~ 𝐢𝐧𝐭𝐫𝐨 ~

735 35 70
                                    


لُندن
.
.

السَماء سودَاء مِن مساء أمس والضباب الكَثيف أغرق لُندن خلف السحب المعتمة ... كانت ليلة هادئة جدا ومُظلِمة قاتِمة لإرتكاب أي جريمة في وقت مِثالي .

بعد مُنتصف اللَيل فتح المسرح أبوابَه حيث يمتزِج اللون الأحمر النفيس مع تموّجات الذهب الأخّاذ وتُحف الفن الراقِي التي جُلبت من حول العالم معروضة في كل رُكن وزاوِية ، المكان مُضاء بقناديل ساطعة متوهّجة وثريات ضخمة متلألئة تُعطِي جو دافِئ وحميمي ، عازِفين وراقصات في كل زاوِية ، آلات موسيقية ضخمة وأوركِسترا تقودها إمرأة كلاسيكية بشعر أسود قصير، همسات صاخِبة وفوضوية حول عرض اليوم !

هَمسات أُخرى حول ملكة الموضة في لُندن ولما تأخرت في عرضها اليوم ؟ هل أُصِيبَت ؟ أم أنّها لم تجِد عارِضات من أجل البذلات ؟ ...
                                          .

تفاوتت قطرات الخمرة في كأسها الكريستالِية ، باردة بدقة تتلاعب بها مكعبات ثلج والكثير من الرغوة اللاذِعة تحرق لسانها وشفتيها .

كَانت هي أجمل أنثى في القاعة ، مَلكة الموضة ... تحمِل تفاصيل ثوب أبيض من خمسينيات القرن في لندن ، قُماش ناذر وتصمِيم فريد من نوعه لزفاف عصر سابِق لإحدى الأميرات ، كان ثوبا رقيقا من الحرير الأبيض الناعم يلف جسدها بواسطة مشد ضيق على الصدر مربُوط من الظهر بخيُوط حريرية رقيقة ، هِي طرزّته بيديها ولأوّل مرة ترتَدِي تصمِيم أحاكَتهُ بنفسها ..

أرادت أن يكون عرض الليلة إستثنائِي ... لذلك إختارت ثوب زفاف ولم تُرِد أن يرتديه أحد غيرها هي ... لم ترد أن يكون آخر عرض أزياء لها من نصيب عارضة أُخرى ...

مسافة قليلة بينَها وبين الجُمهور وقُماش قرمزي رقيق يفصلها عن أصواتِهم الصاخِبة ، تقدّمت تطرق كعبها الطويل على الأرضية الخَشِنة وما إن خَطت خطوة واحدة نحو الأمام حتى وصلها صوت يهتف بهدوء شدِيد وببحة رجولية تُرافقها لهجة بريطانِية مُتقَنة

-" الشُرطة تبحثُ عنكِ وسط الجمهُور وما إن تخرُجي على المسرح فهم سيصوبون عليكِ فورا ، أنصحكِ بِ ألا تتهوري أميرتي "

صوت هادِئ و مجهول ، خلف الستار الرقيق يظهر فقط خياله ، تتسرّب رائحة الدماء القانِية بين ثنيات الهواء ويتسلل صوت الشيطان في عقلها ، كان يُتمتِم لحنا ... يهمِس كلمات مُتقاطِعة ، يرتجف صوته ويقول مجددا مُمسكا القماش القرمزي بين يديه الملطخة 

-" إنتَشرت الأخبار بسرعة البرق والكُل أصبح يعلم الآن أن ملكة الموضة وأميرة الأزياء آليسيَاَناَ كُويروز أصبحت كابوس لندن بعدما قتلت عائلتها قبل عرضها بساعتين ... فقط ... لقد أصبحتِ قاتلة آليس .. "

تسربت الدِماء تحت القُماش الفاصِل بينهما ولطّخت أطراف ثوبها من الأسفَل فصار يتقاطَر القُرمزي مِن فستانها ، ولم تبتعِد أو تخاف من تلك اللطخات القانِية والقطرات الدافِئة بل ظَلّت صامِتة جدا وهادئة تمرر عينيها على كُل شيء وتسمعه يقول خلف السِتار ، يشّد عليهِ بيديهِ الملطخة ويهتف من بين أسنانِه بعد أن نفذ صبره  ... وبدأ الغضب يُسيطِر عليه أمامها .

-" أنتِ تُجبرينَنِي على أن أكون وحشا ، أن أكون الأسوَء .... مالذِي تُريدينه مني بعد ؟ آليسياناَ ... لقد فعلت كل ماطلبتيه مني . مالذي تريدينه بعد ؟  "

نزعت كعبها العالِي وبقدميها الحافية مشَت تطبع آثار الدم على الأرضِية الخشنة ، وفي يدها حقيبة البرادا الأنيقة حيث أمسكت مسدس بكاتِم صوت ، كان ملطخ للغاية ... لم تعلم أنه كان هناك  .. لقد نسيت لوهلة أنها ملطخة بالكامِل أيضا ، حتى شعرها الطويل تقاطَر دما دافئاً وإلتصقت الأشلاء الميتة بِها .

تقدمت أكثر وفِي كل خُطوة تهمِس

-" روحك ، أنفاسك ، نغماتُ فؤادك وَ برِيقُ عيناك ... "

سطَعت الأضواء ورُفع السِتار الفاصل في ثانية واحدة والكُل شهِد أن أليسيانا هي المُجرمة التي أصبحت كابوس لندن ، كان الدَليل أمامهم ، أنثى تقِف بمسدس كاتِم للصوت وهي ملطخة بالكامِل ، ترتدِي فستان زفاف أنيق مما ساعد الصحافة على إختلاق قصص درامِية و إلتقاط الكثير من الصور لها تحت عنوان

( كابوس لُندن ! الفتاة المُلطخة بالقُرمزِي ... )

وُجّهت عليها الكثير من الأسلِحة والصرخات التِي تهتف بها أن تنزل على ركبتيها فورا وإلا سيطلقون النَار !

فستانِها الأبيض تلطّخَ بالكامِل الآن ، بدت غير واعِية وكانت ساكِنة للغاية تمرر عينيها على كل شيء ، تِمثال نُحِت من جليد ، عِبق الدم المُختلط ب رائِحة الفودكا والعرق الذي تصبب من جبينها بينما تسمع صراخ الشرطة مع شتائِم الجُمهُور لأنها صامِدة حتى الآن دون أن تركع على ركبتيها ليتم تقييدها ... دون أن ترفع يديها وتنبطِح أرضاً ..

كانت صامِتة جدا ودون أن تهتف بأَي كلمة إبتعدت خطوة نحو الوراء والتي كانت سببا في التصوِيب عليها وتمزق فستانها الأبيض إثر رصاصة إخترقته ...



إنتهى
.

كَانت لغُز مجهول لسنوات

                       وكَان هُو شخص مهووس بالأحجِيات

                       وكَان هُو شخص مهووس بالأحجِيات

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.




~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

مرحبا يا رفاق 💕

رواية جديدة = رحلة جديدة معكم ومع أبطال جدد 😩🤍

الرواية نوعها : جريمة ، غموض ، رومانسية .

سيكون النشر كالعادة بيوم السبت إن شاء الله 🤍

THE GIRL IN RED Where stories live. Discover now