الفصل السابع عشر الجزء الثاني

ابدأ من البداية
                                    

حرك رأسه موافقا ليقبل جبينها من جديد يهمس يحادثها :
- هشوف الدكتور حاضر ... ملاك هتتجنن عليكِ صحيح استني اندهالك
وخرج من الغرفة لتغمض عينيها مرهقة جسدها بالكامل يتأوه متألما ... يتردد في عقلها الحلم الذي رأته ورسالة والدها الغريبة ، والدتها ماتت منذ أعوام كيف يريد منها أن توصل إليها رسالة أن تسامحه ... صحيح أن أغلب أحلامها حقيقية ولكن ربما يكن ذلك الحلم أثر المخدر والسم ... اجفلت حين انفتح الباب ودخلت ملاك تدفع مقعدها بعنف صوبها حاولت أن تستقيم قليلا لتعانقها ... استندت بكفيها الى سطح الفراش تجذب جسدها بألم شديد لم تظهره على وجهها حتى لا تفزع ملاك ... دفعت ملاك جسدها ترتمي بين أحضان طرب تشهق في البكاء تتوسلها إلا تتركها :
- ما تسبنيش يا طرب ... عشان خاطري ، أنا ماليش غيرك في الدنيا ... لو بعدتي عني هموت يا طرب
لفت ذراعيها حول شقيقتها تعانقها برفق تربت على ظهره أغمضت عينيها لتدمع عينيها تتذكر الحلم وأبيها وهو يعانقها لا تزال تشعر بوجوده بالدفئ والأمان التي كانت تشعر بهما في وجوده ... انهمرت دموعها تحاول أن تهدأ شقيقتها :
- أنا كويسة يا حبيبتي صدقيني أنا كويسة .. أنا حتى قولت لرعد يقول للدكتور يخرجني صدقيني أنا كويسة أوي
المشهد كان فعلا مُحزن جعل كل من كان واقفا تدمع عينيه أو يبكي عدا يوسف الذي ظل ينظر إلى ملاك وهي تتمسك بأحضان شقيقتها وكأنها تتشبث بطوق نجاتها الوحيد في الدنيا ... ملاك تحب شقيقتها وطرب فعلت الكثير لأجلها ربما لذلك ملاك لم تحتقر وظيفة شقيقتها لأنها كانت تعلم أنها مجبرة عليها ... وربما أيضا لذلك لم تخبره بها وكيف ستخبره صحيح ؟ شعر في تلك اللحظة أنه قد جار عليها ... شعر بالألم والحزن ولكنه لم يشعر بالشفقة الآن .. شعر بالمسؤولية تجاهها برغبة قوية في أن يعانقها ويخبرها أنه هنا ولن يرحل أبدا لن يتركها أنه سيكون الحامي لها وألا تخاف أبدا و هو هنا ، تنهد بعنف رأسه مزدحم بالأفكار دوما ما يكون هكذا ... تحرك لخارج الغرفة يجذب مراد معه ليجده يمسح دموعه التفت له يغمغم :
- يا أخي يخلوك تبكي وأنت اصلا فرفوش ، بس حقيقي صعبانين عليا أوي ... واعتقد أن عمي جاسم هيشيلها جميلة لطرب أنها أنقذت أخوك وأكيد هيغير معاملته ليهم
حرك يوسف رأسه ينظر للفراغ شاردا ربما !!
أما في الداخل فاقتربت رؤى منهم جلست جوار طرب وملاك تجذب ملاك من بين أحضان طرب تعانقها تربت على رأسها :
- تعالي يا بنتي عشان ما تتعبيهاش ... كفاية عياط يا ملاك من الصبح ما بطلتيش عياط  يا حبيبتي .. قوليلها تبطل عياط يا طرب يمكن تسمع منك
ابتسمت طرب مرهقة تمد يدها تسمح على رأس شقيقتها برفق تحادثها :
- ملاك هزعل منك والله بطلي عياط يا حبيبتي
نظرت رؤى لطرب ممتنة وداخلها ألف كلمة شكر تقولها لها ... يكفي أنها فدت حياة ولدها حتى لو لم تكن تقصد
في تلك اللحظة دُق الباب ودخل جاسر يبتسم ! ... ابتلعت طرب لعابها خائفة ما إن رأته ليقترب هو لداخل الغرفة يوجه حديثه لطرب :
- حمد لله على سلامتك يا بنتي !!
توسعت حدقتي طرب مدهوشة من كلمته الأخيرة لتومأ برأسها سريعا مرتبكة ... التفت للواقفين حوله يردف :
- رؤى خدي البنات واستنوني برة خمس دقايق أنا عايز طرب في كلمتين لوحدنا
وقفت رؤى سريعا من مكانها اقتربت من زوجها تهمس له سريعا :
- جاسر بالله عليك البنت تعبانة وكفاية أنها فدت ابنك ، عشان خاطري ما تقولهاش حاجة تزعلها ..
