PART 04

425 52 104
                                    

_ الأمطارُ تتساقطُ بعنفٍ على المدينة غير آبهة بسكانها الذينَ يهرعونَ نحو منازلهم متمنينَ أن لا تقومَ المطرُ بتبليلِ ملابسهم الشّتوية

الغيومُ قريبةٌ من الأرض وكأنّها ستقتحمُ المدينة إن نزلت للأسفلِ متراً واحداً فقط، وكأنّ الغيومَ تبكي بغزارة بسبب تركِ حبيبها لها

أو تبكي أسفاً على ذلكَ العاشق الذي يركضُ هلعاً في المستشفى وهو ينظرُ نحو الدماءِ الّتي تخرجُ من أنفِ حبيبته

أوقفته الممرضة بصعوبة كي لا يدخل نحو غرفةِ العمليات لتضطرَ الممرضة الأخرى بمساعدةِ صديقتها في منعه

توقفَ آخذاً أنفاسهُ المسلوبة والدموعُ تشّقُ طريقها على وجنتيه ثمّ غمازتيه، وكأنّ الدموع ستعلقُ في الغمازتين لكثرةِ عمقهما في خديّ آدم

جلسَ خابطاً جسدهُ على الكرسي بحزن وعينيهِ توقفتا عن ذرفِ الدموع بعدَ أن نفذت منه

لقد كانَ كلَّ شيءٍ بخير، لما أصبحت الأمور سيئة فجأةً هكذا؟ لما تنهالُ عليهم الهموم والأحزان واحدة تلو الأخرى؟

ما هو الشّيءُ السّيء الذي قامَ بفعلهِ في حياته حتّى يُعاقبُ عليهِ الآن؟ أو أن يُعاقبَ بها، أن تكونَ هي أداةُ العقاب

لما القدرُ أصبحَ غاضباً عليهِ فجأةً أيضاً؟ هل حقاً مثلما يقولون السّعادة ليست دائمة؟ أهذا ما كانا يقصدانه؟

أسئلة كثيرة تحومُ في عقلِ آدم مُحاولاً أن يُهدئ من روعه، بقيَ يُراقبُ عقاربَ السّاعة يعدُ الثواني والدقائق لخروجِ جودي من الداخل

مرّت نصفُ ساعة فقط قبلَ أن يخرجَ الطّبيب نازعاً الكمامة عن وجهه والعرقُ يتصببُ من جبينهِ رغمَ برودةِ الجو

اتّجه آدم نحوه بسرعة ليطمئن على جودي من الطّبيب الذي أجابَ على أسئلتهِ بإقتضاب

"فقدانها للوعي يدّلُ على أنّها متعبة جداً، وأعني أنّها متعبة من الورم، الورم أنهكَ جسدها وأنهكَ حواسها، فموقعه يُؤثر جداً على حاسّةِ السّمع والأذن أي بمعنى أنّهُ يؤثرُ على توازنِ الجسد، طالما بانّ التوازن يرتبط بالأذن.."

"ما يهمُ الآن، هل ستكونُ بخير؟.."

حكّ الطبيبُ جبينه مُتمعناً بالمكتوبِ على التّقرير الطّبي الخاص بجودي، بينما أرادَ آدم فقط أن تكونَ جودي بخير، لم يكن يُريدُ أكثرَ من هذا

"لن تكونَ بخير إن بقيت خارجاً، من الأفضلِ أن تبيتَ في المستشفى كي يتمُ العنايةُ بها جيّداً، بالإضافةِ إلى ذلك، فقدان التوازن يؤثرُ على حركةِ القدمين، ربما قد يؤدي إلى صعوبةٍ في المشي لها.."

أخذَ آدم شهيقاً بصعوبة بعدَ أن كان يحبسُ أنفاسه بسببِ كلام الطّبيب الذي جعلهُ يقلق أكثر على جودي

لعنةُ الخيالWhere stories live. Discover now