عبير العمر الضائع الجزء الثالث من وللعمر بقية - الفصل السادس

201 15 0
                                    

قبل خمس سنوات
: "أتعلمين أعتقد أننا متشابهتان كثيرا"
قالتها لورا وهي تتحرك أمامها بين أشجار البرتقال ثم التفتت لها وأكملت: "ربما تكونين من أشباهي الأربعين"
مطت عبير شفتيها وهي تشملها بنظرة.. بداية من شعرها الأحمر الناري وعيونها الزمردية.. نهاية بقدها المتناسق والممتلئ بالأماكن المثالية.. ثم ردت دون تفكير: "هذا ليس صحيحاً بالتأكيد"
ضحكت لورا قبل أن تتجه نحوها وتسير بجوارها وهي تقول: "أنا متأكدة.. أنت كنت على وشك قتل ذلك الرجل الذي حاول الاعتداء عليك.. وأنا كنت على وشك قتل فتى من حينا حاول الاعتداء علي.. أنا أنقذتك كما أنقذني بيير"
ضحكت بخفة ثم نظرت أمامها وشعرت بالأسى ثم التفتت لها وسألتها: "هل تخلت والدتك عنك؟"

-:"حدث.."
سمعت ردها وابتسمت بسخرية وهي تكمل: "هل كان والدك مدمنا على المخدرات؟"
-:"حدث أيضاً.."
التفتت لها بكامل جسدها ووقفت أمامها وقد شعرت بالغيظ فأردفت: "هل كان والدك يتحرش بك أثناء نومك؟"
وقفت أمامها ولم تبدي أي صدمة فقط ردت: "لا هذا لم يحدث"
ثم التفتت وتحركت وهي تكمل: "لكنه اغتصبني مرة.. وبعدها هربت من البيت"
صمت حل بعدها لفترة لم تحسبها قبل أن تعاود النظر لها بابتسامتها المشرقة وهي تكمل: "أرأيت نحن متشابهتين"

***
الحاضر
تحركت نحو مكتبها القابع بنهاية صالة العرض.. لتجده يقف مع مساعدتها ويضحك معها.. لكن ما أن حدجتها بغضب انتفضت وهي تقول: "السيد عزيز كان بانتظارك آنستي"
: "وأنت كنت تؤمنين له تسلية لحين وصولي؟"
قالتها بقسوة أحرجتها بينما تلتفت وتدخل المكتب دون أن تعيره انتباهاً فغمز للموظفة وهمس: "إنها تغار وحسب لأني لا أضاحكها مثلك"
ضحكت الفتاة بخفوت.. بينما تحرك هو ناحية المكتب وأغلق بابه خلفه وهو يقول: "لا داعي للصراخ أيتها الغيورة"
ضحكة قصيرة ساخرة صدرت عن ذات القوام الممشوق.. والتفتت فجأة لتحتك به خصلاتها النارية.. وتصيبه سهام عينيها الزرقاء الحادة بينما ترد: "أنا من لا تغار أبدا.. تغار عليك أنت؟"
-:"ولم لا يا حلوتي"
ارتفع أحد حاجبيها وحدجته بنظرة تقييم بينما تلتف حوله وتهمهم: "أنت بالتأكيد رياضي وتهتم بصحتك"
أدت دورة كاملة قبل أن تقف بمواجهته وهي تكمل: "لكنك كبير جداً على إرضائي أيها العجوز!"
فغر فاهه حرفيا وهو لا يستوعب أنها قالت تلك الجملة.. بينما هي ضحكت وتحركت ناحية مكتبها لتخلع سترة بذلتها التي كانت كالعادة مؤلفة تنورة ضيقة قصيرة.. وسترة من زر واحد.. مع قميص لامع ضيق.. لكن اليوم عوضاً عن الأبيض كانت ترتدي قميصاً أحمراً بدون أكمام.. تلك الفتاة ستقتله.. لكنها أهانته قبل قليل.. وعليه التركيز على تلك الإهانة حتى يتملكه الغضب.. لكن لا يمكنه!
جلست على سطح المكتب تمسك هاتفها الذكي وهي تكمل: "ذكرني لم أنت هنا يا عزيز الصفواني الخبيث؟"
-:"لأطمئن على أشيائي أولا"