ابتسم لزوجته قبل أن يرفع كفه يربت على وجنتها برفق يغمغم يطمأنها :
- ما تخافيش
تنهدت رؤى قلقة تومأ برأسها حاولت جذب مقعد ملاك لتصرخ الأخيرة غاضبة :
- لاء أنا مش هسيب أختي ، هو هيزعلها وهيقولها كلام يضاقيها ، أنا وأختي هنمشي هنبعد عنكوا ، ابعد أنت كمان عنا مالكش دعوة بينا
ابتسم جاسر في هدوء لينزل لمستوى ملاك يحادثها بنبرة حانية :
- جدعة يا ملاك عشان خايفة على أختك ومش قابلة ليها أي كلمة تزعلها ، ما تخافيش يا ستي أنا مش هضايقها ... روحي مع مريم ورؤى يلا
رمته ملاك بنبرة مرتبكة خائفة على شقيقتها قبل أن تجذب رؤى مقعدها لخارج الغرفة تنظر لجاسر تترجاه بعينيها أن يترفق بالفتاة ، قبل أن تخرج تجذب الباب.... جذب جاسر مقعد من جانب الغرفة يجلس بالقرب من فراش طرب نظر إليها يتمتم مبتسما :
- حمدلله على السلامة
حاولت أن تبتسم فلم تستمع بالكاد حركت رأسها تشكره بإماءة صغيرة ... اقترب بجسده يسند مرفقيه إلى فخذيه يغمغم فجاءة :
- ليه شربتي كوباية الشاي وأنتِ عارفة أن فيها سم
أصفر وجهها حاولت أن تجد كذبة تقولها ليقاطعها هو بنبرة مهيمنة جافة:
- بصي يا طرب أنا عندي حساسية من الكذب وأنا مش عيل صغير وأعرف اللي قدامي ييكذب ولا لاء ... وما تخافيش إنتِ ليكِ جميل في رقبتي دلوقتي إنتِ انقذتي ابني فمهما كان اللي مخبياه هسامحك عليه ، بس اتكلمي بصراحة
ابتلعت لعابها مذعورة تقبض كفيها على أطراف الغطاء قبل أن تتمتم مرتجفة :
- أنا كنت داخلة المطبخ عند والدة رعد ، شوفت الخدامة بتخبي كيس شكله غريب في كم هدومها ... ما عرفش ايه دا بس شكلها كان مرتبك جداا ... خوفت أقول ما حدش يصدقني ... ولما جت حطت الكوبيات وكانت كوباية رعد شكلها مختلف وهي اللي شالتها وادتهاله عشان تتأكد ما حدش غيره ياخدها شكيت أنها تكون حطت اللي كان في الكيس في كوباية رعد عشان كدة خدتها بسرعة ... والله دا اللي حصل ، أنت ممكن ما تكنش مصدقني بس....
- أنا مصدقك
قاطعها يقولها بهدوء لتتوسع حدقتيها مدهوشة ، نظرت إليه لترى ملامح وجهه لا تزال حادة جامدة كما هي ، إن كان يصدقها لما ينظر إليها بتلك الطريقة ... انتفض قلبها مذعورا حين أردف من جديد :
- بس إنتِ مخبية حاجة تانية ، وحاجة أكبر كمان ... مخبية ايه يا طرب
وصمت لعدة لحظات يراقب رد فعلها ليراها تنظر للاشيء تحرك رأسها تنفي ما يقوله ليتنهد بعمق يردف بنبرة أكثر لينًا :
- طرب أنا أب .. وما عنديش في الدنيا أغلى من ولادي وخصوصا رعد لأني اذيته كتير ومش هسمح لأي حد في الدنيا أنه يأذيه ، لو في حد ضاغط عليكِ بحاجة قوليلي واوعدك هيفضل سر بينا رعد مش هيعرف بيه . أنا هقدر احميكِ إنتِ وأختك ، أظن أنتِ عارفة كويس أنا مين ... اقسملك بالله ما حد هيقدر يأذيكِ لا إنتِ ولا أختك
نظرت إليه عدة لحظات مشتتة متعبة ، وحين فتحت فمها لتتحدث ... فُتح باب الغرفة وظهر رعد الذي بدا متضايقا للغاية من استجواب والده لها وهي في تلك الحال ... دخل إلى الغرفة يغمغم متضايقا :
- دا وقته يا بابا ، أنت مش شايف حالها عامل إزاي ... الدكتور بيقول أنها لسه تعبانة وجداا ، أرجوك كفاية
قام جاسر من مكانه نظر إليها عدة لحظات قبل أن يتحرك صوب رعد ربت على كتفه يغمغم:
- خلي بالك من مراتك ،أنا هسيبلك جارد برة يكونوا تحت أمرك في اي وقت ... أنا هاخد أختها وباقي العيلة اللي برة ونروح

أسيرة الشيطان الجزء الأول + الجزء الثاني+ الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن