اليوم الثالث

27 10 5
                                    

القناة الإخبارية.

يتحدث رامي ناظرًا للكاميرا:

- مازالت أعين العمال ساهرةً لا تنام ولا ترتاح حتى تطمئن على خروج الصغير ريان

- أيضًا في الساعات الأخيرة قام العديد من المهندسين حول العالم بنشر تصاميم هندسية لإسراع إخراج ريان من البئر بناءً على هيئة البئر من الصور

- لكن المسئولين عن الحفر صرحوا بأنهم يفعلون أقصى ما يمكن فعله

- مما أثار التعجب عند رواد مواقع التواصل الإجتماعي وجعلهم ينشرون مقاطع لتعامل دولة الصين مع سقوط طفل في البئر والذي كان احترافيًا وسريعًا أكثر.

- رغم التعاطف العالمي لكن الأمر مازال غريبًا لدى البعض بسبب عدم تفاعل المنظمات العلمية مع الحدث كما فعلت مع حادثة أطفال فيتنام الذين علقوا في الكهف.

- ويذكر أن الأمر وقتها وصل إلى التوجيه بإختراع أجهزة خاصة تمكنهم من العثور على الأطفال، فهل سنرى التعاطف يتحول إلى أمرٍ عملي؟ أم أن امامنا وقتٌ طويل من الانتظار؟

يبتسم رامي وسارة للكاميرا منهيان النشرة.

~~~~

بيت المذيع رامي حداد.

على مكتبه يجلس رامي يطالع بعض الصحف والأخبار، وأثناء اندماجه تدخل عليه أخته رقية مقدمةً له شرابًا، ينظر لها ويبتسم شاكرًا.

- أعتقد أن اخبار تلك الفترة وفيرة للغاية

يترك رامي الورق ويمسح وجهه المتعب طاردًا النعاس.

- الأخبار دائمًا كثيرة، لكن المشكلة في الكوارث.

- أشعر أن ريان سيخرج من البئر سالمًا، وأشعر أيضًا أنه سقط ليلفت النظر إلى حوادث الأطفال بشكلٍ عام، فرغم أن الإهتمام منصبٌ على ريان إلا أن ملف إختطاف الطفل فواز في سوريا ظهر للنور.

ابتسم رامي وهو يمدد جسده.

- ليس لدينا في الوطن العربي ما هو أكثر من كوارث الأطفال، صدقيني هناك ألف من ريان ومليون من فواز، لكننا لن نستطيع التفاعل مع كل الحالات، لا أحد يمتلك مشاعر لكل هذا، لذا من المفيد التفاعل مع حالة واحدة من أجل لفت نظر السلطات إلى باقي الكوارث، بدون أن يعلم أحد أن لدينا مليون كارثة.

- لكن هل سيأتي وقت ونعيش في أوطان بلا كوارث؟

- الرخاء والراحة مطلوبتان، وهما أمران حتميان مثل الشقاء والمعاناة، ستأتي أيام سنستيقظ فيها لن نجد  سوى أخبار الزواج والطلاق لننشرها، أو سننشر أخبار سعيدة عن إنجازات وتقدمات وسلام يعم الأمم، حتى إن نشرنا أخبارًا سيئة فستكون عن أحوال أوطان أخرى، لكننا سننسى كل هذا فورما نستيقظ على كارثة مفاجئة، قد تكون المفارقة في الأمر هي أن أوقات الرخاء دائمًا هي ما تسبب الكوارث، والكوارث تسبب أوقات الرخاء.

- دورة حياة الأمم كما قالها ابن خلدون

- لديكِ ثقافة مرعبة يا رقية

ضحك رامي وأخته، انشغلت رقية في هاتفها وشرع رامي في إلقاء آخر نظرة على الأوراق ليكون جاهزًا ليوم غد، ظهرت أمامه صورة واضحة لوجه ريان، شعر بأنها تحمل لغزًا فظل يدقق فيها حتى شعر فجأة كأن صاعقة ضربت عقله، انتفض واقفًا فأسقط الكرسي ففزعت رقية.

- ماذا هناك؟

- إن ريان طفل  زوهري

قالها رامي بإنفعال بينما ظلت ملامح رقية متجمدة، فهم رامي أنها لم تفهم فعدل الكرسي وجلس مقابلًا لها وأعطاها الصورة.

- اسم زوهري مشتق من كتاب الزوهار وهو كتاب سحر يهودي، يعتبره السحرة خاصةً المغاربة منهم إنسانًا مميزًا بإعتبار أن لديه صفات خاصة للتواصل مع العالم السفلي وأيضًا قدرة على إخراج الكنوز المحصنة من الجن دون أذية منهم، وهذا بسبب الطاقة الروحانية التي تجعل الجن تحت طاعته، كما في الصورة فإن للإنسان الزوهري خصائص خارجية مميزة، مثل خط طولي مميز في اللسان يسبب له صعوبة في الكلام، أيضًا يكون لديه خط عرضي مميز في اليد، والصفات التي سترينها في الصورة هي حول خفيف في العين اليمنى بإتجاه العين اليسرى، ونخلة عند الشعر، تجعل مقدمة شعر رأسه على شكل حرف (v).

سكت رامي تاركًا فرصة لرقية لترى العلامات ثم أكمل

- في حالة ملاحظة المشعوذ لهذه الصفات فإنه يشرع في خطف الطفل فورًا، بعدها يأتي الجانب السيء من طقوس بشعة تحدث في هؤلاء الأطفال، أولها التأكد من أهم علامة وهي أن لون دم الطفل يكون ورديًا، ويتم التأكد عن طريق جرح الطفل في مختلف أماكن جسده، تلك الشعوذات دائمًا ما تكون متعلقة بالأمور الماسونية وشياطينهم من الإنس والجن.

سكت رامي ومازالت رقية غير قادرة على الاستيعاب أو النطق بينما سكت رامي مفكرًا

- ريان عمره خمس سنوات، كما أنه سقط في اليوم الخامس من الشهر الميلادي والهجري معًا، هناك رقم خمسة ناقص

نظرت له رقية مستفهمة

- ماذا تعني برقم خمسة ناقص؟

- في عالم السحر الأرقام لها دلالات ومعاني، لكن الأرقام يجب أن تتكرر ثلاثًا، بالتأكيد سمعتي أن الرقم666 هو رمز الشيطان، لذا العديد يتشائمون من رؤيته.

انغمس رامي في أفكاره باحثًا عن رقم خمسة الناقص، بينما رقية تحاول ألا تفقد صوابها مما تسمع، فجأة انفجر رامي متحدثًا

- كم مر من الأيام؟

- ثلاث

تنهد رامي وعاد بظهره للوراء

- إذًا سيمكث ريان يومان آخران

تقدم رامي بظهره ناحية رقية

- ولن يخرج، ريان سيقدم قربانًا لشيطانٍ ما.

بئر ريانWhere stories live. Discover now