18 || غارِقٌ فِيها

802 101 182
                                    

لم أعلم يوما أن الحنين قد يصير أقوى من أن أتجاهلهُ، وأن الرغبة بِوسعها أن تُمثِّل وجها ٱخر لِلحب يُمكن أن يتفشى مع فُستان أحمر وَرائحة عطر زكيّة، أو أنني قد أضعُفُ أمام دموع إحداهن، نظراتها، لمساتها العابثة، أو حتى نبرتها الليِّنة..

كُنتُ قد حاولتُ ردم مشاعري نحوها حين بدأت تتجه نحو منحنى ٱخر غير الفضول، وَظننتني، مهما ضعفتُ أمامها، ماأزال قادرا على التحكم فيها حتى لا تنمُوَّ في دواخِلي أكثر من ذلك

لم أكن أدري أنني قد سُقتُ مركبي نحو شواطئ حبها بالفعل، وعليها إرتحلتُ دون وجهة مسبقة، إلا عندما بدأت المياه في غمر مركبي من ثقب الشوق الّذي ظهر فيه فجأة وَعجزتُ عن ترميمه إثر غيابها، فقد بخلت عليّ الحياة بصدفة أو حتى هوّة تجمعنا

ظننتُ أنها لو حَضَرتْ فَستلقي لي بطوق نجاة يُعِينُني، لكن بدل ذلك إكتفت بمشاهدتي، أو الأصح، سحبتني أكثر نحو القاع، حتى بتُّ غير قادر على تمييز صوت ناقوس الخطر الذي أطلقته دواخلي، تماما كما الحورية، تغريك لِلغرق وتسلب روحك منك، لكن ما سلبته، كان فؤاديّ..

وَجدتني أراقب المياه المنسابة نحوي دون حول مني أو قوّة، حتى أوشكتُ على تلفظ ٱخر أنفاس الوعي المتبقية لديّ، وإنسقتُ نحوها أقربها مني، علّي أطفئ تلك اللهفة المشتعلة في دواخلي لكنها كانت تزداد مع كل لمسة أحُطّها على جسدها الساكن بين ذراعاي

لستُ أدري إلى أيّ حد كان يسعني التمادي لو لم توقفني، لستُ أدري إن كنتُ قادرا على الإكتفاء منها حينها

لَيلتها، كانت قد ظهرت بغتة، دون تلميح مُسبق، وَلوهلة ظننتني أخطأتُ الشخص، أو ربما صرتُ أتخيلها في الجوار؟ أنا لستُ ثملا حتى لأفعل ذلك، مع أنني قد إحتسيتُ بضعة كؤوس سابقا، وَتجرعت من زجاجة الشوق لأيام عديدة..

حينَ أدركتُ أنها أمامي حقا، وأن ما يفصلني عنها مجرد خطوات قليلة، وجدتني أسرع تجاهها، ومع أولي كلماتها، سحبتها لحضني

لستُ أدري إن كان ذلك بسبب نبرتها الهادئة، والتي تستعملها كلما كانت تمر بِوقت عصيب، بِسبب فُستانها ذاك، وَالذي جعلني أفكر في خلعه عنها بِيداي لأؤنِبني على ذلك لاحقا، أو بسبب حديثها ٱخر مرة في المُسابقة، حين أخبرتني أنها سَتتغاضى عن مشاعرها نحوي..

عَلِمتُ أنها لم تكن بِخير، وَأن هناك ما يشغلها، لكنها رفضت الإنفتاح لي مهما حاولتُ إستمالتها، لذا حاولتُ معرفة أين كانت بمثل هذا الفستان، أتراها كانت مع شاب ما؟ أشعر بالحنق كلما فكرتُ في ذلك

ثم مابال ثيابها؟ ليس وكأننا في الصيف؟ هل تُحاولي إفتناني؟ مابالها تغيبُ وَمن ثم تظهر هكذا فجأة؟ أَتُراها تريد جعلي أندم على قراري بعدم منحنا فرصة؟

رَفضت إخباري عن ذاك أيضا، وَوجدتني أسحبها أقرب أطبع قبلا رطبة على رقبتها الجيداء، وَكم أردتُ إرضاء غروري بِترك علاماتي هُناك لكنني بالكاد تمسكتُ بِما أبقته لي من رباطة جأش أمنعني عنها، أو رُبما هي من منعتني عنها حين عبرت عن خوفها مني

عن الإغواءWhere stories live. Discover now