عادت ذات الضحكة القصيرة تصدر من بين شفتيها الساحرتين.. قبل أن تلتفت بنظرة مغوية وابتسامة تملؤها الفجور بينما ترد: "لقد منحتك سبباً آخر لكي لا تصبح أشيائك قبل لحظات.. هذا بالإضافة طبعاً لكونك لا تملك ثمنها"
كان يشعر بالضيق كلما تحدثت عن نفسها بتلك الطريقة.. لكنه لم يهتم ووقف أمامها بينما تكمل: "ها قد رددت على أولاً.. امنحني ثانيا"
-:"أسألك لم تخليت عنه؟"
ارتفع أحد حاجبيها وردت: "تعني ياسر"
أومأ لها فأكملت: "وما الذي كان بإمكاني فعله؟"
مط شفتيه قائلا: "لا أعلم تبدين غنية.. ففكرت أنك ستقومين بما تفعله ممثلات الأفلام وتتخلين عن ثروتك لأجله"
ابتسمت باستخفاف وعادت تنظر لهاتفها وهي ترد: "ها قد قلتها بنفسك.. ممثلات وأفلام.. أنا لا أدير ملجأ للمشردين يا هذا.. وأيضاً إن كنت أنت ترضى أن تنفق عليك النساء.. فياسر يستحيل أن يرضى"
-:"أنا أنفق على النساء فقط"
قالها وهو ينحني على المكتب ويحاصرها.. على أمل أن يرى على صفحة وجهها أي خوف أو خجل.. لكن على العكس تماما فقد بقيت ثابتة.. حتى عندما أصبح وجهه مقابلها تماماً وهمس: "أنفق وببذخ"
-:"أوووووه"
همست بها واقتربت هي الأخرى بينما تكمل: "وهذا فقط حتى تحصل على أشيائك.. ثم تلقيهن كلا شيء"
مط شفتيه وهو يهمهم ثم قال: "كلانا قاسيان كفاية لنعلم أن من يتخلى عن شرفه يستحق العقاب"
-:"لا حبي!"
همستها بفرنسية ناعمة متقنة.. أذابت قلبه وجسده.. حتى أصبح يبذل جهداً مضاعفا بالسيطرة على جسده وعلى عقله أيضاً.. بينما هي مدت كفيها ووضعتهما على صدره ثم أكملت: "كلانا قاسيان كفاية لننصب أنفسنا كقضاة وجلادين معاً"
ثم غمزت له ودفعته للخلف لكن هي لم تتحرك بقيت بذات الابتسامة وذات النظرة وهي تردف: "هاتني ثالثا"
أصابته الحيرة لثوانٍ.. ولكن سرعان ما تذكر حوارهما الأساسي فقال: "أود التأكد من عدم تصرفك برعونة"
انعقد حاجبيها لثانية.. ثم تذكرت أن اليوم هو عقد قران ياسر وزينة.. فابتسمت وهي ترد: "لن أفسد يوم مدللتكم ال..."
: "أنا لا أتحدث عن زينة هنا وحسب"
قاطعها ثم استقام بينما يكمل بسخرية: "في الحقيقة لا أتحدث عن زينة على الإطلاق.. فهي عليها تحمل عاقبة اختياراتها الطفولية من الآن وصاعداً.. لكن أنا هنا لأجلك أنتِ"
شعرت بشيء ثقيل يحتل صدرها فجأة مع قوله تلك الجملة.. بينما يشير حوله ويردف: "بعيداً عن وقاحتك.. تبدين امرأة ناجحة.. وأنا واثق أنك تعبت لتصلي لما أنت عليه اليوم.. الجميع ينظر لك باحترام وتقدير.. لذا لا تفسدي هذا بأي تصرف لا تعلمين عاقبته"
أجبرت نفسها على التركيز معه بينما ترد: "لست حمقاء لهذه الدرجة"
نهضت تلتف حول المكتب وهي تكمل: "أنا أعرف قدر نفسي.. ويستحيل أن أحط منها"
نظرت لصورتها مع بيير ورفعت رأسها وهي تكمل: "أنا لورا أديلان"
ثم ابتسمت بينما تلتفت له وتردف: "كما أنك محق.. على تلك المدللة أن تتحمل عواقب نيل شيء لا يريدها"
هز رأسه وهو يقول: "رغم تقديري لموقفه.. إلا أنه كان اختياره في النهاية"
-:"لا.. لم يكن!"
ردت بها ثم أكملت بصرامة: "أن تغلق كل الأبواب بوجه أحدهم وتخيره بين الجوع والإذلال.. ومشاهدة من يحبهم يعانون.. أو طريقا هو يكرهه لكنه لا يملك غيره.. هذا لا يدعى خياراً.. إنه إجبار وبالطريقة القاسية أيضا!"
ابتسم بهدوء وهو يطالعها ثم قال: "تلك الوقاحة تخفي الكثير"
منعت نفسها بالقوة من الخضوع لتأثيره بينما ترد: "الأمر نفسه بالنسبة لك"
جلست بعدها على المقعد وهي تقول: "مر مجدداً فأنت تسليني بالفعل"
ابتسم بخبث وهو يطالعها من أخمص قدميها لرأسها بوقاحة ثم رد: "سأمر كثيراً فالساحة أصبحت خاوية لي للحصول على أشيائي.."
عادت تضحك بذات الطريقة الساخرة قبل أن تنظر له بعيونها الذباحة وهي تقول: "وكأن شغر الساحة كان ليعيقك يا عزيز الصفواني الخبيث.."
غمز لها وهو يرد: "أنا وأنتِ متفاهمان يا حلوتي.."
ثم تحرك بعدها وغادر تاركاً إياها تحدق بأثره ثم التفتت بالمقعد تنظر لصورتها مع بيير وهي تهمس: "إنه بالفعل يسليني بيير.."

عبير العمر الضائع - الجزء الثالث من سلسلة وللعمر بقية -مكتملةWhere stories live. Discover now