(29)

2.1K 59 1
                                    

الفصل التاسع والعشرون
- أنت بتقول أيه !! أنت أتجننت !!!!!
جأر بها "رعد" ممسك برقبة أحد حراسه و هو يحاول خنقه مما جذب أنظار المتجمعين حوله محاولين تهدئته ..
قال الرجل و هو يشعر بإنعدام الهواء برئتيه :
- يا باشا أنا متأكد .. صـ .. صدقني شوفت واحد بيضرب الرجالة برا و المدام كانت بتجري ليهم و كويس انهم شافوني ، أعتقني يا بيه أنا معرفش حاجة ..
دفعه "رعد" بأقوى ما لديه ليرتطم الأخر بالأرضية بقسوة ، ركض للحديقة و هو يصرخ بصوتٍ أخترق الجدران :
- تـــولــيـــب !!!!!!!
• • • •
توسعت عيناها بقوةٍ ، شعرت بإنسحاب روحها من جسدها و هي تستمع لصوته الذي أغتصب أذنها و هو ينادي عليها بقوة ، تسمرت قدميها كالمشلولة و هي باتت تعلم مصيرها المحتوم .. بين يداه مجدداً ..
ألتفتت قليلاً و شفتيها أرتجفتا بقوة ، رأته .. بملامحه المخيفة ، كان يركض نحوها بخطواتٍ سريعة ، سرعان ما أستوعبت الأمر لترتد للوراء بقوة و هي تراه يمضي نحوها وملامحه .. لا توصف ، هي من أخرجت الوحش الماكن بداخله .. فلتتحمل إذاً ..
أبتعدت خطواتٍ كثيرة .. و بغضون ثانية عندما كان قريباً منها بشدة ، أنزلقت قدماها لتسقط في المسبح محدثة دوى عالٍ .. و لسوء حظها فـ هي لا تسبح ..
سقوطها كان صادماً للمتواجدين .. فـ جميعهم كانوا وراء "رعد البناوي" .. لاسيما الصحفيين و من هذا القبيل ، كانت كـ فرصة ذهبية لهم لذلك الحدث المربك ..
كانت تصارع وسط المياه لتحاول النجاة .. بينما هو أنعقد لسانه .. سُرعان ما نزع سترته و هو يلقي بها جانباً ليلحق بـ "توليب" و هو يسقط بالمسبح .. كانت المياه شديدة البرودة .. ألتقط خصرها تحت المياه و هو يقربها منه بقسوة .. نظراته تحت المياه أشد قساوة ، أرتفعا معاً و هي متشبثة بقميصه المبلل و هو لاطالما منذ أن رأته كان بمثابة طوق النجاة لها ..
بعد أن أرتفعا لأعلى المياه لتشهق "توليب" و هي تُدخل الهواء برئتيها ..
- مش عايز أشوف مخلوق في القصر ..
كانت نبرته شديدة الهدوء و هذا ما أخافهم .. طأطأوا رأسهم بحرجٍ لينسحب البعض ويبقى الأخرين ..
جأر بقوة بهم لترتجف "توليب" بين يداه بقوة :
- بـــرا !!!
خرج الجميع .. حتى "إياد" و "لينا" الذين عجزوا عن فعل شئ لينسحبوا و هم قلقين عن ما سيفعله بتلك المسكينة ..
خرج الجميع من القصر ، و بقي هُما في المسبح ، نزعت "توليب" حجابها عندما تأكدت من عدم و جود أشخاص بالحديقة .. أنسدل بالمياه لترتجف نظراتها و هي ترفعها نحو .. و ليتها لم تفعل ..!!
و لأول مرة تراه بتلك الحالة .. هي حاولت الهروب من قبل و لكن لم يكُن هكذا .. لم يكُن بتلك القسوة .. شهقت برعبٍ حقيقي من مظهره المرعب لتنظف حلقها و هي ترتجف لا تعلم من خوفها أم من برودة المياه :
- رعد هفهمك .. آآآآهه ..
تآوهت بقوة و هي تسعر بتحطم ظهرها عندما دفها لرُخام المسبح لترتطم به و هو يلوي ذراعيها خلف ظهرها ..
قربَّ وجهه منها بشدة و عروق عنقه و جبينه برزت .. جحظت عيناها من ذلك الأقتراب و وجهه المكفهر شديد الإحمرار .. أطبقت على شفتيها لتكتم شهقتها و لكنها لم تفلح لتنفلت منها شهقة حارقة مغمضة العينان و رسغيها يكادا يتحطمان من شدة قبضتيه عليهما ..
أهتاج صدرها بعنف و هي تراه يقول بوجهه المبتل و نظراته الحادة :
- أطـلعـي !!
أنفرجت شفتيها بتساؤل لتراه يقبض على خصرها ليرفعها إلى خارج المسبح ، ثم خرج هو  و هي مازالت جالسة لا تعي شئ .. و لكن ما تعيه الأن هي أن تهرب من بين أنيابه التي ستمزقها تمزيقاً ، نهضت و هي تراه يقترب .. كل خطوةٍ يقتربها ترتد هي للوراء ، ألتفتت سريعاً لتلج للقصر و هي تركض بأقوى ما لديها و هي تسمع خطواته يركض وراءها .. صعدت الدرج لا بل هرولت عليه لتدلف للغرفة ، همت بإغلاق الباب لولا قدمه التي باتت حاجزاً لغلق الباب .. دفعه بقدمه بقوة حتى كادت هي أن تقع أرضاً لولا أتكائها على الحائط ، حالما دلف "رعد" كان يغلق الباب بقدميه و عيناه لا تنتوي خيراً ..
- رعد أسمعني و حياة أغلى حاجة في حياتك ..
قالت ببكاءٍ و هي تكفكف دموعها و نظراتها حملت الكثير من الرجاء ..
حانت منه أبتسامة على ثغره .. ليس تدل على ذرة مرح .. كانت ساخرة مريرة ، ليقول مقترباً منها :
- مبقاش عندي حاجة غالية عليا ، أنا قولتلك قبل كدة أنا مليش عزيز ..
للحظة رأت نظرة بعيناه جعلتها تشعر بـ وضاعتها .. نظرة خذل مزقتها عندما أكمل :
- بس أنا كنت هتغير .. قسماً بالله كنت هتغير .. كنت مقرر بعد الحفلة مـ تخلص أعترفلك .. أعترفلك أنك أنضف حاجة عملتها فـ حياتي .. كنت هقولك أنك أغلى حاجة في حياتي ..!!!
ثم أخرج العلبة المخملية ليفتحها و هو يريها متابعاً بسُخرية :
- كنت هديكي دة .. بس أنتِ ماتستهليهوش ...!!!
أنكسرت عيناها لتشهق ببكاءٍ و جسدها بأكمله يرتجف من قسوة كلماته ، ليتها لم تفعل ، دفنت وجهها في كفيها و هي تبكي بحرقة ..
طالعها بسُخرية مريرة ، وسريعاً ما جذبها من خصلاتها المبتلة و هو يجذبها عنوةٍ للخارج وسط شهقاتها ، كادت قبضتيه أن تقتلع خصلاتها و "توليب" تحاول الفكاك منه و هي تصرخ ببكاءٍ :
- سيبني يا رعـد شعريي ..
ألتفت لها ليضع سبابته على ثغره و هو ب
يقول بهدوءٍ مريب :
- أخرسي ..
نزل بها على الدرج و هي تصرخ من شدة الألم و إحساسها بالإهانة و هو بدى و كأنه يجُر شـاه !!
وقفا أمام مدفئة الحطب ليدفع "توليب" من بين كفه و هو يقول :
- خسارة فيكي ..!!
ثم رمى بالخاتم بالنيران أمامه ، نظرت له "توليب" بذهول لتنظر إلى "رعد" الذي ينظر للنيران و هي تشتعل بعيناه كالنيران المتأججه بداخله ..
