الفصل الأول:-

8K 80 4
                                    

إضطراب مشاعر
الفصل الأول:-
                          ***
في أحد المنازل البسيطه داخل محافظة"القاهره"...
كانت تقف داخل غرفتها أمام المرآه تُعدل من هيئة ثوبها ذا اللون البترولي لونها المفضل ، كان يصل لِما بعد ركبتيها بإنشات بسيطه وضامه خصلاتها القصيرة بربطه مطاطيه أعلى رأسها بشكل منمق إستعدادً للخروج من المنزل..قطع خلوتها دلوف زوج والدتها المتوفيه مردفًا بإهتمام:
- رايحة فين يا "رفيف"من الصبح كده؟
طالعته بإبتسامة هادئه وهي تُجيبه:
- هنفطر أنا و"ورد"بره النهارده..
- ولا قالتلي أختك الكلبه دي..
كانت تعقد حذاءها وهي تهتف:
- ما إنتَ عارف يا بابتي "ورد" فاكره إسمها بالعافيه.
قهقه موافقًا على حديثها:
- عندك حق.
إنتهت مما كانت تفعله ثُمَ سألت بإستفسار :
- عمتو صحيت؟
أجابها"طاهر" بالموافقه ثُمَ طالعها بحنو وهو يخرج من حافظة نقوده عدة وريقات ماليه قائلًا:
- خدي يا "رفيف"خلي دول معاكي.
غمغمت برفض:
- لأ يا بابا مش عاوزه ، المرتب مخلصش لـ...
قطع حديثها وهي يهز رأسه نافيًا لِما تقوله:
- ماليش دعوة أنا بالمرتب بتاعك ، ده مصروفك إنتِ..
تناولت منه المبلغ بإبتسامه هادئه ثُمَ هتفت بإستحياء:
- على فكره يا حبيبي "يامن" كلمني وقالي إنهُ هينزل كمان إسبوعين من الإمارات و هيّجي مع عيلته يتقدملي رسمي.
إتسعت إبتسامة "طاهر" وهو يسألها :
- بجد يا "رفيف"؟
أجابته مؤكده على حديثها وهي تُلقي بنظراتها للأسفل خجلًا:
- آه يا قلب "رفيف"..
ضمها إليه وهو يغمغم بنبره سعيده:
- ربنا يتمملك على خير يا حبيبتي وأشوفك أحلى عروسه يارب.
- حبيبي يا بابا ربنا يخليك.
هتفت بتلك الجمله وهي تقبله من وجنته ، قطع حديثهم دلوف "ورد" المردفه بتذمر:
- كل ده يا "رفيف"؟يلا..
رمق "طاهر" الإثنتين ثُمَ وجه حديثه لـ "رفيف" قائلًا بحنق:
- شوفتي أختك ولا قالتلي حتى صباح الخير.. ثُمَ وجه حديثه لـ"ورد "وهو يصفعها على وجنتها بلطف:
- المفروض نقول صباح الخير الأول يا ست"ورد".
قهقهة "رفيف" على حديثهُ والأخرى طالعته بمشاغبه وأخذت تقبلهُ من وجنتيهِ مغمغمة بِـ:
- صباح الفل على عيونك يا حبيب قلبي إنتَ.
- كُلي عقلي بالكلمتين الحلوين دول
قبلته مره أخرى مردده:
- أنا أقدر يا قلبي إنتَ ؟ ده إنتَ حبيبي..
قطع حديثهم رنين باب منزلهم و..:
- خليكي إنتِ يا "رفيف" أنا هفتح دي تلاقيها عمتو "هيام" عشان كانت بتجيب الفطار.
رمقتها "رفيف" بإستنكار وهي تسرع لفتح الباب قائله:
- إيه الفطار؟ إزاي تسيبيها تنزل!.
خرجا جميعًا من الغرفه و "رفيف" تفتح الباب لـ "هيام" أخت زوج والدتها "طاهر" والذي بمثابة والدًا لها قائله:
- إزاي يا عمتو تنزلي والله ماينفع اللي حصل ده ، ده إنتِ ضيفتنا!
أجابتها "هيام" بعتاب وهي تلهث بسبب صعودها للسلم المرتفع:
- إخص عليكي يا"رفيف" بقى أنا غريبه!؟
إقتربت "رفيف"تناولها كوبًا من المياه وهي تنفي ما استنتجته:
- مش قصدي ياعمتو والله بس مينفعش تنزلي تجيبي الفطار والعيب على الست "ورد" اللي منزلتش هي..
طالعتها "ورد" بشقاوه وهي تدافع عن حالها:
- والله ما حصل هي اللي صممت تنزل تشتري الفطار .. ثُمَ إقتربت من والدها قائله:
- أهي عمتو جات هنروح إحنا ، اعذرينا بقى ياعمتو عشان هنسيبك ونخرج.
هتفت بود:
- ولا يهمكوا ياحبايبي روحوا انتوا وإنبسطوا..اومأ "طاهر"برأسهِ موافقًا وغمغم بتنبيه:
- طيب يا "ورد"بس متتأخروش بره وخلوا بالكم من نفسكم هه!
إبتسمت "رفيف" وهي تردف:
- ماتقلقش يا حبيبي مش هنتأخر..
- مش هنتأخر إيه إحنا هنقضي اليوم كله بره النهارده.
رمقتها بنظرات مستخفيه متمتمه:
- معلش بقى يا "ورد" المره الجايه ، طيارتي بعد أربع ساعات للأسف يعني يادوب نلحق نفطر ونتمشى شويه.
أخذت "ورد"تؤنبها بإنفعال:
- كده يا "رفيف"؟ النهارده كان يومنا لوحدينا.
قوست "رفيف"شفتيها مردده:
- يا روحي انا ماكنتش هخرج النهارده لكن هخرج علشان بكرة هتبدأي دروس الترم الثاني ف 2 ثانوي وعايزه أخرجك من المود إللي إنتِ فيه ده ، ويلا بقى علشان نلحق..
أردفت بتذمر:
- طيب.
                           *** 
ذهبا إلى أحد المقاهي وعندما كانوا يتناولون الطعام إقتربت إحدى رفيقات "ورد" التي كانت تتواجد في ذلك المكان بمحض الصدفه ، إقتربت منهم معانقه أياهم ، بعد الترحيب بها جلست معهم على الطاولة وأخذت "رفيف" تتسأل عن أحوالها بإهتمام:
- بدأتي دروس بقى يا "روان"؟
أجابتها بإبتسامه هادئه:
- لسه هبدأ بكرة مع "ورد".
- ربنا معاكوا يا حبيبتي..
غمغمت الأخرى بخفوت:
- يارب.
ثُمَ وجهت حديثها لرفيقتها بإهتمام:
- شوفتي يا "ورد" في مستر جديد هناخد معاه فيزياء.. هتاخدي معانا؟..
أجابتها بإستفهام:
- هو كويس يعني؟
- بيقولوا شرحهُ كويس ..تعالي نحضر بكرة ونشوف!..
علقت "رفيف" بخفوت:
- هتاخدوا فين؟
- في سنتر جمب المدرسه..
سألت بحذر تِلكَ المره:
- هو صغير ف السن؟
أجابت"روان" بعدم إكتراث:
- مش عارفه بس كانوا بيقولوا عنده بنت عندها عشر سنين يعني أكيد مش صغير..
غمغمت "ورد" بإستفهام:
- هو إسمهُ إيه صح!؟
-"مدحـت".
                           ***
انقضىٰ اليوم سريعًا وها هي تستعد لإقلاع الطائره بعد أن ارتدت الزي الخاص بعملها كـ مضيفة طيران ..إقتربت منها رفيقتها المقربه "چيلان" فتاه تقربها في العمر بالعقد الثاني ، إقتربت منها وأخذت تُعانقها من الخلف هاتفه بإشتياق:
- يا "روفا" وَحشتيني خالص..
إلتفتت إليها بإبتسامه وهي تُزيد من عناقهما:
- وإنتِ أكتر ياقلبي .. إنتِ أخبارك إيه وأخبار جدتك؟..
إبتعدت عنها "چيلان" وهي تسرد لها ماحدث في رحلتها القصيره إلىٰ بلدتهم في"جنوب الصعيد".. بعد مرور عشر دقائق علىٰ حديثهما قطع خلوتهما مساعد الطيار"ظافر" ذلك ذا الثالثه والثلاثون من عمرهُ مُغمغمًا بتنبيه:
- يلا يا جماعه أخرجوا شوفوا المسافرين خلاص الطياره هتطلع..
أردفت"رفيف"بنبره مرحه:
- يلا ياباشا هنطلع كلنا اهو...
وتوجهوا جميعًا أمام المُسافرين وهم متفرقين كل منهم فجهة وكلاً منهما يلقي الإرشادات اللازمه على مسامعهم للحفاظ على سلامتهم ، ثُمَ إنطلقت الطائره في وجهتها...
                          ***
في عروس البحر المتوسط..
كانت جالسه بحديقة منزلهم الصغيره تقرأ لـِ كاتبها المفضل "أحمد  خالد توفيق"..كانت شارده في ذلك الكتاب وغير منتبهه لجلوس شقيقها جوارها علىٰ الأريكه...قطع" شافع"خلوتها وهو يعانقها بحنو مغمغمًا:
-صباح الخير ياست البنات.
نظرت له بإبتسامه هادئه قائله:
-صباح النور يا حبيبي ، عامل إيه؟
-تمام الحمدلله وإنتِ؟ كويسه النهارده!
-الحمدلله يا حبيبي..إستنى هقوم أحضر الفطار ونفطر سوا..
همت بالدخول إلى المنزل إلا أن أوقفتها يديهِ وهو يهتف:
- "شادن"..ماما كلمتني..
زفرت وهي تتصنع البسمه مردفه:
- وهي عايزه إيه؟
-بتطمن عليكي.
غمغمت بسخريه وهي تطالعه بجفاء :
- هق آل يعني مهتمه.
زجرها بحزم:
- شادن!..خلي بالك إنتِ بتتكلمي عن والدتك ، انا مش عارف هي عملت إيه عشان تعامليها كده؟
- لا بجد متعرفش!! أمي اللي سايباني ورايحه تقعد مع بنتها رغم إنها عارفه الظروف اللي بمر بيها رغم إنها عارفه إني كنت هموت نفسي من إسبوعين ومهانش عليها تسيب بنتها وتيجي تطمن عليا.
هتفت بتلك العباره وهي ترمقه بألم ممتزج بالإستنكار..
قال مدافعًا عن والدته:
- بس "شدوى" لسه والده و..
قاطعته بإستهجان:
- هق لسه والده ؟ دي وِلدت من شهرين،  هي ماما حابه تقعد معاها ، ماما بتحبها أكتر مني.
- بطلي عبط هي بتحبكم إنتوا الاتنين وإنتوا الاتنين نفس الغلاوه عندها هي بس مش عايزه تسيبها الفتره دي لوحدها.
طالعته بألم وهي تغمغم:
- اتفق معاك في الكلام ده بس "شدوى" مش لوحدها معاها جوزها وحماتها .. معاها ناس كتير بس أنا لوحدي ، آه كنا نفس الغلاوه عندها بس ده كان زمان من سنتين كده .. بس كل حاجه إتغيرت دلوقتي .. كل حاجه..
إستئأنفت حديثها بنبره متحشرجه من البكاء:
- من ساعة لما " ناجي " سابني لما إبتدا المرض يظهر عليا ، لما رفضت افهمه إن المرض ده لي علاج وإنه المفروض يفضل معايا .. مايستسلمش ويسبني ، ازاي ماما كانت عايزاني أرخص نفسي للدرجه دي؟ ازاي كانت عايزاني استسمحه يفضل معايا وماينهيش كل حاجه بينا قبل الفرح بأسبوع ، و قالتله وإنتَ مش موجود إنه يكمل الجوازه ويطلقني بعد الفرح بشهرين عشان الفضيحه شوفت أمك كانت مرخصاني ازاي؟؟ ودلوقتي ما صدقت تسافر وتقعد في القاهره لما عرفت إن "شدوى" هتولد عشان مش حابه تقعد معايا مش موضوع إنها لسه مخلفه لأ.. صدقني هي قالتهالي .. قالتلي إن وشي بيفكرها بالفضيحه إللي حصلت إللي أصحابها وقرايبها قاعدين يتكلموا عليها وعليا وإنهُ إيه السبب فإن العريس يفسخ الخطوبه قبل الفرح بأسبوع؟ وإن السبب اكيد إن "شادن" مش تمام "شادن" بنت مش كويسه فأيه "ناجي" عرف عشان كده سابها ، ماصدقت تبعد عني وحتى مهتمتش تيجي وتواسيني وترفع من معنوياتي اللي بقت تحت الصفر لما " البُهاق " ظهر في وشي.. هي مهتمتش ولا عملت حاجه غير إنها رفعت سماعة الفون هزقتني عشان حاولت أقطع شراييني وقفلت تاني ومحاولتش تكلمني مره تانيه ، ماما خذلتني وكسرتني فأرجوك يا "شافع" اسكت إنتَ متعرفش حاجه.
طالعها "شافع" بذهول مما سمعه لتوًا وهتف بعدم تصديق:
- إمتى .. حصل إمتى ده ؟ أمي قالتك كده إمتى مش معقول..
قاطعته بقنوط وهي تُزيل عبراتها:
- إنتَ كنت مسافر .. وخلاص مش مهم إقفل على الموضوع مش حابه اتكلم فيه أكتر من كده..
- لأ مش خلاص وَ..
قطع حديثهُ رنين هاتفه فتحدثت بحزم وهي تتحرك من مكانها:
- رُد على "دنيا" رُد إحنا كلامنا خلص أساسًا..
ثُمَ تركته وذهبت إلى الداخل
نظر إلىٰ هاتفهُ وغمغم بإنزعاج:
- آل "دنيا" آل!
دي تموت قبل ما ترن عليا..وأجاب على صديقه هاتفًا بمرح مصطنع محاولًا تخطي الحديث المتأزم الذي صار بينه هو وشقيقته:
- أهلاً يا أستاذ "مروان" أخبارك إيه؟
أجابهُ صديقهُ من الناحيه الأخرىٰ مُردفا بمرح:
- انا بخير وكله تمام ورايح أقابل العروسه النهارده..
غمغم الاخر بسعاده لرفيق دُربه:
- اوعا..ألف ألف مبروك
- لأ إستنى متباركش دلوقتي ، هبقى اقولك الأخبار بليل.. أنا رايح كمان شويه..
واخذوا يتحدثون ويخبره عن تلك العروس المنتظره..
                         ***
في القاهره داخل أحد المنازل الراقيه،
كان جالسًا يعطي "درس خصوصي" لطالبة جالسه بمفردها جواره على إحدى الطاولات..كان يشرح أمام فتاه في  السابعة عشر من عمرها ..كنت واضعه كل تركيزها في المذكرات التي أمامها وغير منتبه لنظرات ذلك المُعلم الهائمه بها ، ثُمَ شعرت بيدين تتحرك أعلى ساقيها من تحت الطاوله فنظرت إليه بفزع وهي غير قادره على التفوه بأي شئ...!
- يتبع -

إضطراب مشاعر للكاتبه آيه إبراهيمWhere stories live. Discover now