الفصل الثامن

227 9 0
                                    

الفصل الثامن

تطلعت الى الجالس بجوارها فى السيارة ..... والذى صب كل اهتمامه على الطريق امامه دون ان يمنحها نظرة واحدة منذ انطلقا
تأملت قسمات وجهه الوسيمه.....فقد
كان خمرى البشرة .....ذقنه حليقة اعطته مظهرا اكثر رجولة  شعره الاسود المنمق بمهارة .....عيناه واسعتان لكن لم تستطع تمييز لونهما بسبب الظلام
كانت اول مرة تتفحص برجل ....ولكنه ليس اى رجل انه زوجها  تسللت ابتسامة خجولة سعيدة الى شفتيها ...
لم تلحظ ان هناك من انتبه الى نظراتها وقد نقل بصره من الطريق اليها
افاقت من شرودها على تلك العينان العاصفتان التى تناظرانها
اسرعت بإخفاض عينيها بخجل ....بينما انتقلت عيناه على الطريق امامه بجمود
وصلا الى المطعم ....نظرت حولها بإستغراب فلا يوجد اى احد بالمطعم سوى العاملين به نظرت من النافزة بجوارها لتتطلع الى صفحة النيل الاسوداء ليلا معطيه جوا من الرهبه ممزوجه بجمال
انتظرت طويلا ان يتحدث ولكنه التزم الصمت
وبالنهاية تحدث ليخبرها بصوت متهكم : مبروك يا عروسة ردت عليه بخجل :الله يبارك فيك
ارتفه حاجبه بإستهزاء:انا كلمت والدك ....و حابب ان الفرح يكون فى خلال اسبوع
نظرت له مصعوقة من كلامه:ايه ....بس بس احنا لسه متعودناش على بعض
رد بصوته الهادئ:وماله نتعود على بعض وانتى فى بيتى  ارتبكت بشدة:بس احنا المفروض ندى بعض فرصة ..... قاطعها بحزم :احنا قدامنا اسبوع ....اكيد هنفهم بعض واحنا بنختار طلبات بيتنا
نظرت له بحزن ....اوليس من حقها ان تفرح كباقى الفتيات ......اوليس من حقها ان تعيش ايام خطبة كالباقي .....كل ما يشغل راسها الان عباره واحده "سلق بيض وليست خطبة"
اسكتت كل تساؤلاتها وهى تومأ له بإنصياع  فربما تحظى بما تريد بعد الزواج
بدأ يحدثها بعمليه عن مخططات الاسبوع وهى تستمع وتحرك رأسها بالموافقة فقط
**************************
خرجت ميساء لتسير قليلا بعدما ذهبت زهور مع ادهم تطيح بها الافكار في كل اتجاه وتسرح بخيالها بعيدا ....ترى متي يحين وقت ان تعيش حياة طبيعيه وترزق بزوج وحب ف الحلال تعيش ف استقرار عائله صغيره وتنجب اطفالا تربيهم تربيه صالحه وتكرث لهم اهتمامها لاتحرمهم من حنانها فلطالما ذاقت من القسوة كؤوس لاتنتهي حتي الان .... الي متي تظل هائمه ....انها تخاف الموت وحيده كما عاشت وحيده ...... صارت تبتهل الي الله ان يرزقها نعمة الاهل والاستقرار فلم يعد لديها طاقة اكثر من ذلك لتعيش هذه الحياة الميتة
لم تشعر بمن يتبعها .....الى ان احست به يسير بجوارها  فالتفتت تنظر اليه سريعا لتجده مؤيد
زفرت بضيق وهى تحاول ان تتقدمه ولكنه يعوق تقدمها....نظرت له بحنق وحاولت استكمال سيرها دون ان تعيره اى اهتمام ولكنه اعاقها مرة اخرى
رفعت ناظريها اليه بغضب ولكنه بادلها بإبتسامة ساحرة:خلاص اهدى انا مش هقربلك انا هقولك حاجة وامشى
ردت بغضب :اتفضل ....خلينا نخلص
اشرقت ابتسامته اكثر :ميساء تقبلى تتجوزينى فغرت شفتاها وهى تطالعه بذهول
