الفصل الثانى

426 14 0
                                    

الفصل الثاني
جلس شاب في الثلاثينات من عمره في إحدى شركاته مطرق الرأس بشرود .....ثم لم يلبث أن رفع رأسه حين سمع احد موظفيه يتنحنح  قائلا :
_ أتفضل يا فندم ، الورق فيه كل اللي حضرتك طلبته .
أسرع الشاب في إلتقاط الأوراق ثم صرف الموظف بهدوء ...بدأ بفتح الأوراق وهو يلتهم السطور بسرعة إلى أن أنتهى .....لتبقى ابتسامة خبيثة تتلألأ على زاوية شفتيه...
تمطأ في جلسته قائلا لنفسه بشرود :
_ ياااه .....اخيرا .
إنمحت فجأة الابتسامة التي كانت تزيت شفته وهو يعود بذاكرته إلى ماضي .....إلى ماضي تألم فيه يتذكر صورة لوالده الحبيب ....وهو مسجى على الأرض غارقا في دمائه .....
يتذكر عينان لطالما لاحقته في كوابيسه لسنوات طويلة .....
إنتفض من ذكرياته عندما أوصلته إلى تلك العينان الدمويتان التي لا تعرف معنى الرحمة في قاموسهما .
............................................................................................................. جلسا على شاطئ البحر بهدوء بعدما سارا لمدة طويلة ..... إلتفت مؤيد ينظر لها مطولا ....
شرد بذاكرته بعيدا ....إلى سنوات دراسته في الجامعة ....حينها قابل مرام كانت أول حب له في حياته ولم يدخل بعدها قلبه ....لم يكن حاله كما هو عليه عليه الآن بل كان مليء بالجد والتفاؤل لاستكمال أحلامه ....ولكنها دمرته فقضت على كل شيء جميل .....وفى النهاية أسدلت الستار على حياتها ....بشكل مؤسف ....لم يستطع وقتها استكمال دراسته الجامعية ...فقام بالسفر للخارج وأكمل دراسته هناك .....وعاد بالرغم من عدم رغبته في ذلك ......
عاد شخص غير الذي خرج من تلك البلد عاد غريبا عن نفسه .... سهرات وحفلات ....فتيات ومقابلات ....وخمور .
وبرغم معرفته أن ما يفعله خاطئ ويدمر حياته بالبطيء .....إلا أنه يفعله .
لا يعلم هل ستستمر حياته على نفس المنوال ... ...أم ستتغير ....
هو يشعر بل متأكد أن حياته موحلة ويكاد يموت مللاً منها ولكنه كالساقط في هوة لا يجد منقذا له .. إذا فليغرق براحة وسلام .
إلتفت لها قائلا والتسلية تلمع بعيناه :
_ بتبصيلى كده ليه ؟
ردت شذى مبتسمة :
_ عجبنى ....عندك إعتراض .
رد بشبه ابتسامة على شفته :
_ عارف دى سيبك منى وكلميني عن نفسك شوية .
ردت شذى بضحكة رقيقة :
_ أنا شذى محمود عثمان ....بنت المحامى المشهور محمود عثمان .....خريجة إدارة أعمال .....جاية اقضي إجازة مع بابي ومامي .....شوفت كمية الملل .
كلمني انت شوية عن مؤيد .
رد مؤيد بهدوء :
_ أنا ياستى مؤيد عبد الرحمن الراجحي......أنا بشتغل في شركة الراجحي للمقولات وهى دى حياتى .. اللى برضوا مملة .
شذى :
_ واو هندسة لا أنا كده مش هستحمل كل ده ههههههه متعرفش أنى من أحلامي أنى ارتبط بمهندس وخاصة لما وسيم وحليوة كده زيك وغمزت له برقة ..
ليصمت مؤيد وهو يتطلع إلى البحر أمامه بوجوم ....كل ما قالته صحيح ولكن ليست هي مقومات السعادة في هذه الحياة .....هو لديه المال والجاذبية كما قالت ولكن كل ذلك لا يرضيه ......قد يكون مريضا ولكن هذا هو الشعور المسيطر عليه دائما عدم الرضى ....
في قلبه جرح عميق ينزف كل يوم دائما يإستمرار دون أن يلاقى من يداويه.
تأملته شذى وهو شارد تشعر وكأنه شخص تحيطه هالة من الغرابة والغموض......يمتلك قدر كبير من الوسامة والجاذبية ولكن لما شروده .
أستفاق من شروده على نظراتها له .... نظرات غريبة ولكنه لم يهتم ولم يحاول قرأتها.
احمر وجه شذى خجلا وهى لا تعرف سره تحديقها به مطولا !!
أدارت شذى وجهها عنه ولم تتحدث ليقول مؤيد :
_ يلا عشان أروحك ......الوقت أتأخر .
بعد مدة وقفا متجاوران أمام منزلها ......بعد أن كان الصمت يغلفهما طوال الطريق شذى:
_ كان يوم جميل .
لم يرد مؤيد والتزم الصمت لتكمل شذى:
_ شكل اليوم معجبكش معايا.
قال مؤيد :شذى أنا مضطر أمشي دلوقتى .....سلام
ردت شذى بخفوت :
_ سلام
كاد مؤيد أن يغادر ولكنه التفت إليها سريعا وجذب منها هاتفها وقام بتبادل الأرقام ....ثم مده لها قائلا :أنا سجلت رقمي عندك ....في أي وقت تحتاجيني اتصلي
شذى:
_ مؤيد إحنا هنتقابل تاني .......صح ؟
أومأ مؤيد برأسه وهو يلتفت ليغادر 

 دعنى اضمد جراحك الجزء الاول من سلسلة جروح العشق الدامية لكاتبة ايناس محمودWhere stories live. Discover now