أقتربت منه و هي تلُفه من كتفيه صارخة بوجهه بصوتٍ دوى بالقصر :
- أنت اللي عملت فينا كدة !! أنت اللي دمرتني من أول يوم شوفتك فيه و جاي دلوقتي تقولي أني مستاهلش ؟؟!! كل دة عشان حاولت أهرب ؟!! لو كنت قفص فيه أسد والقفص أتفتح كنت هتقعد مع الأسد ولا هتمشي ؟!!!! فوق يا رعد أنت عُمرك من حبتني ، سيبني في حالي بقا !!!
رفع كفه عالياً ليهبط بها على وجنتها مما جعلها تسقط على الأرضية في الحال .. و بكائها لا يُحتمل .. أنحنى بجزعه لمستواها ليقبض على خصلاتها و هو يصرخ بها :
- الظاهر أنك محتاجة تربية من أول و جديد و لسانك دة هقصهولك فاهمة !
كان يرفع وجهها إليه بشدة .. وجهها الذي تلون بالأحمر على إحدى وجنتها و أصابعه تركت علاماتها على وجنتها الرقيقة ، و لكنه لم يتأثر .. ليتركها على الأرضية الباردة بملابسها المبتلة أمام المدفأة مما جعلها من المؤكد ستمرض ..
• • • •
كانت جالسة بجواره و البسمة تملء ثغرها أنها سترى "رعد" و "توليب" مجدداً ، بينما هو يسوق و هو ينظر أمامه بشرودٍ ..
وصلا أمام القصر ليتنحى بالسيارة جانباً و هو يلتفت لها قائلاً بإيجاز ممتعض :
- انزلي أنتِ يا حلا أنا هفضل هنا ..
قطبت حاجبيها بغرابة لثانية ولكنها لم تعير للأمر أهتماماً لترتجل و هي تركض بخفة نحو القصر ..
توقف للحظة بوسط الحديقة و هي تسمع صراخ "توليب" ..!!!!
عِندها ركضت بسرعةٍ أكبر و هي تطرق على باب القصر بقوة قائلة :
- رعــد .. رعـد أفتح ..
دقيقة وسط طرقاتها المنفعلة ليُفتح الباب ، شهقت "حلا" بذعر و هي ترى حالة "توليب" المُريبة بدايةً من خصلاتها المشعثة و عيناها الزائغة و المتورمة من كثرة البكاء ، وجهها شديد الإحمرار و شفتيها تقريباً تُدمى ، أقتربت منها "حلا" و هي تقول بجزع ممسكة بكتفيها بشفقة :
- أيه اللي حصل ؟
لم تجيبها "توليب" ، خانتها قدمتاها حتى كادت أن تسقط على الأرض مغشياً عليها لولا أمساك "حلا" بها و هي تصرخ :
- رعـــد ..
• • • •
رُغم سماعه بصرخة "حلا" إلا أنه لم يتزحزح من مكانه و هو ممسك بلُفافة تبغ ينفث هوائها وعيناه ضيقة بقسوة .. أنطئت اللمعة التي كانت بعيناه ، بل أنطفئ كل شئ بحياته ..
تمسكت "حلا" بها كي لا تسقط لتشدد على خصرها و هي تصعد بها الدرج بصعوبة لثقل "توليب" عليها ، عندما وصلت لغرفتهم دفعت الباب بقدميها لتدلف و هي متمسكة بها ، جعلتها تنام على الفراش ، جلبت لها ملابس لتبدلها عوضاً عن ملابسها المبللة ، دثرتها بالغطاء جيداً لتظلم الغرفة ثم تخرج باحثة عن "رعد" بغضبٍ ، بحثت في كل الغرف عدا غرفة واحدة .. كانت مظلمة ف توقعت عدم وجوده بها ولكنها دلفت بحرص لتضغط على مكبس المصباح ، شهقت بقوة و هي تراه محدقاً بالفراغ بجلسته العشوائية على الكرسي و عيناه حمراوتان بشكلٍ مُخيف .. لم يتكبد عناء النظر لها حتى و كأنه بعالم منفرد ..
أقتربت من مقعده قليلاً لتقول بنبرةٍ مهزوزة :
- رعد ..
لاحظت أزدياد ضغطه على السيجار بأصبعتيه و وجهه المكفهر ، أطلقت زفيراً مختنقاً من هذا الجو المشحون بالغضب ..
- توليب اغمى عليها ..
لم تتغير ملامحه .. بل أزدادت قساوةٍ على قساوتها و هو لايزال ملقي بتركيزه على الفراغ أمامه ، أقتربت منه بحركةٍ سريعة لتمسك بوجهه بعنف و هي تديره إليها قائلة بصراخٍ :
- بُصلي هنا أنت عملت فيها أيـه ؟!!!
و بالفعل نظر إليها و ليته لم يفعل ، أرتعبت "حلا" من نظرته القاسية لتزيح يدها و هي تحاول أن تهدأ من روعها ، أمسكت بذهنها بتشوش لتجلس كالقرفصاء أمام "رعد" المتيبس و هي تتمسك بكفه البارد قائلة بنبرة راجية :
- طب قولي أي حاجة .. قول أيه اللي حصل طيب و أنا هتكلم معاها ، صدقني نحاول أصالحكوا على بعض بس قولي في أيه ..
نظر لها و أخيراً ليقرب وجهه من وجهها قائلاً بنبرة مخيفة :
- لو شوفتها قُدامي هخلي أكبر حتى فيها أد كدة ..
ثم أشار على عُقلة أصبعه ، أغمضت "حلا" عيناها و هي أصبحت متيقنة أنه جدي للغاية وسيفعلها .. نهضت لتتركه بكتفيّ متهدلين و هي تشعر بعجزها ، دلفت مجدداً الغرفة التي تقطن بها "توليب"  ، وجدتها متقلصة الملامح وكأنها تعاني من ألمٍ ما بينما شفتيها تتحركا و كأنها تحادث شخصٍ ما ..
قطبت "حلا" حاجبيها بفزعٍ لتقترب منها و هي تمسد على جبينها ، أبعدت كفها سريعاً من شدة سخونته لتشهق بخوفٍ حقيقي ، ألتفتت حول نفسها و هي لا تعلم ماذا ستفعل ، ركضت لخارج الغرفة و هي تذهب صوب الغرفة الموجود بها "رعد" دفعت الباب و هي تصرخ به :
- رعد توليب سخنة أوي و بتهلوس ..
ألتوى ثغره بإبتسامة ساخرة و هو ينظر لها بإسخفافٍ قائلاً بتهكمٍ :
- متقلقيش تلاقيها بتمثل زي من مثلت حاجات كتير ..!!!
أرتفع حاجبيها بذهولٍ لتنظر له بصدمةٍ و هي كانت تتوقع نهوضه بفزعٍ ليذهب لها ، أقتربت منه و هي تقول برجفةٍ :
- مش بتمثل يا رعد فوق بقولك توليب مولعة ..!!
- أنا دلوقتي بس فوقت ..!!!
قال بنبرة غامضة و هو يعود برأسه للخلف مغمضاً العينان .. شعرت "حلا" أنها تتحدث مع شخصٍ فقد عقله .. تركته لتذهب خارج القصر بأكمله و هي تركض نحو "زين" الواثب أمامها ، قطب الأخير حاجبيه من ركوضها بتلك الطريقة و كأن أحدٍ يلاحقها ، قلصَّ المسافة و هو يقترب منها ممسكاً بكتفيها قائلاً بنبرة خشِنة :
- في أيه ؟!!
نظفت حلقها لتقول بتلعثمٍ :
- ت .. توليب سخنة .. و انا .. انا مش عارفة أعمل أيه ..
مسح على خصلاتها بحنان كالطفلة و هو يقول :
- تمام أهدي ، قولي لجوزها و هو عارف هيعمل أيه ..
أجهشت بالبكاء و هي تتذكر قسوة "رعد" لتعقب بحزن :
- هو مش هيعملها حاجة .. أنا قولتله قالي أنها بتمثل ..
مسح على جبينه ليقول بإيجاز :
- طب ممكن نمشي دلوقتي و نسيبه مع مراته و هو هيشوف مالها ؟
نفت برأسها بقوةٍ و هي تصرخ به :
- بقولك مش هيعملها حاجة يا زين ..!!
قبض على ذراعيها و هو يقول جازاً على أسنانه :
- متصرخيش .
كتمت صراخها بجوفها و هي تتلوى بين ذراعيه بألم من شدة قبضته ليتركها بعنفٍ و هو يفتح باب السيارة قائلاً بنبرة أرعبتها :
- أركبي ..
نفت بضعفٍ ليغمض عيناه بنفاذ صبرٍ من عنادها ، صرخ بها بغضبٍ :
- بقول أركـبـي !!
زمت شفتيها بحزن لتستقل مكانها و هي تكتف ذراعيها .. أستقل هو الأمر مكانه لينطلق بالسيارة بغضبٍ ..
• • • •
لم يحن قلبه حتى للذهاب لها رُغم تيقنه أنها متعبة و لا تمثل إلا أنه شعر أنها يجب أن تتعاقب .. أو هو الذي سيعاقب على تألمها ، نهض بثقلٍ ليذهب نحو غرفتهم ، دفع بالباب بعنفٍ ليقترب من جسدها المجثي أمامه ، أمتدت كفه جبينها شديد السخونة و حبات العرق المتكونة عليه ، أنحنى قليلاً ليضع ذراع أسفل ركبتيها والأخر أعلى ظهرها ليحملها بين ذراعيه المفتولين ، رآها تهمس بخفوتٍ شديد لم يسمعه ، قرب أذنه من ثغرها ليجدها تهمس بأسمه .. أعتدل بوقفه مجدداً ملامح جامدة ليدلف للمرحاض مقربها لصدره ، خطة نحو حوض الاستحمام لينزلها ممسكاً بخصرها بذراع والأخر أشغل رذاذ المياه لتندفع المياه الباردة بقوة هادرة بالحوض ، حملها "رعد" مجدداً لينزل بجسدها ببطئ بالمياه شديدة البرودة ، شهقت "توليب" بقوة من برودة المياه لتهتف بإعياء :
- رعــد ..!!
همس بالقرب منها :
- ششش ..
أصطكت أسنانها ببعضٍ ليرتحف جسدها بين يداه ، تشبثت بذراعه و هي تقول :
- رعد طلعني أنا بردانة أوي ..
حاوط ذراعيها و هو يعلم حجم البرودة التي تشعر بها الأن ، و لكنها لن تُقارن بنيران صدره ..!!
همس بأذنها بنبرة لا روح بها :
- متقلقيش يا توليب هطلعك من حياتي كلها !!
جحظت عيناها بقوة حتى كادت أن تخرج من محلها لتنفي برأسها بقوة و قد أنسابت دموعها و هي تترجاه :
- لاء .. عشان خاطري متعملش كدة ..
- لـيـه ؟ أنا بنفسي بفتحلك باب القفص .. مش هتخرجي منه ؟ مش أنتِ اللي عايزة كدة ؟
قال بنبرة جافة ليحملها مخرجاً إياها من الحوض و هو يغلق المياه ، عصفتها برودة الجو و ملابسها المبللة التي ألتصقت بجسدها ، أمتعض وجهها لتنظر له قائلة بنبرة عاشقة :
- بس أنا مش عايزة أسيب القفص ..
أقترب منها لينظر لها بتحدٍ :
- بس الأسد اللي جوا القفص أذاكي كتير ..
باللحظة تذكرت كل ما حدث معها و كل ما عانته بسببه ، إزدردت ريقها و هي تحاول أبتلاع غصة في حلقها قائلة بخفوتٍ :
- بس أنا حبيت الأسد دة ، برغم انه أذاني كتير بس حبيته ..
قست ملامحه ليقبض على ذراعيها المبتلين و هو يجأر بها :
- مش أنتِ من كام ساعة كنتِ عايزة تهربي و تسيبي الأسد دة ؟!!
أستطردت بخفوتٍ و هي تنكس رأسها بخذلٍ و كأنها واقفة أمام متامها الذي يعنفها بقسوة ، رفعت أنظارها قائلة بطفولية :
- رعد أنت عارفني مجنونة و دايماً بعمل حاجات تنفرزك و مش ببقى عارفة أنا بعمل أيه .. بس أنتَ هتسامحني صح ؟
أعتلت ثغره بسمة لم تصل لعيناه ، بسمة تنم عن إرهاقه ليقول :
- المرة دي غير كل مرة .. غيري هدومك عشان متبرديش ..
ثم تركها و هو يصفع باب المرحاض بقوة ، أنفجرت "توليب" بالبكاء لتدفن وجهها بكفيها و الندم يتآكلها ، بدلت ملابسها لتخرج من المرحاض ، وجدته واضع حقيبة كبيرة الحجم على الفراش و هو يوزع ملابسه بها ، كان مرتدياً قميص شبابي مع بنطال ثلجي اللون ، أنقبض قلب "توليب" لتستطرد بنبرة مرتجفة :
- رايح فين ؟!!
- مسافر .
شهقت بجزعٍ لتهرول نحوه و هي تجعله يلتفت نحوهل ممسكة به من تلابيبة هادرة به :
- يعني أيه مـسـافـر ها ؟! هو أنت تخليني أحبك و فالأخر تقولي مسافر ، والله العظيم أقتل قتيل هنا !!!
وضع كفيه على كفيها الصغيرتان الممسكتان بتلابيب قميصه و هو يعقب :
- توليب ..
- توليب أيه هو بقا فيها توليب ، أنت مش هتمشي من هنا غير على جثتي يا أما همّوتك والله يا رعد أقتلك !!
قالت بشراسة لتُظلم عيناه ليطلق ضحكة رجولية و هو يستطرد بإستخفاف :
- ألعبي بعيد يا شطارة ..
ألتفتت بجنون و هي تبحث عن شئ تضربه به لتهرول نحو مزهرية ثمينه لتلقيها نحوه قاصدة إصابته ، أنحنى "رعد" بجزعه متفادياً المزهرية لتضرب بالحائط وراءه لتتهشم منثورة في الارض ..
ضربت "توليب" بقدميها بالأرضية و هي تبكي بقهرٍ ، دوى صوت ضحكاته بالغرفة ليقترب منها و هو يجذب رأسها نحو صدره ممسداً على خصلاتها بحنو قال :
- طيب خلاص أهدي المرة الجاية هثبت عشان تيجي فيا و تخلصي مني ع الأخـر ..
نفت بقوة داخل أحضانه لتحتصنه هي متشبثة بعنقة قائلة بحزن :
- لاء أنا مش عايزة أخلص منك ..
حاوط خصرها و هو يمسح عليه صعوداً و هبوطاً مستشعراً جسدها الغض ، همس بأذنها  بنبرة خبيثة :
- بطلي دلع بقا ..
قطبت حاجبيها و هي تبتعد عن أحضانه زامة شفتيها :
- مش بتدلع ..
أمملت ببريقٍ من الأمل سرعان ما حطمه :
- يعني خلاص مش مسافر ؟
تنهد بنيران تأججت بقلبه ليكوب وجهها قائلاً :
- توليب أحنا لازم ناخد أستراحة من بعض ، صدقيني هرجع و كل حاجة هتبقى كويسة بس أنا و أنتِ محتاجين نبعض شوية ..

انتي إدمانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن