لا تريد إخباري!

295 47 35
                                    

-لا تفعلها أرجوك...أبتعد عني.. قلتُ لك لا أريد، ماذا بكَ يا مكلاين. قلتُ لك أبتعد عني وإلا أقسم لك سوف أ..

أستيقظت ليلي فزعة من نومها الذي أصبح يدور حول ذاك الكابوس لا غيره، عينها مفتوحتين على مصريعهما تنظرُ لسقف غرفتها القابع في إحدى مستتشفيات واشنطن للأمراض النفسية، حتى ما لبثت أن تحركت نحو المرآة، تتأمل ذلك الوجه الوهن ،الخالي من أي حياة، وأردفت لإنعكاسها:

-من أنتِ؟ ....هل هذه أنتِ ليلي! لقد تغيرتي كثيراً ،ماذا حدث لوجهك ،لمَ كَبِرَ لتِلك الدرجة؟ ماذا حدث لك يا فتاة؟لم يتبقى شىء جيد بك كما كُنتِ . لقد كان كل شىء بخير ،لكنكِ من أرادَ المزيد؛ أنظري إلى أين وصلتِ بِجشعك و عقلك التافه الذي أستحوذت عليه فكرة الإنتقام. ممن أردتِ الإنتقام؟ من مكلاين؟ أم من أمك العاهرة؟ أم من جون ؟ أم منكِ أنت؟

صمتت لثواني وما لبثت أن بدأت في البكاء و الصراخ لإنعكاسها:

- غبية كالعادة. غبية. تقعين في حبالهم في كل مرة. اه منك يا ليلي ،لماذا؟ لماذا فعلتيها ؟ ....أخبريني ،حتى أنا لا أتذكر ما حدث. لقد سؤلت أمس ،أردت أن أتحدث صدقيني، أردت أن أبوح ما بداخلي لعل عقلي يهدأ، لكن لم أتذكر شيئاً، شعرتُ أني ضعيفة أمامها ، شعرتُ بالغضب و الكره من نظراتها لي. أنا لست قاتلة، ولم أكن يوماً مجنونة.... أتعلمين! أنتِ تستحقين كل ما تمرين به، أنت تجنين ثمار أفعالك ليلي مكمان.

أبتعدت ليلي قليلاً متجهة نحو النافذة، لكن ما هدأت إلا أن عادت وكسرت المرآه بيدها وأردفت:

-تستحقينها أيتها العاهرة ، أنت مثل أمك.
كانت مشاعرها مختلطة ، لوهلة تضحك، ثم تبكي ثم تصرخ ثم تجمعهم في نفس اللحظة، حتى تقوقعت في وسط غرفتها تُمسك بإحدى قطع الزجاج المكسورة تنظر لجزء منها وتقول بصوتٍ خافت:

-هيا أخبريني، لن أخبر أحد، أعدكِ بذلك. هيا هيا أنا أستمع جيداً لكِ...

سمعت صوت الباب الحديدي الثقيل يُفتح من خلفها، فرفعت قطعة الزجاج ورأت إحدى الممرضات تدخل لترى ما سبب كل ذاك الصراخ.

-آنسة مكمان، لما الصراخ والعويل في الصباح! أنظر... ما هذا؟ ما الذي حدث؟ يا إلهي.

خرجت الممرضة راكضة لتخبر الطبيبة ميلوري بالذي حدث وما أن وصلت فتحت باب غرفة د.ميلوري وأردفت وهي تلهث:

-الآنسة ليلي... وقعت و زجاج مكسور.. كانت تصرخ وتعوي..

-رويداً رويداً يا ميلاني، ماذا بها ليلي؟

-أعتذر، مُنذُ الصباحِ الباكرِ و نحن نسمع عويل ، صراخ، وبكاء في غرفة الآنسة ليلي، وعندما دخلتُ عليها، وجدتها متقوقعة على أرض الغرفة و تمسك بقطع الزجاج المكسور.

-زجاج مكسور! كيف دخل الزجاج لغرفتها؟ ردت د.ميلوري بنبرة تحكمها الغضب.

-لقد طلبت الآنسة ليلي مرآه في غرفتها منذ بضعة أسابيع، وقد وافقتي على طلبها د.ميلوري.

-اه، لقد نسيتُ ذلك. حسناً ،أذهبي الآن و أزيلي جميع القطع وتأكدي أن جميعها قد أزُيلت، تأكدي أنها لم تخفِ شيئاً. لا تنسي أنها ليست بفتاة هينة.

أخذت الطبيبة دفترها و ذهبت لغرفة ليلي،وعندما وصلت وجدت ليلي ما تزال نائمة على أرضية الغرفة تتمتم لنفسها بكلمات غير مسموعة. أتجهت د.ميلوري لليلي و جلست أمامها واضعة رجلٌ على الآخرى ، وأردفت بصوت به شىء من الهدوء لكن صارم:

-ما بك عزيزتي؟ هل رأيت كبوساً أخر؟ قلت لك سابقاً ،إن شعرتِ بشىء ،أخبريني تلقائياً، هيا، تعالي أخبريني ماذا حدث؟

-لا تريد أن تخبرني. ردت ليلي على د.ميلوري بصوت خافت وهي تضرب يدها بخفة على الأرض.

-من التي لا تريد أن تخبرك؟

-الفتاة في المرآه ، لا تريد إخباري بما حدث. أنا آيضاً أريدها أن تخبرني بما حدث.

فهمت د.ميلوري أن ليلي ليست في وعيها، فأشارت للممرضة أن تعطيها مهدئ ،ناظرة لتلك الفتاة الواهنة على أرضية الغرفة نظرةً أخيرة، و هُلمت بالخروج.

-لن يعرف أحد غيري شيئاً يا ليلي.
أردفت ليلي بصوت خافت به شيئا من المكر مع ضحكة عالية أرعبت من كان بالغرفة.

الفردوس المفقود - Paradise LostWhere stories live. Discover now