استكمل مؤيد حديثه:انا لقيت فيكى اللى دورت عليه من سنين ....الاخلاق والالتزام والحنان والرقة .....لقيت فيكى مقومات الزوجه اللى بحلم بيها وقولت اصارحك وماحبتش اكون درامي ف طلب ايدك لاني عارف انك جباره وهتكسفيني فيابنت الناس بسالك اهو اديني الجواب ..قال ذلك غامزا اياها
ردت ميساء بشراسة :ودى خدعه من خدعك اللى بتوقع بيها البنات
رد مؤيد بسرعة :انا قولت لبنات كتير بحبك بس عمرى ما قولت لبنت انتى محترمة وملتزمة وعاوز اتجوزك
ردت ميساء وقد تزداد غضبها:انت فاكر انى ممكن اقبل بيك .....واحد مش وراه غير الستات .....مش موجود فى قاموسه احترام لاي حاجه يبقي ازاي اثق فيك و اربي معاك ولادي علي ايه لما يغلط حد منهم مين هيقومه اذا كان ابوه مش عاوز يقوم نفسه .....قولى انا اقبل بيك على اى اساس
صمت مؤيد وقد اظلم وجهه ......فهى معها حق لما تقبل شخص مثله فاشل لاهدف له في ولايقيم لايا كان وزن ف حياته
هدأت ميساء قليلا :استاذ مؤيد اظن انك عرفت ردى على طلبك .....ياريت تنسانى وتطلعنى من دماغك ....انا مش ليك ولا انت ليا ...ً. اتمني تكون فهمتني لاني مش هضحي واقف اتكلم مع راجل غريب بالشكل دا تاني لكن اناحبيت اوصل لحضرتك انه لحد هنا وكفاية تجاوزات لان تصرفي مش هيعجبك بعد كده لو قربت تاني ....... تركته ورحلت عائده لمنزلها .....دون ان تأبه بذلك المتألم  **********************
عادت ميساء الى منزلها لتجد زوجة ابيها تجلس امام التلفاز كالمعتاد
كادت ان تدخل الى غرفتها ولكن استوقفها صوتها سهى :مبروك يا عروسة ....اخيرا جالك عريس .....ومش اى عريس
توترت ميساء :مين العريس ده
التفتت سهى تنظر لها بخبث:مش عارفة مين العريس برضوا.....بس عرفتى تجيبيه ازاى ده
سألتها ميساء بحزر :مين العريس
ضحكت سهى بسخرية:ما علينا هحاول ابلع الكدبه واقولك انه مؤيد عبدالرحمن
اضطربت ميساء بشدة وهى تلعن ذلك المؤيد: انا مش موافقة عليه
صرخت سهى بعنف:نعم .....مين دى اللى مش موافقة
بادلتها ميساء الصراخ:دى حياتى انا وانا حرة فيها .....وانا مش هتجوزه يعنى مش هتجوزه
ثم انصرفت الى غرفتها بحنق.... تاركة خلفها عقل ينسج شباكا ليلفها حول فريسته
*************************
جلس سيف برفقة زميله وسام يتحدثان فى الوقت المخصص للراحة  قاطع حدثهما رجل يطلب من وسام الاسراع للقاء المدير
جلس سيف يتذكر مكالمته الاخيرة مع اخته وزواجها دون ان يقف بجوارها  لقد تألم كثير يوم عقد قرانها وهو بعيد عنها .. تخيل كثيرا هذا اليوم والذى يزوجها لمن يستحق.....ولكن لم يتخيل ان يأت ذلك اليوم ولا يكون بجوارها  فالغربة مرار عليه تذوقه فقد قرر وعليه تحمل قراره
بعد ما يقارب من الساعة عاد وسام ويبدو على وجهه الاضطراب الشديد فسأله مؤيد عن سر ذلك الاستدعاء
اجابه وسام:هناك مشكلة كبيرة .....لقد خسرت الشركة الصفقة ضخمة التي تعبنا عليها الفترة السابقه
سأله سيف بلهفة :والباشمهندس ايمن قرر ايه
