(25)

2.3K 68 0
                                    

الفصل الخامس والشعرون
قبل أي حاجة با بنات كنت عايزة أقول حاجة مهمة .. انا كنت قولت أن مامت حلا ماتت من و هي صغيرة أعذروني بجد هي ماماتتش من و هي صغيرة ولا حاجة هي ماتت من سنتين بس .. أنما باباها مات من و حلا عندها 5 سنين .. بعتذر تاني ع الخطأ دة ..
• • •
شعور قاسي يخالجه .. يجعله يتمنى ضرب نفسه مئات المرات .. هذا الشعور الذي يجعلك تشعر بمن بقدر ما فقدته .. بعد أن كنت لا تبالي به .. وبينما هو جالس على فراشه ، معدته موضوع عليها شاشٍ أبيض و هو عاري الصدر .. ذلك السكون بجسده يجعلك تقلق ، ذهبت و أنتهى كل شئ .. و هو أنتهى أيضاً ، نظر بجانبه .. مكانها الفارغ كفراغ قلبه ..
نهض متحامل على نفسه ذلك الألم الذي يمزق أحشاءه .. سار عدة خطوات حتى وصل لزاويةٍ ما بالغرفة .. أتكئ عليها بيده والأخرى موضوعة على مقدمة رأسه و الصداع يأبي فراقه .. أهتاج صدره بطريقة ليست طبيعية ..
أمسك بهاتفه و هو ينظر لصورتها التي ألتقطها عندما عالج خصرها .. نظر لها بشوق كاد أن يخرج من عيناه معانقاً الصورة ، أخرج تآوه بسيط بدى كما لو أنه خرج من أعماق أعماق قلبه .. خرج من ملفات الصور ليهاتف شخصٍ ما واضعاً الهاتف على أذنه قائلاً بنبرة كهدء الليل :
- عرفتوا مكانها ؟
أجاب الشخص بتأكيد :
- أيوة يا باشا .. هي قاعدة عند واحد كدة أسمه أياد الجندي ..
"أياد الجندي " .. دوى الأسم في أذنه عدة مرات .. ذلك "أياد" الذي كان صديقة منذ الطفولة حتى أنه كان شريكة في شركته .. ولكن و بغمضة عين أفترقا بسبب تعاركهما معاً عندما حذره "أياد" من "أسيل" و من خبثها .. عندها أنهى شراكتهما وصداقتهما أيضاً .. وبعد ثماني سنوات من الفراق يخبره ذلك الأبله أن زوجته جالسة عنده .. ماذا يقول ؟!!!
- أبعت العنوان يا ***** !!!
صرخ بحدة و هو يشتمه بفظاظة ، بينما أرسل له الشخص عنوانه .. توحشت عيناه و هو يطالع الرسالة بحقدٍ .. و رُغم أن الوقت قد تأخر للغاية و لكنه ألقى بالهاتف أرضاً ليرتدي ما قابله بسرعةٍ ثم ألتقط مفاتيح سيارته و خطواته تُحفر بالأرض ..!!!
• • • •
- عاملة أيه ؟
قال "أياد" و هو يقف أمام شقيقته بنبرة شبه قلقة ..
أجابت "لينا" و هي تتنهد بشفقة على تلك الفتاة :
- ياقلبي أتفتحت في العياط لحد م تعبت ونامت ..
أومأ "أياد" بشفقة هو الأخر .. أقترب ليقبل جين أخته مستطرداً بحنانٍ :
- أنا همشي دلوقتي هبات عند صاحبي .. ترجع الصبح ، خدي بالك من نفسك يا لينا .. و منها
قال الكلمة الأخيرة و قد بدت عيناه أكثر أهتمامٍ ..
ألتقط هو الأخر مفاتيح سيارته ليذهب تاركاً "لينا" تدلف الغرفة مجدداً
• • • •
لا يُقارن بالرياح و سيارته أشبه بالطيران ، و كأن أحد يلكمه على قلبه .. زوجته في بيت رجلٍ غريب !! شعر و لوهلة أنها "أسيل" !! تذكر عندما كان ذاهب إلى "أسيل" عندما بُعِثت له تلك الرسالة .. أرتجفت يداه على المقود و اليد الأخرى مستندة على نافذة السيارة يمسح بها وجهه بجمرٍ يشتعل داخله أشتعالاً .. وصل أمام بناية المعتوه و هو يترجل من سيارته .. صعد للطابق و هو يطرق على الباب بأقوى ما لديه حتى كاد أن يكسره ..
بينما بالداخل كانت "لينا" ترتدي الأسدال فزعاً من تلك الطرقات و كأن همجي من يطرُق الباب ، ذهبت صوب الباب و هي تفتحه بعنف متأهبة تماماً لسب من يطرق بتلك الطريقة .. و لكنها تجمدت ما أن رأت ذلك الشخص يقف أمامها و نظرته قاسية كـ قساوة أمواج بحرٍ متلاطمة ..
أزدردت ريقها و هي تقول بنبرة أهتزت رغماً عنها :
- حضرتك عايز مين ؟!
و بدون أن يتحدث مد يده بوقاحة مبعداً أياها من كتفيها قائلاً بأستنكار :
- اوعي أنتِ يا شاطرة ..
شهقت عندما تلمسها هكذا و بـ كل وقاحة حتى كادت أن تهب به لولا جملته التي جمدتها بأرضها :
- فين مـراتـي ؟!
نظرت له بإهستهجان و هي تكتف ذراعيها قائلة :
- مافيش حد هنا يا أستاذ .. روح دور على مراتك في حتة تانية ..
ألتوى ثغره بنصف أبتسامة صفراء و هو يقول بهدوءٍ :
- كنت عايزة أبقى مؤدب شوية .. بس الظاهر أني لازم أخرَج شخصيتي الحقيقية ..
ما أن أنهى جملته حتى هب و هو يزرع الشقة غرفة غرفة .. و "لينا" وراءه تصرخ به و هو لا يأبه أبداً .. ما أن وصل لغرفة "لينا" حتى لوى مقبض الباب و هو يفتحه بقدميه بهمجية ..
تجمد قلبه بل و كل ذره بجسده و هو يطالعها بشوقٍ ظهر بوضوح على عيناه .. يطالع تلك الملاك النائمة أمامه ، هو لم يخطأ بالتشبيه .. فهي بدت كملاكٍ صغير و هي تحتضن قدميها هكذا .. أرتسمت على ثغره أبتسامةٍ حانية .. أقترب ببطءٍ و هو يجلس على طرف الفراش أمامها .. مد يداه ليمسح برقةٍ دمعة كانت عالقة بأهدابها .. ظلت أنامله تتلمس وجهها برفقٍ وكأنه يحفظ تفاصيلها .. وصل أصبعه لشفتيها المكتنزتان ليتلمسهما برقةٍ .. أقترب بثغره ليطبع قبلاتٍ متفرقةٍ على أنحاء وجهها .. حتى وصلت لشفتيها .. عندما سمع صوت أغلاق الباب علِم أن "لينا" خرجت و لربما أنها خجلت .. عندها أطبق بشفتيه على شفتيها المنفرجتان قليلاً و هو لا يستطيع كبح شوقه ..
بينما "توليب" أفاقت قليلاً و هي لا تستوعب أين هي .. كل ما تستوعبه أن رائحته اللعينة التي لا تستطيع نسيانها أخترقت كيانها وليس أنفها فقط .. و هي تشعر بشفاه الغليظة على شفتيها .. هُنا أنتفضت كمن لدغتها عقرب و صدره يعلو ويهبط .. عندما رأته بوجهها أنتفضت تاركة الفراش بأكمله و هي تنظر له جاحظة العينان .. صرخت بوجهه بأهتياج :
- أنت أيه اللي جايبك !! أطلع برا !
- جيت أخُد مراتي ..
قال بهدوء شديد و هو ينهض واقفاً أمامها .. لم تستطيع "توليب" التحمل لتنقض عليه و هي تضربه على عضلات صدره الصلبة قائلة بجنون :
- أنا مش مراتك .. مش مراتك يا رعـد !!
أمسك بذراعيها و هو يلويهما خلف ظهرها قائلاً بوقاحة و نظراته أخبث من سبعين شيطان :
- تحبي أثبتلك أنك مراتي دلوقتي يا توليب ؟!
ألتمعت عيناها بدموعٍ مزقت قلب "رعد" ، بينما قال بنبرة أهتزت بين أحضانه و هي تشعر ببكاءٍ مكتومٍ بداخلها :
- أنت عايز مني أيه يا رعد ؟ أنت دمرتي من وخدت مني كل حاجة .. هتاخد أيه تاني ؟ أنت حتى مرحمتش أبنك ! أحنا حكايتنا أنتهت على كدة خلاص ..
أغمض عيناه رافضاً لذلك الواقع ، أسند جبينه على جبينها مغمض العينين وهي بالمثل قائلاً بخفوت :
- توليب أنا أسف .. أقسم بالله هعوضك عن كل كدة .. هنعيش حياة سعيدة صدقيني يا توليب ، أنا مش عايز أفقدك .. صدقيني مش هقدر ..
قال و هو ينقل وجهه دافناً أياه بتجويفة عنقها ، و يداه تعتصر خصرها مقربها منه ..
باغتته بإبعاده عنها و هي تصرخ به :
- سيبني في حالي .. هو أنت بكل بجاحة جاي بتقولي نبدأ من جديد ؟
أقتربت منه لتغرز أصبعها بصدره و هي تقول بقسوة :
- لاء يا رعد .. و أنا رافضة الأتفاق دة ..
توحشت عيناها لينقض عليها ممسكاً بذراعيها و هو يصرخ بها :
- أنتِ هتيجي معايا يا توليب و حالاً .. و في البيت هنتحاسب على أنك هربتي من بيتك بعد من طعنتيني بالسكينة وقاعدة في بيت راجل غريب ..
تلقائياً سقطت عيناها نحو معدته .. أرتجفت يداها و هي ترفع التي شيرت الذي يرتديه .. قطبت حاجبيها بألم و هي تطالع تلك الضمادة قائلة :
- بتوجعك ؟!
أبتسم بتهكمٍ متألم لتشتد قبضتيه على ذراعيها و هو يُقرّب وجهه من وجهها حتى بات يتنفس زفيرها قائلة بوجعٍ حقيقي :
- أنتِ اللي بتوجعيني ..
أغمضت عيناها و هي تقول بأعتذارٍ حقيقي :
- أنا أسفة بجد ..
لم يبدو عليه أنه سمعها حتى ، هم بأن يُقبلها مجدداً ولكن هي دفعته بقوة من صدره و هي تقول برفضٍ بات قاطعاً :
- مش هينفع يا رعد .. لو سمحت طلقني ..
نزلت جملتها عليه كالصاعقة .. طلاق ماذا ؟ أي لعنه تتفوه بها تلك ؟
أمسك برسغيها و هو يلويهما خلف ظهرها مزمجراً كالأسد :
- أقسم بالله يا توليب لو جيبتي سيرة الطلاق دي تاني هندمك ..
صوبت نحوه نظراتٍ ساخرة لتنزع ذراعيها من قبضتيه قائلة بعزمٍ :
- براحتك يارعد .. يبقى هرفع قضية خُلع .. والمحاكم بينا ...
أزدادت أشتعال عيناه ليجذبها من خصرها و هو يضع أحدى كفيه على صدره قائلاً بقوة :
- لو جيبتي مليون قاضي .. مش هيقدر يفرقنا .. أنتِ بتاعتي .. و دي حقيقة مش هتتغير ..
- أنا مش بتاعة حد يا رعد البناوي
قالت بحقدٍ و هي تنظر داخل عيناه البنية العميقة .. تنظر لثغره الذي أبتسم أبتسامته الرجولية الصارخة .. أشاحت بنظراتها و هي تحاول نزع يداه التي قبضت على خصرها ولكن كانت تبوء بالفشل ..
فُتِح الباب بهمجية ليجد "أياد" ظهر وعلى وجهه صرامةٍ شديدة .. ولكن تبدلت ملامح وجهه للصدمة وهو يطالع "رعد" بصدمةٍ ألجمت لسانه ..:
- رعد !!!
تفاجأت "توليب" أنهما يعرفان بعضهما
بينما نظر له "رعد" بتهكم و هو يطالعه بدقة و هو يزال يقبض على خصر "توليب" التي حاولت جاهدة الفرار من بين يداه ووجنتيها أشتعلتا أحمراراً من ذلك الوضع المخزي الذي وضعت به .. و لكنها توقفت قليلاً عندما علمت أنهما يعرفان بعضهما ..
نطق "رعد" ساخراً و نبراته تحمل تملك غير طبيعي :
- هو محدش علمك تخبط قبل مـ تدخل على راجل ومراته ؟
نظر له "أياد" بتهكمٍ لاذع و هو يطالع "توليب" التي كانت تنتفض بين يداه ، خرج عن صمته قائلاً بهدوء :
- سيبها يا رعد ..
أبتسم "رعد" بسُخرية ليشدد قبضتيه على خصر "توليب" و كأنها يعلن ملكيته لها :
- أخرج برا الموضوع دة يا أياد ..
يقترب "أياد" بحدة و هو يصرخ بوجهه :
- و أنت أزاي تسيب مراتك قاعدة في الشارع الفجر و هي سهل أوي حد يعملها حاجة ولا يقتلها في مكان مقطوع زي دة ..
تشنج وجهه و أزداد أحمراراً و هو يطالع "توليب" بحدة و كأنه يُعاتبها على هربها منه تركها معيداً يداه إلى جانبه وسط شهقات بكائها ، أعاد وجهه مجدداً إلى "اياد" الذي أهتاج صدره مجدداً ليقول ببرودٍ :
- مبحبش أعيد الكلمة مرتين يا اياد .. متدخلش بين راجل ومراته .
ما أن أنهى من جملته حتى أمسك بمعصمها و هو يجذبها وراءه قائلاً :
- يلا يا توليب من هنا ..
كانت "توليب" كالغلام .. لولا يداه التي تسندها كانت أرتطمت بالأرض الأن .. بينما "أياد" و "لينا" يُطالعوها بشفقةٍ ..
خرجا من الشقة ليستقلوا المصعد و كفيّ "رعد" يزالوا قابضين على معصمها ، فور دلوفهما للمصعد دفعها "رعد" لمرآة المصعد و هو يحاصرها بين يداه .. و "توليب" كانت كمن لا تعي ما حولها .. لا تعي سوى أنها عادت له مجدداً .. أظلمت مقلتيه و هو يُقرب ثغره من أذنها هامساً بنبرة ماكرة :
- عشان تعرفي أنك مهما حاولتي تهربي .. هترجعيلي تاني يا توليب .. عارفة ليه ؟ عشان أنتِ نصيبك معايا أنا ..
أغمضت "توليب" مقلتيها لتضع يداها على صدره و هي تقول بنبرة ضعيفة :
- أبعد ..
أرجع وجهه مقابلاً لوجهها و أنفاسه الحارقة ترتطم بوجهها ، طالعها بعشقٍ بمقلتىٍ تلألأوا ببريقٍ عاشق .. دقق بتفاصيل وجهها و كأنه يشاهدها لأول مرة ، عيناها المطبقة على جفنيها و الحجاب الذي يُزين وجهها الأسمر ، أخفض أنظاره قليلاً و هو يطالع العباءة التي ترتديه تختلف عن الأسدال الذي خرجت به .. ربما "لينا" أعطتها أياه ، وصل المصعد مقاطع تأمله .. تنهد و هو يطبع قبلة رقيقة على جبينها ..
جذبها و هم يخرجون من  البناية ، جعلها تستقل السيارة ليستقلها هو الأخر مندفعاً لمنزله  و هو يوزع أنظاره بين الطريق .. و بعيناها التي فقدت بريقها تماماً ..
• • • •
- صعبانة عليا أوي .. هو أنت و الراجل دة تعرفوا بعض يا اياد ؟
أومأ "أياد" و هو يتذكره ، قال بشرود :
- دة رعد البناوي يا لينا .. اللي كنت مشاركه في شركته ..
جحظت "لينا" و هي تضرب مقدمة رأسها بحركةٍ تدُل على تذكرها :
- آآه هو دة .. اللي أتخانقتوا مع بعض .. طب وبعدين ؟ هنسيب الغلبانة دي كدة ..
- أكيد لاء !!
قال و عيناه لمعت بحزم لينظر لشقيقته و هو يستطرد :
- هقولك هتعملي أيه يا لينا ..
• • • •
دلفوا للغرفة و "رعد" يحترق غضباً ، بينما "توليب" جلست على الأريكة و هي تتنهد بوهن ، نظر لها "رعد" بغضبٍ ليجذبها صارخاً بها بصرامة :
- أحنا لسة ماتحسبناش يا توليب ..
نظرت له "توليب" ساخرة .. سرعان ما فردت ذراعيها بالهواء إلى جانبها و هي تقول بقسوة :
- أتفضل حاسبني يا رعد .. العقوبة هتبقى أيه المرة دي ؟ هتضربني ولا هتغتصبني ولا ...
بتر جملتها و هو يضع أحدى كفيه على فمها مانعها من التحدث ، و الأخر خلف عنقها قائلاً و هو يلهث :
- توليب .. أنت مراتي ، دة مش أسمه أغتصاب ..
ألتمعت عيناها بالدموع و هي تبعد يداه من على فمها قائلة بحسرة :
- هو اللي حصل دة كنت أنا راضية وقتها ؟
أغمض عيناه و هو يشعر و كأن أحد وجه لكمةٍ قاسية لقلبه .. أهي مُحقة و هو بالفعل أغتصبها ؟ نفى برأسه بقوة من تلك الأفكار التي تداهم ذهنه ليردف بنبرة شبه راجية :
- توليب لو سمحتي تعالي ننسى أي حاجة فاتت .. هنبدأ من جديد صدقيني ، مش هزعلك و هعوضك عن كل حاجة وحشة ..
- صعب ..
قال و هي تبعد يداه ذاهبة للأريكة مجدداً ، تمددت بجسدها و هي تتكور حول نفسها قائلة بقوة :
- و مهما حاولت تحبسني هنا يا رعد .. أقسم بالله أي فرصة هتجيلي أني أهرب من هنا .. ههرب .. من غير من أتردد ، حتى لو كنت بطلع نفسي الأخير ههرب منك يا رعد ..!!!
• • • •
و في الطرقات المظلمة ، كانت "حلا" تسير بلا هوادة .. كل ما تريده هو أن تبتعد ، تبعتد عن كل شئ .. لو بأستطاعتها كانت لتبتعد عن روحها ، و رُغم خوفها من ذلك الظلام إلا أنها لم تحاول أبداً الرجوع للقصر أبداً ، بات يخنقها و يجثو على صدرها ، ظلت تمشي و لكن تسمرت قدميها بالأرض و هي تسمع صوت أنفاسٍ شخصٍ ما تضرب ظهرها .. توسعت عيناه و هي تشعر بوجود أحد خلفها .. ، ثلجت أطرافها عندما شعرت بكفين وُضعوا على ذراعيها العاري .. وقع قلبها أرضاً عندما سارت كفيّ ذلك الشخص على ذراعيها بطريقة جعلت رعشةٍ قوية تضرب جسدها ، لم تجرؤ على الألتفات و نهايتها باتت قريبة .. قريبة كقربه تماماً ، بللت شفتيها بعينان أمتلئت بالدموع ، أغمضت عيناها بقوة و هي تشعر بعطره يهادم أنفها .. أبتلعت ريقها عندما أشتدت قبضتيه على ذراعيها لتتآوه بألم و هي تشهق ببكاءٍ ، و بعدها لم تشعر سوى بظلامٍ يبتلعها وسقوطها بين أيدي قاسية ...
• • • •
و في الصباح .. كانت "توليب" كما هي ، نائمة على الأريكة موضوع عليها غطاء جلبه لها "رعد" ، بينما هو غير موجود بالقصر أبداً ..
و بالأسفل ..
فتحت الخادمة باب القصر لتقابل "لينا" التي أبتسمت ببشاشة لتستأذن منها أن تصلها الغرفة التي تمكث بها "توليب" ، أوصلتها الخادمة لغرفتهم لتطرق "لينا" الباب ، لم تسمع رد لتتنحنح و هي تدلف بحرج .. عندما وجدت الغرفة خالية سوى منها تنهدت براحة و ولجت و هي تراها نائمة على الأريكة و الأرهاق بادياً على صفحات وجهها ، دنت من الأريكة وهي تقرفص بقدميها حتى تصل لمستواها ، ثم أخذت تفيقها برفق .. فتحت "توليب" مقلتيها بنعاسٍ و هي غير مستوعبة أن "لينا" أمامها ، نهضت و هي تغمغم بنعاسٍ ونبرة بدت فيها الحيرة واضحة :
- لينا ! أنتِ ايه اللي جابك وجيتي أزاي ؟
- رعد مش موجود يا،ستي وجيت عادي أياد قالي العنوان و جيت عشان حاجة مهمة يا توليب ..
أكملت و هي تنهض جالسة بجانبها قائلة بهدوء :
- هتهربي من هنا يا توليب ..!!!
- أيـه !!
• • • •
كانت نائمة لا تشعر حتى بما حولها ، لا تشعر أنها في فراشٍ غريب و جسدها عارٍ تماماً ..
أفاقت "حلا" و هي تفرك عيناها بنعاسٍ ، و عندما فتحت عيناها و نظرت حولها لتستوعب ماذا حدث و أين هي .. جحظت عيناها و هي ترى نفسها بغرفةٍ يكسوها اللون الرصاصي القاتم ، بينما صورةٍ لشخصٍ عرفته جيداً بحجمٍ كبير للغاية مُعلقة أمامها .. و كأنها وضعت لتذكرها بأبشع لحظاتٍ تعيشها طفلة لم تكمل عامها العشرون ، أرتجف قلبها لا بل وقع أرضاً ماذا تفعل صورة ذلك الشخص هنا ؟ وأين هي ؟ ، عندما شعرت بجسدها العاري كادت أن تفلُت منها شهقةٍ أخرجت مكنون روحها الممزقة ، ألتمعت عيناها ببريقٍ من الدموع .. أرتجفت شفتيها لا تعلم أذلك من البرد الذي جعل ستائر الغرفة تتطاير ، أم من البكاء الذي يكاد ينفلت من بين شفتيها ، كل ما تتذكره تلك الذراع التي كانت تمر صعوداً و هبوطاً على ذراعيها .. وبعدها لم تشعر بشئ ، نظرت للفراش لنتجد بقعة حمراء على الفراش ..
هُنا لم تتحكم بشهقاتها التي خرجت مع بكاء طفلة لم تتجاوز عقدها الثاني أُخذ منها أثمن شئ بحياتها .. و عند تلك التقطة أنهارت حصونها .. و أنهار معها كل ما هو جيد بحياتها .. نظرت للصورة أمامها بغلٍ .. ذكرتها بكل شئ .. ذكرتها أنها أصبحت قاتلة من وهي بالسن السابع عشر ..!!!
لم تشعر سوى بدلوف "زين" ، طالعت ذلك الذي أمامها دقيقتين .. فقط دقيقتين و هي تنظر لملامحه التي أخذت قساوة تلك الصورة المُعلقة أمامها ، عيناه التي بدت كـ جمود الحجر أو أشد قسوةٍ ، بنيته شديدة الصلوبة و عضلاته التي تكاد تنفجر من قميصة القاتم ، أنفلتت شهقة منها .. شهقة دون بكاء و هي تراه يدنو منها .. و كأن لسانها رابط بسلاسل حديدة لن تستطيع الفكاك منها ، من هذا و أين هي .. و الأهم ماذا حدث ...
أقترب "زين" من الفراش التي تجلس هي عليه .. أقترب للغاية و هو ينظر لها بنظراتٍ لن تحل لُغزها .. ، طالعها بنظراتٍ مُحتقرة ، نظرات تغلغلت داخل قلبها الباكي لتضربه بقسوةٍ ..
و كانت أول ما نطقت به .. قالت بنبرة شبه باكية :
- أنت مين .. أيه اللي حصل ؟
ألتوى ثغره بأبتسامةٍ تهكمية .. أنحنى بجزعه قليلاً و هو يسند أحدى كفيه على مسند السرير بجوار رأسها ، و الأخر يتحسس وجهها و هو يبعد خصلة متمردة و هو يضعها خلف أذنها ، بينما نطق و أخيراً ببحة رجولية :
- في جحيمك ..
أرتجف جسدها ببرودةٍ صقيعة ، أزدردت ريقها و هي تقول بنبرةٍ مرتجفة :
- أنت عملت فيا أيه ؟
لم تختفي الأبتسامة من على ثغره و هو يقول متلمساً أذنها :
- دي كانت قرصة ودن صغيرة .. أنتِ لسة مشوفتيش حاجة يا قُطة ..
أجهشت ببكاءٍ حار و هي تحتضن الغطاء إلي جسدها ، للحظة تأملت ملامحه القاسية .. تماماً كملامح أبيه .. هنا توسعت عيناها ، أرتجف جسدها بوضوح و هي توزع نظراتها بينه وبين الصورة المُعلقة أمامها ، أزداد أرتجاف جسدها و أسنانها تصطك ببعضها و سرعان ما تحول أرتجاف جسدها إلى تشنج مزق روحها ، زاغت أبصارها و هي تتذكر يدٍ تحاول أستباحة ما ليس لها ، نظراتٍ خبيثة تحدق بها و هي ترتجف بنظرات خائفة ، و هُنا رأت صورة نفس ذلك العجوز تتجسد أمامها في وجه "زين" ، تحولت نظراتها الزائغة لنظراتٍ قوية ، ثُبت جسدها و هي تحدق بالصورة التي تجسدت أمامها ليست صورة "زين" ، باغتت "زين" بصفعة قوية كانت كـ قوة اللكمة التي تلقتها في قلبها ...
ساد الصمت ثواني فقط ثواني .. و وسط أشتعال نظرات "زين" على عكس برودتها المعتاد ، و سُرعان ما زأر بحدة و هو يمسك بكفيها لاويهما خلف ظهرها و هي مفترشة على الفراش بينما أرتحف أحدى قدميه ليسندها على الفراش ، تأوهت "حلا" من قبضتيه القاسية ونظراتها التي كانت أشبه باللطمة تلى وجهه ، أنفجرت بالبكاء من نظراته التي أعبت قلبها و وسط بكائها كانت تردد :
- مضربتكش أنتَ .. مضربتكش أنتَ
لم يتخلى عن نظراته الحارقة ، و لكنه أمسك رسغيها بقبضةٍ واحدة و بالأخرى أمسك بصدغها بقبضةٍ فولاذية كادت أن تحطم أسنانها و هو يقول بنبرة عدوانية و قد برزت عروق عنقه الأسمر :
- أسمعي يا بت أنتِ .. صدقيني أنتِ متعرفيش أنا ممكن أعمل فيكي أيه ، متخليش حسابك يتقل معايا ..
تأوهت بألمٍ شديد و دموعها تنساب على وجنتيها ، أغمضت عيناها رافضة أن تنظر.لتلك العينان القاسية ..
أشتدت قبضتيه أكثر على فكها و هو يصرخ بوجهها :
- فتحي عينك ..
لم تفتح عيناها بل أغلقتها بقوة ، أزدادت قبضتيه فـ لم تتحمل مقدار الألم الذي أصاب فكها ، بكت بحرقة و هي تتلوى بين يداها غير قادرة على الفكاك من بين يداه ، فتحت عيناها و هي تقول برجاءٍ باكٍ :
- حرام عليك سيبني ، بتوجعني ..
لم يتركها .. لم يُخفف قبضته حتى ، بل أزداد و أنفاسة الحارقة تضرب وجهها و هو يقول بنبرة مُلئت بحقدٍ دفين :
- أنتِ لسة ماشوفتيش الوجع لسة ..
تركها و هو يدفع وجهها بعدوانية و كأنها شئٍ قذر ستدنسه ، تركها صافعاً الباب وراءه ، بينما هي كتمت شهقاتها العالية بوسادتها و هي تتشبث بها بأقصى قوتها .. و داخلها يتألم ...
• • • •
يتبع ....

انتي إدمانيWhere stories live. Discover now