عبير العمر الضائع الجزء الثالث من سلسلة وللعمر بقية - المقدمة

757 18 0
                                    

قبل خمس سنوات
:"عليكِ السير قدماً.."
-:"علي السير قدماً"
صوت بداخلها كان يردد تلك الجملة وهي كانت تهمس بها خلفه دون أن تعي بينما تتحرك بلا هدف.. ساحبة حقيبة تشعر وكأنها قنبلة موقوتة.. تحاول التفكير بأمرها لكن عميقا بداخلها كانت هناك أفكارٌ أخرى.. وسرعان ما طغت على كيانها وعقلها.. كل تلك الأفكار تتركز على جملة واحدة.. تتردد بلا توقف وتجعلها تردد دون شعور...
:"علي السير قدماً"

رددتها كالمجنونة بلا نهاية لتحاول تمالك نفسها.. استعادة وعيها.. ثم السير قدماً..
كان عليها أن تفعل.. لكن فجأة تردد سؤال ببالها همسته دون وعي...
-:"إلى أين؟"
توقفت بمكانها وهي تنظر للطريق أمامها دون أن تجد رداً لسؤالها.. لم عليها السير قدماً؟.
تحركت بعدها تجلس على الرصيف.. وتنظر للمدينة الغريبة التي حتى لا تذكر اسمها.. لقد كان مكاناً غريباً عنها.. ككل الأماكن التي ارتادتها.. كانت دوماً غريبة عن كل الأماكن.
هي لا تعلم ما هي عليه.. ولم تجد يوماً مكاناً تنتمي إليه.. كان من القاسي الاعتراف لكنها كانت الحقيقة.. لقد أملت طويلا أن تعثر على ذاك المكان الذي ستهفو روحها إليه.. لكن يبدو أنها ستبقى غريبة للأبد.
نظرت أمامها حيث خرجت من محطة القطار الذي بحثت عنه مع خروجها من الفندق.. كانت لتبتسم وتثني على نفسها.. كونها تصر على الاطلاع والقراءة.. فعن طريق هذا علمت بشأن القدرة على التنقل بين الدول الأوروبية بالقطار.. لكن ما كانت لتبتسم.. قلبها كان ثقيلاً حتى شعرت أنها لن تستطيع الابتسام مجدداً أبداً.

أحاطت ساقيها بذراعيهاوهي تهمس بالسؤال: "إلى أين الآن؟"
ضاقت عينيها وهي تشعر بصدرها يكاد يتحطم من فرط الألم ثم همست: "ما الذي سأعيشلأجله؟"
الانتقام.. كانت تلك أول كلمة لاحت ببالها.. لكن هل الانتقام يستحق أن تعيش لأجله؟
-:"لا شيء في الحياة يستحق أن أعيش لأجله"
همست بها ثم تنفست بعمق ونهضت من مكانها لتعود أدراجها نحو محطة القطار.. لتبدأرحلة أخرى يائسة في البحث عن مكانٍ تنتمي إليه..

*****

عبير العمر الضائع - الجزء الثالث من سلسلة وللعمر بقية -مكتملةWhere stories live. Discover now