الفصلُ الثاني.

232 41 47
                                    

| صَدِيق |
.
.
.

عِندمَا قالَ آندِي ذَلِك .. استطاعَ جذبَ اِنتباهِ لُويس إليه حينَ وجدهُ يجلسُ بترددّ فوقَ سريرهِ و يحمل ملامحَ باهِتَة .. لا يزالُ مصدومًا من حَقيقة أنه قادر على رؤية آندِي بوضوح كَما لو لم يكُن فاقِدًا لِلبَصر، لَكِن هذا لَم يكُن ما يُثير فضوله حاليًّا .. هوَ لم ينبس بِبنت شفه سِوى أن صاحبَ العيونِ الذهبيّة أدركَ بسرعة أنه نجحَ في الحصولِ على مُبتغاه و أثارَ فضولَ رفيقهِ الجَدِيد
فاستغلّ ذلك الوضع لِصالحه بسرعة

-" عليكَ أولًا إجابةُ سؤالِي قَبل أنْ أشفِي فَضولكَ ! "-
-" هَاه؟ "-

تمتمَ لُويس بِحَذر و هوَ يُضييق عينيهِ مُستنفِرًا، فهدأتْ نبرة آندِي حِينما أكملَ بلهجة خافِتة و مترددّة بينما يَتحاشى النظر صوبَ عينيّ رفيقهِ الباهِتَة

-" كيفَ .. فقدتَ بَصركَ .. "-

ثمّ استأنفَ بعدَ صمتٍ دامَ لِنصفِ دَقيقة بقيَ خِلالها لُويس مُتيبّسًا لهولِ الصَدمة

-" ليسَ و كأنّكَ كُنتَ كَفِيفًا مُنذ وِلادتكَ أو مَا شَابه، لَقد رأيتُكَ عِندمَا عدتَ من المَشفى .. لِذا، فَقط كُنتُ أتساءل .. "-

كانَ آندِي يرفضُ الاتصالَ المُباشِر بالأعين، و استقرّ بصره على أيّ أثاث عشوائي في غرفةِ لُويس لحينِ يتحدّث ذَلِك الأخير، و حينَ وجدَ أن الصمتَ المُطبِق هوَ كلّ ما حصلَ عليهِ كإجابة تحدّث بسرعة مُستطرِدًا بلهجة مُرتبِكَة عِندما استوعبَ - أخِيرًا - فَداحة و وقاحةَ سؤالهِ ذَاك !

-" بِـ.. بِالطبع لَستَ مُجبرًا على الإجابة أو ما شَابـ.. "-
-" تمّ دَفعِي .. "-

لُويس قاطعه، ثمّ واصلَ بنبرةٍ أشبهَ بالهمس و اتّضحَ التردد و الذبول بيّنًا فِي ثَنايا صوتهِ الخافِت

-" قِيلَ لِي أنّي وقعتُ بشدّة على مؤخرةِ رأسِي .. لستُ أتذكر تَفاصِيل ذلكَ اليَوم .. "-

أرخى بجسدهِ لِلأمام مُطأطئًا رأسه و مُخفيًا ملامحه خلفَ خصلاتهِ النحاسيّة عِندما أكمل

-" قَال الأطبّاء أن تِلكَ الحادِثَة أثرتْ على بصرِي بشكلٍ سَيء، لكنّ حالتِي ليس ميؤوسٌ مِنهَا كَما يَزعمون "-

ذراعه اِمتدتْ لِلأعلى كَمن يُوشك على الوصولِ لشيء شاهِق و يُمسك به تزامُنًا مع رفعهِ لِرأسه فظهرتْ ملامح وجههِ الشاحِبَة

-" سَأكونُ قادِرًا على الرؤية مُجددًا، هَذا ما يقولهُ والدايَ على الدَوام "-

بقيَ على وضعيتهِ تلك لِبُرهة، ثمّ نكسَ رأسه لِيُقابلَ آندِي الّذي بدا مصدومًا بشدّة و هوَ يستمع لِحكاية نحاسيّ الشعر، بَل كانَ مذهولًا - أيضًا - بحديثهِ معه بكل إريحية عن موضوعٍ حساس و شخصيّ كَهذا
ربّما لأنه مُجرد طيف لا يُمكن لأحد سَماعه أو رؤيته فَلن يكونَ قادِرًا على نشر هذهِ الأخبار لأحد، و ربّما لأن لُويس اِحتاج للفضفضة قَليلًا
و أيًا كانَ السبب فهوَ غير قادِر على إخفاء سعادتهِ رغمَ تأثره بقصّة رفيقه الجَدِيد

غَير مَرئِي.Where stories live. Discover now