تشرشل

168 35 222
                                    

الـفَـصْــلُ الـعـاشِـر مِــنْ:
تَـصَـرفّـي كَــأُنْـثَى نَـبِـيـلَـة
تـشـرشـل

    أبِتعدتُ أنظُرُ لِأخر لمسةً مِن فرشاتي على اللّوْحةِ وَما جعلني أشعرُ بِمُرورِ الوَقتِ هوَ أشِعّةُ الشّمسِ الّتي دفعتني لِأغلاقِ عُيوني عِندما تلقّفت بِحرارة أوّل خُيوط أشراقةٍ باهِتةٍ ودافِئة وَأضاءت رماديّتي بِحُمرةٍ جعلتها تبدو كنارٍ مُلتهِ...

Hoppla! Dieses Bild entspricht nicht unseren inhaltlichen Richtlinien. Um mit dem Veröffentlichen fortfahren zu können, entferne es bitte oder lade ein anderes Bild hoch.

    أبِتعدتُ أنظُرُ لِأخر لمسةً مِن فرشاتي على اللّوْحةِ وَما جعلني أشعرُ بِمُرورِ الوَقتِ هوَ أشِعّةُ الشّمسِ الّتي دفعتني لِأغلاقِ عُيوني عِندما تلقّفت بِحرارة أوّل خُيوط أشراقةٍ باهِتةٍ ودافِئة وَأضاءت رماديّتي بِحُمرةٍ جعلتها تبدو كنارٍ مُلتهِبةٍ وَهذِهِ النّارُ ما كانت تستعِرُ إلّا في جوفي، شعرتُ بِحُرقةٍ في حدقيّتي، حُرقةً شديدة.. رُبّما لِأنّي لم أرمِش كثيرًا وَرُبّما لِشِدّة تركيزي والسّببُ الأكبرُ هوَ أنّني لم أنم وَلوْ لِلحظةٍ..

    طُرق الباب وَدلفت جوديث مِن خلفي تحمِلُ إناء الماءِ الدّافِئُ لِأغتسِل، استدرتُ بِبُطءٍ أنظُرُ لها، بِأرهاقي وَألواني، بِحالي المُزري وَأوْجاعي، بِضياعي وَسط هذِهِ الوُجوهِ المُبهمةِ وَكُلُّ جِراحي..

    سقط الأناءُ مِن يَدِها إلى الأرضِ وَأنسكب مائِهِ تلى ذلِك الصّوْت الصّادِح لِفجيعتِها، شهِقت شهِقةً ظننتُ أنّها ستُتلى بِسُقوطِها جُثّةً، غطّت فمها وَعُيونها اتسعت، راقبتُ حركاتِها بِهُدوءٍ، كيْف حملت عُيونها على اللّوْحاتِ المُنتشِرةِ في الغُرفةِ، مُسندةً إلى الجِدارِ، بعضِها على السّريرِ وَأُخرى أمامي لا زالت رطبةٌ.

    – «إيلي، ما كُلُّ هذِهِ الوَجوه؟ من كُلِّ هؤلاء؟»، صوْتُها يَرتجِفُ وَعُيونُها تهتزُّ، وَعُيوني راقبتُ بِبُرودِ، تبلُّدٍ شديدٍ قد أُنزِل عليّ.

    أقتربتُ مِنها بِخُطواتٍ هادِئةٍ وَتوَقّفت أمامها، نظرت في عيْنيْها وَهيَ ازدردت وابعدت نظرها عنّي، رفعت كفّي واحتضنت وَجهها، بعضُ الأصباغِ مِن يَدي لطخت وَجُنتيْها. «هل تعرِفتي عليْهِم»، قُلت أمام وَجهِها وَجوديثُ حملت نظرتها ليَ والّتي فاضت بِالحيرةِ المُتشوِّشةِ، وَكلِماتُ الإجابةِ تلوْتُ في صُمتٍ مفعمٌ بِالأسرارِ.

    استدرت عنها وَأطلقت تنهيدةً. «أحضِري مياه أُخرى جوديث، وَلا داعي لتدفِئتها»، أختِفت مِن أمامي وَأنا نظرت في أثرِها، عُيوني حدقت بِالبابِ، أنتظِرُ أندِلاق تِلك الأزوالِ، أن تُطارِدني كما حدث في اللّيْلِ والّتي تركت خلفها أثرًا يَقظًا يَتراقصُ في الهواءِ كلمحٍ مارِقٍ، لقد احترقت وَتلاشى رمادها كالأحلامِ الطّائِرةِ الّتي تضمحِلُّ في أوّلِ ضوْءٍ لِلفجرِ. «أرواحُ القمرِ المُكتمِل»، الِإسمُ الّذي ستحمِلُهُ هذِهِ اللّوْحات.

تصرفي كأنثى نبيلةWo Geschichten leben. Entdecke jetzt