Part 3 | سكة القطار

46 3 0
                                    

.
.
بعد سته ايام من لقاء فيرا...قررت الذهاب لمنزل عائلتي المهجور، ليس مهجورًا بالكامل ولكن مضت سنين منذ ان قرروا تركه، اتجهت الى المنزل في الساعه الثانيه عشر مساءً، وقفت أمام المنزل وكان حوله أشجار تغطي نصفه. خرجت من السياره ونظرت الى سماء مليئه بالغيوم السوداء، أخرجت المفاتيح وفتحت الباب، كان المنزل مليء بالتربه، تأملت المكان والتفت بسرعه بعد سماعي لصوت غريب، صوت يزداد كلما قربت منه، كان شيئًا عالقًا تحت فراشٍ أبيض، سحبت الفراش وهرب الفأر من امامي.

: تبا كم اخافني هذا الفأر اللعين

أكملت تأملي ورأيت كتابًا فوق مكتبه ذهبت لتفحصه وجلست على حافة السرير ورأيت ورقه بداخله مكتوبًا عليها :

"عزيزتي آيلا، في البدايه لطالما قلت لنفسي إنني لعنت أن أكون وحدي. وبغض النظر عن مدى محاولتي تغيير هذا،
فقد كان ذلك دائمًا صحيحًا.
كان قلبي مليئا بالجنون ورأسي بالخوف،
ربما كان السبب في أنني كنت في حالة حب للفوضى.
وكنت أحمل الكثير منها بداخلي.
لكنني كنت خائفًا مما أنا عليه،
ولهذا...عشت الحياة من رأسي وليس من قلبي أبدًا.
قد أمضيت عمري أحاول أن أجد الراحة في الطريقة التي حملتني بها وحدتي. بعد كل شيء، كان الشيء الوحيد الذي عرفته على الإطلاق. شعرت أني اسقط بعيدا، لم اعد انا نفسي كما عرفتموها، سأبقى على قيد الحياة، إذا دلتني الحياة لطريق آخر،ستبقى الندوب، وستبقى مشاعري، اتمنى ان تتفهمي هروبي لذالك الطريق. ما دفعني للبقاء رغبتي، وما دفعني للمغادرة رغبتي أيضًا...لا شيء يتعلق بكم منذ البداية.
اخبري اخوتي انني احبهم كثيرًا، اخبري ابي انني نادمً على عدم قضاء الكثير من الوقت معه، وفي النهايه اريدك ان تعلمي انني احبك أمي.
اياً مافعلتموه بي...فأنني اغفر لكِ ولأبي، لا تبكي لرحيلي واعلمي انني بحالٍ افضل الان، الوداع."

بعد قرائتي للورقه اغمضت عيني محاولة لكبح دموعي، نظرت للاعلى وارجعت الورقه لمكانها.

: نسيت حتى انني كتبت هذه الرساله، كان بامكاني استخدام الجوال بدلا من كتابتي بورقه.

وقفت من مكاني وذهبت للنافذة واخرجت سيجارتي، نظرت الى الاشجار والحديقه، الحديقه التي كنا انا واخوتي نلهو فيها ونتحدث كل يوم، عندما اصيبت اختي وكُسِرت يدُها وهي بالارض تضحك بدلا من أن تبكي، كانت حمقاء للغاية. ابتسمت وبعد فترة قليله من الوقت،
بُرقت السماء بقوة تتبعها أمطار غزيرة. أقفلت النافذه واتجهت للخروج من المنزل، تساقطت الكثير من الامطار وبللتني. اسرعت للوصول الى السياره وجلست بالداخل أفكر واتأمل المكان...
سئمت من الركض بهذه الحياة، وضعت نفسي في سجن. واخبرت نفسي بأن "اصمت وأمشي الوقت" او "لا يحق لي الشعور" مافائدة الروح اذا مات الجسد ومافائدة الجسد اذا ماتت الروح. كيف يمكننا الاستمرار والكون يسجننا، والارواح تختنق وتنزل بنا، ونحن نتطلب الرضى حتى نذوب في مستنقعات رغباتهم رغمًا عنا، والوهج يحاصر أرواحنا حتى نحترق، أقفل عينيك وسترى حياتك تُعاد، وقلبك مليء بالوحده والبرود، وجسدك ينفُض، والسلاسل تربطك عن العيش، فمن سوف نلقي عليه اللوم لقتل احلامنا... لأم الارض التي تكاد تنزف بثقلنا ؟

من بعد أن خرجت من منزل عائلتي، أصبحت لا شيء، ممل وسطحي، ومتورّط في هذا العالم، شعرت بالقلق وعشت في حالة البحث عن النجاة، شعرت باليأس والخيبة والعجز. أن كنا سنموت فلما نحيا؟
هربت ليس لكي اتذكر ماحدث، لأعيش ماتبقى من حياتي.

نظرت الى الساعه وكانت الثالثة مساءً.
: بقيت لكل هذا الوقت ؟ غريب وكأنني أحلُم
تحركت بالسيارة واتجهت لمنزلي في نفس الطريق الذي أتيت منه، كان الطريق مظلم ولا يوجد سيارات تأتي عادةً بهذا الطريق. فتحت نوافذ السيارة كُلها، جعلت شعري يتطاير لأشعر بهواء الليل البارد. ذهب بالي بعيدًا مما جعل الطريق يبدو قصيرًا.
كان هناك قطار في جانب الطريق وسيارة بجانبه وشخص جالسًا امامه، وقفت ونظرت إليه وهو ينتظر القطار ليأتي، نزلت ودار الحوار بيننا.
إيفان: ماذا تفعل ؟ اتحاول ان تقتُل نفسك ؟
الرجل : من انتِ ؟ وماذا تريدين ؟
إيفان : ...
الرجل : اذا كنتِ تريدين مساعدتي ف لن أقبلها...ابتعدي عن المكان كي لا يصيبك مكروه.
إيفان : أعرف انك شخصًا غريب ولكن لن ادعك تفعلها هل سنتهي حياتك بهذه البساطه ؟
الرجل : نعم..هل تمانعين ؟
إيفان : بالتأكيد، لا اعلم ماتمر به ولكن ليس هذا الحل الذي تبحث عنه.
الرجل : وماذا تعرفين عني او عن الحل...فقط أرحلي واتركيني بشأني.
.
سمعت صوت القطار قادم من بعيد وتغيرت تعابير وجهي بعدما رأيته يغمض عينيه لما سوف يتلقاه، ركضت اليه ودفعته للخلف مما ادى بسقوطه على الارض وبدا يتالم وهو يشتمني ويشتم لما هو فيه، وقفت بمكانه وانا أنظر لقدميّ ورفعت رأسي لأوجه نظري للقطار، جلس الرجل يصرخ ويقول.
: القطار قادم ألن تتحركي ؟؟
نظرت اليه وارجعت نظري للقطار وبعد ماأقترب القطار رجعت للخلف وتبعثرت بالسكة مما أدى لسقوطي على رأسي، فتحت عيني والضباب يغطيها، حاولت النهوض بصعوبه ووضعت يدي على رأسي كي يتوقف النزيف، جلستْ على الارض وانا أنظر لما حدث للتو، أبتعد القطار ورأيت الرجل ينظر إلي بغرابة وسألني
: لماذا...
أيفان : لماذا ما ؟ اانت غبي لهذه الدرجه لتترك نفسك تفعل هذا الشي ؟
الرجل : لا...لماذا ساعدتني ووقفتي امام القطار وكانك تنتظرينه ؟
إيفان : لم أفعل ذلك..
الرجل : بلى فعلتي
تحركتْ من مكاني واتجهت لسيارتي بينما الرجل كان يركض إلي وفتحت له نافذتي وقلت
: انتهى الحديث. لا تقرر فعلها مجددًا حياتك مهمه ولا شأن لي في ذلك ولكنه غباء.
صمت الرجل وأقفلت النافذة وتحركت ورأيته ينظر إلي من مرآة السياره وهو متجمد في مكانه. أخرت النظر وفكرت بما فعلته...
بينما كنت أنقذ أحدهم وجدت نفسي واقفًا باحثاً عن من ينقذني.
.
أقتربت من المدينه وقررت الذهاب للمستشفى نظرًا لحالتي وعدم توقف الدم من النزيف سبب لي دوخة وفقدت التركيز، توقفت على جانب طريق المدينه وبدأت افقد الوعي، نظرت الى نور قادم من بعد أمتار وبعد دقائق نظرت الى النافذة والدوار جعلني الاحظ شخصًا مُشوَّش يصرخ وبالكاد أسمع صوته..
أغمضت عيني وفقدت الوعي في تلك اللحظة.
to be continued..

عندما يتعانق الحب والموت | when love and death embraceWhere stories live. Discover now