السادس عشر الجزء الثاني

Start from the beginning
                                    

أما چوري فشردت طوال طريق عودتها فيما حدث علاقتها بحسين المذبذبة وزين المسكين ، وقلقها المبالغ فيه على حسين حين مرض ، وقلقها الآن على زين لا تعرف لما تشعر أنها مشتتة بين دفتين كل منهما يجذبها نحوه خطوة حتى تكاد تتمزق ... لكن الأهم الآن أنها حقا شعرت بالغيظ من نفسها حين انفعلت تصيح في وجه حسين بتلك الطريقة ، لما لم تعطه الفرصة ليبرئ ساحته أولا قبل أن تقضي حكم أنه مذنب ، وقفت سيارة الأجرة أمام الموقع نزلت چوري منها متعبة تجر ساقيها جرا تشعر بالخمول والوخم الشديد لا ترغب سوى في الارتماء على فراشها والنوم ، بدأت تشعر بالندم حقا لأنها أصرت على المجئ لهنا ليتها استمعت لوالدها قبل أن تصر على الذهاب ... تحركت لداخل الموقع تبحث عن حسين لتراه واقفا أمام أحد العمال والأخير يغمغم مرتعشا :
- والله العظيم يا باشمهندس كان غصب عني أنا كنت بهزر مع منعم وهو زي التور راح زاقنني جامد على السور خبطت في قالب الطوب وقعته
وقفت تشاهد ما سيفعل حسين لتراه يحادثه بنبرة حادة:
- أنت عارف إن بسبب هزاركوا دا كان ممكن تحصل مصيبة
وصمت عدة لحظات حين رأى نظرات الرجل الخائفة المصوبة إليه ليتنهد يغمغم :
- لولا إني عارف إن عندك بيت وعيال كان هيبقى ليا تصرف تاني معاك ، من النهاردة أنت ومنعم تشتغلوا في الأرضي بس ، وأي تحقيق يحصل ما تنطقش بحرف .. أنا المسؤول تمام

توسعت حدقتيها ذهولا ، حسين يضع نفسه بدلا من العامل ليحمي الأخير ، رأت كيف ادمعت عيني الأخير يغمغم متلهفا :
- أنا آسف والله يا باشمهندس أنا ما كنش قصدي سامحني ، أنا مش عايزك تتأذي بسببي

ابتسم عاصم يربت على كتف الرجل يغمغم بهدوء:
- ما فيش أذى ولا حاجة خير بإذن الله ، ارجع كمل شغلك وزي ما قولتلك في الأرضي بس

اومأ الحارس برأسه يتحرك مغادرا ، هنا هي اقتربت من حسين الذي أشاح بوجهه بعيدا ما أن رآها زفرت أنفاسها تغمغم :
- حسين بص ، أنا فعلا ما كنش قصدي ... ما كنتش أعرف أن العامل هو السبب هو
ولم تكمل شهقت مدهوشة حين أمسك عاصم بذراعيها يلف جسدها صوب المبنى يرفع يده يشير للسور يهمس محتدا :
- شايفة عرض السور قد ايه ، الحجر دا اتحرك من مكانه واللي حركه كان قاصد أن أي حركة تحصل جنبه توقعه ، على فكرة هو ما كنش قاصد يقع عليك ِ ، هو كان قاصد يقع على أي حد المهم تحصل مصيبة في الموقع ... بس واضح أن مرورك في الوقت ووقع القالب عليكي أنتي خلاه يتحرك ويعمل فيها هيرو قدامك اهو منه يضرب عصفورين بحجر واحد يعمل مصيبة ويطلع قدامك البطل
توسعت حدقتيها تشهق بعنف هل يقصد أن زين هو من فعل ذلك ولكن لماذا ؟! لا من المستحيل طبعا أن يحدث
التفتت إليه تقطب جبينها تسأله مدهوشة :
- أنت قصدك أن زين هو اللي عمل كدة ، لاء طبعا مستحيل وزين هيعمل كدة ليه اصلا

ابتسم حسين ساخرا يكتف ذراعيه أمامه يردف متهكما :
- أنتِ محسساني أنكوا متربيين مع بعض ، دا أنتِ ما بتثقيش فيه الثقة اللي بتثقيها فيه وأنا اللي ابن خالك وأنتِ عارفة و متأكدة إني مستحيل اضرك ... أنا شاكك في الواد دا من ساعة ما شوفته شغل السهنتة اللي هو بيمثلها دا ما يخلش عليا ، من ساعة القهوة فاكرة كوباية القهوة ما أنا كلت من الشارع كتير وقليل ، أنا في الشغل باكل وايديا في رمل واسمنت عمري ما حسيت بالوجع اللي حسيت بيه لما شربت كوباية القهوة اللي كان عاوز يدهالك ، مش عايزة تصدقيني أنتِ حرة ... بس خلي بالك من نفسك كويس ما تشربيش ولا تاكلي حاجة يقدمهالك أبدا ...
وابتعد خطوتين للخلف يكمل :
- تقدري تروحي الفندق ترتاحي شكلك مجهد جداا ، اتفضلي
تنهدت مشتتة حائرة قبل أن تومأ برأسها ، نظرت للسور من جديد لتعاود النظر إليه تنهدت من جديد تهمس مرتبكة :
- حسين أنا بجد آسفة إني انفعلت وقولتلك الكلام دا
ابتسم ساخرا ولم ينظر إليها ليردف قبل أن يرحل:
- روحي ارتاحي يا چوري ، أنا كمان هروح الفندق محتاج أغير هدومي قبل صلاة الجمعة
عن إذنك
لم يعرض عليها حتى أن يوصلها للفندق حسين غاضب وبشدة تحركت لخارج الموقع لتجده يقف جوار سيارة أجرة جلس جوار السائق ما أن رآها تاركا باب المقعد الخلفي مفتوحا لتبتسم رغم غضبه لن يذهب دونها ...
______________
تبقت ساعة إلا ربع تقريبا على الصلاة حين خرج جاسر من مرحاض غرفته بعد أن اغتسل وارتدى ثيابه ود لو يذهب لرعد ليوقظه ولكن رعد الآن متزوج لم يعد لديه الحق في فتح .. باب الغرفة والدخول ، وقف أمام المرآة في غرفته يمشط خصلات شعره يضع القليل من عطره حين دخلت رؤى إلى الغرفة يعلو ثغرها ابتسامة كبيرة ، اقتربت منه ليبتسم يغمغم مشاكسا :
- يا صباح الروقان من زمان ما شوفتش الضحكة الحلوة دي ، فرحيني معاكِ طيب
اقتربت منه تمسك بمبخرة يتصاعد منها رائحة بخور عطرة جميلة لفت المبخرة حوله تغمغم سعيدة :
- مبسوطة أوي يا جاسر أنك اتصالحت أنت ورعد ، ما تروحش تصلي من غيره ماشي ... أنا هروح اصحيه عشان يلحق الصلاة

أسيرة الشيطان الجزء الأول + الجزء الثاني+ الثالثWhere stories live. Discover now