الفصل الواحد والعشرون

477 64 143
                                    


خاطبته مع سيل الدموع:

ـ نوح..

ـ نعم.. نوح الذي كان ينتظركِ.. وما زال ينتظرك..

تمتمتُ باختناقٍ بين بكائي:

ـ أنا.. آسفة.. لم أستطع تحمل الأمر..

ـ لقد تخليتي عني..

ـ سامحني أرجوك.. لم أتخلّ عنك كلياً.. فأنت هنا معي..

ردّد بنبرة متألمة ومعاتبة:

ـ تخليتي عني من أجل وهم.. من أجل عالم لا وجود له..

اندفع الباب بشكل مفاجئ وتلاشى الظلام لتظهر الممرضة دلال.. وخلفها نوح الذى تجاوزها سريعاً وهو يلتقط أنفاساً متسارعة.. استقرت عيناه المذهولتين على الحقنة التي ما زالت عند ذراعي.. مخترقة وريدي.. أسرع نحوي وسحبها سريعاً فتدفقت الدماء من الوريد.. ضغط بيده على ذراعي وهو ينظر إليّ بألم.. بعتابٍ قاتل.. وبـ.. غضب.. أسرعت الممرضة إلى الحقنة التي رماها نوح.. ثم تنفست الصعداء حين اكتشفت بأنني لم أحقن منها شيئاً بعد.. أما نوح فلم يكن أياً من ذلك ليقلل من غضبه.. بل نطق أخيراً بعتابٍ أدمى قلبي:

ـ يكفي.. يكفي يا براءة.. لا تختبري صبري أكثر..

لمعت الدموع في عينيه لتزيد من لوعتي..

ـ أين إيمانكِ بربك؟.. أين عقلكِ الوزين الذي كنتِ تتحلين به؟.. الموت حق.. والحياة أيضاً حق.. إنكِ تسمحين للشيطان بالسيطرة عليكِ بحجة الفقد وألمه.. تُلقين بنفسكِ إلى التهلكة.. إلى الانتحار.. أنتِ تمحين أمل اجتماعكِ بأهلكِ بعد الممات عن طريق الانتحار وإلقاء نفسكِ في الجحيم.. بالله عليكِ عودي لعقلك.. عودي لتلك التي كانت تخاف الله وترفض تقربي منها.. فكيف بكِ الآن تعترضين على حكمه وتحاولين تغيير الأقدار بعناد.. أراد لكِ الحياة فلا تركليها.. رحلتكِ لم تنته فلا تنهيها.. رحلتكِ معي لم تبدأ حتى..

سالت دموعه التي جعلت أنهاراً تسيل على وجنتَي..

ـ كيف يطاوعكِ قلبكِ على تركي في بداية الطريق؟ لو كانوا أهلكِ على قيد الحياة هل كانوا سيرضون بتصرفاتكِ هذه؟ هل كانوا ليرضون بإنهائكِ لحياتك؟

همستُ بين حرقة دموعي:

ـ أنا أُنهي عذابي..

ـ بالانتقال لعذابٍ أشد؟

ـ سياسمحني الله لأنه يعلم بحالي..

ـ لن يسامحك لأنك تقومين بما حرّمه.

شهقتُ بالبكاء وأنا أقول:

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 26, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

لا تعبث بعالميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن