المحاولة رقم 14

9 0 0
                                    


هل حقًّأ يمكن أن يختزل السلوك البشري في رغبته للبقاء؟ كان هذا هوَ السؤال الذي ظلَّ يحيّر أصدقاءه طيلة الوقت. تحديدًا أثناء رؤيتهم لحاله وهوَ جالسٌ بجانب زوجته والتي لا يفصِلُ بينها وبين حياتها الأخروية إلا سويعات قلائل.

كان عمادْ الإبن الاكبر للحج متولي. وكان لديه اختى صغرى اسمها سعاد. ولكن كحال مختلف القصص المأساوية فقد حرِمَ عماد من والده عندما كان في العاشرة من عمره، ومن باب الإحسان في المأساه فقد ماتت أمه ايضًا بعد وفاء زوجها بعدة أشهر. فلم يبقى لعماد سوى سعاد ولا لسعاد سوى عماد.

فاضطر عماد للعمل وترك الدراسة حتى يتمكن من تأمين لقمة العيش لأخته. وعلى الناحية فقد كانت أخته تحاول أن تحتضنه بل وكانت تقومُ بطبخ كل وجباته وتوصلها إلى محل عمله بشكل يومي. وفي نفس الوقت كان عماد، من اسمه، عمادًا لها كلما مرت بظروف او مشاكل متعلقة بالدراسة كان هوَ الذي يهبُّ سريعًا لحلها.

في أحد الأيام، أثناء تواجل سعاد في المدرسة حيث كانت تلهوا مع زميلاتها، فإذا بفتاةٍ تعتدي عليها، والسبب في أن هذه الفتاة كانت تعلمُ حقيقة يتمها. كما أنه كان أخوها فؤاد من كبار البلطجية في الحي. وفي الليل جاءت إلى أخوها عماد تشتكي لهُ مما فعلته زميلتها.

وفي اليوم التالي، ذهب عماد إلى أخوها أثناء تواجده في مسطبته بين أتباعه. وعندما رآه فؤاد، لم يلقي لهُ بالًا. فقد كان يعلمُ أيضًأ أنه في حالٍ يرثى لها. ولكنه سرعان ما تفاجأ بعمود حديدٍ يهوى على رأسه. لم يستوعب فؤادٌ الصدمة، حيث ظلّ غارقًا في دماءه. بينما يقومُ رجاله بالثأر له. ولكنه تفاجأ بجموعٍ غفيرة تهبُّ إلى مصطبته وسرعان ما همَّ رجاله يتساقطون الواحد تلوَ الآخر. فقد قام عماد باستنفار زملاءه في العمل.

والذين حالهم كحال غيرهم، من الطبقة الكادحة، قد اختزنوا في صدورهم من الغل والقهر ما إن لو سال تساقت لذابت لوصلَ إلى اللباب. فقد همُّو واعتبروها فرصة جيدة حتى يوجهوا غلهم الفرويدي من رؤسائهم في العمل إلى أشخاصٍ آخرين اعتدت نسيبتهم على زميلهم. وباعتبار أنه كانت سعاد بين الفينة والأخرى ما تغدق عليهم بما وسعها من الطعام، فلم يكن الغل الفرويدي هوَ العنصر الوحيد في هذه المعادلة.

ومن حينها لم يعد أحد يجرأ على الاقتراب منها، أو مسها بسوء. ولكن في أحد الأيام، اتصلت مديرة المدرسة تخبره بأن أخته قد سقطت مغشيًّا عليها في الارض.

فهب عماد إلى المدرسة ليفاجأ بسيارة الإسعاف تحمل ناقلة أخته. فهبَّ عماد معهم وظل بجانب أخته طوال الطريق يدعوا الله أن تمرّ هذه الأزمة بسرعة وأن تعود سعاد إليه في أسرع وقت.

وعندما وصلوا إلى المشفى أدخلت سعاد إلى غرفة العناية المركزة. وظل عماد ينتظر جالسًا على أعصابه متظرًا أن تعود لهُ أخته في أي لحظة.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Oct 30, 2021 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

محاولات بائس في الكتابة القصصيةWhere stories live. Discover now