" لستُ في حاجة إلى التهديد بنار جهنم كي أكون إنساناً شريفاً و نزيهاً "
برتراند_راسل
..........
" نعم جهزي نفسك سنذهب الى الكنيسة "
قبضت لوسيل على يدها تحاول السيطرة على غضبها
فهي تكره الذهاب الى دار العبادة
تجد الناس المؤمنة مجرد كائنات مزيفة
مليئة بالذنوب و المعاصي
يزيفون حياتهم ويجعلون انفسهم ملائكة وهم مجرد شياطين أنس
والدتها مؤمنة جداً تذهب كل يوم أحد الى الكنيسة وتجبرها على الذهاب لعلها تعود الى صوابها وتترك المعاصي حسب قولها
هي حتى لا تعلم ماهي المعاصي التي فعلتها حتى تجعل والدتها هكذا
تجبرها على الذهاب للكنيسة و الاعتراف بذنبها عند القسيس
هذه الافعال كريهة لطالما كرهت عندما يتم جبرها على شيء فهي ان ارادت ان تكفر عن ذنبها فستذهب بأرادتها
لكن الى الان لا تعلم هل بيوم ما اقترفت ذنب
على الرغم من شعورها بالقذارة
فجسدها مدنس بعدم رغبتها .. هل يعتبر هذا ذنب ؟!
" لا أريد الذهاب اليوم أمي انا متعبة جداً ، اعدك أني سأذهب معكِ في المرة القادمة "
لم يعجب رد لوسيل والدتها فهي لا تحب ان تعصي لوسيل لها امراً
"ستأتين فهمتي كيف لكِ ان تتحدثي هكذا !! هل تتكاسلين عن الذهاب الى بيت الرب ! عار عليك لوسيل ، ستأتين رغماً عن انفك اعلم انك لستِ متعبة لكن الشيطان يتلبس بكِ يجعلك تتفوهين بالهراء ، هيا تجهزي سنذهب وسنطهر روحك من هذه القذارة "
ذهبت والدة لوسيل وهي تتمتم بـ ' لماذا الرب جعل لدي فتاة مثلها ، انا اشعر بالعار بسببها ، الهي ارحمنا من غضبك '
لا تعلم لوسيل بماذا تشعر فهي ليست غاضبة الان ولا حزينة .. لا تعلم فمشاعرها متضاربة هذه الاحاديث تسمعها دائماً من فم والدتها
اصبحت كالروتين بالنسبة لها لكن ... لا يزال هذا يؤلم .
تنهدت لوسيل وذهبت لغرفتها لتستحم وتجهز نفسها
ارتدت ثياب طويلة نوعاً ما هذه قوانين والدتها الصارمة
تعتبر الفتاة التي ترتدي ثياب قصيرة او تكشف جزء من جسدها فهي
' عاهرة ' وسيغضب الرب عليها
لا تعلم والدتها لمَ هي حريصة هكذا اذ هي لم تكن حريصة عندما كانت طفلة
والى الان ....
نزلت لوسيل الى الطابق الارضي من منزلهم لتلتقي بوالدتها واخيها الذي لا تراه سوى مرة واحدة في اليوم وعلى طاولة الطعام
وحقاً هي تتمنى ان لا تراه احياناً
فهو يشعرها بكم هي مستحقرة بهذه العائلة
نظرت الى والدتها التي تبتسم لاخيها بلطف وتعدل ثيابه
وتتغزل به بكم هو وسيم واصبح رجل
وهو حتى لم يكن يبالي بما تتفوه به والدتها
فهو منشغل بهاتفه
هي تعلم بأنه يمقت والدتها ويكره عندما تدللـه وينتظر اليوم الذي سيتخرج فيه من مدرسته حتى يترك المنزل دون عودة
لكن ماذا عن لوسيل
الفتاة المطيعة التي لم تؤذي عائلتها قط وتستمع لكلامهم
تتلقى معاملة اشبه بمعاملة الحيوان
انتبهت نيكول ' والدة لوسيل ' وتغيرت تعابير وجهها الى واحدة غاضبة
"لمَ تأخرتي ، كم انتِ مهملة سأعاقبك عندما نعود لا اريد ان اعكر مزاجي الان "
تنهدت لوسيل بقلة حيلة
وخطت للخارج مع عائلتها للذهاب الى الكنيسة
وصلوا الى الكنيسة وجلسوا في مقاعدها
حيث كانت الكنيسة ممتلئة بالناس
وقف القس في الوسط واخذ يلقي محاضرته المعتادة
تنهدت لوسيل بملل واخذت تلتفت وتنظر الى وجوه الناس
هناك امرأة كانت تضع يدها على قلبها وتبكي بصمت
وامرأة تنظر للقسيس وتستمع له بأنصات
وامرأة عجوز في كل مرة يرتفع صوت القسيس ترتجف وتؤدي حركات الصلاة
ابتسمت لوسيل بسخرية
ونظرت للقسيس واخذت ترمقه بأشمئزاز
كذب ، نفاق ، كلام مستهلك
هكذا ماكان يدور بعقل لوسيل
انتهى القسيس من القاء كلماته وانتهوا جميعهم من الصلاة وقفت لوسيل مع عائلتها حيث اخذ الناس يخرجون من الكنيسة
لكن والدتها سحبتها من يدها بقسوة واخذتها جهة القسيس
ابتسمت نيكول بوجه القسيس بحب وطاعة
" مرحباً ابتي لا اريد ازعاجك "
ابتسم القس لها بلطف
"لا داعي لا يوجد اي ازعاج بيننا تحدثي ياابنتي "
قبضت نيكول على يد لوسيل بقوة وسحبتها الى الامام وجعلتها تقف بينها وبين القس ووضعت يدها على اكتاف لوسيل وامسكتها بأحكام حتى لا تهرب
"ابتي هذه ابنتي لوسيل اتمنى ان تباركها وتغسل روحها من الذنوب و الاثام ، فهي فتاة عاصية لا تستمع لي ودائماً تعصي اوامري
رغم اني اريد مصلحتها ، ابتي انها حتى لا تحب الذهاب الى الكنيسة انها تعصي الرب ، لقد اصبحت تمشي وراء خطوات الشيطان "
تفاجئ الاب من حديث نيكول واخذت تعابيره تتجهم
" ابنتي عودي الى صوابك ، الرب سيسامحك دائماً ، طريق المعصية ليس منه فائدة سوى هلاك للروح و ........"
اصبحت لوسيل لا تستمع الى كلمات القس فكل تفكيرها متى سينتهي من حديثه
فقط تنظر له وترى شفتين تتحرك بالهراء
هي لم تفعل شيئاً هي تحب الرب وتعلم ماهو الصح و الخطأ
لكن الجميع وضع نفسه بموضع القاضي يحكم من منا السيء و الجيد دون ان يعرف ما بداخله
انتفضت لوسيل عندما احست بيد القسيس توضع على رأسها
فأصبحت حركتها لا ارادية عندما ضربت يده بعيداً عن رأسها
واخذت تتنفس بتسارع وحذر شديد
" لا تلمسني ، لا احب اللمس ان اردت ان تتحدث فتحدث بدون ان تضع يدك على رأسي ليس وكأنني لن افهم حديثك هذا "
نظر القس لها بتفاجئ وصدمة من حديثها الوقح
وشعرت بوالدتها تقرصها من خاصرتها بقوة المتها
رأت والدتها تضحك بأرتباك للقس واخذت تبرر
" اعتذر منك ابتي لا تشغل بالك بتصرفها ، هي فقط تعاني من بعض الاضطرابات النفسية لا تحب الملامسات
لا تنزعج من فتاة مريضة نفسياً ولا تفقه شي و ...."
لوسيل تجمدت بمكانها من حديث والدتها لم تكن تعلم ان والدتها سوف تتحدث بهذه الطريقة البشعة عنها
فلا يجب ان يعاير الانسان بأضطراباته النفسية
هي حتى لم تحاول ان تذهب الى طبيب نفسي ليشخص حالتها
كيف لها ان تتحدث هكذا بهذه القباحة !
مؤلم ان تتلقى هذه الكلمات من اقرب الناس لك
الذي تتمنى ان لا تخذل منه
لكن الى متى تستمر والدتها بخذلانها
متى ستشعر بحبها
دائما تشعر انها يتيمة في هذه العائلة
هل يجب ان تسمى عائلة ؟!
هي وحيدة كلياً ..
سيطرت لوسيل على تعابير وجهها وسحبت نفسها من بينهم فهي لم تعد تستمع لحديث والدتها القاسي
غلقت اذنها عن الاستماع
وبنت الف حاجز امام قلبها حتى لا يتحطم
لكن تعلم انها شعرت بالالم وهذه الحواجز ما هي الا وهم .
عادت لوسيل الى منزلها وذهبت الى غرفتها
واخذت تنظر الى نفسها بالمرآة
" لا بأس لوسيل انتِ قوية ، أنتِ شجاعة ، لا احد سيحطمك ، انتِ تستحقين الافضل "
بينما هي تتمتم بهذه الكلمات لم تشعر عندما انزلقت دمعتها على خدها بهدوء
انتبهت على نفسها
مسحت خدها بعنف واخذت تفرك عينيها بقوة
ونظرت الى نفسها بغضب
" اللعنة عليكِ انتِ لستِ ضعيفة ، كم مرة قلت لا للبكاء بعد الان ، البكاء للضعفاء ، ايتها الحقيرة لن تبكي بعد الان "
اخذت تتنفس بشهيق وزفير تحاول تهدأة نفسها
انتفضت بخوف عندما رأت والدتها تقتحم غرفتها بعنف
رأتها تسير ناحيتها بغضب كالثور الهائج فهي علمت ماذا سيحصل
تلقت صفعة قوية شعرت ببعض الطنين في اذنها
وشفتيها اخذت تنزف الدماء بسبب خاتم والدتها فقد جرح شفتيها
صرخت والدتها بعنف
" اللعنة عليكِ ، لقد احرجتني امام القسيس ايتها اللعينة
، متى ستموتين وارتاح منكِ "
تمالكت لوسيل نفسها ونظرت لوالدتها بصمت فهي لا تنوي التحدث
لانها تعلم لو دافعت عن نفسها فهي ستنام بجسد محطم
" لقد مللت منكِ طفح الكيل ، فتاة عاق ، لا اعلم لما انجبتك ،
الرب غاضب مني لهذا السبب عاقبني بكِ "
دفعتها والدتها بعنف واخذت تدور حول نفسها وتتمتم
" أيها الرب الإله اغفر لي خطاياي واستر على آثامي، نجني من غضبك ورجزك ضع سلامك وإسمك القدوس علي أيها الرب الساكن في السماوات ، لتدركني رحمتك وتسترني "
تنفست والدتها بعمق ونظرت لها بأشمئزاز
" اتعلمين اعتقد ان الرب وهبني هذه الفكرة الان ، فهي ستجعلك تعودين الى صوابك "
نظرت لوسيل لوالدتها بحيرة وقلبها ينبض بعنف فهي تخاف من قراراتها
" جهزي اغراضك واجمعي ثيابك حان الوقت لنعود الى القرية
فحياة المدينة هذه جردتك من الطهارة "
انهت كلماتها وغادرت غرفة لوسيل
كانت لوسيل واقفة بمكانها وتنظر بمكان وقوف والدتها بثبات كانها تجمدت من الصدمة
قلبها يدق بعنف شديد شعرت بالبرد
على الرغم من ان خدها يلسعها وشفتيها تحرقانها
لكنها لم تعد تشعر بالالم
عودتها للقرية تعني العودة الى الصفر .. العودة الى زوج عمتها .
- لَيل -