٢١

23 4 14
                                    


مرحباً جميعاَ ،قبل القراءة تذكروا وضع النجمة لأنني فعلاً احتاج لطاقة إيجابية، فلا تبخلوا بها عليّ💛💛
.
.
يمكنكم متابعة الحساب ليصلكم كلّ جديد ⭐⭐قراءة ممتعة.
.
.

كانت يدا الربّان متشبثتين بالدّفة كثشبث الإنسان بالحياة، حين لاحت أمام ناظريه عند الأفق البعيد جروف المنارة الصخرية العالية، المطلّة على صفحة البحر في عظمة وبهاء.

تنشّق عبير الوطن، ورائحة الميناء النفاذة المختلطة برائحة المحيط المالحة والباردة، إلاّ أن رائحة عبير لارسا التي كانت تنتظره حين كلّ عودة اختفت هذه المرّة واندثرت عميقاً في أوفارديا. حيث القلاع والقصور، بعيداً عن عهد البحر الذي به اقترنا.

نفض كلّ فكرة عن رأسه ليلتفت نحو بحّارته يلقي بنظرات طويلة عليهم، يرى نشاطهم وابتساماتهم العريضة بينما يسرعون بانجاز أعمالهم على متن ذات القرون العشر، فما ان صاح فتى الصاري باقتراب الوطن حتى جاشت مشاعرهم واطمأنّوا لاقتراب نهاية هذه الرحلة الرحلة المشؤومة، وما كان راندل ليلومهم.

استمرت الرحلة لقرابة الشهرين، وقد واجهوا فيها الأمرّين بينما يمخرون عباب البحر الهائج. لطالما كانت ليالي كانون باردة موحشة ولكنها هذا العام قد اتسمت بسوء غير مسبوق، لاسيما بتلك العواصف التي لم تنقطع مند ابحارهم من دكّة الجزارين نحو ميناء الأهلّة.

ابتعد راندل عن دفّة القيادة بينما يستنشق نفساً عميقاً قبل أن يزفره ويبدأ بالسير عبر سطح السفينة الخشبيّ بينما يصفّق بيديه جاذباً انتباه الرجال، ملقياً بأوامر سريعة هنا وهناك.

"شدّوا الحبال و افردوا الأشرعة، نارد جهّز المرساة الرئيسية وأعلم فرقة التجديف بأخذ مكانهم، سنرسو بعد ثلاث ساعات على الأكثر. استعدوا يا رجال"

كان صوته مرحاً بينما يحدثهم، وقد رحّبوا بتلك الأوامر بكلّ سرور وراحوا ينفذون كلّ شيء على عجل، وما كانت إلاّ دقائق قبل أن يسقط الشراع الأبيض المرقّع وعليه رسم الحبّار العملاق وقد التصق بإحدى مجسّاته الرمح ثلاثيّ الشعاب،وقد انتفخ بفعل الرياح الشديدة وتبعه بقيّة الأشرعة الأصغر.

ابتسم راندل برضى بينما يعدّل رقعة عينه وانسحب جسده نحو السلّم الخشبيّ المفضي إلى حجيرته بالأسفل.

لقد افتقد ذلك الشعور بالإطمئنان طويلاً. لازمته الأحلام والرؤى السيئة لأيام. عواصف وأمواج عاتية ،دماء تلطّخ يديه وجثث تطفو على وجه البحر من حوله، وهو وسط كلّ ذلك يقف مشدوهاً وحيداً، إلاّ أن كلّ ذلك انتهى لحسن حظّه، ليستعيد هدوئه وراحته أخيراً.

حين أغلق باب الحجرة وتخلّص من المعطف الجلديّ السميك الذي يحيط جسده ألقى بثقله على الكرسيّ وشرع يحدّق بالأوراق أمامه بمقت. تلك الرسائل من الأميرال وقادة الأسطول. الكثير من التساؤلات حيال الخطوة القادمة. ها قد حطوا الرحال بالمنارة. ماذا تالياً؟

القرن المظلم : عواصف الشتاء.( مستمرة)Where stories live. Discover now