العشرون الجزء الثاني

Start from the beginning
                                    

ابتلع يوسف لعابه يكبح غضبه كان سينجو بنفسه لو أخبر والده لما فعل ذلك ولكنها مريم شقيقته الذي يأكله قلبه ألما لأنها ترفض الحديث معه بسبب ما فعله ولها كل الحق هو أبدا لن يلومها
أما على الجانب الآخر تحركت سيارة عاصم في صمت طويل إلى أن قرر عاصم كسر ذلك الصمت وسؤال مراد :
- يوسف ضربك ليه ؟ عرف أنك بتكلم أخته من ورانا ؟
ابتلع مراد لعابه مرتبكا يومأ برأسه بالإيجاب يبعد رأسه صوب النافذة ليبتسم عاصم ساخرا يتهكم منه:
- يبقى عنده حق وما اقدرش ألومه حط نفسك مكانه ، لو مريم دي كانت أختك أنت وعرفت أن يوسف بيكلمها من وراك كنت هتعملهم اتنين لمون
لم يرد مراد على ما قال والده ليردف عاصم محتدا :
- هتفضل ساكت كدة ، أنت من جواك عارف أنه عنده حق وأنت ندل حتى لو بتحبها ، في ألف طريقة صح ، من أنك تحطها في موقف زي دا ، تخيل يوسف لو قال لجاسر هيبقى شكلها ايه قدام أبوها ، أنت لو راجل فعلا ما كنتش عملت كل القرف اللي أنت عمال تعكه دا ، كنت نجحت السنة اللي فاتت ودخلت كلية محترمة وساعتها كنت هاخدك من أيدك ونروح لأبوها نطلب ايدها وطالما بتحبوا بعض جاسر عمره ما كان هيرفض ، دا لو أنت عندك عقل وبتفكر إنما أنت عيل ، كنت فاكر إني مخلف راجل بس للأسف
كلمات والده قاسية شعر بها تجلده ظل صامتا إلى أن وصلت السيارة إلى منزلهم ، ونزل مراد يستند إلى عكازه لم ينطق بحرف واحد فقط توجه لأعلى قاصدا غرفته ليرى باب غرفة حسين مفتوح منه جزء صغير ، تحرك إليها فتح الباب ليبصر حسين جالسا على الفراش يبكي قطب جبينه يغلق الباب لينتبه حسين يمسح دموعه سريعا ليغمغم مراد قلقا :
- شوفتك ، مالك يا حسين بتعيط ليه ، حصل حاجة بينك وبين چوري اتخانقتوا ولا ايه ، حتى لو اتخانقتوا تقوم معيط
حرك حسين رأسه للجانبين رفع عينيه لشقيقه ليدرك مراد من عينيه الحمراء أنه كان يبكي لفترة طويلة اقترب منه يجلس جواره على الفراش يسأله قلقا:
- في اي يا حسين مالك ، قلقتني
أخفض حسين رأسه لا يجد ما يقوله لشقيقه ، خرجت شهقة بكاء ضعيفة من ثغره يهمس بعدها بحرقة :
- أنا عملت كارثة ، عملت كارثة يا مراد بس والله ما كنت في وعيي ولا حتى هي ، كانت لعبة مريضة من شوية مرضى
وقص على شقيقه ما حدث لتتسع عيني مراد فزعا ، كان يظن أنه بما فعل أحدث كارثة ، ولكنها جوار كارثة حسين شظية لا تُرى ، ابتلع لعابه يحاول أن يقول شيئا ليقاطعه حسين يهمس بحرقة :
- أنا مش صعبان عليا غير چوري ، دي من خوفها من عمي جاسر أول ما شافته وقعت من طولها وحرارتها عليت من الرعب ، أنا بحب چوري بحبها أوي وكان حلمي إني اتجوزها ، بس كنت عاوز اتجوزها وهي بتحبني وهي سعيدة مش وهي مغصوبة عشان اللي حصل
رفع مراد يدع يربط على كتف شقيقه يهمس يواسيه :
- يا حسين اللي حصل دا مالكوش ذنب فيه ولو في وعيكوا أكيد عمركوا ما كنتوا هتفركوا تعملوا كدة ، أنا عارف إن چوري صعبانة عليك ، بس خلاص اللي حصل حصل ليه ما فكرتش طيب تروحوا چوري تكشف يمكن ما حصلش حاجة
نظر حسين لشقيقه محتدا يهمس غاضبا :
- أنت هتعوم على عومها ، لاء طبعا دي إهانة ليها وأنا ما ارضاش أبدا بدا
وابتسم ساخرا يردف متهكما :
- وبعدين الوضع اللي إحنا صحينا فيه ما يقولش تماما أن ما حصلش حاجة
وصمت يكمل بنبرة تحترق ألما :
- أنا مش حارق قلبي غيرها ، عيطت وانهارت أيام حالتها النفسية وحشة أوي ، يا ريت في ايدي أعمل حاجة عشان تهدا
صمت دقيقة كاملة يفكر قبل أن تتسع حدقتيه يهمس سريعا :
- أنا عندي حل أنا هروح أقول لعمك جاسر إن أنا اللي اعتديت عليها وأنها مالهاش ذنب وأنها خافت تقولك والذنب كله ذنبي أنا
رفع مراد حاجبيه ينظر لشقيقه ساخرا قبل أن يصفق له ببطئ يردف يتهكم منه:
- فكرة عظيمة فعلا ، وطبعا أنت فاكر أن عمك جاسر هيحط أيده على كتفك ويقولك بصوت هادي كدة ولا يهمك يا ابني المهم أنك اعترفت بغلطك أنا موافق أنكوا تتجوزوا ، دا هيعذبك عذاب الكفار ، ما هو أكيد ما كنوش بيقولوا عنه الشيطان من فراغ يعني ، بطل هطل يا حسين ، ولما چوري تفوق كدة وتبقى أحسن روح اتقدملها ومشوا الموضوع طبيعي جداا ، أهم حاجة بس لا أبوها ولا الحج يعرفوا ، عشان رد فعلهم مش هيبقى مختلف ، عمك جاسر هيقتلها وأبوك هيقتلك وبعد الجواز تقدر تفتحوا صفحة جديدة تعترفلها بحبك ، اعمل اي حاجة وخليها تحبك ، إلا أنك تروح تقول لأبوها الفكرة العبقرية دي
زفر حسين أنفاسه ضائعا حائرا والألم يأكل قلبه بضراوة كلما تذكر مشهدها وهي تسقط أرضا فاقدة للوعي !
________________
أما هناك في المستشفى عند شهاب وليان
جلست ليان أمام جنان شقيقة شهاب على الفراش تحمل الصغيرة بين يديها تنظر لها وهي تغط في النوم تمسك بأصبعها داخل كفها الصغير ، رفعت وجهها حين سمعت حنان تحادثها بود :
- أنتِ جميلة أوي يا ليان ما شاء الله عليكِ ، ليه حق شهاب يح ... أنا قصدي ليه حق يحكي عنك وعن الشغل دايما بيحكي عنكوا
ابتسمت ليان برقة تشكرها ، ،لتردف حنان ضاحكة :
- اوعي تصدقي الكلام الأهبل اللي قالته سارة دا ، هي دايما بتحب تناكف شهاب ، تقولي مولود فوق رأسها ... مع أنه اللي مربيها من وهي عجلة صغيرة كدة
ضحكت ليان على تشبيهات تلك العائلة الغريبة ، لتضحك حنان معها قبل أن تصمت تردف بابتسامة حنونة :
- بس صدقيني بتحبه أوي وهو كمان روحه فيها ، شهاب طيب وحنين ، وشايل همنا من زمان من ساعة ما والدي ووالدتي توفوا ، عارفة لما كان بيجبلي الجهاز قبل ما اتجوز كان يقولي اختاري اللي أنتِ عوزاه يا حنان أنا عامل حسابي والله ما في حاجة كان نفسي فيها إلا وجابها ، واهو بيحوش معايا فلوس عشان جهازها يا خوفي بس ليرفض الجواز لحد ما يجوز المفعوصة سارة
ابتسمت ليان معجبة بشخصية شهاب كثيرا ، شريف لا يختلف عنه أبدا شريف أكتر حدة فقط ، قاطع ما يحدث دقات على الباب وصوت شهاب يستأذن ومن ثم دخل يمسك بسارة من تلابيب ثيابها من الخلف نظر لحنان يغمغم حانقا:
- حنان خلي البت دي هنا بدل ما ادفنها في الجنينة ، ماشية في المستشفى تغني بعلو صوتها طبيب جراح قلوب الناس أداويها ، فاكرة نفسها چورچ وسوف
لم تستطع ليان سوى أن تضحك عاليا ذلك الثنائي مختل بكل ما تعنيه الكلمة ، اشاحت بوجهها للاتجاه الآخر تحاول أن تمسك زمام ضحكاتها ، لترتسم ابتسامة صغيرة على شفتي شهاب لم ترها ليان ورأتها شقيقته جيدا ودعت في نفسها أن يُرزق شقيقها بالسعادة التي يبغي ، دُق الباب مرة أخرى ودخل سامح زوج حنان يغمغم مبتسما:
- يلا يا حبيبتي الدكتورة قالت أنك بقيتي زي الفل وتقدري تخرجي
نظرت حنان لليان تغمغم مبتسمة:
- معلش يا حبيبتي هتعبك خليكِ بس شايلة عائشة على ما أغير هدومي
اومأت ليان برأسها سريعا رأت شهاب ينسحب من الغرفة ومعه سامح وتقدمت سارة تساعد شقيقتها على تبديل ثيابها ومن ثم بدأت تضب ثيابها في حقيبة صغيرة حملتها على كتفها تمسك بيدها تسندها بينما ليان تقف تراقب ذلك التناغم بين الاختين سارة تتصرف بجد وكأنها والدة حنان ، تحركوا جميعا للخارج لتلتفت حنان إلى ليان تحادثها مبتسمة :
- أنتِ هتيجي معانا وما تقوليش لاء ، أنا حبيتك زي البت سارة والله ، وكمان تيجي في السبوع هخلي شهاب يقولك امتى بالظبط
حاولت ليان أن تعتذر ولكن حنان لم توافق ، أخذ شهاب الصغيرة من بين يديها يحملها يتوجهون جميعا لخارج المستشفى ، لتسمع صوت مميز تعرفه جيدا ينادي باسمها :
- ليان
التفتت خلفها ليشق ثغرها ابتسامة كبيرة حالمة ها هو جواد هنا ، اقترب منها يقطب جبينه يسألها متعجبا :
- أنتِ بتعملي ايه هنا ؟ ومين دول ، آه شهاب
ابتلعت ليان لعابها مرتبكة خشية من أن يكن غضب منها لأنها هنا مع شهاب وأسرته وتعرف أنه لا يحب شهاب ويريدها أن تبتعد عنه لأنه يغار عليها ! ، أمسك جواد بكف يدها يتحرك بها صوب شهاب يهنئه بابتسامة صفراء :
- مبروك ما جالكوا يا شهاب ، عقبالك ... يلا يا ليان عشان اتأخرتي أوي
وجذب يدها لتومأ برأسها سريعا تلوح لحنان تودعها تسرع في خطاها تحاول أن تواكب خطوات جواد السريعة ، التفت شهاب لشقيقته يتمتم ساخرا :
- مش قولتلك ما فيش فايدة دي غرقانة فيه
ضيقت حنان عينيها غيظا تهمس حانقة :
- دا الخبث والشر بيشعوا من عينيه هي عامية دي ولا ايه ، على العموم هي الخسرانة يا شهاب ، صدقني مش هتلاقي أحسن منك أبدا
ابتسم شهاب ساخرا يومأ برأسه ، لا يهم لم يعد يهتم حقا !
______________
في منزل جاسر مهران قرابة السادسة مساء حين بدأت تفتح عينيها تبصر الدنيا من جديد ، تأوهت متألمة تشعر برأسها على شفا الإنفجار ، استندت بكفيها إلى الفراش ترفع جسدها قليلا عنه ، ها هي عادت لغرفتها في منزل والدها وياليتها لم ترحل ، شعرت بالألم الشديد ينخر كل خلية بها والدموع تحرق عينيها ، عليها أن تتماسك أكثر لا تريد أن يزيد الشك داخل والدها وأن فعل فعلى الأرجح لن يستغرق الأمر أربعة وعشرون ساعة وسيعلم كل شيء ، ارتمت برأسها إلى سطح الوسادة خلفها تغمض عينيها متعبة خائفة منهكة ، سمعت صوت الباب يُفتح ببطء ظنتها والدتها ففتحت عينيها قليلا تنظر إليها ؛ لتبصر فتاة لا تعرفها تدخل إلى الغرفة تحمل بين يديها عدة علب للدواء قطبت جبينها تهمس تسألها متعبة:
- أنتِ مين ؟
حمحمت طرب مرتبكة لا تعرف  أتخبرها بالخبر هكذا مرة واحدة دون مقدمات :
- أنا طرب ، مرات رعد أخوكِ
توسعت حدقتي چوري الذابلة تهمس مدهوشة :
- مرات رعد إزاي يعني هو رعد اتجوز امتى ؟ ويعرفك منين ؟ أنا مش فاهمة

أسيرة الشيطان الجزء الأول + الجزء الثاني+ الثالثWhere stories live. Discover now