من كان يتوقّع أن تتحوّل زيارة سحر الأولى للقصر إلى إقامة دائمة بصفتها سيّدة لهذا القصر. رُكِنتِ السيّارة الفخمة أمام المدخل الرئيسيّ حيث اصطفّ لفيفٌ من الخدم والحشم وعلى رأسهم عدالت بانتظار العروسين. إمتزجت الأمنيّات الحارّة بين تهانٍ للعرس و سلامةٍ للشفاء، تضفي على حرارة الاستقبال سعادة المستخدمين بحدث طال ترقّبه. دخلت سحر البهو المزيّن في جوّ من الغبطة والاندهاش، كلّ ما في الداخل يرحّب بقدومها، باقات زهر تنتشر في كلّ الزوايا، بالونات ذهبيّة تحمل عبارات التهنئة... نظرت إلى يمان شاكرة ممتنّة لكلّ ما يفعله من أجلها:
- أشكرك جدًّا، أكان من الداعي لكلّ هذه الزينة؟
-فرحتي بقدومك إلى بيتك لا تعبّر عنها مباهج أيّ زينة، أهلًا وسهلًا بك سحر كريملي سيّدةً على قصرك وعلى قلبي
تأبّط يمان ذراع زوجته وجال بها في أرجاء القصر يُرشدها إلى أقسامه الموزّعة يمينًا ويسارًا حتّى وصل بها إلى المطبخ حيث أعطى أوامره بتأخير موعد العشاء كي يتسنّى لسحر الراحة الكافية بعد مشقّة الطريق. وما إن انتهى الاثنان من شرب العصير الذي حضّرته عدالت حتّى توجّها إلى السلالم المؤدّية إلى الطبقة الثانية، وبلفتة باغتة رفع يمان حبيبته عن الأرض بذراعيه وضمّها إلى صدره:
-يمان، ماذا تفعل؟ أستطيع أن أصعد لوحدي
-أعرف، ببساطة، أتوق إلى حملك بين ذراعيّ، هيّا كوني مطيعة وتمسّكي بي جيّدًا، هناك مفاجأة بانتظارك
غيّر يمان أثاث الجناح أثناء تواجد سحر في المستشفى وبعد موافقتها على الزواج، وهي التي اختارت بنفسها السرير الجديد وتوابعه من أحدث مجلّات المفروشات نزولًا عند رغبته، غير أنّ الديكور المنفّذ بحرفيّة ذوق رفيع أضفى على الأثاث لمسة سحريّة زادتها أناقةً إنارةٌ دافئة تنعكس عل ستائر الحرير العاجيّة تنسدل بدلال على الأرضيّة الخشبيّة. وقفت سحر في وسط الغرفة منبهرةً، ففاضت عيناها بدموع التأثّر، إقتربت منه تعانقه وتطبع على خدّه قبلة شكر وامتنان:
-مفاجآتك لا تنتهي
-ملاكي، عن أيّ مفاجأة تتحدّثين؟ أنت من اخترت الأثاث
-صحيح، لكن هذا الديكور الرائع، فعلًا فاجأني، لم أكن أراه في اتّصالاتنا المرئيّة
-تعالي معي
أمسك يدها وتوجّه صوب الغرفة المخصّصة للملابس، وقف عند الباب وأحاط خصرها من الخلف بهدوء وهمس في اذنها اليسرى:
-هذه مفاجأتي لك، أتمنّى أن يعجبك اختياري
خزائن ورفوف وأدراج خشبيّة مليئة بنفيس الثياب والأحذية ومسك العطور والزينة وكلّ ما يمكن أن تحتاجه المرأة في حياتها اليوميّة، مشهد يفوق تصوّر أيّ امرأة عصريّة، خال لسحر أنّها في أحد دور الأزياء العالميّة:
