الفصل الأول

10.4K 315 14
                                    

-"اسمع يا عمرو، عدة مرات أخوك ياسين الله يرحمه خلصت وأنت لازم تتجوزها".

أطلقت الحاجة فادية التي لا تحب الاعتراض أو الجدال هذه العبارة الحازمة وهي تجلس أمام ابنها عمرو الذي استنكر حديثها وصاح باعتراض:

-"إيه الكلام ده يا ماما؟! أنا بعتبر آية زي أختي ومستحيل أتجوزها وبعدين اوعي تنسي أني لسة متجوز من ست شهور وبحب مراتي ومستحيل أتجوز عليها".

عندما اتصلت فادية بعمرو في الصباح وأخبرته أنها تريد أن تتحدث معه بعدما يعود من عمله في أمر هام يتعلق بأرملة أخيه توقع الكثير من السيناريوهات ولكنه لم يتصور أنها ترغب في تزويجه منها!!

اشتعل لهيب الغضب في صدر فادية بسبب عصيان ابنها لأوامرها من أجل إرضاء زوجته التي استحوذت على قلبه وصار يبذل كل ما في وسعه حتى ينال رضاها.

ضربت فادية الأرض بعصاها وهتفت بحزم:

-"الأصول بتقول أنك لازم تتجوز أرملة أخوك عشان تربي ابنه الصغير لأن آية لسة شابة صغيرة وكمان حلوة وهي مستحيل هتعيش باقي حياتها من غير جواز وأكيد أنت مش هيرضيك أن واحد غريب يربي ابن ياسين أخوك وأنت موجود".

زفر عمرو بضيق وصاح بحدة أظهرت نفاذ صبره:

-"ماما لو سمحتِ متضغطيش عليا لأني مش هتجوز آية حتى لو انطبقت السماء على الأرض، وبعدين أنا لسة لحد دلوقتي الناس بتقول عليا عريس جديد عايزاهم يقولوا إيه لما يلاقوني اتجوزت على مراتي بعد كام شهر من جوازنا؟!"

كاد عمرو يغادر ولكنه توقف بعدما سمع والدته وهي تهتف بحزم:

-"فكر أنت كده الأول الناس هتقول علينا إيه لما نسيب ابننا لراجل غريب يربيه ويكون في علمك لو كلامي متنفذش يا عمرو يبقى قلبي وربي غضبانين عليك لحد يوم الدين".

نظر لها عمرو بعتاب وأسف ثم صعد إلى شقته وهو لا يعرف كيف يتصرف ولا يعلم كيف ستكون ردة فعل زوجته بعدما يخبرها بقرار والدته أو كما يجب أن يسمى الفرمان الذي أصدرته فادية ويجب تنفيذه في أسرع وقت.

▪▪▪▪▪▪▪▪▪

حارة شعبية تعج بالضجيج والأصوات في كل مكان، فالنجار يصدر من ورشته صوت نشارة الخشب، والميكانيكي يبحث بين أدواته حتى يصلح تلك السيارة التي تقبع أمام محله، ويوجد الباعة المتجولين الذين يجهرون بأصواتهم لعل وعسى يكون ذلك سبب في بيعهم لكل البضاعة التي يحملونها فوق ظهورهم ويتنقلون بها في أكثر من شارع.

وسط كل هذه الأصوات المتداخلة بعضها ببعض تجلس سيدة أربعينية تدعى "ثريا" وهي قمحية البشرة حادة الملامح ترتدي جلباب أسود وإيشارب من نفس اللون وتذم شفتيها بتأفف وهي تنظر إلى الناس الذين يمرون أمام منزلها.

لوت ثريا ثغرها ورفعت صوتها وهي تلقي كلمات سامة وحادة قاصدة إيصالها إلى مسامع تلك الشابة العشرينية التي تحمل في يدها حقيبة كبيرة مليئة بالأغراض التي ابتاعتها من السوق:

منقذي الزائفWhere stories live. Discover now