الجزء الثالث: (54)

ابدأ من البداية
                                    

- "هل افتتحت هذا المتجر حديثًا؟ تتناثر الكتب في جميع أرجائه".

- "في الحقيقة، إنِّي أُجَهِّز لأجل إغلاقه، ولو أنّ كلمة "تجهيز" تبدو غريبةً في سياق الحديث عن إغلاق متجرٍ ما".

- "يا للخسارة! لقد فَاتتني فرصة أن أكون زبونةً دائمة".

لم تُكثِر (دو-را) الحديثَ في بادِئ الأمر، وإنَّما أخذت تقوم بأشياء أخرى مثل نفخ خدّيها بعد قول شيءٍ ما ثُمّ إصدار صوت بففف مصحوبًا بزفيرٍ طويلٍ عميق، أو طرق الأرض بمُقدّمة حِذائها الرياضيّ ثلاث مرّات. ثُمّ -وكأنّها قد كانت تستجمع شجاعتها لتُقدم على ذلك- طرحت عليّ سؤالًا:

- "هل صحيحٌ أنّكَ عديمُ الشّعور؟" كان سؤالُها هو ذات السؤال الذي طرحه عليّ (غون) من قبل.

- "ليس تمامًا... ولكن طِبقًا للمعايير العامّة، أجل على الأرجح".

- "عجيب... ظننتُ أنّ مثل هؤلاء النّاس لا يتواجدون إلّا في الوثائقيّات الخيريّة لجمع التبرّعات. أوه، أعتذر... ما كان عليّ قَولها بهذه الطريقة".

- "لا بأس، لا أُمانِع".

تنفَّسَت نَفَسًا مبتورًا وقالت:

- "أتذكر حين سألتني عن غايتي من الركض؟ أشعر بالذنب لأنّي صببتُ عليك غضبي حينها، فجئتُ هُنا لأعتذر. فعلتُ ذلك لأنّكَ كنتَ أوّل من يطرح عليّ هذا السؤال بعد والدَيّ".

- "أوه..."

- "وأردتُ أن أطرح عليك سؤالًا أيضًا، بداعي الفضول لا غير... ماذا تُريد أن تُصبِح حين تكبر؟"

لَم أستطع الإتيان بإجابة لمُدّة... وإلّم تَخُنّي الذاكرة، فقد كانت تلك أوّل مرّة يُطرَح عليّ فيها هذا السؤال. لذا أجبتُ بصدقٍ وحسب:

- "لستُ أعلم؛ لم يسألني أيّ أحدٍ هذا السؤال من قبل".

- "هل تحتاج أن يطرحه عليك أحدٌ لتعرِف إجابته؟ ألَم تُفَكِّر به قَطّ؟"

ترددتُ وقلتُ:

- "إنَّه سؤالٌ صَعبٌ بالنسبة لي".

إلّا أنّها وبدلًا من دَفعي للاستفاضة في الشرح، وجدتْ شيئًا مُشتركًا بيننا، فقالت:

- "وبالنسبة لي أيضًا! فحُلمي قد تبخّر نوعًا ما في الوقت الحالي؛ إذ إنّ والدَيّ يُعارِضان الرَّكض بكُلّ ما يملكان، لذا... من المُحزِن أن يكونَ هذا هو المُشتركُ بيننا".

أخذت تنحني وتُمَدّد رُكبتيها مِرارًا، لَم تكُن تطيق البقاءَ ساكِنةً، كما لو كانت تتحرّق رغبةً في الرّكض. وراحت تنّورة زيّها المدرسيّ ترفرف، فأشحتُ بصري وعدتُ لتنظيم الكُتب.

- "إنّك تتعامل معها بحِرصٍ شديد، لا شَكَّ أنَّك تُحبُّ الكُتب حقًّا، أليس كذلك؟"

- "أجل، إنّي أودِّعُها"

نفخت خدّيها وأصدرت صوت بففف آخر وقالت:

- "لا أجِدُ نفسي في الكتب، فأنا لا أرى الكلمات مُمتعة.. كُلّ ما تفعله هو البقاء مُرصّعةً في مكانها، وأنا أُفَضِّل الأشياء المُتحرّكة".

ومرّرت أصابعها سريعًا على الكُتب المرصوصة على الأرفف، وكان الصوت الصادر عن ذلك -(بيتر-باتر)- يُشبِه صوتَ قطراتِ مطرٍ تتساقط.

- "لكنّي أرى الكُتب القديمة جيّدة، فهي تكتنز عبقًا أقوى مِن سِواها مِمّا يجعلها نابِضةً أكثر بالحياة، مثل عبق أوراق الخريف".

ابتسمت ابتسامةً عريضةً على ما قالَته، ثُمَّ هتفت بـ"إلى اللقاء" خاطفةً وغادرت قبل أن يتسنّى لي الرَّد.












مرحبًا!

لستُ مقتنعة بالنتيجة النهائية لترجمة هذا الفصل حقًّا.. صارعته لوقتٍ طويل، ثم ارتأيتُ أنّ عليّ نشره على أيّ حال، فيجدر بي إذًا فِعل ذلك عاجِلًا؛ إذ أطلتُ عليكم الغياب حقًّا بالفعلㅠㅠㅠ

اعذروني عن ذلك واذكروني في دعائكم متى ما تذكّرتموني، فأمواج الدنيا لا تفتأ تتلاطمني هنا وهناك.

سأحاول حقًّا التحديث بانتظام حتى النهايةㅠㅠ دمتم بخير.

아몬드 (Almond) | لَوْزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن