« 5 : الـمـوت الـقـريـب »

280 75 19
                                    

.
°
.
°
.
°
.
°
.
°

< يوم 9 يناير 2023 م, الساعة : 12:00 AM >

« ظلت تعاتبني، وتصرخ علي مجددا، أشعر وكأني لن أستطيع الكلام أبدا، وهي معـي، ثرثـارة، ولكنهـا حقـا محقة، لقد رأت، كيف لها أن تصدقني بتلك السهولة ؟

لم أرد عليها، وبقيت صامتا، أنظر ليدي المجروحتيـن، أول مرة أرى جروحي بتلك الطريقة؛ فالماء جعلتهـا لا تشفى، اااه أريد الذهاب من هنا؛ فأنا أكره الماء بشدة.

أفكر، كيف سأخرج -الآن- من هذا العالم دون فنريـر ؟

كيف لي أن أجد الجوهرة هنا في هذا العالم الفـارغ ؟

أشعر، وكأني مقيد بكل شيء حولي، وكأن كـل شـيء ضدي أنا، أدرت وجهي؛ لأنظر لها، إنها صامتة بطريـقة فظيعـة، تضـم رجليهـا بذراعيها، وتضـع رأسـهـا عـلـى ركبتيهـا، كيـف ستعيـش هنـا بـذلك العالـم القـاسـي ؟

أظن إنها لن تتحمل العيـش هنـا، نظـرت ليدي، بعدمـا شعـرت بجروحـي تختفي، فأخفيتهـا بأكمام ملابسـي؛ حتى لا تلاحظني، حاولت التصـرف بطبيعيـة أمامهـا.

شعرت بشيء على فمي فمسحته بكم ملابسي لأجده سائلا غريبا، قربته من فمي؛ لأشمه، ولكني لم أستطع شم أي شيء من رائحة البحـر التـي تفوقـت رائحتهـا عن كل الروائح، لـم أهتـم كثيرا، فنظـرت لها، لأجدهـا ما زالت على وضعيتها، صامتة، فقلت بهدوء: ما بكِ ؟

نظرت لي بسرعة وملامحها قد حملت تعابير التعجب: ما بي؟ ألم تستوعب بعد ما الذي يحدث ؟ لقد علقنا هنا وقعنا وقعنا ليتني لم أذهب وراء ذئبك المجنون

أدارت وجهها ورجعت لموضعها تظن بأن كل شيء قد مر بيسر، ولكن الآمر ليس كذلك، لمن تقول مجنونـا ؟

ولكن عندما كدت أن أتكلم بغضـب، أخرجـت مخالبـي بسرعة، وشعرت أن عيني قد احمـرت، سـوف تكشـف حقيقتي ولكن لا يهم فقط لا أستطيع ترك هذا يحدث لذلك صرخت عليها بصوت عال لتنتبه: ماريانا أهربي

رأيتها، وهي تنظـر خلفهـا، متعجبـة، لتتغيـر تعابيـرهـا بسرعة، محتويـة علـى الصـدمـة، صـرختْ، وابتعدتْ، أما أنا، فذهبت لها مسرعا، ووقفت أمام ذلك التمسـاح الذي فتـح فمـه على وسعهـا؛ ليلتهمهـا، كنـت مرعوبـا، فـمـه أمـامي، ويسـتـطـيـع أكـل يـدي فـي لـحـظة، إن فقـدت سيطرتـي، كـان قـويـا، لـمَ هـو ضخـم هكـذا ؟

صرخت بصوت عال: ماريانا ابتعدي من هنا بسرعـة!

قلت وأنا أمسك بكلا فكيه الضخام بكل قوتي محاولا ألا أجعله يقفل فمه، ولكني قد سمعت صوتها الخافت الذي احتوى على نبرة خائفة من خلفي: ولكن كيف ؟

أظـن إنـهـا لا تستطـيـع السبـاحـة، مـاذا أفـعـل الآن ؟

هذه الصخرة الصغيرة لا يستطيع أحد الهرب منهـا إلا وإذا قفز فقلت: اقفزي، لا تقلقي هيا اقفـزي بسرعـة.

قالت هي: وأنت ؟! أرجوك لا ... لا أريدك أن تمـوت.

مـا بهـا الآن ؟ لـمَ تفكـر بهكـذا أشيـاء ؟ لـمَ لا تقـفـز ؟

إنها خائفة أن أموت، خائفة ألا أرجـع لهـا، خائفـة أن تبقى وحيدة هنا، لذلك حاولت طمأنتها بكلمات دافئة: ماريانا ثقي بي، لا تقلقي علي، سأكون بخير، اقفزي.

سمعت صـوت المـاء، لقـد قفـزت الآن، لـذلك صرخـت بقوة؛ حتى تسمعني: مـاريـانـا، لا تعـطـفـي مـسـارك.

أردت هذا؛ حتـى أستطيـع إيجـادهـا، حتـى أستطـيـع العثور عليها، بعدما أتخلص من هذا التمساح الضخـم.

لم أستطع صده، فوقعت على الصخرة، رأيته يتقـدم نحوي، فتراجعت للخلف بقلق، ولكنه قد عض قدمي، يا إلهـي، سيلتهمـي، استجمعت طاقتـي، ثـم أخرجـت قوتي الحمراء، ووجهتها نحوه فوقع في المـاء، أشعـر بالراحة الآن، قلبي يخفق بسرعة وجنون من الخوف.

نظرت خلفي أنوي القفز في الماء؛ لأنقذ ماريانا، ولكنه قد مسكني من قدمي مجددا، أشعر بالضعف الشديد.

أغمضت عيني أحاول التركيز على طاقتي، غير مبـال بما يفعله بي، لا أريد التشتت، أريد إخـراج أكبـر قـدرا من طاقتي؛ لأتخلص منه، وبالفعل، استطعـت، الحمـد لله إنه لم أقفز بالماء بعد فكنت لن أستطيع فعل ذلك.

أخرجت نار من يدي، ووجهتهـا نحوه بسرعـة، فحـرق أمامي، ووقع في الماء، تنفست الصعداء، أريد الراحة، والنوم هنا، ولكني أريد إنقاذ ماريانا، لقد وعدتها، علي إنقـاذهـا، قفـزت فـي الماء، وسبحـت فيها، محـاولا ألا أغير طريقي، أريد الوصول لها، تخطيت مسافة كبيرة ولكنني لم أجدها، كيف سبحت كل هذا، أين ذهبـت ؟

وجـدت إسـوارة مـن الـخـيط، والـخرز، فـذهبـت لـهـا، وأخذتها بسرعة، إنها قريبة، بحثـت عنهـا بعيني، فلـم أجـدها، لـذلك أخـذت شهـيقـا، وأنـزلـت رأسـي داخـل الماء، فوجدتها بالفعل تغرق، اقتربت منها، لقـد كانـت مستيقظة، ولكني عندما اقتربت أكثر، أخرجت هـواء مـن فمهـا، وأقفلت عينيـهـا، لتتحـرك في الماء بـقـوة، محاولة الابتعاد عني، قبل أن تسكن حركتهـا بطريقـة مرعبة، ربما ظنت إني شيء آخر، هل فقدت وعيهـا ؟

مسكتها بقوة مـن خصرها، وصعـدت بهـا خـارج الماء؛ لأتنفس بسرعة، نظرت لها، فوجدتها قد فقدت وعيهـا فعلا، ملامحها هادئة، تحمـل تعابيـر الخـوف، ضممتهـا أكثر؛ حتى لا تفلت مني، ثـم أكملت سباحتي، محـاولا الخروج من هذا البحر، آمل أن يكـون الشاطـئ قريبـا مـن هنـا، شـاطـئ أرض المـاء بـالطبـع؛ فـهـذا المـكـان المناسـب لـتلك الفتـاة البـريئـة، أشعر بالشفقـة عليهـا حقا، ولكن لا مشكلة، أعتقد أنه لن يكون أحـدا هنـاك.

بعد مدة وصلـت للشاطـئ فعـلا، كنـت سعيـدا، متعبـا، في آن واحد، أريد فقط الراحـة، لذلك، وضعتهـا علـى الرمال، ودون أن أنتبه لنفسي، وقعت عليها، وشعـرت بالظلام يحيطني، غيـر مـدرك بمـا يحـدث حولـي ؟ »

.
°
.
°
.
°
.
°
.
°

« أسطورة جورمونجاندر »حيث تعيش القصص. اكتشف الآن