الفصل السابع والأربعون

1.1K 58 15
                                    


الفصل السابع والأربعون

نعيش حياتنا بين تخبطات كثيرة
كثير منها يستحق..
وكثير أيضا لا يستحق ..
فقط غباؤنا وكبرياؤنا اللعين
هو ما يجعلنا نرى الأمور بشكل أسود
محاط بحقد وغضب ..
ويترتب على ذلك الكثير من
القرارات ..
والمعتقدات الخاطئة ..
ويجعل الكثير من الجميل داخلنا ينزوي ..
إلى أن يأتي شيئا لا نتخيله
فينثر الغبار السحري على ما انطفأ ..
فيلمع ..
ويجعل ما انزوى ..
يظهر كظهور النجوم في سماء ليل صاف ..
فقط الأيام هي ما تعرف إذا كان سيأتي ذلك الشيء ..
أم لا  ..

****

يقف أمام شاهد القبر يناظره من علوه.. 
بينه وبين الشاهد مترا ولا يستطيع الاقتراب أكثر ولا يعلم ما السبب.. 
" حبيبك.. مريض "
نطقها بخفوت غير مقصود وعيناه تُقران الاسم دون نطق.. 
الآن يتمنى أن يواجهه حقاً..  يتمنى أن يكون حي فيخبره بكل ما يجيش داخله ضده.. 
" ابنك المفضل تمام ينام على فراش المرض ولا أملك أي شيء لفعله "
يضع إحدى يديه داخل جيب بنطاله يقبضها بقوة..  والأخرى خارج الجيب تتحرك بعشوائية شاردة.. 
" هل تعلم ما فاتني بسببك "
يسأل وكأنه ينظر الاجابة ولكن الاجابة صامتة كصمت القبور من حوله.. 
" فاتني وجود أخي بجواري بسبب كره أنت من زرعه داخلي "
يكره نفسه بسبب مشاعره القديمة تجاه أخاه.. والسبب؟!
الراقد تحت الثرى.. 
" لا أعلم هل يمكنني مسامحتك أم لا "
يواجه نفسه قبل لا يسأل صاحب الشاهد.. 
يريد تلك المواجهة التي تكوي روحه بسياط ذنبه.. 
" لا أعلم هل أملك مسامحتك من الأساس أم لا "
وكأنه سمع سؤال والده هل سامحتني أم لا.. 
فأجاب سؤاله بسؤال آخر..  سؤال كقنبلة تدوي داخل روحه منذ علم بحقيقة ما حدث.. 
" زرعت داخلي كرهه منذ زمن "
يتم الإجابة بشرح وافٍ عاشه بشعور وصمه سنين عمره.. 
عاق.. شريد..  متمرد.. 
وكل الصفات التي تليق عليه برسم ووصف.. 
" وأنا.. أنا ماذا فعلت "
يُتم المواجهة بنبرة متحشرجة..  شريدة والشرود الآن تيه.. 
" أنا تماديت في كرهه "
يُقر.. يعترف.. 
والاعتراف سيد الأدلة.. 
" كُنت نسخة منك دون ان أشعر "
وهذا اكثر ما كرهه في نفسه.. 
" نسخة من تسلط وظلم "
يصمت يطالع هيئة الشاهد يرى نفسه مكان الراقد بمقارنة ظالمة لروح الطفل داخله..  تدين روح الرجل فيه.. 
" ظلمته بسبب ظلمك لي "
يتنهد والتنهيدة الآن روح تواجه بضعف ولا تملك من القوة ذرة.. 
" كنت أتمنى أن أخبرك اليوم فلترقد يا أبي هنيئا فقد عدت لأخي وسامحتك على ما فعلته معي ولكني لن أستطع..  "
يقر بحقيقة كانت ستحدث بالفعل.. 
" لن أستطع قول كوني سامحتك.. أتعلم لماذا "
يسأل وقد تعود الفترة الأخيرة ان كل مواجهاته أحادية الطرف.. 
" لأنك انتهجت الطريق الخاطئ من البداية "
يلوح بيده الحرة بلا معنى متابعاً..  
" ليست القسوة ما تُربي أبي "
تهبط يده بتخاذل كتخاذل روح ساكنته.. 
" القسوة تكسر النفس "
يوضح..  ويقر.. 
" وأنت كسرتني مراراً "
يرفع يده ثانية يمررها بشعره يكاد يقتلعه.. 
" ولذلك بالنسبة لأخي لقد علمت أي مدى هو متسامح "
ابتسامة شاردة تخط جانب فمه متابعا.. 
" أتعلم اا.. "
يبتلع حروفه للحظة ثم يتابع وكأنه تذكر أمراً.. 
" لقد عرفت أمراً آخر "
تتسع عيناه بتفكر ثم يقر ما توصل إليه حقاً
" أنه لا يشبهك بشيء "
يبتسم بانتصار متابعاً.. 
" تمام.. أخي..  لا يشبهك أبي "
تظفر ملامحه بابتسامة انتصار.. 
" أعتقد أنه يشبه والدته أكثر "
يصمت مضيقا عيناه.. ثم يتابع وداخله يرتاح بشكل مباغت.. 
" أعتقد أنه متسامح مثلها.. 
كما أعتقد أنكَ أحببتها ولم تستطع حب أمي لنفس الأسباب "
يضع يده الحرة داخل جيبه ثم يقف بانتصاب فارس منتصر.. 
" لو أن ابنها يشبهها لهذا الحد فالآن عرفت أي قلب كانت تحمله بين جنباتها "
يرفع ذقنه بشموخ متابعاً.. 
" اطمئن أبي فلقد عدت لأخي.. أما بالنسبة لمسامحتك.. "
يصمت يحاول النطق ولكنه يعود للسكوت لبرهة.. وأخيرا تخرج حروفه.. 
" فتركتها للأيام.. ولا أملك أكثر من ذلك "
انتهت الأحرف..  وانتهت المواجهة بإسدال ستار الماضي على عرض سخيف..  سيئ الحبكة والأداء.. 

قلب بين شقيّ رحى ج٣ من سلسلة والعمر يحكي بقلمي راندا عادل Όπου ζουν οι ιστορίες. Ανακάλυψε τώρα