تحت التعذيب "الجزء 1"

89 29 50
                                    

يقطع شرودي ذلك الصوت !!!!
هيا أجب.. أنا أحدثك..
كان ذلك الصوت الغليظ يزعجني ، ثم ألتفت و بغضب قلت له : نعم أنا فعلت ذلك ، هذه خصوصياتي ، أتظنون أنفسكم آلهة ؟
ثم أتكلم بلهجة أكثر حدة : أنها أشيائي و أنا حر فيما أفعل ، أنت تريد لاعب ، ما الذي يهمك بهاتفي ؟
فإن ابتلعت شريحة الإتصال أم رميتها ، أم فعلت ما فعلت هذا شيء لا شأن لأحد به .

الملك : ههههههههههه ، لقد نجحت في الإختبار ، كنا نختبرك لشهور و اليوم نرى مدى حرصك و سرعة بديهتك في المواقف الصعبة ، و لكن لم يخطر في بالنا أنك وصلت لمرحلة تبتلع فيها شريحة الإتصال .
أنا : لم أبتلعها .
الملك مستغرباً : نحن رأيناك في تسجيلات الكاميرات !!!
أنا : نعم ، لقد فعلت ذلك الإيحاء و قربت يدي من فمي و لكني لم أبتلعها ، فعندما تأكدت أن لا مفر من الكاميرات إنتزعت الشريحة و أخفيتها بين أصابعي ، ثم تظاهرت بإبتلاعها ، و بهذا لن تجدون وسيلة لإستخراجها إلا عند قتلي و بذلك يكون لدي فرصة للمراوغة ، بينما ها هي " و هنا استخرجها من جيبي " ، بينما هو يسارع و يعيد لي هاتفي و لكن الإندهاش يكاد يذهب عقله ،ثم يقول : أنت أمكر مما ظننت ، ذلك سيعجب علياء كثيراً .

في هذه الأثناء أعود لتذكر عملية الإختطاف التي تعرضت لها..
في تاريخ 8/11/2011 أي قبل موعد عيد ميلادي بثلاثة أيام تعرضت لعملية الخطف المفاجئة من أمام مقهى "الريس أبو محمد" في مدينة جرمانا .

لقد كانت الساعة الثالثة ظهراً تقريباّ بتوقيت دمشق ، و لا يوجد مارة على الطرقات لأنه موعد الغداء ، و أنا كنت أمشي ببطئ شديد مترنحاً ، و فجأة وقفت بجواري السيارة التي ذكرتها لكم سابقاً ، و نزل منها ثلاثة شبان .
قام واحداً منهم بتثبيتي من الخلف ، و آخر قام بلكمي لكمة قوية على معدتي ، بينما الأخر رفع قدمي في الهواء ، و تم حملي و وضعي بينهم في المقعد الخلفي .

قبل أن أصدر أي صوت تم وضع قطعة قماش بفمي ،  ثم وضعوا قناعاً على وجهي كي لا أرى أي شيء ، و تم تقيد كلتا يدي .
أقلعت السيارة بسرعة جنونية ، و أنا كنت أضمر في داخلي أني لن أكون مشوشاً ، بدأت أقول لنفسي هذه الجملة بتكرارات عدة : لن أخسر ، لن أموت ، سوف أعرف الحقيقة ، سوف  أبقى يقظاً .

و أغمضت عيوني كلياً و بدأت أستخدم حاسة السمع لمعرفة آلية سير السيارة ، و كيف تتجه و ما يواجهنا في الطريق من منعطفات و مطبات و حفر .
قال السائق : سيدي هل أذهب بين الأحياء ؟
أحدهم : لا.. لا.. هذا طفل ليس بتلك الخطورة .
قالها  بتعجرف ، ولا يدرك أن ذلك الطفل هو جرو ذئب ماكر ، فمشى السائق على الطريق الرئيسي .

كنت أعد كل مطب نتخطاه و كل منعطف نتجاوزه ، و كل إشارة مرور أو توقف يبطئ عندها السائق .
المشكلة الوحيدة التي لا أعرف كم يمضي من الوقت فلا يمكنني حساب المسافات ولا حتى الإتجاهات .
كانت لكمة قوية كادت تفقدني صوابي حقاً ، و لكن من الجيد أني أقوم بحفظ أشياء يمكن عدها و تذكرها .

يبدو أننا وصلنا و ما لفت إنتباهي ، صوت الشيخ الذي يؤذن بجامع في الجوار ، فمن المستحيل أن أنسى بأنه كان قد وصل عند هذه الترتيلة "حيو على الفلاح" ، و كذلك صوت إنذار صادر من سيارات إسعاف "ويييي ويي.. ويييي ويي.. ويييي ويي.." ، و كأننا وصلنا لمرآب مستشفي ما ، أو مركز صحي ما او شيء من هذا القبيل .

ثم ينزلوني من السيارة ، و أحدهم كان يقوم بدفعي من الوراء بعصى و بشكل مستمر حتى أتقدم ، ثم يدفعني دفعة قوية فأسقط إلى الأرض بقوة و تصاب ركبتي اليسرى برضة قوية .
ثم اسمع صوت باب يتم جره أو دحرجته فوق سكة معدنية و صوت إقفال لذلك الباب .
و كأنه لا يوجد أحد ، أو أن جميعهم قد رحلوا دفعة واحدة  ، لذلك خطر في بالي أن أصرخ أو أستغيث ، و لكن ما كان يمنعني ذلك القناع الأسود و قطعة القماش التي في فمي .

أشعر برطوبة في الأرض ، و كأني أجلس على أرض منزلقة فيها مياه جارية ، أو تتجمع فيها المياه ؛ لم أعد أتذكر ذلك بدقة ؛ و لكن كنت مدركاً أن الأرض باردة و البرد قد نفذ إلى عظامي ، و لقد تبللت ملابسي .

أبقى لساعات مرمي بذلك الوضع ، أو أنا كنت أشعر بأن الوقت طويل .
ليس مهماً.. فكان الأهم أن أعلم أين أنا ، و كيف وصلت لهنا ، و ماذا فعلت لأستحق ذلك ؟

و بعدها يأتي أحدهم و يرفع القناع قليلاً ثم يستخرج قطعة القماش من فمي و يعيد القناع لوضعه السابق ، و يقول لي : لقد وقعت بين يدي التي لا تعرف الرحمة .
تلك الجملة أرعبتني ، أحسست بخوف يمزق قلبي و مخي معاً ، و شعرت أوصالي قد تقطعت من هول الجملة ، و أصابتني رعشة مفرطة في كل قطعة من جسدي .

ثم قام برفعي عن الأرض و دفعني نحو حائط و ثبت رأسي جيداً بوضعية لا تسمح لي بأن أدير رأسي ، ثم رفع القناع محذراً أن أفتح عيني ، و لكني لم استجيب لأوامره فقمت بفتح عيني ، فقام بلطم رأسي في الحائط ثلاث لطمات قوية فسقطت مغشياً عليّ..

يُتبع..

ولدتُ شيطاناًWhere stories live. Discover now