الفصل السابع والعشرون "الأخير"

5.7K 194 56
                                    

مر أسبوع وفادية لا تزال رافضة التحدث مع أحد وكل ما تقوم به هو الجلوس داخل غرفتها والبكاء على ابنها الذي قُتل غدرا دون سبب منطقي.

دلف عمرو إلى غرفة والدته التي كانت تجلس على طرف سريرها ومن خلفه مروة ووقفا أمام فادية التي أشاحت ببصرها وهتفت برجاء:

-"لو سمحتم سيبوني لوحدي لأني بجد مش قادرة أتكلم مع حد".

نظر عمرو إلى زوجته ثم أمسك بيدها وهتف بابتسامة يمهد من خلالها للبشرى التي يريد أن يخبر بها والدته:

-"إحنا عايزين نقولك على خبر حلو هيفرحك أوي".

نظرت له فادية هاتفة بدون اكتراث وكأن حياتها قد توقفت بعدما علمت بحقيقة موت ابنها:

-"قول اللي عندك بسرعة يا عمرو وبعدها خد مراتك واطلعوا من الأوضة عشان أنا عايزة أقعد لوحدي".

جلس عمرو على ركبتيه حتى يصبح وجهه مقابلا لوجه والدته ثم أشار نحو بطن زوجته قائلا:

-"إن شاء الله قريب هيكون عندك حفيد تاني لأن مروة حامل دلوقتي في الشهر الرابع".

نظرت فادية إلى مروة بدهشة ثم وجهت بصرها نحو ابنها هاتفة بذهول:

-"مراتك إزاي حامل في أربع شهور وهي أصلا لسة سقطانة من فترة قريبة؟!"

اتسعت عيني فادية بعدما أدرك عقلها إجابة السؤال دون أن يتحدث ابنها فقد فهمت الآن أن مروة لم تخسر الجنين عندما سقطت على الأرضية وإنما تظاهرت بهذا الأمر حتى تحقق هدف معين لا يعلم به أحد سوى عمرو.

تساءلت فادية بنبرة يملأها التعجب والاستنكار فهي لا ترى أي سبب منطقي يجعل مروة تتظاهر بخسارة الجنين:

-"ممكن أفهم أنتم ليه فهمتوني أن الجنين راح لما مروة وقعت على الأرض؟!"

أخبرها عمرو بكل شيء قامت به آية حتى تقتل هذا الجنين وأنه كان لا بد أن تتظاهر مروة بالإجهاض حتى تحمي الطفل الذي يتكون في أحشائها.

لم يعد بإمكان فادية أن تنكر حقيقة أنها كانت تربي حية رقطاء في منزلها حاولت بشتى الطرق أن تدمر عائلتهم بعدما قتلت الابن البِكر.

رفعت فادية رأسها تناجي ربها وتتضرع إليه مرددة بحرقة:

-"يا رب، أنت عارف أن ياسين كان طيب وعمره ما أذى حد وكان دايما بيساعد كل اللي حواليه ومكانش يستاهل أن يتغدر بيه بالطريقة دي، يا رب أنا مش طالبة منك في الدنيا دي غير أمنية واحدة وهي أنك تمد في عمري وتخليني أعيش وأشوف الحقيرة اللي قتلت ابني وحرمتني منه وهي متعلقة على حبل المشنقة".

أمسكت فادية بكف مروة قائلة بلطف:

-"خلي بالك من نفسك يا حبيبتي وربنا إن شاء الله هيتمم حملك على خير".

منقذي الزائفWhere stories live. Discover now