الفصـل العـاشِر

ابدأ من البداية
                                    

وَفي الوقتِ الذِي بدأت فیه نُجوم السّماء تتلاَشى
وَتنطفئ الواحِدة تِلوَ الأخرَى، أفـاق البُندُقيّ علَى
أصوَاتِ بـوقِ السّيّارات، ڪان المڪان قد أخذَ يعجّ
ببعضِ النّـاس، مـاجعلهُ يستقِيمُ علَى مهلٍ جرّاءَ
تيبُّسِ عظامِهِ تحتَ سطوةِ البـرد.

«مـ ـرحـ بًـا! هـ ـل رأَيتَ آرِي؟»

يجـرُّ أقدامهُ هنَا وهناك لاَ يدرِي أينَ هوَ
بِذاهِب، ڪلّ ما ڪان يفعلُه هوَ السّير بِمنتصفِ
الطرُقات بِمشيةٍ مُبعثرة وأصابِع تعبثُ وتترشّقُ
بِبعضِها يسألُ المـارّة عن آرِي، وگأنّهم بِمعرِفةِ
إسمِها، سيعلمُونَ أنّها اِبنتُـه، هذا مَا
لايفقههُ حجمُ عقلِه البريئ.

لـم يخِب ظنّهُ علَى أيّةِ حال، فجُلّ من قابلهُم
إِمّا أبدَوا جهلَهُم بِخصوصِ صغيرتِه، أو قامُوا بالصّراخ
بِوجهِه ونعتِه بِالمُختلّ، ڪونهُ بِثيابِ المشفى، ناهيك
عن تلعثُمِه بالحدِيث ومِشيتِه الخـرقـاء.

هـوَ لـم ينتبِه أنّهُ وَبخطوَاتِه قد دخلَ الطّرِيق
الرّئيسيّ السّريع، إلاّ عِندما تعالى صَوتُ إحتڪاك
عجلاَتِ السّيّارة بِالأرضِيّة الصّلبة، يلِيهُ اِلتِحافُه
الأرضَ مُبـاشرة مُرتدًّا إلى الوَراء.

«إلهِي! هل أنتَ بِخيـر؟!»

صاحَ صاحِبُ السّيّارة بعدَ أن ترجّل مِنها بِهلعٍ
يرڪُض نحوَ الأصغر الذِي إستَوطنَ الأرضيّة القـاسِيّة
يقبِض على ساقِه بِإحڪامٍ بعدَ إصطِدامِ هيڪل
السّيّارة الأمامِيّ بِه. مَا جعل الآخر ينحنِي
لِقامتِه يُساعِدُه على الوُقوف.

«آه! مُؤلِم! تاي تاي يتألّم»

«هل أنتَ بِخيـر!؟ هل آخُذكَ إلى المشفى؟»

«ڪ ـلاّ! لَيـ ـسَ المشـ ـفى! ء ء أريدُ آرِي»

أجـابَ بُندُقِيّ الشّعر بِلڪنةٍ مُرتجِفة مِن فرطِ
إضطِرابِه، قدمهُ تُؤلِمهُ نعم! لڪنّ رغبتهُ فِي إيجادِ
فِلذةِ ڪبدِه ڪان يُغطّي على ألمِه ڪُلِيًّـا. وهذَا ما أثارَ
إستِغرابَ سائِق السّيّارة الذِي أخذ يسألُه عن مقصدِه
ورغبتِه المُلحّة فيِ طلبِ آرِي، ومـاڪان مِن تايهيونغ
إلاّ أن أخبرهُ حقيقـة أنّ اِبنتهُ قد سُلِبت مِنه.

«أظُنّ أنّهُ مِن الأحسنِ أن تذهبَ إلى مرڪزِ الشّرطة!
تعـال معِي، سأوصِلُك بِطريقِي»

وَأخيـرًا، شخصٌ آدميّ صالِح وَسط هذا المُجتمع
الفاسِد، وإن ڪان الفساد يطولُ عمره كلّما اِنسحب
الشرفاء من الميادِين، وآثرُوا السّلامة وتخاذلُوا.
لطالما ڪان تزاوُج الفساد، وخبث النوَايا
بذرةً تتوالد مِنها شرارُ الصّوَر.

والِـد : لأنّكَ أبٌ عظيـمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن