تقول إحداهنَّ

13 2 1
                                    

تقول إحداهنَّ :

كنتُ أحفظ الجُزء الواحدَ في سنةٍ كاملة وأنسىٰ؛ وظللت علىٰ هذا الحالِ أربع سنوات ثم تزوجت ..
فتركتُ الحفظ وتركت القرآن وانشغلت بزوجي وأبنائي، دخلت في موجٍ لطِيم من الدُّنيا وهمومها، كانت الحياة ضنكٌ مستمر لا انتهي من مصابٍ إلا وأدخل في سواه، لا أرفعُ رأسي من همٍّ إلا ويُزلزلني غمٌّ أشد وأبكىٰ.

حتىٰ مرضت مرضًا شديدًا كدت أفارق الحياة وسئمتُ من الدُّنيا وما فيها، شظف العيش أثقلني حتىٰ الإنهاك؛ حتىٰ سمعت هذه الآية:(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ)

كانتِ الآية تعريفٌ بسيط لانكبابي علىٰ الدُّنيا، ورغم بذلي الروح لإسعاد من حولي لم أحظَ برضاهم ولا بإسعادهم لي، ألمٌ مستمر.

وعُدت لسورةِ البقرة فَتفتحت أبواب الخير وأغلقت أبواب الشرِّ وطوقني اللَّه بهالة من التحصين الدَّائم، فصمتَ الساخطون وظهر المادحونَ وخاف الظالمونَ، وبدأتُ أدرس الحفظ أكررُ الآيات طوال اليوم عندما أعدُّ الطعام، عندما أكوي، عندما أرتب حاجيات أبنائي.

المرض الذي كان فردًا من أفراد عائلتي فارقني في ذلك العام، استبدلت مقعدي في انتظار النِّداء من الطبيب بمقعدي في مجالس القرآن تعلمًا وتعليمًا.

السَّخط الذي كان يقلبني علىٰ جمر الألم كل يوم استبدل برضًا عميق علىٰ أن اللَّه كافأني علىٰ أحزاني وصبري بالجائزة الكبرىٰ فلا نعمة مثلها أبدًا .

الفوضىٰ التي كنت أعيشها إذ تتقاذفني أيادي من حولي يمنةً ويسرةً استُبدلت بحياة في غاية التنظيم رغم الانشغال الشديد، اليوم درس التجويد، اليوم درس التفسير، اليوم درس الحفظ؛ وأصبح من حولي ينظمون حياتهم حَسب مواعيدي القرآنية بعد أن كنت أقلب حياتي رأسًا علىٰ عقب حسب نزعاتهم ورغباتهم التي لا تستند لمنظور قرآني رباني واعٍ.

المشاكل التي لاتخلو الحياة منها فقد خلقنا في دار ابتلاء؛ ولكن معالجتي لها اختلفت أصبحت أكثر فطنةً وحكمة.

فسيدنا موسىٰ عليه السَّلام قال هكذا في هذا الموقف وسيدنا يوسف تصرف هكذا في ذلك الموقف وو ..
كان المدد لا ينتهي، وتغيرت حياتي مع القرآن للأبد.

وهل حفظت أختنا القرآن؟ حفظته ونست وحفظته ونست ومازالت تحفظ وتنسىٰ فهذه هي قدراتها.

لعلكِ تقولين وما الفائدة إذن ؟
أقول هي تغتسل بالقرآن ليلًا نهارًا وتتقلب في طهره وعطره وجماله.
وصدق عليها قوله تعالىٰ:
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

- تذكري في حفظ القرآن أنت في بداية الطريق ولكن لا يوجد في القرآن نهاية إلا الرضوان.
فجميع الحافظاتِ يدركن أنهنَّ يحفظن وينسين ويحفظن ومازلن ينسين ولكن مازلن يحفظن.
قد نذرتِ العمر في حبهِ فلا حياة لك سواه🤍🌾.

الفـتـاة الـمتـلزمـة 👑💛🍯حيث تعيش القصص. اكتشف الآن