التاسع عشر

Start from the beginning
                                    

...................

كانت أيدي أحدهم مصدر لأفاقتي، فوضعت يدي على مكان الجرح الذي كان قد فُتح.
تألمت ملامحي، ونظرت بحزن إلى أطلال السيارة. الطريق فارغ، ولا وجود لريم.
وقفت بغضب فأنا على يقين أنه أخذها قسرًا عنها.
غمغمت ببعض الشتائم، فحتى لم أعد قادر على الوقوف أمامه بحجة أنها أصبحت زوجته!
ليتني اكتشفت ما يكنه صدري لها منذ البداية، لكني تغافلت عن دقات عالقة بها، وتوانى قلبي عن ترديد اسمها!

........................

مر ثلاثة أيام، وقمت بالخروج من المشفى بعدما تحسنت حالتي. خلال تلك الأيام جائتني مكالمة واحدة من ليلى وهي تطمئن عليّ.
شعرت بالألفة بوجود زياد جانبي، والذي ذهب إلى والدة ريم، أخبرني مدى سعادتها برجوع ابنتها إليها. كانت السعادة تحتل ملامحه بعدما عادت إليه حبيبته. لم تعد ملامحه حزينة مثلما عهدته عندما تقابلنا من قبل.
عودت إلى عملي، وكذلك عادتي التي قد اكتسبتها في تلك الأيام، وذهبت إلى بيت ليلى واقفًا لأراها من بعيد وأرحل.
وقفت وراء شجرة في المنتصف، وجدتها أتت من عملها، وكانت ستدلف إلى منزلها. تحركت أغصان الشجرة التي كنت أتحفى بها؛ فأصدرت صوت كان على إثره رجوعها لعدة خطوات. نظرت إلى تلك الشجرة، شعرت لوهلة أنها تنظر داخل عيني.
لم أجد مناص سوى أن أظهر لها نفسي. شعرت أنها تبتسم لكنها عقدت حاجبيها بتوتر.
اقتربت منها بخطوات ثابتة، لم تكن نظرة عيني لها حزينة كما كان في سابق العهد، بل تبلور بها شيء لم أكن آلفه من قبل.
ازدردت ريقي وقد تقابلت أعيننا في صمت، تجمدت كل الحروف، صرت عاجز عن رصد القصائد العديدة التي كتبتها في عينيها من قبل، لكني وأخيرًا داهمتها بكلمات خرجت من جوفي بهدوء قائلًا:
- كنت جاي عشان أشوفك.
توترت ملامحها، ورمشت بعينها، وصوت أنفاسها كان يدوي حولي. قابلت تعابيرها بابتسامة هادئة، وأخيرًا نظرت لي، وابتسمت بهدوء.
رفعت يدي، وكنت أمسك الوشاح، نظرت إليه لبرهة ثم عادت بعينها لي، فقلت بنبرة قد أخفت الكثير:
- كنتِ ناسية عندي.
هزت رأسها بهدوء، جاشت المشاعر بداخلي، وكنت سأتكلم إلا أن ذلك الشاب المسمى بطارق قد ظهر في وجهي.
وضعت الوشاح في جيبي بصمت، وكرهت حينها يوم ولادة ذلك الرجل الذي قاطع وقوفي معها للمرة الثانية.
توترت ليلى، وهي تخبره أني الذي قمت بأنقاذها من قبل. هز رأسه بهدوء، وشكرني بلطف، ثم أمسك بيدها، وعاد بها إلى المنزل.
ألتفتت العديد من المرات برأسها حتى أختفى طيفها من أمامي، وأختفيت أنا كذلك من المكان.
& بقلمي شيماء عثمان
....................

كأن بعد رؤيتي له طاف ذلك الشعور بداخلي من جديد، رائحة عطره صارت تتخلل أنفي برقة، كنت قد افتقدتها كثيرًا ،كما كنت افتقده هو أيضًا.
كنت أعلم بأمر الوشاح، لكني تفاجأت به بيده، والابتسامة تغزو وجهه بهدوء. كان هذا أول لقاء لنا بلا لحظات قاسية، بدون مغامرة جديدة، وبلا بكاء متصل.
أخذني أخي، ولم أعلم ما كان سيقوله لي. لكن وإن جئت للحق، فقلبي بات على يقين بما يكنّه لي ذلك اليحيى.
دلفت إلى غرفتي، وأمسكت صورة والدتي، وتحدثت معاها بحنين، باشتياق مراهقة لوالدتها لكي تقص عليها مغامرة حب جديدة.
لم أشعر بذاك الشعور مع خالد من قبل، ولم أكن أعلم أن حقًا هناك شعور يعادل شعور قلبي.
أغمضت عيني، وابتسم ثغري بهدوء حينما تذكرت الجملة التي قرأتها على مذكرته من قبل.
& بقلمي شيماء عثمان
...................

تائه في عيون عوراء(مكتملة)Where stories live. Discover now