الفصل الأول

851 25 4
                                    


يقال ان أجمل الاشياء التى تحدث فى حياتنا تحدث عن طريق الصدفة..... يضعها القدر فى طريقك لتغير مسرى حياتك.....
وذلك ما حدث لحياة بطلينا التى كان من الممكن ان تسير فى إتجاه اخر وأن ترسم بطريقة مختلفة كلياً إن لم يضعهما القدر فى طريق احدهما الأخر........



ذات ليلة فى إحدى النوادى الليلية بإسطنبول خرجت سيفدا ذات الثمانية عشر ربيعاً تترنح من اثر الشراب..... كانت فتاة تشع حيوية و تمرد.... بقامة متوسطة الطول وشعر بنى ناعم يصل إلى منتصف ظهرها وعيون بنية تتقد ذكاءاً ....

قالت بنبرة ثقيلة تحدث اصدقائها الذين خرجوا معها
" حسناً يارفاق ، لقد اكتفيت لليوم سأعود أنا الى بيتى حتى اتعافى من تلك السيجارة التى اعطيتونى اياها ولندعو أن استفيق قبل ان تعود أمى من عملها فلقد اصبحت اضيق ذرعاً من معاتبتها المستمرة "
اقترب احدى رفاقها منها قاءلاً بصوت ثقيل مترنح وهو يقترب من أذنها ليلفحها بأنفاسه " سيفدا المسكينه لم تتحمل سيجارة مرجوانا صغيرة "
ثم التفت الى بقية الرفقة ليحدثهما صائحاً
" لقد اخبرتكم إنها لا تصلح لمرافقتنا ولن تستطيع التماشى مع أجواءنا "
ثم أبتعد عنها ضاحكاً ليصعد سيارته قبل ان ترمى سيفدا عليه بحجارة صغيرة ........

صعدت الى سيارتها بعد ان تركهها أصدقاءها وذهب كلاً فى طريقه..... فبالرغم من انها لم تكن قد أتمت الثامنة عشر بعد ولكن إنشغال والدتها الدائم عنها بسبب عملها والذى قد تسبب فى إنفصالها عن والدها وهى صغيرة جعلها ساخطة، طائشة مستهترة، خاصةً انها لم ترى والدها منذ صغرها ولا تستطيع تذكره حتى فكانت وكأنما تنتقم من والدتها في نفسها وتتعمد إستفزازها و إغضابها لتعاقبها، قادت سيارتها لتصل إلى منزلها لتتفاجئ بوجود والدتها به في حين انها كانت تعتقد انها ستبيت فى معملها كعادتها فى الأونه الاخيرة..... نظرت اليها بتأفف في حين واجهتها الأخرى التي كانت تقف فى منتصف الردهة تنظر اليها بغضب ولوم وحزن على حالها.... وخيبة أمل.... نظرات لم تكن لتعنى شيئاً لها لولا ماحدث فى الثوانِ اللاحقة.......  فلم تكد والدتها تفتح فمها لتعاتبها على حالها حتى فوجئتا بتهشم النوافذ من حولهما وطلقات نارية احاطت بهما من كل جانب......

قفزت والدتها لتغطيها بجسدها لينبطحا ارضا وسيفدا تصرخ جزعاً وتحمى وجهها قبل ان تشير لها والدتها لتتبعها زحفاً ليحتميا خلف أحدى الكنبات..... لحظات لن تمحى من ذاكرة سيفدا ماحييت... منظر منزلهما وقد هشمت الطلقات جميع نوافذه ومصابيحه فأصبح الظلام يحيط بهما قبل اقتحام ثلاث رجال للمنزل من خلال النوافذ المكسورة وشعورها بركبتيها المرتعشتان بينما والدتها تمسك بيدها تحاول عبثاً ان تطمئنها بيدين مرتعشتين وهى تهمس بحب ( تذكرى يا سيفدا فكل ما فعلته فعلته من اجلك ...... تذكرى دائماً انى احبك )
كانت هذه الكلمات الأخيرة التي سمعتها قبل شعورها بجدار حمايتهما ينتزع من خلفهما فألتفتت بجذع لترى الكنبة التي كانتا تحتويان بها تطير في الهواء ثم تقع ارضاً بجانب والدتها التي نظرت اليهم بشجاعة وهى تتقدمها لتغطيها وكأنما تخبرهم انها ترحب بالموت مادام سيظلوا بعيداً عن ابنتها ، لم يكد يستوعب عقلها الشاب تسارع الأحداث حتى رأتهم يفرغون رصاصتهم بجسد والدتها بلا رحمة .... فتحت فمها لتخرج صرخة مكتومة دفنت داخلها وعيونها تتسع جزعاً بينما تحجرت الدموع داخلها وهى ترى والدتها تسقط ارضاً جثة مسجاة مضرجة بدمائها التي تطاير بعضها عليها ......
تراجعت خلفاً وجسدها يرتعش وهى تردد راجية ( ارجوكم لا تقتلونى ) رجاء كانت تعلم جيدًا انه غير ذي جدوى لذلك اغمضت عينها في انتظار اجلها ودمعة قهر وألم خطت على وجهها ترثى بها حالها ، ولكن بدلاً من ان تسمع صوت الرصاص سمعت صوت اقتحام رجلاً اخر اتبعه صراع فأطلت بعينها بخوف وتردد لترى رجل يخترقهم في ثوان قام بنحرهم بيديه العاريتين في سرعة مهولة …
لم تتبين ملامحه من الظلام ولم يستطع عقلها المثخن وقتها استيعاب سرعته وطريقته فى قتلهم فقد كان اخر شئ رأته قبل ان تفقد الوعى خياله وهو يقترب منها ليحملها قبل ان يقفز بها من نافذة منزلها القاطنة في الطابق الثالث ويركض بها بسرعة اعتقدت ان عقلها المنهك هو من خيل إليها انها سرعة قد فاقت سرعة البشر .........................................................................




((((بعد مرور ٨ سنوات ))))

دخلت سيفدا مكان الجريمة حيث كانت المرأة ملقاة على الأرض يخرح الزبد من فمها والدماء من عينها … من أول نظرة قالت لصديقتها وزميلة عملها ( تولجا )
" حالة تسمم واضحة "
ردت عليها تولجا
" ولكن هل تسممت عن طريق الصدفة او هناك من أراد قتلها "
ابتسامة تهكم تدل على حكمها المسبق اجابتها بها 
" هذا ما سنتعرف عليه من خلال التشريح"
ثم التفت حول الجثة تعاينها وقالت مفكرة
" ولكن إن أردتى الانتحار هل ستتزينين هكذا وتخرجى بكامل حلتك بعد أخذ السم ثم من شكل جسدها يبدو انها كانت تحاول الحصول على المساعده كمن صدمت بعد ظهور الاثار عليها "
قالت صديقتها
" استقبلت الطوارئ إتصال يبلغ عن مكانها من مجهول "
اقترب منهما رئيس المحققين يمشى بتأني وهو يضع يديه داخل جيبى بنطاله ويشاركهما الحديث قائلاً
" جينيفر توكار زوجة المصور الفنى عثمان توكار أصلها روسى كانت تعمل عارضه ازياء فى بلدها وهناك تعرفت على زوجها وتزوجت وانتقلت للعيش مع زوجها فى تركيا "
قالت تولجا معقبة
" عمل زوجها صعب يتعامل مع الكثير من النساء الجميلات هل تظن انها حالة قتل بسبب الغيرة " 
اخرجت سيفدا صورة لبصمات اصابع وقالت بعملية وهى تبتعد عن الجثة بعدما اكتفت مما رأت
" هذا ماسوف نعرفه من نتيجة التشريح "

دخل أصلان منزله ليلاً وبمجرد فتحه للباب شعر بوجود شخص بالداخل فأتخذ هيئة الاستعداد وكتم أنفاسه ليركز حاسه سمعه الدقيقه كان بإمكانه سماع انفاس من فى البيت وتوقع انه شخص لا يشعر بالقلق او الخوف فصوت انفاسه يدل على الراحة ، كان هذا الرجل من يطلق عليه العميل اكس فقليلون من يعرفون بطبيعة عمله وبصلته بالمخابرات فلقد أدى تدريباته بسرية تامة وفى مكان مختلف عن باقى أماكن تدريبات باقى العملاء وضباط المخابرات،  ظهر أمامه رجل يعرفه جيداً فأسترخت عضلاته ووقف بإنتباه ، بينما تحدث الرجل مباشرةً
" كيف حالك أصلان مضى وقت طويل لم نلتقى "
لم يحرك أصلان عضله من وقفته العسكرية وهو يرد بإحترام
" بخير حال سيدى أعتقد أن هناك مهمة جديدة جيد فلقد مضى وقت طويل منذ أخر مهمة "
إبتسم الرجل لذكاءه المعهود وهو يؤكد على كلامه
" سنة كاملة كان يجب ان نختفى عن الأنظار والأن هذا الملف بين يديك سأتركك لتدرسه ، هذه هى أخر مرة سترانى أصلان وستعود لإستلام المهام بالطريقة القديمة فهذه العمليه مهمة جداً فالهدف هذه المرة ليس عدواً وإنما هو العالم النووى ( إحسان أورتايلى ) للأسف لقد تم إختطافه وهو يحضر مؤتمر علمى فى فرنسا وسيكون عليك ان تذهب لإنقاذه وإحضاره للوطن أما لو لم تستطع إنقاذه ف... "
لم يكمل الرئس كلامه ولكن أصلان قد فهم تماما فهو يعلم أهمية ما يملكه هذا العالِم من معلومات سرية وخطيرة تخص البلد فإن لم يستطع إنقاذه وإحضاره حياً سيكون عليه قتله لكى يضمنوا ألا تنتقل تلك المعلومات لإعداء البلد
أدى أصلان التحية العسكرية قائلاً بثقة
" سأقوم بإنقاذه وإحضاره حياً بإذن الله سيدى "
ربت الرئيس على كتفه وقال
" أنا على ثقه من مقدرتك ولكن يجب ان تسافر غداً الى فرنسا وتنجز المهمه خلال ٢٤ ساعة قبل ان ينقلوه الى بلدٍ أخر ويصبح مستحيلاً ان نجده "
ثم خرج بعد ان غطى وجهه بالقبعة .

كان أصلان قد استقل الطائرة المسافره الى فرنسا فى اول ساعات النهار وجلس مفكراً فى مهمته وداعياً ألا يضطر الى قتله فلقد كان يكره اللجوء الى القتل حتى ولو أضطره الأمر لذلك و مع أن عمله أساساً يقتضى ذلك ولكن أن يقتل جاسوساً لدولة معادية او قاتل محترف يريد القضاء على أشخاص مهمة للدولة او مجرمين متخفين ومحتميين تحت قناع النبل و البطولة هو شئ وأن يقتل عالم جليل كل ذنبه أنه أراد الخير لبلده فأختطفته بلدة أخرى لإجباره على إخبارها أسرارعلمه بعدما رفض التفاوض معها هو شئ أخر ، عقد حاجبيه مفكراً وعاقداً العزم أن يحاول المستحيل ليعود به سليماً لأرض الوطن ........

دخلت سيفدا وتولجا الى ليفانت طبيب المشرحة و المختص بكل ما يتعلق بالتشريح  والتحليل الكيميائي وال dna والذى أشار بكيس يمسكه بيده بمجرد رؤيتهن وقال مفسراً
" وجدت هذه الشعرة على قميص القتيلة وهى لا تخصها أو تخص زوجها "
قالت سيفدا " هل تقصد انها يمكن ان تخص القاتل "
قال ليفانت " هذا ما ظنتته ولكن الغريب انى عندما حللتها وجدت انها تحمل dna تالف  "
مطت سيفدا شفتيها وقالت
" يعنى لن تفيدنا فى شئ  "
تقدم ليفانت من مكتبه واخرج ملفاً قاءلاً
" أغلب الظن أنه تالفاً كما لم أجد له أى قاعدة بيانات عندنا ولكنى أشك فى أمر "
ثم فتح الملف وأخرج ورقة تحمل صورة مشوشة لشخص ما ليكمل كلامه
" كانت شهادتى فى الطفرات الجينيه وحينها درست حالة هذا الشخص أسمه أصلان كورت كان يعمل طبيب عام فى مستشفى العاصمة وقتها حدث انفجار في احدى مبانى تلك المستشفى وكان هو إحدى المصابين وقد كانت قدرته على الشفاء مثيرة للعجب مما دفعهم لتحليل حمضه النووى حينها أكتشفوا ان لديه طفرة جينية ولكنه توفى بعد ذلك بفترة بسيطة "
نظرت سيفدا الى الصورة الموجوده فى الملف وبالرغم من عدم وضوحها حضر الى ذهنها لمحة للرجل الذى أنقذها منذ ثمان سنوات ثم نظرت إلى ليفانت وسألته بشرود
" ماذا تقصد بطفرة جينية يعنى يمكنه ان يمتلك قوى خارقة مثلا "
ضحك ليفانت وقال
" ليست قوى خارقة بالمعنى المعروف يعنى لن يطير او يتحول مثلاً كسوبر مان ولكن يمكننا القول ان الطفرات الجينية تختلف بإختلاف طبيعتها يعنى من يمتلك طفرة جينية يكون لديه قدرة تختلف عن قدرات البشر العاديين فتجدى مثلاً ممن يعيشون بيننا من يعيش لمئات السنين او من لا ينام أبداً أو من يأكل أطنان من الطعام ولا يسمن أو من يستطيع أكل الزجاج والحديد وغيرهم من القدرات التى تفوق القدرات البشرية العادية "
سألت سيفدا بلهفة وقد بدأ الشك يدب داخلها
" هل يمكن ان يكون هذا أصلان كورت هو نفسه صاحب الشعره فى جريمتنا "
أجابها ليفانت
" يعنى عندما دقتت فيها أستطيع ان أجزم ان الجين قريب جداً من نفس الشخص ولكنه يختلف قليلاً كأنه معدل او تم التلاعب به إذا كان هذا ممكناً يعنى كأنه تم تعديله بطريقه تجعل طفرته تظهر بشكل أقوى لا أعلم إن كان هذا ممكناً حتى يعنى كانت كلها أبحاث نظرية ولم يعلن عن نجاح أحدها غير أن هذا الشخص الذى نتحدث عنه ميت ولهذا جزمت بأن الdna تالف"
وقفت سيفدا وقالت وهى تتجه للباب منهية الحديث
" معناه إما أن هذا أصلان هو نفسه وان شبحه أراد زيارة مسرح جريمتنا أو أن هناك سر أخر وراء هذا التشابه"
لحقتها تولجا وهى تقول
" مازال هوسك مسيطر عليك الشاب يخبرك أنه قد توفى وان الجين تالف أم أنك كالعاده تريدين أن تركضى خلف السراب وتفكرين بأن له علاقه بحادثة والدتك "
أجابتها وهى تحث من خطوتها بينما تولجا تسرع الخطى لتلحق بها 
" ولما لا ألم تقيد جريمتها ضد مجهول أيضاً وبسبب إستهتارى وثملى لم أستطع تذكر وجه الجناة ولهذا لم يأخذوا جزاؤهم حتى الأن إسألى نفسك تولجا كم جريمة سمعنا من ليفانت فيها كلمة dna تالف فلما لا يكون أصلان هذا الخيط الذى يصلنا بحل لغز هذه الكلمة "
ثم توقفت ونظرت إليها بإصرار لتكمل وهى تشير بإصبعها لصدرها
" لقد قتلت أمي امام عيني تولجا وبسببى انا وبسبب حماقتي لم نستطع الإمساك بقاتليها ولأجل هذا فقط دخلت كلية الشرطه ولن أرتاح حتى أجد من قتلها "
رافقتها تولجا كعادتها بالرغم من عدم اقتناعها الى المستشفى التى كان يعمل بها أصلان ليسألوا عنه فأخبرتهم أقدم ممرضة هناك أنه كان من أمهر الاطباء وأكثرهم شعبية رغم حداثة تخرجه وقتها فلقد كان محبوباً من الجميع لطيبته وحنانه ورقة قلبه حتى تلقى حادثة انفجار المبنى الجديد الملحق بالمستشفى وبعد ان أتم شفاؤه أختفى حتى سمعنا خبر موته "
سألتها سيفدا " ألم يكن لديه أصدقاء، أهل ،أين كان يسكن ؟ "
أجابتها الممرضة بعدما استغرقت وهلة لتعصف بذهنها حتى تتذكر
" على ما أتذكر أنه كان لديه صديق واحد كان يسكن معه فى نفس البيت أسمه أردا هورى ، أنا اكيدة فأنا اتمتع بذاكرة حديدية ولا أنسى خصيصاً الأسماء "
شكرتها سيفدا وهى تضحك داخلها وقالت هامسة لتولجا
" يبدو ان ممرضتنا تمتلك طفرة جينية هي الأخرى لتستطيع تذكر تلك التفاصيل كل ذلك الوقت "
اجابتها تولجا ضاحكة
" لا تكونِ جاحدة فلولا ذاكرتها تلك لما وصلنا لإسم صديقه بسهولة "
ذهبت الفتاتين الى مسكن أردا ليسألوه عن أصلان  والذى ظهر عليه الارتباك في البدء قبل ان يجيبهم متعجباً
" أصلان! هل تقصدون أصلان كورت لقد توفى منذ ١٠ سنوات لما تسألون عنه الأن "
قالت سيفدا وهى تراقب رد فعل أردا
" أنه مشتبه به فى جريمة قتل حدثت ليلة أمس وجدنا شيئاً يخصه فى مكان الجريمة"
للحظة أتسعت عين أردا وافتر فاهه بإندهاش وشعرت بإهتزاز صوته الا انه تداركه سريعاً ليخطف ضحكة يخبئ بها إرتباكه وهو يقول
" مؤكد هناك خطأ ما كيف لرجل توفى منذ زمن ان يقتل شخصاً هل أرسل شبحه مثلا "
اجابته بجدية
" هذا بالضبط مانريد معرفته "
توجه أردا الى مكتبه ليلتقت مفاتيحه قائلاً وهو يتجه تجاه الباب
" مع الأسف معلوماتى عن أصلان انه متوفى منذ عشر سنوات لم أره منذ هذا الوقت مع الأسف يجب على ان اتوجه الى عملى الأن كنت أتمنى مساعدتكم "
خرجت سيفدا وهى تقول لتولجا
" هناك أمر مريب فى هذا الرجل أشعر انه يعرف اكثر مما يخبرنا به "
اجابتها " ولكن كل المؤشرات تدل على انه توفى مؤكد حدث خطأ وسنكشفه ولكن يجب ان نتابع القضيه من باقى الجهات "
أومأت موافقه
" نعم بالضبط لنذهب الى محل عمل جينفر القتيله "
تحدثت سيفدا مع زملاء عمل جينفر والتى كانت تعمل فى معمل لصناعة أدوات التجميل و كريمات البشرة والتى كانوا يستخدمون مواد طبية وكيميائية بطبيعة الحال وجدت زميلتها قد جمعت حاجياتها لتأخذ مكتبها ففتشوا أشيائها ووجدوا به إختبار للحمل تحدثوا قليلاً مع كل عمال المعمل ثم عادوا لمكتبهم

عاد أصلان الى أرض الوطن ومعه العالِم بعد نجاحه فى إنقاذه إستقبله الرئيس فى مكتبه الخاص بالمطار وتحدث معه عن سرية شخصية أصلان وعن انه يجب ان ينسى انه رآه وانه من أنقذه
ابتسم العالم وقال
" أنا لم يسعدنى الحظ لأرى طريقته فى إنقاذى ولكنى كنت أسمع تعجب الخاطفين من قدراته المهولة كانو يرددون دائمآ قول مستحيل ان يستطيع رجل فعل هذا ولكنى دوماً كنت أؤمن انه ليس هناك مستحيل أمام قدرات البشر فالله خلقنا من طين لنصبح مرنين سهل تشكيلنا و تأقلمنا وخلق حواسنا قابلة للتدريب لتزيد كفاءتها "
حذره الرئيس قائلاً
" سيادة الدكتور أريد تحذيرك هذا أمر فى غاية السرية يمكنك إعتباره سر دولة ولا يمكن الحديث عنه ابداً مجرد ذكرك اياه بينك وبين نفسك يعرض حياتك للخطر "
أومأ العالم بتفهم وصافحه مودعاً وواعداً إياه يتحرى السرية التامة ……

كانت سيفدا فى هذا الوقت تتصفح حاسوبها تحاول الحصول على كافة المعلومات عن أصلان كورت وحاولت ربط اسمه بأبحاث الطفيلات الجينية والقدرات الخارقه و السرعة الفائقة كما حاولت ربط اسمه بيوم موت والدتها ولكنها لم تصل لنتيجه ثم فجأة تفاجئت بإنقطاع الكهرباء عن حاسوبها بدون اسباب وعندما فتحته وجدت ان كل البيانات التى ادخلتها عن اصلان قد مسحت مما أثار شكوكها أكثر فقررت العوده الى بيت صديقه
دقت جرس الباب فلم يفتح فأمسكت بدبوس شعر وفتحت الباب بتمرس ثم قالت بصوت مسموع
" أردا هورى مكتب جنائيات اسطنبول معى أمر بالتفتيش "
كانت تعلم انه لا يوجد أحداً كما كانت تعلم انه ليس معها إذن تفتيش ولكن فعلت ذلك لتزيد ثقتها وتخيفه إن كان يختبأ بدأت تتقدم فى البيت شيئا فشيئاً بروية ، أخذت تبحث بين الاوراق عن اى شئ يخص اصلان ولكن بدلاً عن ذلك وجدت ورقة مقطوعة من جريدة قديمة تتحدث عن حادثة والدتها وعن إنقاذها كما تتحدث عن هلوستها عن الشخص الذى انقذها أمسكت الورقه بذهول وقد تأكدت شكوكها ان لهذا الشخص علاقه بجريمة والدتها ولكن رنين هاتفها قاطع بحثها فأضطرت ان تعود للمكتب حيث أرسل ليفانت رساله بأنه قد اكتشف شيئاً هاماً عن القضيه. …… كان أصلان وقتها يراقبها من شاشة هاتفه الذى ارسل له تنبيه بإقتحام احدهم بيت صديق عمره والشخص الوحيد الذى يعلم سره ويساعده فى كثير من مهامه ...

وقف ليفانت ممسكاً بأنبوب فى يده وقال " هذه حشرة الفراش تعتبر كمصاص دماء فهى تقوم بالتغذى على دماء من ينام على السرير استخرجناها من سرير القتيله مع زوجها ولكن ما لاتعرفونه ان مصاص الدماء هذه تحمل خصائص dna لكل شخص امتصت دمه ويمكنها اخبارنا كم شخص نام على سرير القتيله وهذا ما اخبرتنا به فالقتيله لم تكن حامل ووجدت جين لامرأة حامل كما وجدت جين امرأة اخرى اعتقد انها كانت على هذا السرير يوم الجريمة وهذا يتضح بالطبع من نضج الدم الممتص وهذا ان دل على شيء يدل على ان الزوج الملتاع الحزين لمقتل زوجته لم يكن وفياً لها وكان يخونها اثناء تواجدها بالعمل على سريرها "

ذهبت سيفدا وتولجا لمقابلة الزوج بعدما تركوا ليفانت تحدثت تولجا قائلة
" معنا دليل على انك كنت تخون زوجتك هل ياترى اكتشافها لخيانتك وخوفك من فقدانك لنصف ثروتك ان هى طلبت الطلاق هو سبب مقتلها "
رد الزوج بخوف
" أنا لم أقتلها "
قالت سيفدا متحدثة بلهجة آمرة وحادة
" نحن لا نظن انك قتلتها ولكنك مؤكد السبب فى قتلها خيانتك لها التى أدت الى غيرة أحد عشيقاتك ورغبتها فى التخلص منها لذا أكتب لى اسماء كل إمرأة قمت بعلاقه معها ومن منهما قد حملت منك "
كانت من بين القائمة التي لم تكن بالقصيرة مساعدة جينيفر فقررا الفتاتان انها اكثر شخص يمكن ان يرتكب الجريمة لقربها من الضحية فذهبتا الى مكان عمل جينيفر لمقابلتها بادرتها سيفدا بالقول
" تحليل الحمل الذى وجد ضمن حاجيات جينيفر يخصك انت اليس كذلك عندما علمتى بحملك من زوجها اردتى التخلص منها معتقده انه سيتزوجك من اجل ابنه ولكنه لم يفعل ذلك معك فقط فانا لدى قائمة بعلاقاته وصدقينى ان اخبرتك انك لا تريدين رؤيتها ، والأن انت مقبوض عليكى بتهمه قتل جينيفر توكار فالسم الذى استخدمته فى تسميمها وجدناه فى خزانتك كما ان صبغتك الصفراء كانت حديثه بحيث انها علقت على ملابسها "

كانت سيفدا تمشى فى الشارع بعدما أغلقت القضية وعندما شعرت بخطوات شخص يراقبها دخلت محطة المترو وعندها تفاجأت انه ليس هناك غيرها بداخلها  لتأخر الوقت حينها هجم عليها رجلاً ملثماً حاملاً بيده سكيناً يحاول طعنها ولكنها عاجلته بركله اطاحت السكين من يده فانقض عليها يخنقها من الخلف فانقلبت لتقوم بتكبيل يده التى كان يحاول خنقها بها وركلته من الخلف مطيحه به فى الشارع فقام من الارض محاولا الانقضاض عليها فى نفس الوقت الذى ظهر رجلاً أخر حاملا مسدس كان يطلق عليها فى نفس اللحظة التى كان يحاول الرجل الاخر تكبيلها وفى نفس اللحظة قامت هى بالتشقلب بحركة بهلوانية كلاعبين الجمباز جعلت نفسها خلف الرجل ليتقدم امامها فتستقر الرصاصه التى كانت موجهه اليها فى قلبه لترمى بجثته ارضاً وتهاجم الرجل الاخر بركله لتبعد المسدس عن يده وتحاول ان تركض لتمسك بالمسدس ولكنه ركض ليركل المسدس ليقع على قضيب القطار فى نفس اللحظة التى ظهرت فيها امرأة أخرى هجمت عليها من الخلف لتكبل يدها ليتقدم الرجل منها فى بطئ وقبل ان يوجه اليها الرجل لكمة كانت قد انحنت لتوقع المرأة من على ظهرها ولكن بمجرد ان اعتدلت وجه اليها الرجل لكمة أوقعتها أرضاً وعندما حاولت الوقوف كان قد ركلها ركلة أوقعتها فى فتحة قضيب المترو وقف فوقها وسحب مسدسه ورفعه امام وجهها وقبل ان يطلق رأت خيال رجل ينقض عليهم ليضرب رقبتهم بضربه ثنائية سمعت على اثرها صوت رقبتهم تكسر وخيال اجسادهم تقع كانت عينها متسعه ترى خيالات امامها لرجل قد قضى على رجل وامرأة فى ثوان قضت هى اكثر من ربع ساعة فى منازعتهم رأته يذهب  فوقفت لتنادى عليه وتحاول ان تراه فى نفس اللحظة التى سمعت بها صوت القطار يقترب نظرت برعب لضوء القطار الذى يقترب واطلقت لقدميها العنان لتركض امامه وفى اللحظة التى اقترب بها القطار كثيراً واعتقدت ان نهايتها قد اوشكت لمحته يعبر من امام القطار فى سرعة رهيبة ليلصق جسدها بالحائط ويلتصق بها يحمى جسدها بجسده بينما هى تلهث من الصدمة والخوف والاثارة والمفاجأة شعرت بعضلات صدره القوية تكاد تكسرعظام ظهرها بينما طوله الذى يغطيها بنصف متر على الاغلب فقد كان يسند ذقنه على أعلى رأسها مر القطار فشعرت بعضلاته ترتخى من خلفها فالتفت لتواجهه قبل ان يهرب مجدداً ثم حبست انفاسها كان هو حدثها اخبرها وقلبها أكد لها انه هو  " أصلان كورت " قالتها بصوت مسموع وهى تتفرس ملامحه… جسده مفتول العضلات طوله الذى يتعدى المترين شعره الأسود الكثيف والمشرب بعناية و عيونه السوداء الغاية فى الدهاء التى تتفرس ملامحها بدورها شعرت بجسدها يتخدر وهى تستمع لصوته الرخيم والذى لا يقل جاذبية عن شكله قبل ان يمسك يدها ويسحبها خلفه ليركض دون ان يترك لها فرصة لإلتقاط نفسها
" هيا يجب ان نخرج من هنا سريعاً فأنا ٔعتقد انهم قد عطلوا الكاميرات لفترة محددة حتى يتموا عملهم معكى وسيعيدونها فى اى وقت ليتأكدوا من إتمامهم للعمل "
سألته وهى تركض خلفه
"كيف تعلم كل هذا من هؤلاء وهل تعمل معهم و من أين تعرفهم "
اجابها بصوته الجمهورى
" لا وقت للأسئلة لأوصلك لمكان أمين أولاً "
أوصلها منزلها وتوقف فى شارع جانبى قائلاً
" هنا نهاية ما أستطيع الوصول اليه فأمام منزلك يوجد كاميرا وليس من مصلحتنا ان نشاهد سوياً "
نظرت الى الشارع ثم اليه وسألته
" كيف تعرف ذلك ،من أنت، ولما يعتقد الجميع بموتك وماذا كنت تفعل بجانب جينيفر القتيلة"
قاطعها قائلا
" الأن أصعدى الى منزلك ولكن افتحى بحرص وتأكدى انه لا يوجد أحد بالداخل فطالما قد حاولوا قتلك مرة يعنى ان حياتك اصبحت فى خطر منذ الأن وأنا سأصعد الى غرفتك بعد قليل "
عقدت حاجبيها تسأله
" تصعد الى غرفتى كيف ، من أين تعلم مكان غرفتى ،وكيف ستصعد اليها "
اقترب ووضع اصبعه على فمها مفاجئًا إياها بحركته ليسكتها قائلا
" فقط اصعدى الأن وسألحق بك وسأوضح لك كل شئ حينها "
دخلت منزلها فلم تجد به أحداً وبمجرد دخولها غرفتها وجدته امامها قد سبقها اليها يقف فى منتصف الغرفه ، شهقت ثم سأٔلته
" كيف صعدت قبلى الى هنا و من أين دخلت ، ثم نظرت الى نافذة الغرفه لتدرك انه قد استخدم السلم الجانبى والذى يقترب من نافذتها ويصل الى السطح والذى ينتهى بنفس الشارع الجانبى الذى تركته عنده فالتفتت اليه وابتسمت لتسأله مجدداً
" إذن من انت بالضبط طبيب ام قاتل ام لص منازل ام سوبر مان الذى انقذ حياتى مرتين "
رفع حاجبه متساءلاً
" مرتين !! "
ابتسمت وقالت بسخرية
" لا تخبرنى انه لم يكن انت من انقذنى من الموت منذ ٨ سنوات فأنا اكيدة انه انت "
نظر الى قدمها وقال وهو يمسك يدها ويجلسها على السرير
" أولاً يجب ان نطهر جرحك قبل ان يسوء هل لديك أدوات إسعافات أولية هنا "
أومأت برأسها وأشارت له للخزانه ليفتحها ويخرج حقيبه الاسعافات الطبية وهى تنظر الى قدمها فى تعجب من أين علم بجرحها فلم يقطع بنطالها حتى ولا تظهر عليه اثار الدم للونه الغامق
انحنى امامها وأخذ قدمها بين يديه وقد امسك بالمقص " مع الاسف سأضطر الى قص بنطالك إذا كنتى لا ترغبين فى خلعه بالطبع لأعالج الجرح "
تنحنحت وهى تشعر بإضطراب دقات قلبها وهو يمسك بركبتها بين يديه ويقوم بقص المنطقه المحيطه بالركبة من البنطلون ليرتفع حاجبها وهى ترى عمق الجرح
" كيف علمت بجرحى اذا كنت انا لم أشعر به حتى اثناء كل ما حدث "
نظر لها وقال بعد ان أدار عينه ليلتفت للجرح وهو يطهره بيد خبيره
" من رائحة الدم "
صاحت متعجبة
" ماذا !!! هل تريد اخبارى انك شممت رائحة دمى من تحت بنطلون الجينز الثقيل هذا " 
غطى الجرح واعتدل واقفاً وهو ينفض يده وقال ببرود ونبرة هادئة 
" هذا شئ عادى لشخص تعود على رائحة الدم ،و أنتى كيف علمتى ؟ "
اجابته متسائلة
" كيف علمت ماذا ؟؟ "
نظر بتمعن لها كأنه يحاول إختراق عينها " أننى من أنقذتك من ثمان سنوات "
هزت كتفيها وقالت
  " لا أعتقد انه يمكنك ان تقابل رجلاً يتمتع بسرعتك وقوة جسدك مرتين "
غمز لها بعينه وقال ممازحاً
" أنتى أيضاً لا يستهان بكى فالقد أوسعتى رجلين وإمرأة ضرباً "
هزت رأسها مجيبه
" لا تنسى أننى شرطية و الأن أخبرنى ماذا كنت تفعل فى مسرح الجريمه ؟ "
هز كتفيه يجيبها بنفس اسلوبها
"وانتى لا تنسى أننى طبيب "
رفعت حاجبها لتسأله
" هل تقصد انك كنت تحاول انقاذها"
مط شفتيه مجيباً إياها
" كانت حالة تسمم واضحة لمحتها تترنح فى الشارع قبل دخولها الفندق و قد كانت عينها جاحظة ويديها مرتجفتين كما انها كانت تأخذ نفسها بصعوبه لم أحتاج وقتاً لأعلم انها حالة تسمم حاولت إنقاذها ولكنها بدأت فى التشنج فعلمت ان السم المستخدم قوى ومن النوع الذى لا تظهر أعراضه الا بعد سيطرته على الجسد وانتشاره فأتصلت بالطوارئ علهم يستطيعون انقاذها ثم ذهبت سريعاً حيث شعرت باقتراب شخص من المكان "

ردت عليه بحذر
"يعنى لقد علمت انها تسممت وشعرت بخطوات شخص وانت منكب على انقاذها وشممت رائحة دمى ما حكايتك بالضبط عندما كشفنا عن حمضك النووى وجدناه تالف ام انك لديك طفرة جينية وهذا يفسر قدراتك الهائلة لقد كانت امى تقوم بعمل الابحاث عن الطفرات الجينية وانواعها هل لهذا علاقه بك ألهذا كنت موجود يوم مقتلها هل تعلم شئ عن حادثتها "
رفع يديه امام وجهها ليوقف استرساله في الحديث
" مهلاً مهلاً أولاً انا لا أعلم شئ عن حادثة أمك فقط يمكنك القول اننى كنت فى المكان والوقت المناسبين لانقاذك ثانياً ليس لقدراتى أى علاقه بالطفرات الجينيه و الابحاث اننى فقط اتمتع بلياقه عالية و قد قمت بتدريب حواسى طيلة سنوات لأقويها ألا يقولون ان من يفقد البصر تزداد لديه حاسه السمع والشم هذا يحدث لأنه يقوم بالتركيز على الحواس الاخرى عندما يفقد حاسه ما وانا قمت بتدريب نفسى على استخدام وثقل حواسى جميعاً فى وقت واحد "
وأكمل وهو يقف عند حافة شباك غرفتها
" إن كنت قد انتهيت من طرح الأسئلة علي منذ قابلتك ولقد اجبتك فقط لإملئ فضولك ولأحذرك يجب ان تبتعدى عنى وتوقفى بحثك حولى فأنت تعرضين حياتك للخطر بهذه الطريقه "
وقفت تستوقفه قائلة
" أنتظر أنت لم تخبرنى بأهم جزء لما أنت ميت ؟ "
توقف وهو ينحنى بين حدود الشباك والتفت اليها وهو يمسك بيده الاطار قاءلاً
" هذا الأمر يجب ان تنسيه كما يجب ان توقفى البحث عنى صدقينى من اجل حياتك لا تضعى اسمى فى متصفح الكترونى ولا تبحثى عنه بعد الأن هذا فقط ما ينبغى عليك معرفته "
ثم قفز ليصل الى السلم الجانبى تاركاً اياها تنظر خلفه وقد ازدادت حيرتها وفضولها ..................


حرب الفراشة بقلم رويدا نبيل تميمWhere stories live. Discover now