2-صِراعُ الذّكريات

97.6K 3.5K 3.5K
                                    

إيطاليا، ميلانو:
قصر المالدونادو:
السّاعة تُشير إلى التّاسعة ليلاً:

في قاعةٍ فاخرةٍ كان اللّونُ الذهبي هو أكثر ما برزَ فيها، اجتمع ثلاثة أفرادٍ من المالدونادو حول مائدة الطّعام الباذخة، ليكون رابعهم آنذاك هو الاستغراب الذي أخذ موضعاً لنفسهِ دون أن يطلب الإذن من غيرهِ...

الأجواء في القاعةِ كانت هادئة بشكلٍ رهيب، فمعلوم أن ديفيد مالدونادو يُصبح مضادًّا للكلام أثناءَ جلوسهِ إلى مائدة الطّعام، إذ تختفي الألفاظ عن الجميع بمجرد ما يعلّق خضراويهِ القاتلتين صوبهم....

لربّما لهذا السّبب بالتّحديد اكتفى كُلّ من كيفن وسيلينا بتبني لغة العيون كمنجدٍ لهما إذ حاولا الوصول إلى غايتهما من خلال تأمّل والدِهما بنظرات حارقة كشفت عن رغبتهما المُلِحّة في معرفة سبب زواج شقيقهم أليرون بكارلين لومباردي....

لكن ديفيد ولأنّه كان شخصا غير مبالٍ استمر في تجاهل نظراتهما كما لو أنّه أعمى بل وكسبيلٍ للتّهرب منهما نده على الخادمة بنبرة باردة هادئة فاتجهت الأخيرة إليهِ مُهرولةً ووقفت أمامه باحترام أجبرهُ على النظرِ إليها بهدوءٍ شديد قبل أن يُصدر أمره:

-"اصعدي إلى غرفة أليرون واستدعي السّيدة كارلين لتشاركنا العشاء"

أومأت الخادمة وخرجت من قاعة الطعام بغية تنفيذ الأوامر فتشجعت سيلينا على الكلام بعد أن فقدت آخر ذرة صبر امتلكتها إذ زفرت بقلق شديد ثم ناظرت والدها بخوف لم تتمكّن من إخفائه:

-"أبي.. أنتَ لم تخبرنا بعد عن سببِ زواج أليرون بتلك المسترجلة."

-"كارلين..اسمها كارلين"

حرّر ديفيد كلماتهُ تلك وهو يرمق ابنتهُ ببرودٍ مخيف، فصمتت بدورها دون وعي وعلّقت عينيها على صحنها تريد التهرب من نظرات الغنضنفرِ القاتلة، لكن بمجرد ما شعرت بهِ وهو يعود للأكلِ من جديد رفعت خضراويها صوبَ كيفن، وراحت تخبره بالإشارات أن يتكلم أيضا، فهمهم بتفهم وسأل والده بهدوء:

"عذراً على التّدخل أبي، لكن أليسَ من حقنا أن نعرف السّبب الذي جعل أليرون يتزوج بهذه الطريقة المفاجئة!"

وضع ديفيد ملعقته جانباً ثم عدّل من جلستهِ وتحدّث بهدوء ناقض رغبته في التّجرد من ثيابهِ والوقوف على الطاولة فقط ليصرخ بعبارة "ما شأنكما أيها الوغدين":

-"أليرون تزوج بكارلين من أجل العمل لا غير فأنا عقدت صفقة مع كريستوفر وفي المقابل اشترطت عليه هذا الزواج كضمان لشراكتنا.."

امرأة السفّاح Where stories live. Discover now