التاسع عشر

395 42 26
                                    

الفصل التاسع عشر من رواية تائه في عيون عوراء.
لم أتركها وحدها في مثل ذلك اليوم. أعلم أن فقدان الأم صعب للغاية. سرت في الجنازة، وحملت النعش معهم. كان عماد يحمله معي أيضًا، ونظرات الغضب كانت تشع من عينيه تجاهي.
انتهت الجنازة، ورحل الجميع. سرت عدة خطوات إلى الخارج، وقفت في صمت، وأنا أعلم أن ريم بالداخل. خشيت أن أذهب، وأتركها معه. أعلم أن من المستحيل أن أفكر بريم، لكني لم أعد قادر على كبح زمام عقلي، وتكاد مشاعري تحيط بغلاف روحي.
ظللت هكذا حتى استمعت إلى صوت شجارهم، وصوت صرخات ريم. خطت أقدامي، فرأيته يدفعها داخل السيارة بعنف، ويقودها بعد أن شدد على خصلات شعرها بقسوة.
هرولت سريعًا تجاه سيارتي، وحمدت ربي أني أتيت بالسيارة.
سرت وراءه، وقلبي يختلج، والضيق قد أحاطني بهالة سوداء تنال مني كالنار في الهشيم.
حتى استطعت أن أتخطاهم، وقطعت عليه الطريق، فأصدرت العجلات صوت احتكاكها مع الأرضية.
هبطت من السيارة بغضب، وكذلك بغضب مماثل قام هو أيضًا بالخروج من سيارته.
أتجه إليّ عازمًا أن يقوم بضربي، وبالفعل رفع يده، لكني أمسكتها بغضب، رفع يده الأخرى، فسبقته يدي، وبعنف ضغطت على يديه.
ظللنا واقفين بأعين التحدي، كان يدفعني بعنف، فنثرت جسده بالكامل على الأرض. وقف وأنهال عليّ باللكمات، فباغته بالمزيد من اللكمات. كنت استمع إلى صوت ريم التي كانت تصرخ، وتترجى منا أن ننتهي مما تفعله.
خارت قوتي، ونزل الدماء من فمي، وكذلك كان وجه عماد ملئ بالدماء. استغل انشغالي بالدماء التي سقطت من فمي، فأمسك بحجر كبير وجده على الأرض، ورفع يده بعنف، واستعد لكي يصدمني به على رأسي.
& بقلمي شيماء عثمان
.......................

أهمل عماد صرخاتي، ووضعني بداخل سيارته، وكأني دمية. كانت دموعي تهبط بغزارة، ترى على أي جرح أبكي؟
كانت شقيقتي تكتم شهقاتها وهي تشدد يدها على ملابسي، وأنا أحملها بين ذراعي.
وجدت سيارة تقطع الطريق علينا، وحينما دققت النظر علمت أنها سيارت خالد.
خرج عماد بغضب عندما رأى خالد، وأيقن أنه يريد أنقاذي من قبضة يديه.
وجدتهم يتشاجرون بعنف، وظلت الدماء تتناثر على الأرض، خشى قلبي أن يقتل أحدهما الآخر، فوضعت شقيقتي داخل السيارة، وهبطت منها مهرولة.
صرخت بهم لكي يتركا بعضهما البعض، لكنهم أزدادوا في القتال، حتى وقع قلبي من مستقره حينما وجدت عماد يريد صدم خالد بالحجر، فأمسكت قطعة خشبية وجدتها، وبعنف صدمتها بيده، فسقط منه الحجر أرضًا. رفع عيناه بغضب، فرجعت بأقدامي بخوف.
وقف وبكل قوة يمتلكها ظل يركل خالد بأقدامه بعنف شديد في كل أنحاء جسده.
فقد خالد الوعي كثرة تلك الركلات، خاصة أن جرح السكين لم يتعافى منه تمامًا.
كنت سأذهب إليه، لكنه أمسكني من خصلات شعري، واتسعت حدقة عيناه بشكل قد أرعبني، سرت معه، ودموعي تتناثر.
قمت بالولوج إلى السيارة، وصرت أبكي بصوتٍ عالٍ. تغافل عن صوت بكائي، وقاد سيارته بنزق، حتى وصلت إلى منزله الكبير.
وقفت السيارة بهدوء، وفتح لي الباب، نظرت إليه بخوف، فمد يده بهدوء في محاولة منه لطمئنتي، نظرت إلى شقيقتي فوجدتها ترتعش.
حملتها من جديد، وقمنا بالخروج من السيارة.
دلفت إلى منزله، قُبض قلبي من وطأ أقدامي به، وعندما رأيته يأتي خلفي أحكمت يدي على شقيقتي، وقمت بإسراع خطواتي كي أخنفي من أمامه.

تائه في عيون عوراء(مكتملة)Where stories live. Discover now