مشروعْ اصطيادُ عَواطف.

518 70 75
                                    

    اشاحت ستار الجفون عن مقلتيها؛ محدقةً بجثمانها المنتصب  جوف انبوب ضَحل  مَغْمور بمصل من تراكيب عديدة بغايات مختلفة.

لا يسترها سوى مئزر طبي بلونٍ فحمي داكن، خصلات عائمة بالسائل كما الجسد، وجهها شاحب بتقاسيم لا تمد للحياة بأي سمةٍ ، مرمى رؤيتها  اضحى ضبابيًا مشوشًا،  دوار اكتساها، وكَأن المكان يهتز بها جيئةً وذهابًا، بحثت بحدقتيها  لعلها تكتشف اين هي..

اصوات نبضاتها وتنفسها  على الألات الطبية هي جل ماكانت تُنصت إليه اذانها، اسلاك مثبتة برأسها وكأنها تكتشف ما يقبع بذهنها.

لملمت شتات قوتها الذِي تبعثر بكيانها، لتقتلعها عنها...

فِي لحظة نزعها للخيوط الملتصقة بجبينها، توقف شريانها النابض  لبرهات حينما سمعت صرير الباب الموصد وقت فُتح،  بالكاد تستطيع الحفاظ على نظرها دون ضبابية، انفاسها تقيم حربا بربوع رئتيها للدلوف والخروج... ضغطات النعل الدوية على البلاط جعلت من اوصالها تفعل وضع التأهب  .

بضعَة سنتَمترات تفصل بين الانبوب و ذاك الغريب.

هيئة بطول يقارب المترين،عريض المنكبين، ببنية لشخص قضى معظم اوقاته يصقل عضلاتها باحد قاعات الرياضة.

حاولت بجل الطرق ان تلمح ولو تفصيل ضئيل من محياه لكن دون جدوى، وكأن الظلام اراد حجبه عمدًا،  للحظات لم يزحزح عيناه عنها.

لاترى نظره المصوب ناحيتها لكنها تشعر بشروده بها، إبتسامة خبث انبثقت من فاهه، توضح ان غاية الطُفيلي كما ندهته بجوفها لا تمد باي صلة بالخير.

ضغط باحد ابَاخِسه على زر الحاضنة التي تحتوي جسدها، الادرينالين غزى شرايينها والخوف طغى على احاسيسها، كقطيع ثيران لمح راية اللون الاحمر باتت نبضات قلبها هائجة ، دخان مبيض يعلن  عن اختفاء اخر حاجز يفصله عنها.

مد يمينه نحوها، ليرتد جثمانها للخلف كفعل دفاعي، ما جعله يطلق ضحكة ساخرة صداها علق بطلبتيّ اذنها، قلص المسافة بينها وبين يده  .

ثانية ثانيتان من السكون، وبحركة سريعة منه طوق عنقها نابسا بنبرة مستلذة بملامح الخوف والرهبة التي اعتلت تقاسيمها.

" حصلنا على مرادنا منكِ، لم يعد لتواجدك فائدة، سررت.....

شهقة عنيفة دوت بالارجاء، انفاسها تتوافد بهمجية، والعرق يتصبب كالغيث من على جبينها، الكابوس مغاير هذه المرة، لكن المكان ذاته.

انتفضت من مضجعها  ، تشد على خصلاتها البنية  تكاد تقتلعها من جذورها، ناولت نفسها كوب من الماء موضوعا بقربها تحسبًا لهذا الوضع، احتسته دفعة واحدة لعلها تطفأ غليل غضبها، لكن يا حسرتاه ما باليد حيلة.

منتصف الليل، نايتسبريدج... لندن.
Midnight, Knightsbridge... London.

تقبع على كرسي مكتبها، وكانها ملكة تتربع على عرش مملكة بريطانيا العريق  ، لكن صدقا هي ملكة؛ لا تتربع عرش الحكم بل عرش اقتصاد بريطانيا.

Hyperthymesiaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن