الفصل الثاني

243 17 2
                                    

واحد زائد واحد يساوي اثنين
أسود وأبيض يخرجان رمادي
معادلات وقوانين ثابتة يسير عليها الواقع
لا وجود للصدفة!
ففي قانون الحياة لا يوجد كلمة مستحيل!
لكن هل جربت أن تزيح الستار قليلًا وتسلط الضوء على الجزء المظلم الخفي هناك؟
حيث لا وجود لقوانين أو قواعد.
حيث اللا مألوف هو الواقع.
الظلام نورٌ.
والمجهول هو الأكثر وضوحًا.
هناك لا شيء يحتاج ورقة وقلم.
كل ما تريده قلبًا قويًا وعقلًا لا يخضع لحسابات الممكن!
لأن هناك كل شيء خاضع لدستور المستحيل.

♕♕♕♕♕

بُتِر آخر جناح كانت تملكه فما عادت تستطيع التحليق، حتى القفز بات متعبًا!
أخلف عنه ندوبًا لا تُرى صعب شفائها!
شفاؤها يكمن في إيجاد الغائب الذي لم تره من قبل!

كانت تغط في نوم عميق إثر إرهاق الطريق والمسافة التي قطعتها، حتى انتشلها ضجيج شيءٍ ما من حلمها فأمسكت بأحد الأفرع محاولة الحفاظ على توازنها وهي نصف نائمة.
 أرهفت جيانا السمع للحظات تأخذ نفسًا عميقًا كي تهدأ ضربات قلبها لكن لم تجد شيئًا غريبًا!
غير متأكدة مما إذا كان حلمًا أو صوتًا حقيقيًا قد أيقظها؟
لعنت من بين أسنانها بغيظ تهمس لنفسها:
-"ولا حتى النوم أهنأ به!"
 قررت المغادرة على أي حال، كان الظلام لا يزال منتشرًا وهي بحاجة إلى الابتعاد عن البلدة قدر الإمكان.. فلن يمر وقت طويل حتى يكتشفوا أنها رحلت.
لم تفق بعد من نعاسها لتهم بفك قيودها وإعادة ربط أحزمة الحقيبة في أوضاعها الأصلية ثم وضعتها على كتفيها مع تأوه مكبوت، على الرغم من المعطف الثقيل كان كتفاها قد انزعجا من وزنها.
رفعت نظرها للسماء فرأت القمر مضطجعًا بين سحابتين تغترفان من وجنتيه الضياء، والنجوم من حولهم منتشرة كقلائد الدرر، تشعر كأنه يبتسم لها يرسم لها بضوئه زورقًا من نور في إشارةٍ لها بالرحيل.
ابتسمت بامتنان ونزلت إلى أسفل بأسرع ما يمكن وبهدوء، بدا شخير سكان الغابة الآن وكأنه هدير  جعلتها تبتسم، لكنها لم تتردد قبل الانطلاق في الليل مرةً أخرى.
سارت مسافة لا بأس بها حتى تغير محيطها من شجيرات ذات أعشاب طويلة إلى أراضٍ عشبية أكثر انفتاحًا مع وجود شجرة غريبة هنا وهناك.
كانت تقترب من حافة الصحراء وسيكون العثور على أماكن للاختباء بعيدًا أكثر صعوبة كلما تقدمت في السير.. نظرت إلى النجوم وأومأت إلى نفسها:
  -"على الأقل لا أزال أسير في الاتجاه الصحيح"
بعد ساعتين بدأ الأفق يتفتح أمامها ببوادر الفجر لتفكر في العثور على مكان للاختباء فيه بقية اليوم، فلن يمضي وقت حتى تشرق الشمس من رحم السماء تتسلم عرشها من القمر.
توقفت تنظر حولها ممسكة بيدي الحقيبة.. لا أشجار ولا مباني، فقط المزيد من العشب، لكن على مرمى البصر رأت تلًا صغيرًا أو شيئًا من هذا القبيل.
بأرجل مطاطية وجسد مرهق تمكنت من الوصول إليه قبل أن تشرق الشمس بالكامل، كانت مجرد كومة من الصخور لا أكثر، صخور كبيرة لكن لا كهف أو نتوء.
ارتسمت على وجهها علامات التعب وتقوس فمها ببوادر البكاء عندما تيقنت أنها يجب أن تزيح هذه الصخور حتى تصنع مكانًا مريحًا لها للبقاء، أزاحت أحد الصخور للجانب قليلًا متأهبة لظهور أي حيوان أو زمجرة لكن لا أصوات على الإطلاق.
 كانت متعبة للغاية بحيث لم تفكر بشأن الحشرات أو الزواحف المخيفة.
 انتهت من عملها ودفعت الحقيبة تحت الصخرة ثم لحقت بها، هذا المكان سيوفر بعض الظل والكثير من الوقت للاختباء، لقد كان مثاليًا.. كانت هناك مساحة كافية للاستلقاء على جانبها وساقيها مطويتين بعيدًا عن الأنظار، فاستلقت وانتظرت حلول الظلام مرة أخرى.
في نفس الوقت هناك أمام منزلها كان توم يطرق الباب بشيءٍ من القوة تزداد بين الطرقة والأخرى.. لكن لا رد!
أخرج هاتفه يطلب رقمها ولسانه يتوعد لها فوجده مغلقًا ليزمجر بشراسة:
-"اللعنة عليكِ جيانا"
أغضبه تجاهلها كما يفعل رفضها له الذي يشعر به بوضوح، وللعجب لا يهتم!
كل ما يهتم به هو امتلاكها.. شاءت أم أبت، هو قرر وانتهى.
عاد يطرق الباب مرة أخرى فلم يتلقَ إجابة، دفعه بكتفه عدة مرات حتى ارتد بقوة في الحائط ودلف بهوجاء يصيح:
-"جيانا!!"
كان الصمت إجابته فصاح مرة أخرى متجهًا نحو غرفتها:
-"إن كنتِ تتهربين مني أقسم لكِ سأجعلكِ تندمين"
فتح باب غرفتها يحيل بنظره فيها.. خزانتها مفتوحة، ثيابها مبعثرة على الأرض، فراشها منظم دليل أنه لم يُمس بالأمس!
استحال وجهه للشراسة واحتقن بدماء الغضب، يكز أسنانه بوعيد وهو يقبض بشدة على مقبض الباب يغلقه بعاصفة يخرج غضبه فيه، واندفع لخارج المنزل يرفع الهاتف يتصل بوالده:
-"جيانا ليست في بيتها، أرسل رجالك للبحث عنها في كل مكان، أظنها لم تبتعد بعد"
أغلق الهاتف دون سماع كلمة أخرى ينظر في نقطة ما في الفراغ بعينين مشتعلتين:
-"سأجدك.. وحينها لن تُفلتي من يدي أبدًا"

يحدث ليلًا "فانتازيا مكتملة"Where stories live. Discover now