(8)

3.2K 109 1
                                    

الفصل الثامن
أفاقت " توليب " لتجد نفسها على السرير
الأسود الوثير ، لم تجده بجانبها لتنهض
سريعاً بفزع ، خرجت من الغرفة لتنزل على
الدرج تبحث عنه بعيناها قلقة من أن يكون
أصابه شئ ، و كأن الخادمة قرأت أفكارها
لتأتي قائلة لـ " توليب " :
- توليب هانم رعد بيه خرج وقالي اجهز
لحضرتك الفطار ..
تأففت " توليب مِن عناده فـ هي هنا لتعالجه
كيف يخرج من دون أن يقول لها ! كيف
يخرج أساساً !

فكرت قليلاً انه من الممكن ان
يذهب لأحد يعطيه المخدرات وحالته ستزداد
سوءاً ، بمجرد تفكيرها في هذا الشئ ركضت
لأعلى حيث تكمن الغرفة السوداء ، دلفت
للغرفة لتجول عيناها باحثة عن هاتفها لتجده
لتجده على الفراش أخذته سريعاً لتخبط
يداها على رأسها متذكرة أنها حتى لم تأخذ
رقم هاتفه ، فكرت قليلاً لتتذكر ان رقم
"جاسر" معها
بحثت عن رقمه لتجده ، ضغطت على زر
الأتصال ثم وضعت الهاتف على أذنها منتظرة
رده
من حسن حظها لم يتأخر جاسر بالرد
هتف جاسر متعجباً من اتصالها به في هذا
النهار :
- خير يا أنسة توليب في حاجه ؟
هتفت سريعاً والعرق يتصبب من جبينها :
- عايزة رقم رعد بسرعة
قهقه بسخرية بها بعض الحزن :
- جوزك و مش معاكي رقمه ؟
لم تلاحظ " توليب " قط نبرة الحزن تلك بل
كل في عقلها الأن ان تعلم ما يفعله "رعد"
الان
حدت نبرتها قليلاً لتهتف بعنف :
- هتدهوني ولا أشوف حد غيرك يديهوني !
قال سريعاً والحزن مازال مُحتل نبرته :
خلاص يا أنسة توليب اكتبي الرقم ورايا
دَونت " توليب " الرقم لتغلق مع جاسر بدون
حتى أن تتشكره
سجلت الرقم في هاتفها لتتصل به واضعة
هاتفها على أذنها ، رن الهاتف مرة أثنان ثلاثة
ولم يرد أحد ، ظلت ترن كثيراً و كل مرة
تتلقى نفس الإجابة .. لا يرد ..
حاولت محاولة أخيرة لربما يرد وكانت على
حق فقد رد "رعد" ولكن ياليته لم يرد حيث
صرخ بها قائلاً :
- في ايه يا توليب مردتش يبقى مش فاضي
ليه كل الرن ده !
تفاجأت من صراخه لتقول بصراخ أعلى :
- يا أستاذ لما أرن عليك كل ده اعرف ان في
حاجه مهمة مش برن عليك عشان أتسلى و
بطَل تصرخ كدة !
أشعتلت عيناه من الغضب ليغلق في وجهها
ثم أغلق الهاتف بأكمله ، ألتف لصديقه الذي
أتى من الداخل ممسك بمساحيق بيضاء
" كوكايين " ليمد يداه بهما إلى رعد الذي
نظر لهما بشهوة ليلتقطهما سريعاً واضعاً
أياهما في جيبه ..!
***
بعد أن أغلق " رعد" الهاتف جلست هي
تكاد تبكي من مجرد تخيل أنه سيأخذ تلك
السموم مجدداً ، فُتح باب الغرفة على
مصرعيه ليدلف "رعد" بعيناه الحمراواتان
لتنهض هي سريعاً واقفة أمامه قائلة :
- أنت .. أنت كنت فين و ازاي تخرج من غير
م تقولي !
ظهرت شبه أبتسامة ساخرة على شفتيه
ليهتف :
- هو الفروض اقولك أنا خارج رايح فين ولا
ايه ؟!
اجابت بحدة لم يتوقعها :
- ايوة طبعاً يا أستاذ أنا جايه هنا عشان
اعالجك مش لعب عيال !
هتف ببرود و هو يدلف للغرفة جالساً على
الفراش :
- و مين قالك اني عايز اتعالج ؟
صدمت مما قاله لتندفع نحوه غاصبة :
- أحنا مش أتفقنا أمبارح انك هتتعالج !
هتف بنبرات جامدة :
- احنا متفقناش على حاجة يا توليب و
عمرنا م هنتفق ..
أطبقت على شفتيها بغضب لتتجمد نبراتها
هي الأخرى ' يبدو ان هذا مرض ! ' :
- تمام .. يبقى تطلقني يا رعد ، قُعادي هنا
مفيهوش فايدة يبقى تطلقني ..
هتف بنفس البرود قائلاً :
- شكلك عايزة تدخلي السجن .. هو أنتِ
نسيتي ان في شرط جزاء بغبائك مضيتي
عليه ؟
وضعت يداها على رأسها تفكر ولكن لا نتيجة
كل الطُرق أمامها مغلقة .. حسناً لن تستسلم
لم تعتاد على هذا .. ستعالجه حتى لو لم
يوافق .. هي أبداً لن تتركه إلا عِندما يصبح
بخير و إنسان طبيعي ..
أومأت برأسها لتقترب من رافعة سبابتها في
وجهها بعِند يجري في أوردتها :
- اعمل حسابك مش توليب اللي تستسلم يا
رعد باشا أنا بكمل كل حاحة بعملها للأخر ..
متنساش ان دكتورة متخصصة ف اني اعالج
اللي زيك فـ مش أنت الي هتوقفني أني
اعالجك واضح ؟
رفع حاجبيه من جرأتها والذي أصبح يعشقها
حقاً ، لا يعلم هو فقط يحب تمردها وعِنادها
ذلك
هو فقط شعر بالإهانة من كلمة " اللي
زيك " تلك الكلمة كأنها سهم مسموم غرز في
قلبه !
ذهبت " توليب" خارج الغرفة و خطواتها
تُحفر في الأرض من شدة غضبها !
***
بعد أكثر من ساعة خرج "رعد" من الغرفة
لينزل بالأسفل ، رأى " توليب " جالسة أمام
التلفاز على أريكة كبيرة تعانق طبق كبير
الحجم به الكثير من البوشار الشهي ، و
أمامها منضدة عليها الكثير من " الشيبسي و
اللب وبعض التسالي " ، بيد تأكل البوشار
والشيبسي واليد الأخرى تشرب بها كوب
بداخله عصير مانجو تشاهد فيلم كوميدي
ربما والضحكة تزين ثغرها ..
قهقه بمرح لا يصدق أن تلك الجالسة أمامه
هي التي صرخت بوجه من ساعة !
جلس بجانبها على الأريكة لتنظر له حيث
تلاشت تلك الأبتسامة منذ رؤيتها له ، هو
أيضا تلاشت أبسامته عندما أختفت
أبتسامتها الجميلة تلك ، نظرت أمامها حيث
يكمن التلفاز والجمود أحتل ملامحها

انتي إدمانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن