IV . أنامِل ذهبِية

161 15 27
                                    

فِي هذا المساء كانت آيلا ترتدِي ثوبا كلاسيكيا من الحرير الأسود بزركشة جميلة حول منطقة الصدر في شكل براعم الكرز ، معطف طويل داكن اللون مع كعب عالِي لامِع ، شعرها الذي إعتاد على جدائله الطويلة قررت الليلة أن تتركه مسدولا على كامل ظهرها معقودة أطرَافه فوق رأسها بمشبك ذو جوهرة لامعة ... كان مشهدها وهِي تزيح مقعد البيانُو من تحت الطاولة اللزجة يبعث مزيجا من الرهبة والروعة في آنٍ واحِد ، بينما تسمع السيد فريدرِيك يصف لها نوع الموسيقى التي يُريدها الليلة فِي موعِد العشاء ...

-" أُريد شيء شاعريا من كلاسيكيات القرن الخمسين"

ودون أي كلمة هزت رأسها بإيماءة صغِيرة ، فهي إعتادت على القوانِين الصارمة لعائلة السالفادُور حيث أنهم كعائلة ملكِية يتّبعون قواعِد يعتمدون عليها في حياتهم اليومية ، في أول يوم تقدّمت إليهم من أجل العمل تم تجريدها من كامِل ملابسها كما لو أنها سَجّينة في زنزانة ... وهِي لم تُمانِع كونها في حاجة ماسّة إلى الأموال .

الليلة كَانت جميلة وهادِئة للغاية في القصر الملكي حيثُ كل ما يسمع بعد منتصفِ الليل هو صوت تآكل الخشب وسط تلك النيران المُلتهِبة التِي تجعل الجو دافِئً وحميمي عكس الخارِج ، حيث تساقطت الثلوج البارِدة عبر كل طُرق لندن ماجعل آيلا تتأخر قليلا عن عرضها .

إحترفت الفن مُنذ أن كانت في سن العاشِرة ، عندما كانت والدتها تملِك معهدا لتعليم الموسيقى في رومانيا ولقد أتقنت اللعب بمختلف الآلات ، كانت ملِكة الموسيقى الكلاسيكية و عُرِفت بالفتاة الخرساء لأنها كانت تتكلّم بالفن ، تُعبّر بالموسيقى والألحان وتبكِي الأنغام ... إستطاعت أن تعزف وتحترف البيانو والكمان خلال سنتين .

بعد وفاة والدتها تركت كل شيء خلفها في رومانيا وبدأت حياة جديدة في لندن ، وجدت أول فرصة عمل في قصر السالفادُور ومنذ سنتين تقريبا وهي العازِفة الخاصة بالعائِلة الملكِية ...

كانت قد نزعت قفازاتها البيضاء الجمِيلة ، وبأطرافِ أصابعها جمعت خصلات شعرها بمشبكها الفضّي وفرقعت يديها قبل أن تبتسِم وتبدء العزف بهُدوء شدِيد ، تضرب المفاتِيح ببطئ وتخرج الموسيقى الشاعِرية من عينيها هي أولا قبل أن تدخل قلوب الجماهِير ...

بينما هُو إكتفى بالنظر والتدقيق بعِيدا على الشُرفة ، حيث إنتشَر الظلام الذي جعله يختفي بين عتمتِه .. وتبرق عيناه دون أن تهتز جفنيه من بعِيد ..

كان يُراقِبها كيف ذابت وسط الموسِيقى ، تعزِف النغمات الكلاسيكية وتهز رأسها كما لو أنها مستمتِعة بما تفعله بيديها ، وروحها وقلبها ..

منذ أن أصبحت عازفة العائلة الخاصة لم تتكلّم ، لكنه جعلها تفعل ذلك في أوّل لقاء بينهما .. وسيجعلها تفعل أكثر من مجرد كلام في اللقاءات القادِمة .

THE GIRL IN RED Where stories live. Discover now