكه ليشير بعصاته نحو صدره :ليه تسألني عنها هي لك
حاشد:هي لمطلق وانت كنت تقول انه ابوي لاجل كذا ..
قاطعه وهو يغرس حافة عصاه بنصف صدره وبقهر :ما له شيء فيها ذاك الرخمه..اليمامه لك ولا عاد تسألني عنها
اتسع مبسمه و هو ياخذ غايته ،انحنى وقد وضع باطن كفه على صدره وقد شعر بألم طفيف جدا إلا انه اجاد التمثيل :اهخ
رمقه الغيث بتوجس ..انحنى حاشد بكذب اكثر وهو يشد من تشديد ملامحه ..بالبداية ظن الغيث بأنهُ يكذب إلا ان حاشد استمر بوضعية الجنين ،اندفع الغيث نحو حاشد بخوف وهو يضع كفه فوق ظهره :ولد !..انت توحيني ولد !
كضم ضحكته ..و استمر على وضعيته ..دخل الغيث في نوبة هلع ليصرخ ناحية شهاب :رح ناد احد من العيال ..ولد حاشد ولددد!
اغمض حاشد عينيه ليدخل في نوبة ضحك اهتز معها جسده ..رنت ضحكات حاشد بأذن الغيث الذي تحرك من مكانه خائفًا إلا ان وجهه تجهم بشده ما إن ادرك بأنه يكذب منذ البدء!!..ارتفع راس حاشد لينظر نحو الغيث وهو يضحك بشده و دموعه تسبق صوته ضحًكا على هذا الحال ..زم غيث شفتيه لبعضها كاتمًا غضبه و بصوت غاضب :يا قليل الخاتمه
اتسع مبسم حاشد لينحني نحو جبينه حتى يُقبله..
كتم ضحكه اخرى ارادت الخروج :السموحه ..صاير احب المزوح هالفتره
-
"سلطان "
عقد حاجبيه :ليه يبي يتعب نفسه ؟..ملف قضية الجوكر انتهى بموت الغراب ،قضيته تحولت لدول الخارج حنا طهرنا دولتنا منه الباقي ما عاد يعنينا او قل انه اكبر مننا
تنهد مطلق وهو يدور بعجلة القيادة :هذا امر يخص سهم لحاله ،
صوت داغر جاءه من الخلف :سهم يبي يقبض على ابوه كل الي صار لنا ما عطانا ولا دليل يوصل له ،انتو فاهمين هو مع مين راح يتعامل !..قضينا ١٨ سنه عشان نمسك كلب عنده اجل لو دورنا عليه هو وش بيصير
مطلق :ياخي خلوه يجرب ،دامه انسحب من القسم ونوى السفر لبرى لجل يكمل مهمته فالله يوفقه ..
تنهد سلطان لينظر نحو هاتفه وقد لمع بإشعار رساله من عبدالرحمن شقيقه ..
ابتسم ليرد
"الله يوفقها ..الود احضر ملكتها لكن ما باليد حيله "
جاءه الرد
"دام صقر موجود فرضيت من طرفك
ابتسم ليرد
"سلم على ابوي "
___
منزل عبدالرحمن ..
واقف بداخل غرفه صغيره مؤثثه بأثاث شعبي ..رمق الكنب الارضي لمده قصيره ليجلس اخيرًا ..منتظرًا الفتاه التي اصبحت زوجته ..عبست ملامحه وهو يتذكر اسمها الذي لمحه بالبطاقه
"فوج عبدالرحمن رعد .."
عقد حاجبيه ،اسمها ليس غريبًا ابدًا
،
"فوج"
تقف خلف الباب ،
مشاعرها مُتضاربه ،من كانت تنعته بالهمجي و القمعي باتت الان تحت اسمه ..أحل بعقلها شيء حتى تقبل به !؟
ام انها لم تكد أن يخطبها حتى تقبل ..لا تعلم ،ربما احد اكبر الاسباب الرئيسيه التي جعلتها توافق عليه هو وجود انهار معها بذات المنزل ..طِيب امها ايضًا سبب اخر ..استخارتي ثلاث عشر مره وفي كل مره اشعر بالراحه اكثر سبب اكبر اخر
اما هو فلم المحه إلا مرتان و كل المرتان كان شخصًا ميؤوسًا منه ..سحبت اكبر نفس نحو رئتها حتى شعرت بأنها شفطت كل هواء الغرفه ..لتفتح المقبض بأصابع ترتجف ..
،
وقعت ملامحه نحو البيضاء التي انسابت مع الباب بفُستان ابيض حريري هادئ جدًا ..رمق البُن بعينيها ليطول تأمله ..شعرت بحمرة اذنيها و خطواتها الان باتت متربصه من قِبله ..تبًا
أنا الان اسير كفتاة نسيت كيف تسير بسبب الرجل الذي لم يرحمني من نظراته ..توقف ما إن اقتربت منه إلا انني الفتاه المعوقة الحركه التي تعثرت كالمخبوله و كادت ان تسقط امامه لولا انها ثبتت نفسها ..كتم ضحكته ليردف بثقل اذاب عظامها :انتبهي
رمقته بأحداق مغرقه بالدموع ..
جلس على الكنب دون أن يُجلسها معه ..رمقها لفتره طويله ثم اردف بإستغراب :اجلسي !
شعرت بالغضب و الحياء يجتاحان عظامها ،كانت تظن بأنهُ سيُجلسها ،يُمسك يدها..يُقبل جبينها ثم يقول (مبروك عليك انا )..يا شين حظك يا فوج شيناه
جلست لتلتزم الصمت إلا انه كسره :كيف حالك
رمقته بطرف عينها لترد :الحمدلله !
عقد حاجبه ،ظل ينظر نحوها كثيراً في شك ..صوتها مألوف جدا جدا جدا
وسرعان ما اتسعت احداقه وهو يتذكر الفتاه سليطة اللسان التي تعشق الكيبوب (والاردى من كل هذا انها شتمتني امام اخواتي !)
-
لوح بكفه للذي خرج من منزل عبدالرحمن للتو:هلا بالمعرس
كشر ليسير إليه و بنبره هادئه شاحبه :هلا
حاشد وقد عقد حاجبيه :وش فيك
تجاهله ليسير في اتجاه منزله وهو يفكر بشده في الفتاه التي تركها هُناك
-
الرياض.."ساجي"
لم يستطع النزول من السيارة ،لا زال دماغه مليئ بالاسئلة الكثيره ،لمح النائمه بصمت في الجانب الاخر منه ليتنهد بشده ..يالله أكان للدنيا ان ترمي بمصائبها نحوي في اللحظه التي ظننت بأني وجدت هُدنه لسلام ابدي معها
سحب الهاتف من حجره ليفتحه ..اعاد النظر نحو رسالة الواتس التي قلبت مزاجه تمامًا ..ثم الي بعض الصور التي تلتها ..تبًا يا حاشد
-
صباح اليوم التالي ..
بداخل الكهف
سارت بخطوات مجنونه تبحث في كل مكان عن اشياءها التي سُلبت ..الكهف الذي كان يعج بالاشياء والمواد الكيمائيه التي كانت تخصها اختفت كُلها !
حتى فراشها نفسه لم يعد مكانه !
نظرت نحو حاشد بقهر وقد تلبدت عينيها بالدموع :مين سمح لهم يأخذون اغراضي !
تقدمت نحوه حين صمت دون أن يرد عليها ..شعرت بغصه حاده تعبر حلقها و تتشبث به :الله يحرقهم من سمح لهم ياخذون اغراضي !..اقطعهم بسنوني قبل ما يحرقونها هذي اشيائي !!!
لم يرد
شعرت بالجنون لتسير نحوه صارخه :انت الي علمتهم عن مكانه !..انت الي شوهت بيتي !
لم يرد عليها
اغمضت عينها و تحاول جاهده في أن تتماسك قبل ان تنهار فِعلا !
اتسعت احداقها لتنظر الى ادريس الراقد في الهواء بصمتٍ هذه المره ..
اردفت بفجيعه وكأنها تذكرت :نجم !!!
ركضت متجاهله الروح النائمه برحمها لتصُفر بشده امام مدخل الكهف ..مررًا كُثر ..دون رد
دوى صدى يُعمر صدرها الذي انهار تماما حين ادركت بأن نجم لم يعد موجودًا !..اتسعت احداقها و انفاسها باتت خائره جدًا ..لتلتفت نحو حاشد الواقف بمكانه و بنبره مفجوعه تالفه :نجم مو فيه !
_
غرقت بحُزنها المُخيم على قلبها الهش ،لتغرق عينيها ببحر من الدموع المالحه ..رمقته بذهول الحُزن الذي يعصر جسدها بشده ،بخيبة الحياه التي لا تُنصفها ابدًا ..هطلت دموعها بكثافه و ببحه عميقه اهلكت الواقف أمامها :راح ..
تقدم بهدوء رغم غضبه من الاشياء التي تجرحها ،من الحُزن المركون على خاصرتها ،و لا يستطيع فِعل شيء لها ،لم يحمها بالصوره الحقيقه و لم يصن قلبها من الالم و بمحاولة هزيله في أن ينتشلها من حُزنها :ليل
اتسعت احداقها لتشهق ..:كيف راح ؟..ليش يأخذونه مني ؟..مين سمح لهم ..
سار إليها بعجله ليحتضنها في شِبه عِناق ..:لو للامن يد بالموضوع اوعدك ساعه بس و نجم عندك الحين
رفعت ملامحها نحوه لتنظر له بنظرات ميته لتضحك من بين بُكاءها :الامن ؟..اخذوه يعني ابوي ،هو الي عطاني اياه وهو الي حرمني منه ..اخذوه يعني ابوي خذاه فهمت
عقد حاجبيه وقد خاف عليها فعلا ،خاف من نبرة الوجع في صوتها وهى تبرُد
احاط وجنتيها بكفيه ليهمس :ليل ..انا معك
شعرت بغضب عارم يجتاح صدرها ،دفعته بكفيها لتصرخ بوجهه :و لانك معي انا فقدت بيتي و نجم و حياتي ..و لانك معي انا صدقت الحلم و نسيت الواقع الي يقول لي إن ابوي ما راح يخليني بحالي ..صدقته !
انحنت راكعه ليسير نحوها بذهول خائف :ليل
نهرته بشده وهى تُشير نحوه بكفها :وخر عني !
استقامة بعد مُدة من الالم لتنظر نحو الفراغ وقد بللت دموعها وجنتيها المحمره :ادريس ..
تقدمت نحو ادريس الجالس على الارض ويضم ساقيه الى صدره و جسده كُله يرتعش بهلع :ادريس اخذوه !
سد اذنيه ليردف بجزع :لا لا لا لا لا
ضحكت بشده ليعتلي صوتها :إلاااا خذوه ..خذوه مني مثل ما خذوك منييي!!
،
شعر بغصه حاده تخربش حلقه ،وهو يراها تُحادث الجنون بعينيه ،تُنادي على شيء غير موجود و تُحادثه ،تُخبره و تصرخ عليه ..اهتزت ساقيه بإرتعاش من الحُزن المُفجع الذي انساق إليه ..من رؤيتها كالمجنونه تُحادث اللا منطق ..غرقت اهدابه بالدموع الحاره التي انسابت على خده وهو يسير نحوها ببطء و خوف دب بصدرهِ عليها ..ليردف بغصه :ليل
نظرت نحوه بجنون لتصرخ :انت بالذات لا تتكلم !..ما اسمح لك تتكلم
نظرت نحو ادريس من جديد :لما احتاج لك تهرب دايم وتخاف ..تخليني اتحمل الالم لحالي !..ادريس سامع وش انا اقول !!...نجم خذوههه!!!
اعتلا صوت حاشد وهو يُمسك ذراعها :ليل يكفي
رمقته بعينان زائغتان لتصرخ :فكنييي!!
صرخ بذات الشده :يكفييي
انحنت بين يديه لتصرخ في بكاء هزيل فتت صدره :نجمممم...
تذوب بين يديه و تشتهي السقوط على الارض اقدامها لم تعد تحملها إلا انهُ رفعها ليحيط ظهرها بِكلتا ذراعيه ..ثبت عينيه بعينيها :طالعيني .
غرقت في البكاء الشديد إلا انهُ شدها نحوه و بإصرار :طالعيني ليل
لترفع ملامحها المحمره نحوه ...رمقها بعيناه التي تحتضنها و تُقبلها ،بعينيه الحزينه لحزنها :اقسم بعزة الله إن يرجع لك كُل حق انخذ منك دام راس حاشد يشم الهواء
سكنت ..لتنظر إليه ،خائبه هزيله ..تبكي بصمت ،
اردف بغضب اشتعل بصدره رغم احمرار عينيه حُزنًا عليها :بيرجع لك بيتك ونجم ..هذا انا اوعدك و وعد الحُر دين .
أخفضت راسها لتبكي ،ليسرقها في حُضنه ،يُخبئها بين ذراعيه و يهدأ بين رائحة خُصلات شعرها التي جعلته يُغمض عينيه وهو يُعيدها له ،يُسكنها بعد أن خاف جنونها للابد ..شد من احتضانها وقد أرعبته ..اخفى ملامحه في عُنقها ليهمس :قلبي معاد هو بشوري ..احلف لك بالله إنه اهتز من فوق الضلوع يوم شفتك بهالحال ..يا شقى هالعين لا تزيدين هالعين ماء يكفي ماءها يسقي وديان ذي الديره كلها ..
مُندسه ببكاءها الذي يهز جسدها كُل ثانيه،تشُد من اغماض عينيها كُلما غرقت بطوفان الدموع
لم اُجرب معنى العائله ،لم أجد ابًا بالصوره الصحيحه و قد فقدتُ امي ..حتى اخي سلبوه مني في سِن الوحده ،لم أجرب شعور اللذة في حياتي الحامضه ..اخذوا منِي قطع السُكر التي اُصبر بها لساني الجاف ..اخذوهم مني كُلهم ..إدريس ،نجم
ذئابي ..بيتي ..تعبت الشعور بأن كُل شيء ينهار امامي ،تعبت الخوف المعقود حول قلبي ..تعبت هذا الجنون الذي لا يُصدقهُ عاقل ..
ابعدها عنهُ ليتأكد من انتهاء هذيانها ..ليحتضن ملامحها بعينيه ،رمقها بحُب ليهمس :لجل من فجرها بينور عتمّنَا يكفي ..قطعتي روحك بالبكاء وقطعتي بدربك هالقلب الاجوف
رمقته بعينان مُنتفخه وانف مُحمر ..لفتره طويله نسّيت أن تعُد ثوانيها ..انحنى ليخطف قُبله عميقه بعينها اليُمنى ،ليغمض عينيه بخشوع ..
تُفسدين حُزني خيبتي مللي و غُربتي بهاتين العينين السوداوين ..
ضُميني بها عُمر ..دثريني بإطباق جفنيك ..خليني اعرف اتنفس بداخلها من جديد ،ادل طريق النوم من دون الارق ..
انتفضت بعيدًا عنه ،لتعقد حاجبيها و هى تنحني كغصن هش بتعب مُفرط وحاد ..
عقد حاجبيه بجزع :وش فيك
وضعت يدها فوق معدتها وقد لازمها طلق حاد جدًا جعلها تفقد قُدرتها على الوقوف لتجلس على رُكبتيها ..انتفض من مكانه ليجلس بقُربها و قد جُن من حالها :قومي اوديك المُستشفى
اتسعت احداقها لتنظر إلى حاشد بخوف حقيقي :حاشد ..بولد !
لا مزاج لهُ فعلا للمزاح ..أي ولاده في الشهر السابع !..مالذي تهذين به !
تشبثت به بشده :حاشد،... الماء نزل
اتسعت احداقه ..ليتسمر في محله
صرخت بشده وقد انكمشت على نفسها ..يالله ساعدني ،ليس وقت الذبول و الذعر ..
،
سار بجنون نحو مستوصف يقع بين طريق الرياض و القريه بمسافه ..اوقف السياره لينزل بعجله إليها ،فتح الباب ليهمس :ليل
تعرقت ملامحها بتعب ،الالم يكاد يطحن جُل عظامها تشعر بأنها ستموت فِعلا ،لم ترد عليه سِوى بأنين خافت خرج من حُنجرتها ..تبًا
ركض نحو باب المستوصف ليصرخ بصوت حاد :نقاله!!!
،
خرج عامل الاستقبال من محله و قد جزع من حال المجنون الذي دخل عليهم :في ايه؟
نظر نحوه بحده ليصرخ و قد تلونت ملامحهُ بالحُمره :نقاله في حالة ولاده !
شحُب وجه العامل ،ولاده !..بلل رمقه و قسم التوليد المُرفق بالمستوصف مهجور منذُ مده طويله و بكلنته المصريه: بُص حضرتك دا احنا مُش موفرين طبيب توليد من مُدة طويله !
تغيرت ملامحه لغضب عارم ..مُصيبه !..لا يستطيع الذهاب بها إلى الرياض فالمسافه طويله ،و جدتي مطر فاقده بصرها حتى يوم العمليه !..تشوش دماغه و لا يدري ما يفعل ،اسرع نحو الباب ليصرخ :جيب النقاله بسرعه
نظر عامل الاستقبال الي رفيقه الموظف بذهول ليفعل ما طُلب منه ..

بإحدى الغُرف التي تحوي اسره عده فارغه سِوى السرير التي ترقُد عليه ..نظرت نحو السقف بشفتين بيضاء من التعب ، ..اغمضت عينها لتسقط دمعه ساخنه على خدها ،لم يكُن هذا موعد ولادتكِ يا ابنتي ..ليس هذا الوقت المُناسب لتكوني مُستعده للخروج ..
،
.
سار بجنون خلال الممر ..يُفكر بشناعه ولا يدري ما يفعل ، ولادّت الديره امي و هى لن تأتي بأي حال و هذا المُستوصف البائس لا يوجد به طبيب توليد ..اغمض عينيه و لا يدري ما يفعل ،إنها تلد في موعد غير موعد ولادتها ،أي انها قد تكون بخطر او أن يكون الطفل بخطر ..اغمض عينيه بشده و كفيه خلف رقبته يُفكر بحل دون جدوى ..إلا انه انتفض ليسحب هاتفه سُرعان ما اتصل به
وحين اتاه صوته كسبب ل الطمأنينة اردف بلهفه :يبه
ابتسم و كلمة يبه اغنيه طويله عذبه لن يمل سماعها منه :هلا
تنفس بشده شنيعه ليردف ببعثره :ابي رقم ابوك !
عقد حاجبيه من نبرة صوته المُتعبه إلا انهُ تحدث بسخريه :ابوي يعني جدك ما تتأدب انت
مرغ شعرهُ بأصابعه لينظر نحو السقف الذي يُشع نورًا :يبه ابي الفزعه
بلل سلطان رمقه و بقلق صريح :وش صاير
اغمض عينيه :ابي ولادت ديرتكم ..ليل تولد !
-
يسير هُنا و هُناك القلق لف قلبه و لا يستطيع فِعل أي شيء سِوى الانتظار ..مسح وجهه بكفيه وقد تعب هذا الانتظار الذي استمر ستُ ساعات مُتتاليه دون خبر عنها ..شعر برغبه عارمه في الانهيار ..انا من جلبتُها إلى هُنا ،انا من عرضتُ حياتها للخطر
فوق انها تلد في السابع ..من تولدها قابله !
بدل ان تكون في مشفى متخصص تحت يد طبيب متخصص و اجهزه حولها تُساعدها ..تلد هُنا بالطريقه التقليديه القديمه ..ضرباتُ قلبه هى من ترتفع و تُعطل سمعه عن كُل ما يدور حوله ..اعوذ بالله من سوء الاقدار ،خائف من أن يسمع خبرًا سيئًا عنها يُميت روحهُ للابد ..وضع يديه خلف عُنقه ليُزفر بكبت ،إلى أن جاءهُ صوتهُ الذي احتاجه كثيرررر
-صقر !
رفع عينيه المُحمره و ضربات قلبه تتدافع عند عُنقه ،شعر بأن روحهُ تخرج وهو يرى سلطان يسير بعجله نحوه ..شعر بحاجه مُفرطه للبكاء
توقف سلطان امامه ليُردف بحنية الكون كُله على قلبه :طمني ..
تلاشت قواه الرجوليه في حضرت سُلطان ..استسلم للافكار السوداويه التي ارعبت صدره ،أمام هذا الوجع لا املك فُرصه واحده للانتصاب ..انا معووج هش مُنكسر خاوي بدونها ..يالله إلا الفقد ..إلا موتها
رمش بضعُف لتُحمر عينيه بمياهها و بصوت يكاد يموت :لهم وقت طويل داخل ...
ادرك خوفهُ المعكوس بعينيه المُتعبه ..احاط بيديه اكتافه ليُقربهُ إليه و بنبره هادئه :إن شاء الله مو صاير إلا كُل خير ..الاسعاف وراي بالطريق اول ما تولد بالسلامه ناخذها لاحسن مُستشفى بالرياض ..هد و انا ابوك
تلفت احاسيسه لينحني راسهُ حتى اصطدم بصدر والده ليهمس بتعب :لو يصير لها شيء اموت يبه
تنهد سلطان من جوف قلبه ليربط ذراعيه عليه في عِناق ..سكن ..هدأ لانت ملامحهُ
وهو يشعر بالراحه تتسرب لصدره ..أأستطيع جعل هذا العِناق يطول قليلا؟..انا فقط مُتعب
-
فُتح الباب ..ليبتعد عن حِضن سلطان بأعين مُتسعه و وهو يشاهد ممُرضه تطوعت في مُساعدةِ القابله على التوليد ..بين كفيها طِفلُ صغير جدا مُلتف بلفه بيضاء ،ارتفعت ضرباتُ قلب حاشد بشده شنيعه وهو يُقبل نحوها بخطوات بطيئه ،اردف لتسقط دمعه ساخنه على خده :فجر ؟
ابتسمت الممرضه لترفع الرضيع إليه :مبروك ولد !
اتسعت احداقه لتنهمر دموعه فوق بعضها ،ضحك بشده ساخره وهو يحملهُ بين يديه ،لينظر نحو سلطان الذي صُدم من كون المولود ولدًا ..ضمهُ إلى صدره ليحفر انفه بقُرب عُنقه و اغمض عينيه ،و يح قلبي يا بُني ،و يح قلبينا ونحنُ الذينَ نعتناك بتاء التانيث سهواً ..دون أن نتحقق ،اضعنا الإعراب و وقعنا في فخ النصب الذي كسرنا جرًا من اقدامنا خائبين ..ياروح حاشد و يا قلب ليل نورت هالدنيا
سار نحو سلطان الذي تأثر هذا المشهد ،سُحر بروعته ،ابني الضائع هو اول من حمل لي اول حفيد يا لُطف الله و يا عوضه بي ..
وقف تماما بجانبه لينظر نحو الطفل ليُقبل خده برفق ليهمس حاشد بأذنه الصغيره :حي الله صقر بن حاشد بن سُلطان
شتت سلطان ملامحه التي تغيرت للحُمره ليضحك ،وضع كفهُ فوق راس حاشد ليعبث بخصلاته الكثيفه :دامه صقر فانت حاشد ..حي الله صقر و حي الله ابوه نورتوا دنياي .
__
ارتجفت حُنجرته بغصه تتضخم في حلقه ،رغُم أن قلبه سينفجر من هذا الكائن الضئيل بين يديه إلا أنهُ لا يستطيع تجاهل ارتجاف كفيه ..ارتجاف الحُزن الذي بدأ يتلاشى ما إن لمح خديه الاحمرين
شد احكامهُ الى صدره ليرفع احداقهُ التي ترتشف الدمع كُل ثانيه ..لينظر إلى سلطان الذي لا زال كفهُ يداعب خصلات الشعره الكثة ليردف ببحة مليئة بالحياة :تأذن فيه ؟
اتسعت احداقه ولذاذة غريبه بللت لسانه ،عقله يختنق و يتحشرج بذكريات تنهمر عليه دفعه واحده ،تُذكره بصقرهِ الرضيع الذي لم يؤذن به ،
يشعُر بأن حشودًا امامه و ليس صقر و صقر الصغير ..
اصر حاشد على رأيه ،وقد مد ذراعيه نحو سلطان :انت قلت انك ما أذنت فيني ..هذا صقر هِنا أذن فيه و فيني
توهجت عينيه ..صمت لفتره طويله و لا يعرف كيف يصيغ كلماته ..لانُه رجلٌ تشرب الفقد كُل ثانيه و كل لحظه لا يعرف كيف يردف هذا اللطف الهائل من الله ..لانهُ رجلٌ يئس أن يسمع كلمة " يبه" من فم من يأتيني حشودًا دون رأفه ..لانُه رجلٌ يقف الان امام حفيده ..إلا أن حاشد لم ينتظر رده ..التصق حذاءهُ بحذاء سلطان و قد بات صقر الصغير بينهما و بأمر :أذن فيه ...
رمق حاشد بنظرات مُتعبه تلمع ..هذه اللمعه لذيذه لحاشد ..لذيذه لكونه يرى سلطان في اوج لحظات الفرح التي لا تصفها الكلمات الهزيله ..خفق قلبهُ بشده وقد أخذ صقر الصغير من يدي حاشد ليضعهُ في حضنه بين ذراعيه فوق قلبه الذي لا يكُف عن الضرب ..رفع بصره بتشتيت نحو حاشد الذي لا زال يُحفزه ..لتغرق محاجرهُ بدموع شاهقه ليردف برجفه واضحه في صوته و عينه تُطالع حاشد الذي يكاد يلاصقهُ ..شدهُ إليه ليُخفض راسهُ نحو أذنه ..بكلماتٍ خافته ،متوتره..مرتبكه :الله أكبر .....الله أكبر ،أشهد أن لا إله إلا الله....أشهد أن لا إله إلا الله
غرقت حُنجرته بحُزن شديد بلل صوتهُ بغصه لذيذه تستثير حواسه بنشوة الفرح التي طالت كثيرًا ،ضربات قلبهِ كـ مفرقعات ليلة العيد تصخب و تزعج أذنه التي تود أن تهدأ الاصوات :أشهد أن محمدًا رسول الله ..أشهد أن محمدًا رسول الله ..حيَّ على الصلاة ...حيَّ على الصلاة ..حيَّ على الفلاح ..حيَّ على الفلاح ...
أنا أخاف هذه المره ..أخاف من وهج الفرح أن يخفت ..أخاف من أن يتلاشى كُل هذا اللطف من أمامي بلحضه ..
سلطان و يهذي بوجع :الله أكبر الله أكبر ..لا إله إلا الله ..
قبل انفهُ الصغير ..قُبله طويله ليبتعد عنه ..
حاشد وقد لانت ملامحه ،تقدم إلى سلطان ليأخذ صقر الصغير من كفيه ..احتضنه برفق ليعطيه الممرضه ..
جاءهُ صوت حاتم الذي كان يركض في الممرات كالمجنون ..انحنى راكعًا و بلهاث :يبه ..وصلت سيارة الاسعاف ..
سار حاشد نحو الغرفه الضيقه ..:بتطمن عليها بالاول ...
___
مُرهقه ... اهدابُها مُغلقه وتنام فوق السرير الابيض ،مُتعبه و لو أنَّ تعبها الداخلي اشدُ من تعب الولاده على نفسها ..فتحت عينها قليلاً ،لتنظر بنظرات غير واعيه للباب السُكري مُده طويله ،تسترجع ما حدث ببطء ..غمامه كثيفه من الماء غطت عينيها السوداء لتتسع حدقتيها و مشاعر مُتكاثرة تحتشد بصدرها ..حُزن هلع خوف و ترقب و و ..فرح!
سمعت صوت الباب لتتعلق حدقتيها نحو الباب الذي يتحرك مقبضه بشده شنيعه إلا انهُ لم يُفتح ويبدو بأن من يصارع فتحه لا زال مستمرًا في هتك المقبض ،لمعت عينيها بلهفه غريبه وقد ايقنت بأن حاشد خلف هذا الباب المُصر على عدم الفتح له ..من يُعنف المقبض هكذا غيرك ؟.. ،دائمًا ما تُعامل كُل شيء امامك بخشونة تُناقض حِنيتك التي لم اعرفها إلا قليلاً و بشح ،خيط ابتسامه مُتعبه نامت على ثغرها و هى تنتظر فتح الباب الذي يُعنف بسبب عُنف الحبيب عليه ..ليظهر اخيرًا بعدما انفتح الباب بشده ليندفع وقد اطلق شتيمه نحو المقبض الذي لم يعرف كيف يفتحهُ بهدوء ويسر و تعمد القوه و العنف ..استقام ليلتفت ببنيته نحو الراقدة على البياض و تراقبه ،ليطول تأمله بطول الساعات التي قضاها مرعوبًا خلف هذا الباب ..سار بوتيره هادئه رغم أن صدرهُ يُعنفهُ بشده حتى يضمها الى ضلوعه و يسُكن روحه التي ماتت رُعبًا عليها ..بلل حُنجرته الجافه ليُكمل السير إليها ،و باتزان رغم اللهفه التي تشتعل بصدره :شلونك ؟..عساك بخير ؟
جلست بصعوبه تحت نظراته لتستند على السرير ضحكت بسخريه لتنهمر دموعها بشده :ولـ..ـد
ارتخت ملامحه ليجلس على طرف السرير ..ضحك هو الاخر بهدوء لينظر نحوها وهى تمسح كُل دمعه تسقط من محجرها بشده ليردف بمزح :فوتنا كل المواعيد ..و يوم حضرنا له موعد نسيتي تأكلين شيء يحركه
ضحكت من بين دموعها التي تمسحها و بغصه :غاب عن بالي
تنهد بشده ليسحب كفيها من امام وجهها الذي احمر لينظر إليها بحنيه كبيره و حُب لم يصدق بأن يخرج منه ،رمقته بذات النظره ،ترك كفيها ليغرس اصابعه بخصلات شعرها من الخلف ليرمي راسها بصدره ..
اغمضت عينيها وقد غرق انفها بعطره الداكن و اذنها تسمع ضربات قلبه العنيفه تحت ضلوعه و يبدو بأنه خاف كثيرًا ..تنهد بشده وهو يشدها نحوه ليغمض عينيه وهو يستشعر وجودها الان بين ذراعيه حيّه !
تنفس بشده ليغرس انفه بخصلات شعرها ليهمس :سميته
لم تتحرك من مكانها لتهمس:وش سميته ؟
ابتسم :عطيته اسمي
اتسعت أحداقها لتبتعد عن حضنه و تردف بفضول :حاشد!!!
حرك راسهُ نفيًا ليُعيدها الى صدره :قصّدت صقر
تنهدت :يعني اخترت
اعاد خصلات شعرها خلف أذنها وبصوت مبحوح :قلت لك من اول ما اقدر اتخلى عن احد ..و لا اقدر امحي هالاسم الي انوسم على اسمي ..و لا اقدر بعد ارجِّع صقر الصغير فيني عشان اعوضني او اعوضهم ،لجل كذا صقر ولدنا هو العوض ..هو صقر و انا حاشد ..هو مني و انا منه ..
ابتسمت بهدوء لتعود الى حضنه و تغمض عينيها
همس :سيارة الاسعاف برى ..لازم ناخذك على مستشفى كويس خصوصًا إنك والده بغير موعدك بكثير
حشرت انفها بثوبه اكثر دون أن ترد عليه ..يلزمها لحظات اخرى اكثر حتى تسكن ..يلزمها أن تبقى بحضنه ...طويلاً
-
سحبت حقيبتها المتوسطه ،خلفها لتسير نحو الواقف امام الباب و يعلو طرف شفتيه ابتسامه راضيه ..تنهدت و لا تدري هل ما تفعله ستندم عليه مُستقبلا ام العكس ..و ما إن اقتربت منه سحب عبدالعزيز حقيبتها ليفتح الباب :
إلا انها توقفت دون ان تعبر الباب رغم عُبوره
ارتفع حاجبه ليردف بشك :تحتاجين احد يمشيك انتِ ؟..
رفعت ملامحها الضائعه إليه :عقلي مشوش كثير وقلبي يراغوني عشان اعدي هـالعتبه ..علمني وش اسوي !
ترك الحقيبه التي يُمسكها ليضع كفيه بجيبي بنطاله ليطيل النظر نحوها ..تنهد :وش الي تبين تقولينه ولسانك عاجز
فتنه برجفة صوتها الخُمري :انا ادري إني امشي في طريق الهلاك ،لكن الي مجنني... إني راضيه ..
ارتفع حاجبه ليردف بدفاع عن نفسه :هلاك ؟..مين ؟..انا!!...ليه ؟..لذي الدرجه انا شخص ميؤوس منه ؟
ابتسمت وفي كفها النقاب :و كثيررر بعد
لوى فكه :انتو يالنسوان شيء يجيب المرض ..ما تحبون الرجال الي يلف ويدور ..و إن جاءكم واحد ماشي سيده و كل حكيه صريح .انقرفتوا منه
رفع بصره نحوها و بسخريه لقلبها الهش :يوجعك إني صريح ؟
برقت احداقها ..لتبلل شفتيها :انت تدَّعِي الصراحه بس من داخل اكثر بني ادام متخبط شفته بحياتي ..انت فعلا ما تدري وش تبي
انشد صدره ..وهو يسمع كلامها الشفاف الذي يعبُرُه ..ما تقوله حقيقي تمامًا للحد الذي يُخيفه
..يخيفه أن تفهمه !!!
رمقها لثوان معدوده ..و بتنهيدة :وش تبين هالحين
فتنه :ضمان
ارتفع حاجبه :ضمان !
فتنه :ما تقدر توفره ..هالضمان يمسني انا لحالي ..الايام هي الي راح تحدد إذا انت صالح لي او العكس تمامًا لجل كذا ما راح اخذ هالضمان إلا بعد ما اعدي هالتعبه
توهجت عينيها و بصراحه مُهلكه لقلبه :لجل كذا انا بموت خوف ..
عبدالعزيز ،و بإستغراب جدي :لو انتِ فعلا خايفه مني ومن كل الي حولي ليش رضيتي ؟..
تنهدت بتعب :دعيت الله كثير إن الله يقربك مني لو فيك الصلاح و يبعدك عني لو فيك شر ..والي اشوفه انك تقرب كل ما صدقت البُعد
ابتسم ..ابتسامه حقيقه من داخله ..ابتسامه نامت على ثغره ،بسط كفهُ نحوها و بخفوت :تبينا نمبرم وعد بينا
وضعت النقاب فوق ملامحها لتشدهُ من الخلف :ما بيننا وعود ..بيننا الايام و عيش وملح ..هذي تكفيني
اتسع مبسمه ،وفي كُل لحظه تجعله يغرق بها دون أن تُدرك ..:طيب هاتي يدك يا ستي
سحبت نفسًا كثيفًا نحو رئتها لتمد كفها برجفه نحو كفه ..عانق اصابعها بأصابعه ليسحبها نحو السياره
همست :استودعت الله قلبي من كُل ضيق وحزن ..
تجاوزت العتبه ..ما بعد هالعتبه ندم
__
سيارة الاسعاف ..
شد وثاق كفها ليهمس :نامي
ارخت اهدابها ..إلا أنها همست بتعب :صقر وينه
ابتسم بلطف لتعبث اصابعهُ الاخرى بظاهر كفها :بالسياره الثانيه ..
عقدت حاجبها و بجزع :وش فيه ؟؟
تنهد :يبون يتطمنون على حالته اكثر ..وظائف الاجهزه و تنفسه ..عشان كذا اخذنا سياره ثانيه مخصصه له
لم تُعلق تحت تنهيده اخذتها من جوفها ..لم يغيب عن عينيه حركت عينيها الدائمه في المكان و كأنها تبحث عن شخص اخر ...شخص غير موجود لا احد يراه إلا هى ..شد احكام كفها بكفه ليهمس بصوت خافت مليئ بالحنق لم تسمعه :إدريس ..يا إدريس ..
__
بداخل إحدى المشافي الضخمه بالرياض...تحديدًا داخل جناح مخصص لـليل ..
رفعت راسها نحو السقف البُني المزركش ..تنهدت و اطالت التناهيد ..لم ترى إدريس بعدما جُنت هُناك ..و هذه المره تشعر بشعور يقتلع قلبها من مكانه ..شعور يخبرها بأنها لن ترى إدريس بعد اليوم ..خائفه من أن عقلها صدق موته ..بأنها لن تعُد تستطيع تخيله من جديد /الحديث معه
رفعت كفها نحو فمها الذي سينفجر بكاءً خلال لحظات من الحقائق المحشوه براسها ..لم نتعاهد على الفُراق ..و لم أشأ تركك يومًا ،رغم طول ألسنة الغير في جنوني من عدمه ...أنا لن استطيع التخلي عنك ولا للحظه يا ادريس ..ارجوك لا ترحل ،اشاحت بنظرها نحو الزاوية لتتسع حدقتها وهى تُشاهد ادريس واقفًا هُناك ..قُبعته المرقطه بين كفيه ..ثوبه ملطخ بالدماء وينظر إليها،مُتعب خائف وأكثر يائسًا ..ابتسمت لتنهمر دموعها :ادريـ..ـس
اشاح بنظرهِ عنها دون أن يرُد ..حاولت الجلوس بشده غير أن ألم الخياطه ارجعها طريحه على الفراش،اغمضت عينيها بشده و بهمس مُرتجي :ادريـس..ارجـ..ـوك
لم يتحرك من مكانه ،لا زال ناقمًا مُتعبًا و لا يريد الحديث ،رمقتهُ بعينان تُضيء بالملوحة :ادريس
-
"حاشد"
تنفس بإجهاد شنيع ،انفاسه صاخبه غاضبه ..و يود هدم الزاويه التي تنظر إليها بحُزن شديد و تعلق ..تبًا هذا يكفي !..فتح الباب بشده ليسير نحوها وهى التي لم تستوعب دخولهُ بعد من ما اغضبهُ بجداره ،تنفس بشده :لـيل!
رمقتهُ بعينان تبكي دون أن ترد
حاول ضبط غضبه قدر المستطاع فقد تجاهلته لتنظر الى الزاويه بحُزن شديد دون أن تنطق بشي ..
امتدت كفه نحو كفها .شد كفها بقوه ألمتها ،لينظر الى الزاويه التي يقف بها ادريس هُناك ..:خلينا نتكلم من رجال لرجال ..
التفت نحوه بجزع وقد اتسعت حدقتها ..بلل شفتيه ليجلس على الكُرسي الذي يجاورها و لا زال كفها محاصرًا بين كفيه ..
رمق ليل لحظات هزيله ..ليتنهد :عرفيني عليه ..ابي احاكيه
ارتجف صوتها ..و رغبه عارمه في البكاء تصرخ فيها ..جنونها الميؤوس منه يصدقهُ هو و ينوي الحديث معه ..
مسحت بباطن كفها الحُره عينيها بشده وبهمس مُتعب :اعرفك على مين ؟
تنهد لينظر الى الزاويه الفارغه التي كانت تنظر إليها :ادريس ..الي واقف هناك
شعرت بأن صدرها يتمدد و سينفجر بأي لحظه ..لوهله صدقت بأنهُ يراه مثلما تراهُ و بوضوح !
بلل ادريس رمقه لينظر الى ليل بعدم تصديق :هو يشوفني !
ارتجفت ليل بخوف ..حاشد لن يمرر هذا الحُزن على خير ..لن يخرج من هُنا خالي الوفاض
طال سكوتها ..لوى فكه بسخريه :صعب لذي الدرجه؟
شتت بصرها لتهمس:لا
تنهد :عرفيني عليه ..و علميني وش الي يقوله ..
لم ترد ..إلا انهُ اصر الحديث :اكيد تعرفني
ادريس :الغثيث بشحمه ولحمه
وضعت ليل كفها فوق جبينها من مجرى الاحاديث التي ستصبح حاده لا محاله :الغثيث بشحمه ولحمه
ارتفع حاجب حاشد ليبتسم :حلو..عندنا قاسم مشترك ،ولا احد فينا يطيق الثاني
ادريس بصوت ساخر :تكره شخص غير موجود ؟
ابعدت ليل كفها عن عينها لتنظر الى حاشد بضيق من حدته :تكره شخص غير موجود ؟
رمق ليل و التي تنوب عن ادريس في الحديث هذه اللحظه ..
ارتفع حاجبه لينظر إلى ليل :انا ابي أنهيك من حياتها بأي طريقه ..
ابتسم :بيكون لي الشرف ..
رمقت ادريس بغضب و بحده :تحلم !
حاشد :افهم من عصبيتها انك تبيها تتخلص منك بس هي عاجزه تتعالج !
ادريس وقد تقدم اليها :بالضبط
نظر حاشد الى ليل يريد أن يفهم ما يقول الا انها التزمت الصمت بغضب ..
تنهد وهو يشعر بالجنون ،يحادث شيء لا يراه ،بل عقلها الباطني على ما يبدو :وش الحل بنظرك ؟
ادريس الذي رفع كفيه بيأس:كل الحلول استهلكتها لا تسألني
اغمضت ليل عينيها :يكفي
حاشد بضيق:حتى نفسك تصارع نفسك وتبي تثبت انك مب وعيك ليه مصره تعذبينه وهو مدفون!
ارتجف قلبها بشده لتنظر إليه بتعب
حاشد وسيفقد عقله :قالوا لي ودها عند طبيب نفسي يعالجها ..بس انا اؤمن كثير انك تقدرين تعالجين نفسك بدوني حتى لكن الي متعبني كثير انك رافضه فكرت تخلصك منه !
لم ترد ..ادريس هو من كان يؤنس وحشة الكهف ..هو جليس الليالي الحزينه و السعيده ..كيف لها ان تتخلص منه هكذا !..لا لن تفعل!
تأفف بعدم صبر:ليل !
رمقته بضياع ..
حاشد بجديه:صرتي ام ..عشانه تخطي هالادريس..اكيد ما تبين ولدنا يشوفك تحاكين الجدارن
شتتت بصرها عنه بشده ..لتغلق اهدابها و بإنهاء للموضوع :ابي انام ..
تراجع الى الخلف ليتنهد وقبل ان يخرج :انتِ الي امرضتي نفسك و انتِ الي بتعالجينها يا ليل ..ادريس لازم ينتهي سامعه !!!!
-
بعد مرور اسبوعان ...
احتضن ظهرها بكفه ليفتح الباب :بشويش
سارت بخطوات مُتعبه حتى تخطت الباب ..ارتعبت حينما طارت شرائط من المفرقعات فوقها ،حط بصرها ناحية وتين و رنيم اللتان تصرخان بلهفه و بجانبهم عبير التي تنتظر الطفل بفارغ الصبر ..ابتسمت بهدوء ليتنهد الاخر بجانبها :رنيم سريع تعالي
تحركت إليه بعجله ،اردف بأمر :الشنطه الي على كتفي شيليها
سحبت الحقيبه التي تحوي مستلزمات الطفل ..سار بها حتى اجلسها على الكنب ..توجهت عبير ناحيتها لتُسلم عليها :مبروك ..اعذريني ما قدرت ازورك ..اوامر سلطان
ليل وتُدرك خطر والدها اردفت بيأس:انا الي اعذريني كُل الي قاعد يصير من ورى راس ابوي
عبير و تنظر الى حاشد الذي تخصر :يمه جيعان ابي اتغداء بروح القسم بعد شوي
عبير بضيق :اصبر شوي يمه نتغداء سوى ..وين صقر ؟
حاشد :مع ابوي و حاتم ..سبقناهم لهنا
ادركت فتح الباب لتنظر بلهفه الى الكائن الضئيل بين كفي حاتم ..وضعت كفها على صدرها برجفه ،حاشد و يُدرك ما تشعر به :يمه
رمقته برجفه :هلا
حاشد :يكفي رعب ..ما راح يصير شيء
ابتلعت رمقها لتُخفض بصرها الى الاسفل ،تنهد ليسير الى حاتم الذي بدأ يؤرجحه ..اوقفه سلطان بغضب :هاته قبل انجن عليك ..ما له ١٤ يوم من ولد تبي تعجنه انت ؟
ناوله إياه ليحتضنه سلطان بين ذراعيه ..وقف حاشد امامه تمامًا ليهمس :حرمتك
ارتفع حاجب سلطان وقد بدأ استفزازه :ترى ما عندي مشكله اشيل عقالي و اجلدك فيه من زمان وانا انتظر انفلت عليك ..
تنهد :هاته بوديه لها ،يمكن خوفها يزول لو شوي
شد احتضان الصغير لينظر الى عبير الواقفه بعيدًا عنهم بعقلها و جسدها ،همس :أنا اوديه
سار سلطان إليها حتى التصق قدمه بقدمها ،ارتعشت وقد ادركت قُرب الرضيع منها ، إلتهف قلبها للحد الذي توهمت بأن الحليب يدرُ من صدرها ..حملته بين ذراعيها بلهفه لتهمس بغصه :يُمه صقر
تضايق الصغير ليباشر البُكاء ..دارته بين كفيها و هى تلفض من بين دموعها :لا يمه لا....ههشش
بين ذبذبات بُكاءها يأتي صوتها متقطعًا مرتجفًا :يا روحي ..يا روحي
شدته الى حضنها ،وقد انهارت .
-

 دعوتك كالحشود فلم تجبني و كيف يجيبني البلد القفارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن