تحت التعذيب "الجزء 2"

91 24 29
                                    

فتحت عينيّ بصعوبة بالغة ، و كنت أرى سقفاً طلاءه أخضر باهت ، و قد كانت بعض أجزاء الطلاء متساقطة و تشكلت رقعاً تكشفت عن اسمنت السقف العتيق .
كان هناك أجزاء من الطلاء ما زالت متعلقة ، و لكنها ستسقط عما قريب ، كنت أرى تلك الأجزاء كأنها تتعمد السقوط على وجهي و لكنها تنتظر فرصة مناسبة لتفعل ذلك .

بعد أن صحوت حقاً ، بدأت أشعر بألم في رأسي و كأنه سوف ينفجر قريباً .
حاولت النهوض و لكنه عجزاً يعتريني ، أو أن أحدهم يحاول شدي متعمداً .
نظرت إلى اليمين فوجدت الفاعل المتغطرس ، كان قيد بيدي اليمنى و أخر باليسرى ، حتى أقدامي مقيدة و ملقى على سرير رث ضمن حجرة متعفنة ، ظننت بداية الأمر أني في مشفى ، و لكن لم يكن الأمر كذلك فأدركت أني بأحد السجون .

بدأت بالصراخ مستغيثاً : هل من أحد هنا ؟ هل تسمعوني ؟
ثم يدخل رجل مقنع بيده سلاح و يضربني بأخمص البندقية على جبيني فأستسلم للدخول في السبات من جديد .
هذه المرة لا بد أني بقيت لأيام حتى استيقظت مجدداً لأني عندما استقظت شعرت بألم لا يطاق في عيوني ، نعم أنا استيقظت بصعوبة و كنت اسمع أحدهم يقول : استيقظ هذا الفتى ، حاضر سيدي..

ألتفت إليه فأجد أنه مقنع و يلبس بدلة سوداء من رأسه حتى قدميه كذلك الذي ضربني سابقاً كان بتلك المواصفات .
أنا : فك وثاقي ، خذني إلى المرحاض .
الحارس : اخرس
أنا بصوت عالي : خذني إلى المرحاض ، خذنيييييي
يدخل أخر و يشير له بفك وثاقي ، و يشير لي لكي أنهض .
بدأ بفك وثاق اليدين ، ثم فك وثاق القدمين ليعيد تكبيلها بسلاسل مع بعضها البعض .
كنت أشعر مثانتي سوف تنفجر و آلام لا تحتمل في كليتي اليسرى ، نهضت بعجز و لكن كنت مصر أن أذهب إلى المرحاض .
وضعوا على وجهي قناعاً و كان أحدهم يهمس بأذني اليمنى : حاول إزالة القناع و سوف أقتلك أقسم لك .
فقلت له : لن أزيل شيء فقط خذوني إلى المرحاض لأتبول .
كنت أشعر أن رأحتي عفنة من شدة تعرقي ، و الأوساخ تملأ ثيابي و بدني ، كنت أتمنى لحظتها الخلاص .

أوصلني الحارس إلى المرحاض ، و قال : أدخل أيها الخنزير معك 5 دقائق و بعدها سأدخل أقتلك فوق كرسي المرحاض .
بعدما زجني للداخل و أقفل الباب بالمفتاح
و من شدة الهلع لم أجرؤ على إزالة القناع كنت أتلمس الجدران حتى وصلت إلى كرسي المرحاض ، ثم أسدلت سروالي و قضيت حاجتي .
شعرت بإرتياح لا يوصف ، ثم نهضت و هنا كنت مضطر لإزالة القناع .
أزلت القناع و انا أظن أني سأجد مغسلة أو ما شابه ، و لكن وجدت هناك صنبور بأحد الزوايا شبه معطل حاولت فتحه فبدأ ينزل منه القليل من المياه ذات لون أحمر من شدة تصبغها بصدأ الأنابيب .
أغتسلت سريعاً و رفعت ثيابي ، ثم غسلت كلتا يدي و وجهي و شعري .
سمعت صوته : هيا يا خنزير.. هذا ليس حمام منزلكم.. هيا يا عفن إنتهي من رجسك قبل أن أدخل و أقتلك .
أعدت القناع بسرعة و توجهت نحو الباب و طرقت عليه ، فتح الباب و قال : أهلا بالخنزير الوسخ و بدأ يدفعني أمامه بعدما قيد كلتا يدي .

أخذني إلى غرفة مظلمة تماماً لأن لم أرى بهير الضوء ، ثم بدأت أشعر أنه الضوء بدأ يعمل و سمعت صوت أزيز كرسي يُسحب على الأرضية .
ثم قال لي ذلك الصوت : اجلس .
أنا : لا أرى أين أجلس .
هو : وراءك يوجد كرسي ، ثم يقترب مني و يجلسني عليها .
أنا : أنا لا أعرف من تكون ، أقسم لك لا أعرف شيء ، أقسم لك لم أفعل شيء ، فقط قل لي أين أنا !!! ماذا فعلت ؟؟؟
هو : لا تعلم ماذا فعلت ؟... اممممم ، أتظن سوف أصدقك .
أنا : إختر لي أي تهمة أنا موافق سلفاً عليها .
هو غاضباً : أتظن أننا نظلمك أيها الكلب اللعين !!!
أنا : ماذا تريدون مني ؟
هو : أنا هنا من أسأل أيها العفن ، أنت هنا فقط تجيب .
أنا : حاضر.. حاضر..
هو : تجيب بتأفف ؟
أنا : أقسم لك أني لا أجيب متأففاً .

تبدأ جلسة التحقيق الفعلية فيقول : ما اسمك ؟
أنا : أنتم تعرفون كل شيء عني ، و إلا لما أتيتم بي إلى هنا ، لو كنتم مخطئين بأوصافي لأخليتم سبيلي .
هو : إذا أنت مدرك أنك مخطئ ، ما اسمك أيها اللعين بالكامل .
أنا : أسمي فلان ابن فلان و كنيتي كذا و كذا
هو : منذ متى و أنت منظم لجبهة تحرير الشام ؟
عندما قال تلك التسمية مت من الرعب ، قلت متعثلماً : جب.. جبه... جبهة ماذا ؟
هو : سمعت السؤال ، أم لا ؟
أنا : أقسم أني لا أعرفهم ، ولا أعرف حتى من هم..
هو : من أين تعرف الصحفي (حفيظ الس... مح..ظ ) ؟

تعرفت عليه في مقهى الريس أبو محمد ، هو بذات الحي الذي أقيم فيه و هو صحفي مشهور عراقي الجنسية ، يقاطعني : نعلم ، لا تتحدث عن ما نعلمه .
أنا : حسناً ، ماذا تريد أن تعرف ؟
يضحك هنا و يقول : الأن أنت عيني ، الأن يمكننا التفاهم .
ثم يقول : يا حارس تعال و فك قيوده و أزل القناع .
يقترب الحارس و يزيل القناع و يفك الوثاق من كلتا يدي و قدمي .

كنت أجلس على كرسي خشبي ، و أمامي طاولة خشبية
كذلك المحقق يجلس على كرسي خشبي ، و يرتدي بدلة سوداء و لا أرى سوى يديه .
كان متدلي من السقف مصباحاً أصفر ينتهي فوق الطاولة ، و يحيط بها من الأعلى مخروط معتم ليركز الضوء على الطاولة فقط دون باقي أجزاء الغرفة ،و كان ذلك أمر ضروري لكي لا أتعرف على الموجودين .
يضع يده في جيبه و يخرج علبة سجائر نوع ( ونستون أحمر ورق ) و يعرض عليي التدخين
ثم يخرج من جيبه الأخر مجموعة صور و يرميها على الطاولة أمامي ، و يقول : خذ دخن أولاً ثم تأمل هذه الصور .

يُتبع..

ولدتُ شيطاناًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن