الغرارة

25 6 4
                                    


سقر نجيخ اليَم أذني، والآن سمعي الثقيل يضِنني.

------------

لم تكن الحديقة وحدها من ماتت بها الحياة، كل المدينة كانت مهجورة، حتى أنني مررتُ على مكان عمل أمي وكان فارغًا.

وهذا دب الرعب في أوصالي بصدق.

أين اختفى الجميع؟ أو بالأصح؟ أين اختفيتُ؟

« أمِن الأكيد أن جسدي اختفى؟ أمِن الأكيد أنني مِت؟
وها أنا أعلم بأنني هنا. ما هذا المكان؟
بارد وشاذ. أنا أدبُّ بالحياة، أنا أكذب.
نعم، أكذب..
..»

تعالت سطور القصيدة وهي ترفعني الدرجات لباب بيتنا، حيث وصلتُ بثوانٍ معدوداتٍ لم أكد أحسبها في حياتي.

أدخلتُ مفتاحي فاستقبلني الهدوء الذي يضج في أرجاء المنزل، بدا كمنزل قديم هجره سكانه، ليس وكأنني كنتُ مع عائلتي هنا منذ ساعتين.

ناديتُ أختي:«(باربارا)!»

صدى صوتي ولا شيء آخر في المكان.

توجَّهتُ نحو غرفتي بسرعة، ثم غرفة والداي، الحمام، المطبخ، المنزل فارغ، هجره سكانه بالفعل، ولكن إلى أين بدوني؟

خرجتُ المنزل، فإذا بضوءٍ يسطع في عيني يؤلمها، كانت الشمس في عز سطوعها، والبلدة أُحيى سكانها مرة أخرى.

تبًا، الأمر يتكرر!

لقد اختفيتُ في الغرارة مجددًا.

علمتُ منذُ بداية اليوم ان خروجي ودخولي لمنطقة راحتي كان يوجد بشكل مبالغ فيه.

وجدتُ تلك الفتاة تركض في الأرجاء بارتياب، إذًا لا بُد من أنها غريبة هنا، وجديدة، وبكل صراحة غير متوقعة.

دخلتُ الغرارة مرة واحدة حين كنتُ طفلة واندمجتُ في قراءة إحدى السلاسل الخيالية، فإذا بكل عائلتي تختفي، وأقع في غيبوبة مطولة، تكون عيناي مفتوحة بها ولكن جسدي لا يستجيب بأي مؤشرات.

كان من الجميل أن يتم استنساخ روحي وإدخالُها لسلسلة الكتب التي أقرأ. ولكن كان مرعبًا بحلاوة.

ولا أعلم كيف أو متى استيقظت، ولكن حين فعلت، بعضٌ من بقايا ذلك العالم اختلطت في واقعي. لهذا أنا خائفة دائمًا.

اقتربت مِني بملامح منزعجة، تبدو كفتاة سيئة المزاج:« يوجد شيء غريب، كان يوجد رجال ونساء عراة في الغابة قربًا من منزلي. »

ردت عليها: « اوه نعم، أظن شيئًا كهذا حدث..»

« هل تعرفين شيئًا أهو مقلب أو موكب تنكري؟»

« هذا عقلك، حسنًا، عقلنا. تم استنساخ أرواحنا لذا نحن هنا في إحدى الكتب أو العوالم الموازية.. شيء كهذا..»

ضحكت على ما أقوله:« لا يوجد شيء كهذا.. يالك من مجنونة..»

هذه الفتاة تلعب على أعصابي، من حسن حظها انني شخص هادئ الطبع وإلا لكان شعرُها رهان قبضة يدي.

قلت بعدم اهتمام وأنا اتفحص ما حولي:« هذا هو مصيرك تقبليه..»

« وكيف سنخرج من هنا؟»

رددتُ بصراحة:«لا أعلم..»

هذا العالم مختلف عن الذي دخلته سابقًا، وحتى وإن كان نفسه، فأنا لا أذكر ما الذي فعلته بالتحديد لأخرج، أنا فقط كنتُ فرحة وعشت المغامرة..

ربما هذه هي يجب أن نعيش المغامرة وحسب.

« فلنسأل من حولنا..»

أخبرتُها فأدارت عينيها وتمتمت:« سأضيع معك..»

------------

------------

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

210423

*قصيدة In the Deep Museum لAnne Sexton

اختفاءWhere stories live. Discover now