الفصل الثاني عشر

835 52 1
                                    

الفصل الثاني عشر

بعد مرور عدة ايام

خرجت من غرفة ابنها التي تلتزمها منذ سفره قاطعة اي علاقات او محاولات بينها وبين زوجها... عدلت من طرحتها و التقطت سلسلة المفاتيح متجهة ناحية الباب فسمعت صوته يقول : رايحة فين على الصبح كده يا سعاد!!!
التفتت له وقالت بلهجة قوية : طالعة افطر مع اخويا... وحشني بعد قطيعة شهور وعايزة اعوض حرماني منه.
رفع حاجبه و اقترب قائلا بغضب : يعني اية يا سعاد... هتنصري اخوكي عليا!!!
قالت بندم : ياريتني نصرته يا محسن... يارتني مسمعتش كلامك وصدقته... مش حارق قلبي غير إني صدقت نفسي انه نصب علينا واكل حقنا... مبقتش عارفة انام من الندم و تأنيب الضمير... كنت عارفة ان كلامه صح بس الطمع عمى عيوني وانت بدل ما ترجعني للصح زودت الخلاف بكلام محصلش..
قال هاتفا : يعني مصدقة كلامه يا سعاد!!!
قالت بتأكيد : طبعا مصدقة كلامه و من قبل ما يجي ابن عمي و يسلمنا الفلوس كنت مصدقة كلامه.
ثم اضافت بلامباله : و لو عايز تنفذ تهديدك ليا و تطلق اتفضل... اللي كنت مستحمله عشانه اهو سافر زعلان و مقهور من ضربك له.
زاغت عينيه من لهجتها القوية و عدم تمسكها به... و هذا ما كان يخشاه... وجود عاطف جوارها يجعلها اكثر ثقة و جرأة... لهذا اجج الخلاف بينهما حتى يضمن ضعفها و خنوعها... لكن لن يسمح له بأن يربح... طلاقه من سعاد معناه خسارة كل شئ... لن يكذب على نفسه فعلاقته بابناءه مرهونة بعلاقته بزوجته... وجوده بالمنزل مرهون باستمرار زواجه منها... نمط حياته المرفهه مرهون بوجوده معاها لذا سيحاول اصلاح ما افسده فقال بمهادنة : مكنش تهديد يا سعاد كان خوف على مصلحتك ومصلحة عيالي وافتكري كويس الحلفان كان لو صالحتيه قبل ما نتأكد من انه اشترى الارض... لكن اهو الحمد لله اتأكدنا وفلوس الارض رجعت وبكده ظهر دليل براءته... وخلاص كده نقدر ننسى اللي فات ونفتح معاه صفحة جديدة.
قالت بسخرية : هيفتح معاك صفحة جديدة ازاي!!! انت ناسي عملت اية وقلت عليه اية!!!
بس في رأيي لازم فعلا تحاول تصالحه عشان خاطر جوازة ابنك... لانه مش هيتجوز غير فرح ان شاء الله.
فيتجوزها بحضورك و رضاك احسن ما يتجوزها من غيرك.
وتركته و رحلت يفكر في كيفية الخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر.

****

تأففت بضيق وهي ترتدي ملابسها وتحدث نفسها قائلة : بقى كده يا عمرو مصر نتقابل تاني... انت اللي جبته لنفسك.
انهت ارتداء ملابسها تفكر فيما حدث خلال الأيام السابقة.
فبعدما انهت مقابلتها و ذهبت مع ممدوح الى المكتبة.
تواصلت ادرة الشركة معها بعد يوميان كي تبلغها بقبولها للعمل بالشركة من بداية الشهر و هذا يتطلب احضار اوراقها كاملة.
وعندما طلبت من ممدوح ان يستلم اوراقها بدل منها ابلغها برفض السكرتيرة لتسليمه اي اوراق تخصها.
ابتسمت عندما تذكرت ان نفس المكالمة جاءت لممدوح و هذا معناه انه سيعمل معها و لن تبتعد عن مداره.
خلال الايام السابقة كان يكلمها يوميا مرة يبلغها بتواصل الشركة معه ومرة يناقشها بالرواية و يسألها عن رأيها بها ومرة يخبرها برفض السكرتيرة تسليم اوراقها له لاجبارها للذهاب للمكتب بنفسها.
لذا هاهي امام المكتب لتحضر كل ما يخصها وتنهي هذه الصفحة من حياتها للأبد.
تنظر حولها بضيق بينما مدام ايمان السكرتيرة تقول : والله زعلت جدا لما بشمهندس ممدوح بلغني انك هتسيبي الشغل.
ابستمت بمجاملة وقالت : حصلت حبة ظروف بالبيت و حسيت محتاجة ارتاح.
بس عايزة اعرف ليه لازم اجي بنفسي استلم ورقي... اعتقد كان كفاية اكلمك وحضرتك تسلميه لبشمهندس ممدوح او بشمهندس مروان.
رفعت كتفيها بقلة معرفة وقالت : والله مش عارفة يا بشمهندسة لما بلغت بشمهندس عمرو اصر إنك تستلميه بنفسك لدرجة اخد الورق عنده بالمكتب وقال تستلمه مني شخصيا.
حركت قدمها بتوتر وقالت وهي تنظر لساعة هاتفها : طيب هو هيتأخر ولا اية.
قالت سناء : والله مش عارفة هو كل يوم بحال يوم اجي الاقيه ويوم يجي الساعة 12 ويوم يفضل لاخر اليوم ويوم يمشي بدري.
ثم اكملت بصوت منخفض : و بقى عصبي اوي كل شوية يزعق و يقفل على نفسه... ثم اخفضت صوتها اكثر و انحنت نحوها وقالت : من بعد ما عرفنا بموضوع كتب كتابة وتاني يوم عرفنا انه اتلغى وهو مبقاش طايق نفسه.
رفعت حاجبها بتعحب و هي تفكر بأسباب الغاء عقد قرانه و فتحت فمها لكن دخوله المباغت جعلها تصمت و تنتفض واقفة تحدق فيه بدون قصد ... لم يخفى عليها خسرانه بعض الوزن... و الهالات السوداء التي ظهرت بشكل ملحوظ ... وملامحه الحزينة... بالطبع فقرار الانفصال قبل الزواج بيوم ليس هين... و عند هذه النقطة تذكرت كل شئ بعد ان كادت تنسى... انغلقت ملامحها و نظرت له بتوعد.اما هو فلم يصدق نفسه انها هنا بعد ان اغلقت امامه اي وسيلة للاتصال و حذفته بل ومنعته من امكانية الاتصال بيها في الهاتف و الانستجرام و الفيس بوك و الواتساب لذا لم يجد اي وسيلة تجبرها على الكلام معه سوى اوراقها... انتهزها فرصة ليراها و يشبع عينيه بالنظر لها... فرصة ليحاول اصلاح ما افسده بغروره وغباءه.
هو الذي يغلق على نفسه كل ليلة كي يعيد حساباته على حياته السابقة على طيشه و رعونته... عن غروره و صلفه... عن جرحه للعديد من القلوب بدون ذرة ندم او شعور بالذنب.
هل ما يشعر به الان ذنب احداهن... ام هو ذنبها هي.
وبرغم قسوة الشعور ببعدها عنه لكنه سعيد لمجرد شعوره بالحب... شعوره بالحياة... شعوره بالاحساس بها.
اخذ نفس عميق وقال بجدية بعدما سيطر على انفعالاته : بشمهندسة هبة نورتي المكتب... اتفضلي معايا.
نظر لمدام ايمان : يا ريت تقولي لعابد يعملنا اتنين قهوة ومحدش يقاطعنا خالص.
دخلت المكتب بوجهه منغلق بينما هو اغلق الباب فرفضت : سيب الباب مفتوح يا بشمهندس لو سمحت.
تجاهل كلامها و اتجه لمكتبه و قال : اقعدي يا هبة لاننا لازم نتكلم.
رفضت باصرار : مفيش اي كلام بينك و بيني... انا جاية اخد ورقي و ماشية على طول.
اشار لها وقال بترجي : اقعدي يا هبة محتاج بجد اتكلم معاكي... لو مش عايزة هنا ممكن نروح اي مكان نتكلم فيه... المهم نتكلم سوا.
اختارت ابعد مقعد وجلست على مضض وقالت بتأفف لكن داخلها ترغب بالمعرفة والفهم : اتفضل يا بشمهندس ياريت تتكلم بسرعة عشان مش عايزة أتأخر.
قال وهو ينظر لها : انا اسف يا هبة... عارف ان اسفي ملوش اهمية او معنى... انا جرحتك ومش جرح بسيط... خصوصا لواحدة في نقائك و برائتك.
احمرار طفيف زين وجنتيها جعلته يرغب باحتوائها بين احضانه... عاد بتركيزه في كلامه وقال يشرح لها : انا اول ما شفتك مكنتش مصدق ان لسه فيه بنات زيك... يمكن المحيط اللي حواليا كلهم مختلفين و انا بنظرتي الضيقة كنت فاكر كل البنات كده خصوصا ان اغلب وقتي بين هنا و امريكا... اكيد بشوف نماذج مختلفة لكن عمري ما قربت وعرفتهم... انت اول واحدة أتعامل معاها بشكل مباشر... طريقة لبسك مختلفة تعاملتك... كلامك... قلبك الابيض.
كنتِ بتشديني ليكِ بطريقة مزعجة ليا.
ابتسم بتهكم وقال سريعا : على الاقل بالأول كان انجذابي ليكِ مزعج جدا ليا.. وانا مش فاهم اية السبب... ابقى بفكر في فرش شقتي وحجز قاعة الفرح الاقي نفسي سرحت في موقف حصل بينا... كلمة او تصرف عملتيه...
الاقي نفسي بنسى كل حاجة وافضل افكر فيكِ.
طيب اية السر مش عارف... دلك جبهته بتوتر وهو يرى صمتها ولا يفهم هل تتفهم ما يقوله ام ترفضه... لكنه استمر وقال بندم : قلت اقرب يمكن لما اقرب الهالة اللي بتشدني ليكِ تروح... اكيد انبهاري هيقل و انجذابي هيتلاشى... و بعدها ابعد و اكمل حياتي عادي.
كانت تستمع له و هي تفكر هل اذا قتلته الان هل يلومها احد!!! هل يعتقد ان بكلامه هذا سيجعلها تحبه... بكلامه هذا هي غير قادرة على مسامحته من الاساس ما بالك بوجود مشاعر ايجابيه تجاهه.
راقب انفعالاتها ووجهها الممتعض فضحك بسخريه و قال : عارف كل الشتايم اللي بتقولها في سرك دلوقتي و عارف اني استاهل اكتر منها اضعاف.
المشكلة ان اللي حصل العكس تماما... كل خططي اتدمرت.... لقتني بتشد اكتر و الانجذاب بيزيد و انبهاري بكل حاجة فيكي بيعلى.
للاسف بنفس الوقت بحضر شقتي و فيه كتب
كتاب و واحدة واعدها بالجواز.
قولي ندل... قولي حقير بس مكمنتش متخيل اني هاحبك... مجرد حالة جديدة و خلاص.
المشكلة الاكبر اني عارف اني كلامي دي بيدين تصرفي مش بيبرر او بيساعد انك تسامحيني
لكن مصر افهمك كل حاجة بمنتهى الصراحة و الوضوح.
اللي حصل يوم ما اكتشفت اني فعلا بحبك... كان تفكيري ازاي مكملش الجوازة دي... كنت حاسس نفس متقيد بالتزام ببنت الناس اللي عمرها ما اذتني و بين مشاعر اول مرة احسها او اجربها.
مشاعر واثق اني عمري ما هاحسها تاني
وفجأة حصل كل ده... بصراحة مش عارف الاسباب... يمكن اكون دعيت ربنا في وقت استجابة ويمكن فريدة دعت اني لو مش مناسب ليها منكملش او انتي دعيتي ربنا تعرفي حقيقتي.
نهض واقفا واقترب منها وجلس على المقعد المقابل لها.
انحنى بجزعه يميل تجاهها و قال : اي كلام هاقوله مش هيصلح اللي فات او ينسيكي اللي عملته.
حقك تمشي و تسيبيني وحقك متقدريش تسامحيني و حقك ترفضي أي تواصل بينا.
نظر بعمق عينيها و قال بوعد : لكن برضو من حقي اعمل المستحيل عشان اخليكي تسامحي و ترضي بحبي ليكي و من حقي احارب الدنيا كلها بما فيهم انتِ عشان اقدر اوصلك.
اخذت نفس عميق وهي تحلل كلامه وترتب افكارها واجابت : عمرو مش هانكر اني انبهرت بصراحتك وشجاعتك انك اعترفت بكل اللي جواك مهما كان غلط... بس ده ميخلنيش اقدر اسامحك... انت من اول كلامك بتتكلم عنك انت... مشاعرك... تخبطك... احساسك... شعورك بالذنب... كله عشانك انت... عشان تحافظ على إحساس جديد عليك قررت تأذي اتنين... بنت فاضل على كتب كتابها ساعات وبنت في حالها جاية تشتغل و بس... اسفة اني اقولك انك شخص اناني... حتى تمسكك بيا عشان نفسك مش عشان اسامحك او عشان انا بحبك انت مهتمش حتى تعرف حقيقة مشاعري ناحيتك... كل اللي يهمك مشاعرك وبس.
بس الحقيقة اللي لازم تتأكد منها انك مش بتحبني... انت منبهر بنموذج مختلف... اتعودت على وجودي حواليك... لكن كل ده مش حب... اعجاب... انجذاب... تحدي.
نهضت من مكانها وقالت : انت إنسان كويس جدا وفيك مميزات اي بنت تتمناها اهمها انك صريح مع نفسك وبتعترف بكل شجاعة باخطائك... انا مش هانكر اني اتشديت ليك بفترة من الفترات لكن برضو مش حب... في يوم من الايام اكيد هتلاقي البنت اللي تحبها بجد و تعرف انها هتغنيك عن الدنيا باللي فيها... واتمنى اليوم ده لما يجي اكون انا و خطيبتك السابقة قدرنا نسامحك عشان تعيش حياتك بدون اي ذنب متعلق برقبتك.
انا هامشي و اتمنى لما نتقابل تاني تكون قدرت تلاقي الشخص اللي يكملك... ياريت تسلم اوراقي لبشمهندس مروان او بشمهندس ممدوح... لاني وجودي بالمكتب مبقاش له أي معنى.

عزيزتي الآنسة هاء(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن