(32)

2.6K 74 0
                                    

الحلقة 32 .. قبل الاخيرة
.
.

الفصل الثاني والثلاثون
أطبقت بكفيها على بعضهما ، ثم وضعتهما أسفل رأسها ، منذ خروج "رعد" و "توليب" التي ترددت كثيراً في ترك "حلا" بمفردها والذهاب لزيارة أهلها ،حتى أنها ظلت تترجى "حلا" للذهاب معهم إلا أن "حلا" رفضت رفضاً قاطعاً متحججة بإحتياجتها بالجلوس بمفردها ، تركتها "توليب" على راحتها لتذهب مع "رعد" إلى أهلها ، منذ ذلك الوقت والأخيرة تجاهد كي تنام متكورة على فراش غرفتها التي حقاً حقاً إشتاقت لها و لدفئها ، منعت بصعوبة أنسياب عبراتها عازمة على تلَّبُس القوة ، أغمضت عيناها ليغلبها سلطان النوم ..
خمس دقائق ..فقط أخذت قسطٍ من النوم لا يتعدى الخمس دقائق ، أفاقت على أنامل خشِنة تعرفها حق المعرفة ، كادت مقلتيها أن تخرجا من محلها لتشهق بقوة و هي تنتفض من على الفراش ، وجدته بالفعل واثب أمامها بهدوءٍ وعيناه تُفيض شوقاً ، شرست ملامحها لتجأر به :
- أنت دخلت هنا ازاي ؟!!  أطلع برا ..
عقد كفيه خلف ظهره لتتحرك قدميه ببطئ و عيناه تجول بغرفتها ذات الطبع الأنثوي قائلاً :
- أوضتك حلوة أوي .. زي صاحبتها ..!!!!
أنتفخت أوداجها لتصرخ به مشيرة صوب باب الغرفة :
- أنت مبتفهمش بقولك اطلع برا اوضتي بقا ..
هي حتى لا تعلم من أين أتت بتلك القوة ، ظهوره أمامها تلقائياً أشعل صدرها ، رأت يخرج لُفافة تبغ من العُلبة ليشعلها بقداحته الأنيقة ، بينما هي كتفت ذراعيها بنفاذ صبر ، نظر لها بعينان ضيقة ليردف بجدية :
- مش خارج من غيرك ، عيطي بقا صرخي كسري أعملي اللي تعمليه أنا مش هخرج غير و أنتِ ف حُضني و بطلي زن ..!!!
فرغت شفتيها بصدمة لتضرب الفراش بقدميها مما أشعرها ببعض الألم لكنها أستطردت بحدة :
- يعني أيه يعني ها ؟ تحب أتصلك بـ رعد دلوقتي و ييجي يطلَّعك بالعافية ..
أُظلمت عيناه لينهض ممسكاً بسيجارته بين أصبعيه ، أبعدها عن وجهها و هو يقول مثبتاً عيناه على عيناه و هو يردف بصوت أجش :
- تحبي أنا أعرَّفك مين زين القناوي ؟!!!
أبتسمت بسُخرية لتقول :
- لاء متقلقش بقيت أعرفك كويس يا زين ..
أكملت بـ نبرة قوية و مقلتيّ فارغتان :
- و ورقتي توصلي فـ أقرب وقت ..
أبتسم بإصفرار ، تلك القطة الشرسة التي أمامه تجعله يكاد ينفجر ، هو إنفجر و لكن بطريقة أخرى عندما ضحك بقوة حتى دمعت عيناه ، جذبها من مرفقها لتشهق هي عندما أرتطمت بصدرة العريض و هو يقول بنبرة مظلمة :
- هو أنتِ فاكرة أني ممكن أطلقك ؟!!!
كان يضغط بقوة على مرفقها مما جعلها تلتقط العصير الموضوع على الكومود مما جعلها تشكر "توليب" بداخلها ، و بحركة سريعة كانت تلقيه بوجهه بقوة ، حدقت بتخشُب جسده بقوة لتجحظ بعيناها و هي تبتعد عنه متفادة بطشه ، تكورت في ركنٍ بعيداً عنه قليلاً بالغرفة و هي تضع كِلتا كفيها على وجهها تخفيه كالأطفال ، تعلم أن نظراته الأن تكاد تخترقها فقد سمِعت أصوات زفيره ، يبدو و كأنه سيقتلع رأسها عن جسدها ..
سمعت خطواته تقترب وليتها كانت أصمَّة في تلك اللحظة ، على الأقل لن تستطيع سماع خطواته المميزة والمرعبة في آنٍ ، شعرت به يضع كفه على كفيها وهو يزيحهما ببطئٍ ، ظهر وجهها لينظر لها بغموضٍ مرعب قائلاً :
- متخافيش ..!!!
حدقت به ببلاهة و بلحظة كان يحملها من خصرها دافعاً باب المرحاض الملحق بغرفتها بقدميه وسط تلويها بين يداه و هي تركل الهواء بقدميها صارخة بـ حدة :
- سيبني بتعمل أيه !!!!
أنزلها داخل حوض الأستحمام ، أدار رذاذ المياه لتهدر عليهما ، شهقت بقوة من برودة المياه و ذراعه الذي حاوط خصرها محاصرها مباشرةٍ أسفل "الدُش" و ذراعه الأخر أسنده على الحائط خلفها ، ألصق جسدها بصدره ، أرتجف جسد "حلا" لا تعلم من برودة المياة أم من قربه منها ، مسح على خصلاتها المبللة تحت المياه ليحاوط خصرها بكلتا ذراعيه المفتولين حتى بدا أنه أنه يبتلعها بين ذراعيه دافناً وجهه بتجويف عنقها دون أن يتحدث ، فقط مشدد على عناقها بينما هي لا تعلم أتحتضنه أم تحتقظ بيداها بجانبها ، ماذا عن كرامتها التي تناثرت ؟ ، ماذا عن جرحه العميق لها ؟ ، ماذا عن حياتها التي تلونت بالسواد من دخوله لها ؟ و ماذا عن قلبها الذي تحطم ؟ ، ماذا عن "حلا" ؟!!!
قست ملامحها على وجهها البرئ عندما أزاح خصلاتها طابعاً قبلة على رقبتِها ، همست هي الأخرى بقسوة :
- أطلع من حياتي !!!!!!
أمتدت أناملها خلف ظهرها لتغلق رذاذ المياه ، أبتعد هو من بين ذراعيها التي هي أساساً لم تحاوطه ، بادلته نظرته القاسية و لأول مرة ، تساقطت قطرات الماء من على وجهها و خصلاتها مما جعلها قابلة للأكل ، بينما هو جامد لا يتحدث متكئاً بذراعيه على الحائط خلفها ، برود وجهه كان أكثر برودة من تلك المياه ، رفعت أنظارها له و هي تقول :
- مبقيتش أطيقك !!!
لوى شفتيه بـ بسمة رأت بها شبح حزن :
- للدرجادي ..؟
أومأت بـ أسف لتقول برجاءٍ :
- لو ليا خاطر عندك طلقني ، خليني أحس أنك عايزني أرتاح يا زين .. أنت عُمرك مـ حبتني .. بتعمل كل دة بس عشان أبوك الزبالة و اللي عمله فيا ، بتكفر عن ذنب يا سيدي أنت معملتوش .. بس في نفس الوقت بتعاقبني ، بحس أنك بتكرهني و بتحبني ، كان ممكن أفضل مكملة معاك .. بس بعد اللي عملته دة و الله مش هقدر ..
أشاح بأنظاره مقطباً حاجبيه ، رأت أنقباض فكه و كأنه ينازع ليبقى هادئاً ، هي كاذبة ، لن تجد الراحة بعيداً عنه ، تعلم أنها ستذرف الدموع ليلاً حتى تبتل وسادتها ، تعلم أنها ربما شئ مخزي أن تتطلق و هي لم تكمل الثلاثة شهور معه ، تعلم أنها ربما ستكون عبء على "رعد" ، تعلم أشياء كثير تحاول التغاضى عنها لكرامتها التي أُهدِرت ..
أعاد بصره لها و هو ينظر داخل عيناها ، كلما تذكر ما فعله والده كلما أزداد إحتراقه داخله ، تلك الندوب بظهرها المسبب بها والده ، و الندوب الداخلية التي لم تلتئم بها ..!!
شرد بعسليتيها و هي أذابت بخضرواتيه و كأن حصونه أنهدمت ، و لكن أفاقت على صوته البارد و هو يقول :
- تمام .. هطلقك ..!!!!!
• • • •
نظرت له بشفتي مزمومة كالأطفال و هي تقول بتأنيبٍ :
- أنا حاسة أننا مكنش ينفع نسيب حلا لوحدها يا رعد دة أكتر وقت محتجانا فيه ..
لم ينظر لها "رعد" و هو يقول مثبتاً أنظاره على الطريق أمامه :
- هوصلك و أرجعلها ..
قطبت حاجبيه لتتذمر قائلة :
- لاء أنت هتتغدى معانا أو متى روح جيبها و نتغدى كلنا سوى دة أنا أول مـ قولت لماما فرحت أوي و .. آآ
بتر عبارتها بـ نبرته الجامدة :
- محدش قالك قوليلها !!!
أعتدلت بجلستها لتنظر أمامها قائلة بفمٍ ملتوي :
- أه صح عندك حق .
ثم ساد الصمت ، هي تفكر بحماسها الذي جعلها تلملمه ، كادت أن ترقص فرحاً عندما هاتفت والدتها و "قُصي" ، أشتاقت لهما لدرجة لم تستطيع تخيلها ، و لكن يأتي "رعد" ليخمد فرحتها ، ألتفتت لتحدق بـ نافذة السيارة و هي ترى الطرق التي لم تختفي بلمح البصر من سرعة السيارة ، ضرب الهواء البارد وجهها ، و ما أحلى ذلك الهواء بذلك الصباح الباكر ، نظرت للسماء ، للطيور التي تحلق حرة ، ليتها تملك ذلك الأحساس و تحلق مثلهم ، نظرت إلى "رعد" ، أنه شخصٍ لا تستطيع تفسير شخصيته ، جانب به غاضب و بارد بنفس الوقت ، و الأخر حاني وقاسي أيضاً بنفس ذات الوقت ، أنه متناقض بطريقته المميزة ..
وصلا إلى بناية شاهقة الأرتفاع تجعلك تأخذ فكرة سريعة أن من يقطن بها يملك الكثير من المال ، سارعت بالترجل من السيارة سابقة "رعد" بالنزول ، و بخطوات سريعة أيضاً ذهبت إلى بوابة البناية ، و لكن توقفت عندما وجدت البواب الذي يضع عباءته بـ فمه قائلاً بفظاظة :
- على فين يا هانم هي وكالة من غير بواب ؟!!!
نظرت له شزراً ليأتي "رعد" قائلاً بفجاجة مماثلة :
- في أيه يا بأف مـ تعدل لسانك !!
كادت أن تنفلت ضحكة منها رغماً عنها و هي ترى تحوّل ملامح البواب إلى الأرتباك عندما لاحظ الهيبة النحيطة بـ "رعد" وهالته المميزة
أردف البواب و هو يعتدل بوقفته قائلاً بتلعثم :
- لامؤخذة يا بيه أتفضلوا ..
قبض "رعد" على كفها ليجذبها خلفه ، أثارت تلك الحركة غضبها لتنزع كفها قائلة بحدة - بعدما دلفوا للبناية - :
- إنت جارر بقرة متعرفش أن في حاجة أسمها ladies first (السيدات أولاً) ؟
نظر لها بسخرية ليردف بتهكمٍ :
- طب يلا يا lady !!!
شمخت بوقفتها لترفع أنفها بغرورٍ و هي تسبقه نحو المصعد ، دلف هو بعضها ليصلا أمام الشقة ، ضربت "توليب" الجرس بـ ثغرٍ مبتسم ..
فتحت "إلهام" الباب ليرفرف قلبها فرحاً عندما رأت وجه أبنتها ، سرعان ما أرتمت "توليب" بأحضانها لتأخذها "إلهام" بصدرٍ رحبٍ ، رحبت بعدها بـ "رعد" رغم بعض غضبها منه مما فعله بأبنته إلا أنها حمدت ربها سراً عندما رأتهما بخير ، دلفا الأثنين لتجول أنظار "توليب" على الشقة التي تشعرك بالطمأنينة ما أن تدلف لها و أثاثها الراقي ، كل شئٍ منمق .. بحثت عن "قُصي" بمقلتيها أيضاً و لكن خاب أملها عندما لم تجده بالأرجاء ، ألتفتت إلا والدتها متسائلة :
- فين قُصي يا ماما ..
تشدقت "ألهام" بتهكمٍ :
- نايم يابنتي من الصبح النهاردة مراحش الشركة روحوا صحوه عقبال مـ أعملكوا حاجة تشربوها ، أخر أوضة ع اليمين ..

انتي إدمانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن