أعين السماء || EYES OF SKY

By VedaylightRa

1M 65K 20.2K

هيَ وهوَ كانا رفيقين مختلفين عن الآخرين.. شعرت بقبضةٍ حديديةٍ تعصر صدري حتى أصبح صدري يعلو وينخفض بوتيرةٍ غي... More

المقدمة
Part 1
Part 2
Part 3
Part 4
Part 5
Part 6
Part 7
Part 8
Part 9
Part 10
Part 11
Part 12
Part 13
Part 14
Part 15
Part 16
Part 17 - End of the season one -
Part 18
Part 19
Part 20
Part 21
Part 22 - Farewell -
Part 23
Part 25
Part 26 - End of the season two -
INTRO 27
Part 28
Part 29
Part 30
Part 31 -THE END-
|| Special Part ||

Part 24

20K 1.5K 347
By VedaylightRa





~ بيتر :

الظلام الذي بالسماء كان ظلامًا عجيبًا ظلامٌ أحلك من حلكة الليل..ولم يكن بالحقيقة ليلًا بل نهارًا ولكن لا أثر للشمس ، السحب التي تكاثفت وتبلدت لم تكن عابرةً كما ظننت بلّ صبت مطرًا شديد الغزارة بغضبٍ وسخطٍ..وحزنٍ كبير.

أنزلت بصري عن السماء للألفا مايكل الذي تقدم أمامنا بحلةً سوداء كما كان يرتدي الجميع هنا ليضع باقة الزهور البيضاء على قبرها..قبر ' بليكسي فيرمن ' وربما هنا وفي هذه النقطة أدركت..بأنها حقًا رحلت..رحلت دون عودة لن أجدها عندما أدخل لمكتب الألفا لن أجدها من حولي وتحاول إستفزازي بأيّ طريقة لن أجدها بجانبي تواسيني وتنصحني كأفضل صديقة وأخت..لن أجدها على الإطلاق..

أيقظني من شرودي تأشير الألفا مايكل برأسه لي..عينيه الرماديتين ذابلتان متعبتان وتعابير وجهه...؟ لا أعلم بدا ضائعًا تائهًا بلا مخرج ومرهقًا للغاية.. رغم هالته القوية والقاسية ، أومأت له بخفةٍ ليتراجع من أمام قبرها مفسحًا المكان لنا لي ولإيڤا التي لم تتحرك من مكانها بردائها الأسود وشعرها الرمادي المربوط وسيمائها الفاقدة للونها الشاحبة وجفونها السفلى محمرةٍ زرقاويتيها مشتتين وكأنها بعالمٍ آخر أخرجته منها بلطفٍ عندما وضعت يدي خلف ظهرها لنتقدم.. ، هزت رأسها بإيماءة ضعيفة دون أن ترفع رأسها لي تتشبث بيدها بباقة الورود التي تحملها وبيدهاالأخرى بالمظلة السوداء لتتقدم على مهلها بأبطئ خطواتها وسايرتها..فأنا أعلم أنها تفكر لو أنها أبطئت بخطواتها لربما يكون كل هذا غير صحيح ليس بحقيقةٍ يتوجب عليها التعامل معها لن يكون عليها تحمل مرارتها وألم إدراكها.. إلا أن هذا لم يحدث.

فور وقوفنا أمام قبرها مباشرةً يدها أسقطت المظلة أرضًا لتهاجمها بلا رحمةٍ قطرات المطر مغرقةً إياها شفتيها الجافة إرتجفت وزرقاوتيها إغروقت بالدموع تطالع إسمها المحفور على الحجر.. وسالت دموعها مختلطةً مع قطرات المطر التي تملأ وجهها ولا تزال سقطت على ركبتيها وهي تنفي برأسها بعدم تصديق قبل أن تنخرط بالبكاء بشدةٍ..مثلما إستمر الحال منذ يومين منذ معرفتنا بمقتل بليكسي..تُمثل القوة والصمود في لحظةٍ وتنكسر لتبكي في لحظةٍ أخرى " آسفة بليكسي..آسفة لأنني كنت الصديقة المتهجمة آسفة لأنني كنت أتظاهر بالإنزعاج بكل مرةٍ تقاطعين عزلتي بينما كنت بداخلي أقفز من السعادة آسفة لأنني كنت صديقةٍ مريعة..آسفة حقًا.." أجهشت بالبكاء بين كلماتها المكتومة بيديها التي أخفت وجهها لدقائق كانت طويلةٍ للغاية لي وأنا أسمع شهقاتها المكتومة المتتالية إلى أن حررتها أخيرًا مبعدةً يديها عن وجهها المحمر من بكائها تتأمل قبرها مجددًا وشهقاتها الباكية تجعل من بدنها ينتفضّ بمكانه وبصعوبةٍ تامةٍ رسمت إبتسامة صادقة من منبع قلبها على شفتيها المرتعشتين مميلةً رأسها قليلًا وعينيها مملتئتين بالدموع التي تطالبان بالفيضان والتحرر تحدق بحُبٍ دفين لتنبس بصوتٍ مرتعش " وشكرًا لكِ..شكرًا لكِ لكونكِ أول صديقةٍ لي شكرًا لكونكِ تحملتني بعيوبي وأحببتني علنًا كما فعلت أنا سرًا ..شكرًا لكِ بليكسي فيرمن أنا حقًا أحبكِ صديقتي..".

رفعت مظلتها عن الأرض لأضعها فوقها مع سترتي الكبيرة التي حاوطت جسدها الضئيل مقارنةً به ، رفعت رأسها ناحيتي ودموعها توقفت عينيها دامعتين لكنها لا تذرفها وشفتيها لاتزال ترتعشان أومئت لها بإبتسامةٍ صغيرةٍ بأنها أبلت حسنًا..بأنها قامت بما يجب عليها فعله وأن عليها الإرتياح من جميع الندم الذي شعرت به وقد إبتسمت مجددًا إبتسمت لي بإرتياح لتضع الورود على القبر الذي إمتلأ من الورود التي عليه كما الذي بجانبه..الذي كان يخص شقيقتها الكبرى..مايا ، نهضت مستقيمةً ووضعت أنا ورودي هامسًا بالكلمة الوحيدة التي إستطعت النطق بها " شكرًا.." لنرحل من أمام القبر ونقف بجانب الألفا مايكل..التي لم تغادر عيناه الذابلتين ولو لثانيةٍ عن قبر بليكسي وتنهد..تنهد تنهيدة طويلةٍ تحشرجت به أنفاسه بنهايتها وتحمرّ رماديتيه بدموعٍ أبى إسقاطها وفي لحظةٍ عينيه المحمرتين بدأتا وكمنّ بحث عن أحدهم أما أنا توجهت عيناي لنيكولاي الذي إنحنى واضعًا وروده على قبر بليكسي دونه..دون إيثان برفقته..سُحب إنتباهي من طرفها عندما رفعت من قامتها لتوقع رأسها مابين كتفي ورقبتي وحاوطت وسطي بذراعيها التي إحداها ربتت على ظهري برقةٍ ولينٍ جعلتا مني أخفض رأسي لأمرغ أنفي بعبق شعرها الرمادي مغلقًا عيني التي أنذرتا بذرفٍ الدموع وأتملك خصرها بشدةٍ إليّ مستمدًا القوة منها..فبعد وسمي لها تغير كل شيئ وتضاعف كل شيئٍ كنت أشعر بها تجاهها..وبتّ أشعر بها وتشعر بي أكثر.

إنتشر الناس وتفرق الحشد الأسود فور نهاية الجنازة ، جذبت إيڤانورا لي من خصرها لتلقي عينيها الزرقاء كزرقة البحار بخاصتيّ الخصرواتين بلقاءٍ هادئ لبرهةٍ قبل أن تبتسم لي بخفةٍ مغلقةً عينيها بالإيجاب والتفهم وهي تمسح على كفاي اللتان تأسران خصرها
هامسةً " سأكون بخير لوحدي بيتر..فلتعتني بها رجاءً " فهمتني دون أن أفتح ثغري وأنطق بما أريده..دنيت منها لأطبع بقبلةٍ طويلةً على جبينها وأحرر خصرها من كفاي لتلوح لي قبل أن تستدير متوجهةً لمنزلها...

مسحتُ دمعةً متمردةً سقطت ووجدت طريقها إلى وجنتي تزامنًا مع إشتمامي لرائحة نيكولاي الباهتة بسبب المطر واقفًا بخلفي وأزفر من ثقل الهم والتفكير الذي لازمني هذا اليومين ، تقدم هو واقفًا أمامي وتفحصته من رأسه حتى أخمص قدميه..حالته كانت فظيعةً كما كنت أنا تمامًا..، شعره البني والذي يتخلخله بعض الخصلات السوداء رطبٌ مبعثرٍ وبعضه تساقط على جبينه بتمردٍ رماديتيه الملطختين بالزرقة فاقدة للحياة كما وجهه والهالات تكسو أسفل جفنيه مبللٌ بالكامل " هل..؟ " سألني بعد مدةٍ بصمتٍ وتوقف دون أن يكمل سؤاله وكأنه على حافة الإنهيار وعرفت ما يسأل عنه نفيت بيأسٍ برأسي قائلًا " لا ، لا تزال نائمة لم تفتح عينيها ولو لمرةٍ واحدةٍ..ماذا عنه ؟ " مد كلتا كفيه ناحية شعره المبلول ومرر كفيه مرارًا وتكرارًا بشعره بغضبٍ شديد دون أن ينطق بحرفٍ واحدٍ حتى نطق بهمسٍ خافت دون أن ينظر إلي محاولًا إستعادة صوابه " يرفض الخروج من الغرفة..لا ينطق لا يجاوبني فقط قطع جميع الروابط العقلية يحبس نفسه منذ إستيقاظه بتلك الغرفة اللعينة والتي لا نستطيع إقتحامها وإخراجه من مؤخرته بعد أمرٍ من الألفا مايكل بعدم فعل ذلك ".

دعكت جسر أنفي مومئًا للحظاتٍ والصمت فقط ما بيننا...فلا نجد ما نقوله حقًا ، كانت وهلةً حتى بدأ يفرّك أصابعه بتوترٍ ويفتح ثغره تارةً ويغلقها تارةً أخرى بترددٍ ومقلتيه متزعزتين " ماذا هناك..؟ " سألته وزمّ شفتيه ليرفع مقلتيه لخاصتي وألمح بعض الإنكسار والرجاء بيريقهما الخافت " هل تعتقد بأنها ستستيقظ..؟ " سألني بصوتٍ منخفضٍ خائف من الجواب وبالكاد تمكنت من وضع إبتسامةً على شفتاي " ستفعل حتمًا..إنها كتاليا " قلت ذلك..قلت ذلك ولكنني لم أكن أصدق ما أقوله لم أكن أثق بكلامي هذا فقد كنت مثله تمامًا خائفًا من الإجابة خائفًا من حقيقة تواجد إحتمالٍ بأنها ستبقى بغيبوبتها تلك.. ، أومأ بإبتسامةٍ واهنةٍ قبل أن يغادر من هنا وعلمت أنه رغم تذمره وغضبه وعتابه إلا أنه سيعود مجددًا لإيثان..

وأنا الآخر توجهت إليها...فتحت الباب ليقابلني الهدوء والسكون الذان لطالما كانا هنا منذ يومين مع صوت ضربات المطر بالزجاج والضوء الخافت من الأبجورة التي بجانب سرير كتاليا ...أغلقت الباب من خلفي بتنهيدةٍ لم أستطع كبحها وبدموعٍ لم أستطع منعها من التكون والتجمع بمقلتاي..إستجمعت شتاتي ومسحت وجهي وأنا أتقدم للداخل ناطقًا بما كنت أنطقه منذ يومين بكل مرةٍ أدخل لحجرتها " كتاليا..سأجد فتاةً أخرى لإيثان إن لم تحركِ مؤخرتكِ عن السرير-" علقت الكلمة الأخيرة بحلقي وعيني المتوسعة لا تصدقان ماتراه..كتاليا مستيقظة مستقيمةً بجزئها العلوي وتنظر بشرودٍ للنافذة التي تضربها قطرات المطر الغزيرة..

ضوء الأبجورة الخافت إنعكس على سيمائها ليظهر فراغها البارد..وعينيها الفاقدة لبريقها المعتاد " هل أتيت من جنازة بليكسي..؟ " بهدوء وبنبرةٍ هادئةٍ بشكلٍ مميت سألتني دون أن تفارق عينيها النافذة ولم أجب..المشاعر تتضارب بداخلي مابين السعادة والحزن والخوف والحيرة وعقلي يفكر بما سيخلف جوابي من أثرٍ عليها وهي للتو إستيقظت من غيبوبة دامت ليومين ونصف..، همهمت لصمتي الذي أفادها ربما بالجواب الذي لم أستطع البوح به..، وفقط هكذا..ظلنا هكذا أنا أحدق بها وهي تحدق بالنافذة ولم أعد أعلم إن كانت شاردة أو تحاول الهرب أو حتى ضائعة..نبض قلبي بقوةٍ لعينيها التي إلتقت بخاصتي والتوتر غلفني مما ستقوله بسبب إبتسامتها التي تظهر على شفتيها..والتي لا تمت للسعادة بأيّ صلةٍ ولا للحزن كذلك..كانت خاويةً بالكامل " لن أبكي ولن أنهار بيتر..لا تقلق لقد شبعت من ذلك بالفعل " صوتها إختفى بنهاية حديثها بسبب الجفاف لتعقد حاجبيها بألمٍ ويدها إتجهت لحلقها وهنا إنتبهت وقطبت بحاجبي بتعجبٍ إنتبهت لتلك العلامة التي لم تكن موجودةٌ من قبل عليها !! ظهرت فقط هكذا من العدم ! تقدمّت بخطواتٍ سريعةٍ جعلت منها تنظر بي بتساؤلٍ " ما تلك العلامة التي بأسفل عظمة تروقتكِ كتاليا ؟ " صوتي خرج منفعلًا دون شعورًا مني ولكن كل ذلك بسبب القلق الذي تفاقم بداخلي والذي تفاقم أكثر فأكثر عندما أنزلت نظراتها للعلامة ولم تبدي دهشتها لظهور تلك العلامة السوداء التي تشكل نجمةً تلتقي أطرافها بدائرةٍ تحاوطها .

رفعت بزرقاوتيها ذات الحواف البنفسجية لي زرقاوتيها التي تغير بها شيئٌ ما وكأن شيئًا بها بات أكثر قوةً وثباتًا.. ومتجاهلةً سؤالي كليًا مغيرةً الموضوع نطقت بتصميم غير قابل للنقاش " أين هو ؟ " ..




............
..........
........
.......
......
.....
....
...
..
.





قصرٌ مهجورٌ ولكن فاخر التصميم بعيدٌ عن القطيع بالقرب من حدوده..وقريبٌ من إحدى أماكن إختلائه بنفسه تلك البحيرة ذات المياه النقية ، مكانٌ آخر يختلي به لم أعلم به إلا الآن.. المطر أغرقني بقطراته جاعلًا من خصلات شعري تلتصق بوجهي ولم أمانع حقًا أحببت شعوري وكأنني أغسل وأنقى من جميع تلك المشاعر السوداوية..فتحت البوابة الكبيرة ذات اللون الخشبي بكلتا يداي لينزاح الباب مصدرًا صوت صريرٍ تردد صداها بين جدران القصر المهجور لأدلف للداخل وبكل خطوةٍ أخطوها كان الغبار والتراب يفر هاربًا من وقعات خطواتي وصوت وقع حذائي يصنع صدى ذا ضجيج رقيق إمتزج جيدًا مع ضربات المطر على الزجاج رائحة التراب تغدق أنفي بكرمٍ والضباب الرقيق ملأ فراغ القصر الخالي من أيّ أثاثٍ به..، صعدت الدرج الملتوي والطويل لأصل للطابق الثاني والذي لم يقل خلوًا وفراغًا عن الأول ومرت بضع ثوانٍ قبل أن أقرر التوجه للممر الأيسر دون أن ألتفت لأيّ غرفةٍ أمر من جانبها ولكنني توقفت عندما تخطيت مدخل صالةً ما لأتراجع خطوتين للخلف إلو ذلك المدخل وأدلف للصالة التي كان بها فقط أريكتين وستائر منسدلة على نوافذها الزجاجية الضخمة تقدمت حتى أصبحت قبالتها لا تفصل بيننا سوى بضع إنشاتٍ قليلةٍ أتأملها من الأعلى للأسفل بردائها الأزرق بلا إهتمامٍ وإقتربت منها هامسةً بأذنها بإزدراء " لا حاجة لكِ الآن أيًا من كنتِ تدعين بأنكِ كاتارينا..إختفي من أمامي ".

إستدرت وخرجت من الصالة دون أن ألقي ولو بنظرةٍ واحدةٍ للخلف..فأنا أعلم بأنها بالفعل إختفت..فلم يعد لها ولا للكوابيس ولا للصور أيّ فائدة من تواجدهم أو حدوثهم بعد الآن ،  إستمررت بالتقدم حتى توقفت أمام بابٍ كان مختلفًا عن بقية الأبواب البيضاء..بضخامته وشكله الذي يبعث الهيبة والعظمة ولونه الأسود شديد الحلكة ..تأملت بالباب مطولًا حتى وجدت الدموع ثغرةً تسللت منها لتتراكم بمقلتيّ زممت شفتي كابحةً نفسي وروحي من الإنكسار والحزن فحتى إن تمكنت من عدم الشعور بأي شيئ وكنت قويةً وثابتة إلا لن أتمكن من فعل هذا إن كان هذا يخصه إنه أمرٌ مختلف جميع الأمور بكفةٍ وهو لوحده بكفةٍ أخرى إنه يمتلك كامل قلبي بين يديه لذا أنا لن أتمكن من التحكم بمشاعري إلا بوجودي بين أحضانه بين ذراعيه التي تفجر الإطمئنان والأمان بدواخلي حتى إن كنا على جرف الموت..كبحت وكبحت جميع سيول الحزن التي تحاول كسر سدودي إلا أن هذا لم يكن كافيًا لمنع الحشرجة التي عانقت صوتي " إيثان..أعلم بأنك تشعر بي تشتم رائحتي وتريدني ! لذا إفتح الباب أو سأقوم بفتحه بنفسي.." ولم يقابلني سوى الصمت المقيت.. الذي جعلني أطلق تنهيدةٍ موجعةٍ أثقلت صدري وأسقطت دمعةً واحدةً من دموعي المتراكمة " حسنًا أنت أردت هذا لذا إياك والغضب مني ! " تلمست الباب فقط لثانيةٍ سريعةٍ ودفعته مع جلجلة القفل الذي كسرته ووقع أرضًا لأندفع للداخل بلا ترددٍ أو خوفٍ من الغرفة التي كانت أجوائها مختلفة وبعيدة كل البعد عن أجواء باقي القصر كانت مظلمةٍ والستائر داكنة اللون تمنع أيّ ضوءٍ من المرور للداخل الجو خانقٌ كئيب والخطوة التي خطيتها و التي ستجعلني أراه أخرجت مني تأوها متألمًا لظهري الذي إرتطم بالجدار بعنفٍ وتلك الكفين المألوفتين تمسكان بذراعي بقسوةٍ آلمتني إلا أنني لم أهتم سوى بالعينين التي تحدقان بي بحدةٍ وجعلت من خفقات قلبي تتسارع بجنون ومن أنفاسي تضطرب وتخضع لها لشدة جمالها الفاتن فكيف مع ذلك التوهج المبهر بها خصلاته السوداء الطويلة التي تساقطت بمثالية على جبينه حتى عينيه المشعتين كالضوء الوحيد وسط هذه الظلمة فكه الحاد وشفتيه الغليظتين القرمزيتين جسده العلوي العاري أنفاسه المتسارعة التي تلفح وجهي جميعها أفقدت مشاعري صوابها حتى إنني نسيت ما أتيت من أجله فقط أردت تقبيله..تقبيل كل إنشٍ من وجهه من فرط الشوق الذي تفجر بي رغم أنني كنت نائمة طيلة هذه اليومين إلا أن هذا لم يمنع كل خليةٍ بي بالإشتياق إليه وللمساته...

تفحصني من الأعلى للأسفل وكأنه يطمئن علي ليزيل قبضةً واحدةً عن ذراعي رافعًا ومشيرًا بسبابته لعقله متمتمًا " هو.. نحن لسنا بخيرٍ الآن..لسنا واعين لسنا بعقولنا لذا.." صوته الأجشٍ قاسي أرسل شرارةٍ بكامل بدني إبتلع ريقه وعينيه الحادتين لانتا بإنكسارٍ وتزعزعٍ طفيفٍ قبضته الأخرى إرتخت عن ذراعي " لذا..غادري لا نريد أذيتكِ أرجوكِ لن نتحكم بأفعالنا-" بترت حديثه..حديث أكايلس وإيثان المتواجدان بذات الوقت بيدي التي عانقت فكه برقةٍ متأملةً به غير آبهةٍ بأيٍ مما قاله..ضعف هو لي وهامت عينيه بي بحُبٍ بزغ ورغبةٍ جعلته يخفض نظراته لشفتاي أنفاسه الثقيلة المتسارعة تصدر صوتًا عاليًا وتحرق وجهي بدفئها الغير محتمل وجهي الذي لم يبعد عن خاصته سوى القليل الذي وودت إبادته وبالفعل تقدمت ببطئ نحو شفتيه وتلامست شفاهنا بخفةٍ لينتفض هو مبتعدًا نافيًا برأسه مرارًا وتكرارًا للأسفل حتى رفع عينيه التي عادت الحدة لهما مزمجرًا بعنفٍ صائحًا بأعلى صوته علي كبركانٍ ثائر " أخرجي الآن أغربي عن وجهي !! لا تضيفي المزيد لقائمة أحزاني اللعينة فلم يعد سعةٌ له لذا أخرجي إبتعدي عني..أرجوكِ لا تقتربي.. " بدا حزينًا مهمومًا بآخر حديثه عكس بدايته..وكأنه سئم سئم من التظاهر بالقوة بينما هو
ليس بذلك سئم من التظاهر بعدم الحاجة لقربي بينما هو يتمناها بكل ذرةٍ به وكأنني سمعت فقط من جميع صراخه ' أرجوكِ إقتربي' تصلّب جسده وتسمر بمكانه عندما إندفع جسدي بجسده ملتحمًا بعناقٍ شددت به بذراعي التي تشابكتا حول عنقه ضاربًا بكل ماقاله بالجدار تمسكت به بشدةٍ بقوةٍ حتى لا يبعدني عنه ويرفضني وفوجئت بذراعيه التي حاوطتا ظهري وشدت عليه حتى ألتصق وألتحم به أكثر وكأنه يريد إدخالي لما بين ضلوعه موقعًا رأسه بعنقي حاشرًا إياه بين خصلات شعري الرطبة مداعبًا عنقي بأنفاسه الثقيلة وشفتيه الباردتين التي لمستا بشرة عنقي الدافئة بسبب همسته المكتومة " أنا..أنا أتألم كتاليا ..الألم يمزقني وبشدة ولا يكتفي إنه يمزق شظاياي المتناثرة وكأنه عطشٌ نهمٌ مهووسٌ بإغرقي وبسحبي عميقًا لقاعه الذي لا نهاية له.." وبكيت أنا..بكيت عوضًا عنه وكأنما أنا التي أشعر بذلك إن لم أكن كذلك الآن الألم يخنقني إلا أنني لم أستسلم له مررت عينياي بالأرجاء بمحاولةٍ بإيقاف دموعي ولسعات دموعي لم ترحمني إستنشقت بعض الهواء وإرتجف صدري حتى هدأ وأنزلت ذراعي لجذعه مربتةً عليه بلطفٍ " أتذكر ماقلته لك سابقًا..؟ عندما قلت بأنني حزنت ولكنني لم أجعله يتمكن مني للحد الذي يدمرني..أنا لم أجعله يفعل ذلك ولكن هذا كان صعبًا ..صعبًا وللغاية السيطرة على ردة فعلٍ مباغتة خارجة عن إرادتي ولكنني فعلت..لأحافظ على جوهري لأنجو بإنسانيتي وروحي قبل جسدي..فالحزن جزءٌ لا يتجزأ من السعادة فلن نعرفه دون أن نعرف الحزن أولًا..لذا حرّر حزنك معي إجعله يخرج منك معي إسمح له معي وبتواجدي بجانبك حتى يكون جزءً من سعادتك بعدها.." توقفت عن الحديث و لم أجد المزيد لقوله والغصة التي بحلقي أوقفتني حتى أفكاري تشابكت ولم أعد أتمكن من التعبير أكثر وهو لم يقل شيئًا إلا أن ثقل جسده علي لنجلس على الأرض ورفض إبتعادي ليجلسني على ساقيه وساقاي أصبحت محيطةً بجانبيه وضمني إليه أكثر وأكثر ونبضات قلبي باتت أعنف وأعنف بقينا هكذا " لم..أستطع منحها أبسط شيئ طلبته مني..لم أستطع أن أدعو والدي بـ' أبي ' كانت فقط كلمةٌ واحدة طلبت مني قولها ولو لمرة واحدة طيلة الوقت ولكنني لم أفعل قلت لها أن قولي لهذه الكلمة البسيطة من سابع أو أن تتحسن علاقتنا المستحيلات وأن عليها تقبل هذا.." قبضته زادت شدةً حول جسدي ولم أكترث بل إستمريت بالمسح على جذعه وأنا أستمع إليه " لقد وعدتها بأنني سأحميها دوما..فهي كانت كالأم لي ولكنني لم أستطع حمايتها من الموت على يد رفيقها..رفيقها الذي لطالما تحدثت معي عن ترقبها للقائه..للقاء الأول لرفيقها والذي إتضح أنه لقاء موتها كتاليا .." إهتز جسده فجأةً حاولت الإبتعاد عنه قليلًا إلا أنه رفض وإمتنع وأمسك بمؤخرة رأسي رافضًا ومبقيًا على حالي وجحظت بعيناي قليلًا ولبرهةٍ حتى إبتسمت وأنا أعانقه أكثر لشعوري بقطراتٍ..باردةٍ على كتفي وعلمت حينها بأنه حرّر حزنه من أسره وقيوده أخيرًا ولوقت طويلٍ...




" لقد خرجت من جحرك أخيرًا "
أعيننا إرتحلت من قبر بليكسي للألفا مايكل الذي ظهر أمامنا بمسافةٍ لا بأس بها بومضة عين بحلته السوداء ..ما بأسفل عينيه محمرين ووجهه شاحبٌ بعض الشيئ و شعره الأسود ذو الخصلات الرمادية مبعثرٍ ومبللٍ  رغم الملامح القوية الخشنة التي بوجهه إلا أن هذا لم يمنعني من ملاحظة وللأول مرةٍ إرهاقه الواضح وإنكساره... فهو كان مثل إيثان تمامًا كتابٌ مغلق لا يمكنك تصفحه أو معرفة مايحتويه ، إيثان لم ينطق بأي شيئ ولم يبد أي مشاعرٍ بوجهه حتى تقدم الألفا مايكل منه بتعابير مبهمةٍ لا تقرأ كخاصته وإتسعت عيناي.. كما عينا إيثان التان لم تتمكنا من إخفاء ذلك حينما عانقه الألفا مايكل دون أن ينبس بحرفٍ.. دام عناقه لثوانٍ معدودةٍ فحسب وسرعان ما إبتعد
متفاديًا عينا إيثان التي تبحلقان به بدهشةٍ طفيفةٍ وتأثرٌ واضحٌ حتى إنه ألقى نظرةً سريعةٍ علي ليتحقق إن كان ماحدث كان حقيقةً.." هنالك أمرٌ أود التحدث عنه معك لاحقًا..وأيضًا " قطع الصمت الغريب صوته الجامد مجددًا ليدخل يده بجيب بنطاله الأسود ويخرج قلادة فضيةٌ دائرية جميلة ووسطها مملوء بكتابات صغيرة الحجم ، إمتدت يد الألفا مايكل ليد إيثان ليضع القلادة على باطنها ونطق بما لديه يرحل بهدوء بعدها " هذه قلادة والدتك ..كانت مع بليكسي ولكنها لك الآن " .

إلا أنني لم أفوت تلك النظرة التي رمقني بها لثانيةٍ قبل رحيله..ولم أفوت الإمتنان التي كانت بها ولم يفصح بها بلسانه.

إيثان بحلق بالقلادة لبضعٍ ثوانٍ ليّهم بإرتدائها ويجلس القرفصاء أمام قبر بليكسي الذي لم أتمكن من النظر إليه وليس الآن..ليس قبل أن أنهي هذه المهزلة التي أدت بنا جميعًا لتجربة كل هذه الأمور الشنيعة وقادتها للموت كذلك..! ، إبتسم إيثان إبتسامةً صغيرةً وكأنه ينظر لبليكسي وليس لقبرها حتى أزاح بنظره قليلًا للجانب..
حيث يقبع قبر مايا بلاك والدة إيثان.. " بليكسي..أمي.. سأحافظ على هذه القلادة جيدًا ربما حتى يأتي الوقت الذي أعطيه لطفلي.." أسقط عينيه الناعستين علي بنهاية حديثه ليلعق بلسانه شفته السفلى بمكرٍ جعل الدم يتدافع لوجنتيّ ولساني ربط من شعوري بالخجل لم أتمكن من التفوه بأي شيئٍ أمام إنحرافه هذا الذي لا أعلم متى سينتهي ! وخصوصًا أنه لا يعترف بمبدأ الأوقات المناسبة " إلى ذلك الحين وللأبد..فلترقدا بسلام " همس بخفوت خاتمًا حديثه ليقف مستقيمًا ويطلق تنهيدةٍ من أعماق صدره..

إستدار لي بإبتسامةٍ واهنة ويده عانقت يدي وتشابكت أصابعنا نبض قلبي بعنفٍ عندما شد على يدي ووضع بعض القوة التي جعلتني أقترب إليه أكثر لتتعانق أنفاسنا وعيناي دون شعورٍ مني بشرودٍ تامٍ إنخفضت لشفتيه التي ضحكت لتشتعل وجنتاي مجددًا بإحراجٍ بجدية ما الخطب بي ؟! يدي الحرة توجهت لثغره لتغلقه عندما أحسست بأنه سيسخر مني وتفاديت عينيه الجميلتين المرتكزة علي وتثقبني من الأعلى للأسفل بتركيزٍ شديد جعلت من عقدةٌ مؤلمة حلوة تتكون بمعدتي..لم تدم طويلًا للصوت الأنثوي الدخيل.. .

" أنا أكره مقاطعة أجوائكم الرومانسية حقًا ولكن.."

إنتفضت مبتعدةً قليلًا عن إيثان الذي تلقائيًا جعلني خلف ظهره العريض " من أنتِ ..؟ " عقد حاجبيه سائلًا بنبرةٍ هادئةٍ بعد أن تفحص هيئتها..كانت ترتدي رداءً أزرق اللون فضفاض ذو قلنسوةٍ تغطي وجهها..إرتسمت إبتسامةٌ متكلفة على شفتيها لتجيبه بذات الهدوء " الساحرة التي كنتما تبحثان عنها..." توقفت قليلًا مميلة رأسها لترى قبر بليكسي وبنبرة غير مكترثة مستفزة أكملت " لكن تلك المجموعة سبقتكم بخطوةٍ على ما أظن.." عضضت على شفتي كابحةً تأوهي من الخروج عندما شدّ إيثان على يدي بلا قصدٍ منه بغضبٍ لم يبد على تعابير وجهه رغم أن صوت صرير أسنانه صدح بوضوحٍ وإبتسامتها تلك لا تساعد حقًا من تهدئة الوضع..مسحت على كف إيثان بيدي الأخرى ليخفف قبضته فورًا ويمسح بإبهامه على ظاهر يدي وكأنه يخبرني بأنه آسف.." إذًا..؟ " نطق ورفع إيثان حاجبًا بتصميم بأنه لن يتزحزح من هنا دون أن تفصح بهويتها أولًا..وهذا مافعلته بعد توجيه إهتمامها لي لثوانٍ طويلةٍ...وهنا أنكرت تمامًا..ما تراه عيناي حاليًا أغلقت عيناي وفتحتها مجددًا..ولكن لم يتغير شيئ جفت دماء عروقي وذابت قدماي ودون شعورٍ ندهت..

" سارفينا..؟"


- إنتهى -

وعدنا ! مع ان فقط مر أسبوع من آخر بارت بس حسيته وقت
طويييل ، وخلاص إن شاء الله هالبارت آخر الأحزان والله يعين..😂
تعليقاتكم هي اللي تحفزني أكمل حقيقي! ❤️❤️

- توقعاتكم هل تلك سارفينا حقًا..؟

- وداعية لبليكسي خلاص 🥺 ، إيڤانورا وبيتر..؟

- وش تتوقعون الألفا مايكل يبغى من إيثان..؟


ڤوت فضلًا ويوم سعيد ❤️

Continue Reading

You'll Also Like

50.5K 3.4K 43
#1 in Mystery #1 in Action حَيثُ لَمْ يَتـوَقَع أحَـدّ .. سَافَـرت إلىٰ بَـلدٍ أُخـرىٰ بِـدّونِ عِلـمِ والـدِيهَا ، وَأضـطُرَت أَنْ تُشَـارِك غُرفـ...
456 56 24
عندما تولد في عالم مقيد رغم تحررك، وحين تجرك الطبقية والعنصرية إلى أروقة الظلام، كل ما عليك فعله هو التشبث بالحقيقة عن نفسك، من أنت وماذا تريد؟ وهنا...
335 61 8
كايا فتاة كانت تعيش في المدينة الوحيدة الناجية من الدمار الذي حلّ بالعالم،وفجأة تجد نفسها في صراع بين الحقيقة والخيال بسبب شخصٍ قفز من نافذة غرفتها ل...
413K 7.8K 76
•روايتي هي بطولة جماعيه لأكثر من شخصية ولكن الأهم "القمر وسمائها" • بطلتنا التي مُنذ أن كانت طفلة طلبت من أبن عمّها أن يكون هو سمائها وتكون هي قمره...