السيرة وبناء الأمة

32 3 2
                                    

                السيرةالنبوية
             الــحــ04ـلـقـة 
_______
📌2)-الدور المنوط بكل فرد وجماعة في بناء الأمة وفق المنهج الشرعي:

النقطة الثانية: ما هو دورك في بناء هذه الأمة الإسلامية؟! نحن دائماً ننتظر أناساً من الخارج تأتي لتعيد بناء الأمة الإسلامية من جديد، لكن أين الدور الذي كلفك الله عز وجل به لإعادة إعمار الأمة الإسلامية، أو لإعادة ترميم الأمة الإسلامية لكي تعود إلى الصدارة كما وصفها الله عز وجل بقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:١١٠] {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:٣٨] {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:١٦٤].

إن قصر كل الناس في أعمالهم فلن يحاسبك الله عز وجل إلا على تقصيرك أنت فقط، وهذا من عدل الله عز وجل.

كل واحد منا يريد أن يعيد بناء الأمة على طريقته، وعلى منهجه، فهناك من يقول: إن كنا نريد أن نعيد بناء الأمة الإسلامية لا بد وأن نأخذ المنهج الاشتراكي، ورغم ما استفاض من أنه منهج خطأ، إلا أن بعض الدول ما زالت مستمرة في النفاح عنه، مع أن الدول التي اخترعته قد تخلت عنه.

ثم جماعة أخرى تقول: نأخذ المنهج الرأسمالي.
وأخرى تقول: نجرب القانون الفرنسي، وأخرى الإنجليزي، وأخرى الإيطالي وهكذا نلملم من الشرق ومن الغرب، ونختلف ونتصارع ونتشاحن؛ لأننا مختلفون على المناهج، فعندما يأتي وقت الاختلاف من نحكم؟

اسمع لنصيحة رسول الله في مثل هذا الموقف، يقول ﷺ في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وصححه عن العرباض بن سارية رضي الله عنه وأرضاه، قال: (وعظنا رسول الله موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع، فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً)،

وهذه هي المشكلة التي نحن واقعون فيها الآن، يا ترى بمنهج من نأخذ؟ نأخذ بمنهج الشرق أو الغرب!! ثم قال: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة).

من هنا كانت دراسة حياة رسول الله، ودراسة حياة الخلفاء الراشدين المهديين أمراً حتمياً لمن أراد أن يهتدي إلى الطريق الصحيح لبناء الأمة الإسلامية، ولن ينفع أن نبنيها على غير منهج رسول الله
___
🔻سبب الاقتصار على ذكر بعض جوانب العهد المكي في حياة النبي ﷺ:

في هذه المجموعة من الدروس نتحدث عن جانب من حياة رسول الله، وهو العهد المكي من السيرة النبوية، وليس الغرض من وراء هذا المجموعة استقصاء كل واقعة حدثت في حياة رسول الله في مكة، فهذا
أمر يطول شرحه، ويعجز البيان عن وصفه

 ●سبب الاقتصار على بعض جوانب
العهد المكي في حياة النبي ﷺ:
١-كثرة الوقائع والتفاصيل المسجلة
في حياته ﷺ
٢-التنوع في حياته ﷺ
٣-أثره ﷺفي بناء الجيل الفريد
الذي غير مجرى التاريخ
٤-حياة النبي ﷺ كلها أحداث عظيمة

📌1-كثرة الوقائع والتفاصيل المسجلة في حياته عليه الصلاة والسلام:

الأمر الأول: أن الفترة المكية قد سجلت كل وقائعها بدقة، وبالذات منذ مبعث رسول الله إلى أن مات، كل لحظة في حياة رسول الله منذ أن بعث وإلى أن مات سجلت، ولم تسجل حياة إنسان على وجه الأرض بهذه الدقة، حتى دخل التسجيل إلى أدق تفاصيل حياة الرسول ﷺ ،

ولعل من حِكَمِ زواجه ﷺ من عدد كبير من النساء: أن ينقلن الحكمة التي تعلمنها من حياة رسول الله الشخصية الداخلية التي لا يراها غيرهن، وما هذا التسجيل الضخم الدقيق إلا لأنه ﷺ قدوة كاملة، وليس بعده نبي إلى يوم القيامة، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:٢١].

إذاً: نحن مطالبون باتباع رسول الله في كل خطوة من خطوات حياتنا، في رضاه وغضبه ﷺ، في حزنه وسروره، وفي حله وترحاله، إذا رضي فهذا هو الموضع الذي يجب أن نرضى فيه، وإذا غضب فهذا هو الموضع الذي يجب أن نغضب فيه.

📌2-التنوع في حياته عليه الصلاة والسلام:
الأمر الثاني الذي جعل إحصاء كل أمر في حياة الرسول ﷺ أمر صعب: التنوع العجيب في حياة رسول الله ، فتارة يكون مطارداً معرضاً للأذى والاضطهاد كما في حادث الهجرة، يخرج الرسول ﷺ هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه فارين من أهل مكة, ورسول الله في ذلك مطلوب الرأس، وكذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، إلى أن يصلا إلى المدينة المنورة بعد أيام من الفرار،

وفي نفس سيرة هذا الرجل العظيم صلى الله عليه وسلم تجد أنه ممكنّ في الأرض، يرسل الرسائل إلى كل عظماء الأرض: من محمد ﷺ إلى كسرى عظيم فارس.
من محمد ﷺ إلى قيصر عظيم الروم.
إلى المقوقس عظيم مصر.

انظروا الفرق الضخم الهائل بين حالة كان يعيشها ﷺ، وبين حالة أخرى عاشها ذاته، تارة تجد أنه ﷺ يعاهد قوماً، وتارة يحاربهم، تارة يكون فقيراً معدماً يربط على بطنه حجرين من الجوع، ولا يوقد في بيته النار ثلاثة أهلة في شهرين،

وفي وقت آخر من السيرة تجد أن هذا الرجل ذاته قد أصبح غنياً تأتيه الأموال من كل بقاع الجزيرة العربية، وينفق الأموال في سبيل الله إنفاقاً غير مسبوق، يعطي هذا مائة من الإبل، وهذا مائة من الإبل، وهذا أكثر، وهذا أقل ينفق إنفاقاً عجيباً! هذا هو نفس الرجل الذي كان يتعامل مع المشركين واليهود والنصارى والمنافقين والمؤمنين، فتارة ينتصر عليهم، وتارة يهزم.
كل تنوع ممكن يحصل في حياة أمة قد حدث في حياة رسول الله.

إذاً: هذا أمر يجعل إحصاء كل مواقف السيرة أمر صعب جداً، خصوصاً وأنت تريد أن تلاحظ كل هذه المتغيرات في حياة رسول الله ضمن مجموعة واحدة من الدروس.

يتبع...بعد غداً بإذن الله

ﷺ السيرة_النبوية ﷺWhere stories live. Discover now