رد عليه وسام بخفوت:يبدوا ان الباشمهندس بحاله مرض .....استكمل وسام كلامه دعنا من هذا ......ولنبدأ بالعكده اومأ سيف برأسه وهو يفكر بحل لتلك المشكلة الكبيرة ......فقد كلفتهم الصفقة ميزانية كبيرة  .....وما الذى سيفعلونه بتلك الكمية التى انتجوها
زفر سيف بحنق .....فكيف خسروا الصفقة لقد كانوا متأكدين من نيلهم اياها .....لقد بذلوا جهدهم .....فكيف حدث ذلك
***********************
توجه الى غرفة المدير .....فسمحت له السكرتيرة بالدخول
تطلع الى مديره الذى ظهر عليه المرض بالايام الاخيرة .....لا احد يعرف ما هو مرضه ....الكل يعرف ان حالته تزداد سوءا
اذن له المدير بالجلوس :اتفضل يا بشمهندس
توتر سيف قليلا:بشمهندس ايمن ....انا كان عندى حل للمشكلة
رد المدير بهدوء:اتفضل يا سيف  استكمل سيف كلامه:انا عرفت ان الصفقة اخدت من الميزانية جامد ....ده غير المنتج اللى كنا مخصصينه للصفقة......الخسارة كانت جامدة
استطرد سيف كلامه:احنا ممكن نتعاقد مع شركات صغيرة .....ونبيع المنتجات بتاعتنا ليهم .....هنبيع بتمن الانتاج وبالنسبه للمصانع الاصغر هنطلب منها نص المبلغ والباقي ع تقسيط خلال سنه ......ودى هتبقى اقل نسبة خسارة بس هنعوض الميزانيه وبمجرد ما نخلص المنتجات نشتغل ع الجديد بسوبطريقة احسن ونكبر نسبة الارباح المهم دلوقتي لازم نقنع اكبر عددمن العملاء بشرا الالات
استمع المدير بتركيز الى كلام سيف ....و اعجب بذكائه بالرغم من عمله بضع شهور فقط
اسنكمل سيف كلامه:واول حاجة لازم نعرفها هو الخاين المسؤل عن سرقة الصفقة  انا هستأذن وياريت فكرتى تنال اعجاب حضرتك
اومأ له ايمن وهو يفكر بكل كلمه قالها سيف
************************
فى اليوم التالى طلب المدير مقابلة سيف .... جلس سيف امامه متوترا
ولكن المدير قطع توتره بكلامه الهادئ:سيف الفكرة بتعتك كانت احسن فكرة اتعرضت عليا حتى الان ......سيف انا عديك المسؤليه انك تنفذ اللى قولته وتلاقى الخاين
رد سيف بعزيمة :ان شاء الله اكون عند حسن ظنك
رد ايمن بهدوء:هتبدأ من النهاردة وهيتنقل مكتبك من المصنع الى هنا فى الشركة
اومأ سيف بعزم ثم استأذن ليبدأ عمله الجديد
بعد مغادرة سيف للغرفة ارجع ايمن ظهره للخلف وهو يشعر ببعض الدوار
يجب عليه ان يتخذ يدا لتساعده .....فقد اصبح لا يقوى على متابعة العمل مع اشتداد المرض عليه
يعرف جيدا ان سيف شاب طموح من بضع جلسات معه عرف ان به طاقة للعمل كبيرة يستحق فرصة ليخرجها
تنهد بوهن وهو يحاول ادراك الخائن ولكن لم يستطع ذ يعرف ان مهم العثور على الخائن امر صعب جدا عليه لانه لم يمض سوى بضع شهور فى المصنع ......ولكنه لا يعرف لما يثق به
اغمض عينه بإرهاق ....ثم مد يده يلتقط بعض حبوب المسكن ليوقف بها ذلك الالم
**************************
*************************** تطلعت الى فستان زفافها بسعادة فما احلى تلك اللحظة على قلب كل فتاة
تنظر الى حجابها الستان الذى ألتف حول رأسها برقة .....وذلك التاج من الكرستال الموضوع فوقه
انتقلت عيناها من حجابها الى وجهها ...كان مكياجها رقيقا هادئ مثلها....
قاطعها صوت والدتها وهى تخبرها بحضور العريس لاصطحابها للقاعة
اقترب ادهم بخطوات هادئة .....كإقتراب نمر من فريسته .....تجمدت زهور بمكانها وهى تنظر الى عيناه وللمرة الاولى تدرك لونها فقد كانت رمادية تبعث الخوف فى النفس
مان ان لمس يدها حتى انتفضت تنظر اليه بخوف فبتسم بسخرية غير ملحوظه ثم قبلها على جبينها .....ولكنها لم تكن قبلة عادية فقد شعرت باحساس غريب بعيد كل البعد عن اشتياق او حب او اي شيئ له علاقه بالعاطفه بل جمود عموض وشيئ ايضا لم تستطع تبينه ولكنه ليس بجيد علي الاطلاق
ظلت متجمدة بمكانها غير قادرة على الحراك تنظر اليه بخوف.....بينما استدار لوالدها
سأله ادهم بسخرية:ايه يا عمى ....مش هننهى المهزلة دى بسرعة  تعجب والدها من طريقة كلامه الفظه وغير اللائقةولكنه رد بهدوء:ايه يا ادهم اللى بتقوله ده
رد ادهم بسخرية :انا بقول كفاية تمثيل لحد هنا .....لانى تعبت من لعب دور الشاب الطيب
نظر له والدها بإستغراب
ولكنه قطع كل تساؤلاته :مش بيفكرك اسمى بحاجة يا حسن ....ادهم عمار حسن السيناوى
مرت بضع دقائق والصمت يغلفهم ....نظر حسن الى عينا ادهم الرماديتين المخيفتين
صدم حسن ما ان تذكر تلك العينين .....وما يعنيه اسمه
سأله حسن بذهول :انت ابن عمار حسن السيناوى ....مستحيل
ضحك ادهم بدون مرح :طب كويس انك افتكرتنى .....ها افتكرت برضوا مين قتل بابا
تجمد حسن بمكانه ...وشحب وجهه بشدة
سأله ادهم ببطئ مستفز:لا متقولش انك مش فاكر.....طب انا هفكرك ....عارف اللى ضرب بابا بالسكينه وهرب على القاهرة ....ها يا حسن باشا القطه اكلت لسانك ولا لسه
نظرت زهور بصدمة الى والدها ولكنها ردت بشراسة :بابا مش ممكن يقتل انت واحد مجنون ....وكذاب
ضحك ادهم باستهزاء:ليه مدافعش عن نفسه ان كنت ظالمه ...ها ردى عليا يا زوجتى المصون
نظرت زهور الى والدها .....تطلب منه ان يكذبه .....يدافع عن نفسه.....ينكر تلك التهمة البشعة عن نفسه ......ولكن والدها خيب ظنها وظل صامت
نظرت له بعجز .....مستحيل ان يكون والدى قاتل.....كيف يكون قاتل وهو دائما ما يخشى الله .....كيف وهو من علمنا ما هو الحرام والحلال .....مستحيل ان يكون والدى قاتل
صرخت بوجهه بشراسة :انا مستحيل اتجوزك  .....مستحيل اتجوز واحد بيدعى على بابا بالقتل
ابتسم بتهكم:تو تو ...لا يا بنت الغالى ....مش كده ....خليكى اذكى من كده صمت قليلا ولكنه استكمل بتهكم:انت ناسية ان الليلة ليله الفرح .....ويا ترى الناس هتقول ايه عليكى لما تروحى بيتك ....ملهاش غير اجابة واحده واظن انك عرفاها .....وكفاية سمعة ابوكى فى بلده متزودهاش
نظرت له بذهول......فقد خطط ببراعة ان يربح اللعبة من اول جوله ...دون ان يدع لهم الفرصه للتفكير فى الخروج منها او الهرب منها
تابع كلامه بتهكم :يلا يا عروسه هنتأخر على فرحنا
ثم جذبها من ذراعها بقوة المتها ....وتأبط ذراعها بتملك قوى وهو يقودها الى سيارته  وسط ذهول وصمت وقلة حيلة والديها
***********************
وصلا الى القاعتان المنفصلتان دون ان يتحدثا طيلة الطريق
شعورها بالخوف من ذلك النمر طغا على كل سعادة حاولت صديقاتها بثها لها في الحفلة المفترضه لزواجها
وفى منتصف الحفل دخل ادهم كى يلبسها قطع مجوهرات غاليه والتى كانت من الالماس
وبعدما انتهى من إلباسها العقد همس ببرود ممزوج بالسخرية التي اضحت واضحه وضوح الشمس في كلامه بدون اي ستر قائلا :مبروك
ثم نهض عائدا الى قاعة الرجال دون ان يمنح حتي التفاته للتى تدعى زوجته

انتهى الفصل

 دعنى اضمد جراحك الجزء الاول من سلسلة جروح العشق الدامية لكاتبة ايناس محمودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن