سُكّر غامِق

Por xxfayaxx

384K 16.5K 8.8K

ذات العينان الغائمتان تحمِلُ قلباً نقيّاً بروحٍ مُشوّهة وقد ظنّت انّ الحُبّ ابعدُ ما يكون عن قلبها المُرتعِد... Más

تشويقة
لعنة رضوان
ابناء ايمن
نيران الانتقام
وعود
وجع القلوب
مشاعر غريبة
قبلة و هروب
غالية
اشواك الورد
سيد خجول
زُمُرّد
ما قبل العاصفة
حقائق
ارواح تائهة
تعاويذ القدر
طوفان
وجوه الحب
سقوط
تعب
تشتت
طفولة
حب وحرب
رجال العشق
عذاب
وصية
عِطر
بدايات ونهايات
توق
أقدار العمر
النهاية (عبق الماضي)

تتزوجيني ؟

11.8K 604 374
Por xxfayaxx

- إياكِ والتمادي يا ابنة غالية ال...
اصمته صوت جدّه هادِراً
- كِنان !
اغمض كِنان عينيه كابِحاً شياطين الغضب التي تتراقصُ امامهُ و همس بتحذير
- ريفال خط من الدم والنار فإياكُم وتعدّيه .
قهقهت جلنار بإستِهزاءٍ مرير وعيناها تلمعُ بالحِقد والكُره القديم وقالت
- لقد سحرتك كما فعلت ولدتها بعمّك .. لم استغرِب افعاله لأنّ ابنة البدو ستظلّ على ضلال والدتها ولكن ما استغرِبهُ هو من اين لك ان تعرِفها ؟ وكيف نسجت شِباكها حولك ؟!

وقبل ان يفتح فمهُ ليُكيلها بكلماته اللاذعة رنّ هاتفه بنغمةٍ مُميزة جعلها خصيصاً لكُلّ من يُهمّ محبوبته .. فعادةً ما يُهاتِفه اوس او جوان اما هي فرقمها يُزيّنُ هاتِفه بصمتٍ هادئ وإسمٍ ينخرُ بأعماق روحه - إبنتي - هي ابنتهُ بحق ؛ فهي اوّل من شعر بالأبوّة نحوها .. عندما رآها طِفلةً بالعاشِرة مِن العُمر بعينان بلون الغيوم رماديّتان صافيتان .. ووجنتان من فرطِ إمتلائهما غديا كفاكِهةٍ ناضِجة .. نديّة ولذيذة .. وكم بدت حينها طفلة بكُلّ ما تحمِلهُ الكلمةُ من براءة .. وبالرغم من انه كان بالثامِنة عشر مِن عُمره الاّ انهُ فكّر بداخله هامِساً برغبة
- هل سأحصُلُ على طفلةً كهذه عندما اتزوّج ؟!
ودار الزمن ليعشق ذات الطفلة لتُصبح الإبنة ثُمّ الحبيبة .

اخرج هاتفه وتجاهل وجود الجميع عندما وجد رقم جوان يتصِل عليه فردّ هامِساً بنبرةٍ حانية سُرعان ما تحوّلت لهُتافٍ قلِق
-مرحبا ، إهدأي جوان .. ما الأمر ؟ لماذا تبكين ؟
إتسعت عيناهُ بهلع وإنتفض قلبه بوجع و اُذُناه تُكذّبُ ما سمِعت الى ان همس بضياع
- ماذا حدث لريفال ؟
إهتزّت حدقتاهُ بجنون وهو يستمِع لجوان الى ان هدر بغضب
- اين هي الآن ؟ بأيّ مركز شُرطة .

إنتفض رضوان وايمن مِن مكانِهما بخوف ليهتف ايمن بصوتٍ مُثقلٍ بالألم
- ما بِها ريفال ؟ ماذا حدث لإبنتي ؟
طالعهُ كِنان بنظرة خُذلان مُحمّلاً اياهُ ذنب ما تعيشهُ من مآسي .
هتف رضوان بحدّة وقد ذاب فؤاده من الخوف
- كِنان ، ما الأمر بُنيّ ؟
اغلق الهاتِف ونظر للجميع بحقد وكُره وهتف بمرارة
- سأحرصُ على ان احمِيها منكُم .
وإندفع كفرسٍ جامِع يلحقُ بإمرأةٍ يحرقُ الدُنيا لأجلِها .

تهاوى ايمن على مقعده و الألم ينخرُ بفؤده بلا رحمة بينما هتف رضوان بقوّة
- شِهاب ، الحق بإبن عمّك واخبِرنا بما حدث للفتاة .
ركض شِهاب ليلحق بكِنان قبل ان يندفِع بقوّة مُخترِقاً قوانين الطبيعة طائراً بسيارته بأجنِحة اللهفة والقلق الى ان اوقف السيارة امام مركز الشُرطة الخاص بالحارة التي تقطُنها ريفال ليجِد جوان تجلِسُ على الارض وبجانبها كُلّ من اوس وفاتِن و السّيدة نور وبعض من الجيران .

إندفع الى جوان وإنحنى اليها قائلاً
- من حاول إيذائكِ ؟ وماذا فعلت ريفال ؟
رفعت جوان عيناها ليجفِل شِهاب لمرآها .. فتاة تبدوا بأولى سنوات المُراهقة .. لها عينان كلون السماء بعد هطول المطر - زرقاء باهِتة باكية - اما وجهها المُستدير كقمرٍ شاحِب مُحمرّ بطريقة مُثيرة للشفقة .. ثوبها البسيط جعل مِنها كفتيات المجلات بشعرِها المُربوط بإهمال وبعض الخُصلات مُتهدّلة على وجنتيها بتعب فلم يشعُر بنفسه وهو يُخرِجُ منديلهُ الخاص لينحني ويمدّهُ لها هامِساً بمرح بصوته ذي النبرة المصقولة
- ستُغرِقين الكون ، إمسحي دموعكِ .

فغرت فمها المُلتهِب من النواح و طرفت برمشيها لتتساقط غلالة من الدموع التي شوّشت عيناها لترى رجُلاً بشعرٍ مُجعّد يُطالِعها بإبتِسامة حانيه لتُعيد نظراتها لكِنان بتساؤلٍ طفولي برق بعيناها ليومئ اليها كنان فتأخذ المنديل - الذي يحمِلُ رائحة ورد الفُلّ المُميزة - لتُجفّف به عيناها و تعود للبُكاء مرّةً اُخرى وهي تسرُدُ ما حدث اثناء الحفل .

إبتعدت عن صخب الحفل لتختلي بنفسِها قليلاً واخذت تتنعّم بهواء الخريف المُنعِش ففردت ذراعيها واغمضت عينيها بإبتسامة شارِدة قبل ان تشعُر بيد تقبِضُ على خصرها من الخلف لتشهق بفزع وقد تجمّعت دموعها بهلع وهي تشعُرُ بأنفاسٍ برائحة الخمر تهمِسُ بجانب اُذُنها
- جميلة الحارة والاماكِن المُجاوِرة .. كم انتِ رائعة يا بائعة الحلوى .

صرخت ببكاء وجسدها يتلوّى بجنون في مُحاولة للفكاك من براثِن ذلك الوحش النتِن الاّ انهُ ادارها اليه بقوّة بالرغم مِن سُكره واخذ يلتهِمُ ملامِحها بعينان زائغتان الى ان إقترب هامِساً امام فمِها مُباشرةً ورائحة الكحول تكاد تُفقِدها وعيها
- احببتُ هذه العينان مُنذ ان لمحتها .. سأخطِفكِ يا حلوتي لأنعم بالنظر اليها كُلّ صباح .

إنتحبت دون صوت وتداعت قوّتها وقد شعرت بأن روحها تُستلّ من جسدِها عندما إقترب اكثر فأفلتت مِنها صرخةً باكِية قبل ان تجِدهُ مُلقاً على الارض ورأسه ينزِفُ بشدّة وقبل ان تستوعِب ما يحدُك كانت ريفال قد القت بالجاروف الزراعيّ بعيداً بعد ان حطّ على رأس ذلك الحقير ولم تكتفي بعد إذ إقتربت منه وخذت تلكمه بعُنف صارِخة بجنون
- يا حقير ، تقترِبُ من اُختي انا ؟ حسناً سأُريكَ يا حُثالة البشر

نعتتهُ بأقذر الألفاظ التي مرّت على حياتها مُرفقةً إياها بلكمات وضربات عنيفة الى ان ابعدوها عنهُ بالقوّة و طلبوا الإسعاف للرجل الذي تبيّن انهُ احد اصدقاء العريس الحقير الآخر .

شهقت هامِسة بنحيب
- انا السبب .. انا من اجبرتها على القُدوم .. ليت لِساني إنقطع قبل ان اُرغِمها على المجيئ .. اذا مات ذلك الحقير ستظلّ حبيسة السجون الى الأبد .. يا الهي !
عادت للبُكاء ليحتضِنها اوس - الصامِت بحُزن - ويقول بنبرةٍ جافّة بالرغم من خفوتها
- ستخرُج من هُنا وسأُربّي ذلك السافِل .. لا تبكي .

غامت عينا كِنان بغضبٍ اهوج فسارع للدخول لمركز الشُرطة يتبعهُ شِهاب وعلى ملامِحه الحيرة المُمتزِجة بالدهشة الخالِصة . الى ان دلفا لمركز الضابط المسؤول ليهدِر كِنان بعُنف
- اخرجوها الآن ! كيف لكُم ان تحبِسوها دون وجه حق بينما المُتحرِش الحقير خارج اسوار العدالة .
نهض الضابط ذو الملامِح الصارِمة وقد بدى مُرتبِكاً من هجوم كِنان القوي ليهمِس بنبرة هادئة مُعتذِرة
- إهدأ سيّد كِنان .. من تقصِد بحديثك ؟ من هي الفتاة التي حبسناها دون وجه حقّ ؟!

إقترب كِنان منهُ وقد اثار غضبه بذلك الهدوء الغير مُبالي فقبض على مُقدّمة قميصه هامِساً بحدّة
- ريفال ايمن رضوان .. اطلب منهم إخراجها الآن والاّ ستندم طوال حياتِك .
تلجلج الضابط هامِساً بتلعثُم وعيناهُ تتسِع بذهول
- ريفال ايمن رضوان ؟!
إزداد ضغط كنان على حلقه هادِراً بجنون
- إخرس ولا تذكُر إسمها على فمِك اللعين . والآن اطلُب منهم ان يُخرِجوها .

إنتزعهُ شِهاب بقوّة من عُنق الضابط الذي شحب لون وجهه من الفزع فسعل بشدّة قبل ان يستدعي احد الحُرّاس هامِساً بصوتٍ مُتحشرِج
- إستدعي الآنِسة ريفال ايمن رضوان .
جحظت عيناهُ بهلع و كِنان يحاوِلُ الإقتراب منه مُجدّداً الاّ انّ شِهاب ذو البِنية القويّة بالرغم من هزالها إستطاع كبحهُ هاتِفاً بغضب
- إهدأ ارجوك .

ابعدهُ عنه وانفاسه تتصاعد بغضب الى ان لمعت عيناهُ بحنينٍ يكاد يُمزّقُ فؤاده وهو يراها تدلِفُ بملامِحها الجليدية ويداها القاسِيتان مُكبّلتان مع بعضِهما بالقفل الحديدي .

لم يفكّر للحظة الاّ و هو يقترِبُ مِنها ساحِقاً إيّاها بين اضلُعه حيثُ قلبه المُنهك الذي يتقافز شوقاً إليها .. ضمّها بشوقٍ يحمِلُ شغف اعوامٍ تفتّحت بها كبراعمٍ ناعِمةٍ تحوّلت الى وردةً ساحِرة جرحتهُ بأشواكها السامّة . وها هو الآن يتنعّم بسُمّها بإنتشاء شاعِراً بأنفاسها الحارّة على صدره بينما ضربات قلبِها الحادّة تقرعُ بغضبٍ مجنون مُثيرة بداخله مشاعِراً عنيفة تكاد تودي بحياته .

وكم شَعَر بالإمتِنان لذلك القفل الذي لولاه لمزّقت وجههُ بيديها الشرِستين . حاولت التملُص بعُنف من بين يديه الاّ انهُ كبح مقاومتها ويداهُ تشتدّ على خصرها الذي يضيقُ كحلقةٍ من النار .. قبل ان يشعُر بأسنانها تنغرِسُ بكتِفِه بقوّة ومع ذلك لم يُفلِتها مُتلذِذاً بمقاومتها الواهية وكم شعر بالرضا وهي تدمغُ آثارها على جسده واقسم ان يسترِدّها من عُنقِها قريباً .. قريباً جدّاً عندما تُصبِحُ مليكتهُ .

إبتعد عنها لتلتفِت للجهة الاُخرى وجسدها يرتجِفُ بغضبٍ حارِق الى ان فكّ الحارِسُ وثاق يديها بإشارة من عينيّ الضابط المذهول واوّل ما فعلتهُ بعد ان شعرت بتحرُرِها هو انها إلتفتت اليه لتطبع اصابِعها الناعِمة على وجنته بحدّة ليُطالِعها بهدوءٍ بارِد مُلتهِماً ملامِح وجهها الشهيّة وقد إزدانت بإحمِرار الغضب الذي سكب الدِماءُ الى وجنتيها ال...

قاطع تفكيرهُ صُراخها بشتائم بذيئة وهي تلكُمُ صدره بيداها اللدِنتان كحلوى السُكّر وكم بدت حينها فاتِنة كقِطعة حلوى بنكهة التُفّاح .. شهيّة هي لدرجةٍ لا تُقاوم وكم هو مؤلمٌ ان يكبح نفسه عن اكلها قِطعةً واحِدة .

- كيف لك ان تسمح لنفسك بالإقتراب مِنّي ؟ كونك احد ابناء رضوان الحقيرين لا يُعطيك الحقّ بإستِعباد الآخرين .. وستكون واهِماً اذا ظننت انني قد اكون مُمتنّة لبطولاتك سيّد كِنان . لستُ انا من تُلوىٰ ذراعي .. إخرُج من هُنا ولا تُريني وجهك مرّةً اُخرى كما فعلت مُنذُ سنين وإيّاك ان تُحاوِل إستِمالة اوس بطُرُقكَ القذِرة لأنني لن اسمح لكُم بأخذه ولو على جُثّتي .

هتفت ريفال بصوتٍ مُتهدّج من قوّة الإنفِعال و لهثت بتعب بعد ان إبتعدت عنه بينما حاجِبيّ شِهاب تعدّيا مِساحة وجهه دهشةً مما يرى وقد لوى فمه بإستِهجان مِن وقاحة المُسمّاة بإبنة عمّه و اوّل ما إستنتجهُ انها تشبهُ في جُرأتها ليليان زوجة اخيه الاّ ان ليليان جُرأتها مُهذّبة و ساحِرة ساهمت في تكوين شخصيّة قويّة وناجِحة اما هذه الفتاة فتبدوا قليلة ادب و سوقيّة للغاية . وبالرغم من كُرهه لقوانين العائلات الغنيّة الاّ انهُ لم يُحبّ طريقة هجومِها اللاذِع على كِنان الذي يبدوا وكأنهُ تحت تأثير سحرٍ غريب فكيف لرجُلٍ بهيبته ونفوذه ان يسمح لإمرأة همجيّة ان تصفعه و تُقلّل من إحترامه .

هو بالتأكيد ضدّ ما فعله عمّه بتركِها واخيها بعد وفاة والدتهُما الاّ انهُ بذات الوقت يشعُرُ بحجم المصائب التي قد تفتعِلها اذا جائت لتسكن بالقصر ، الأمر مُعقّد للغاية و يحتاج الى وقت لتحديد ما قد يحدُث .

طالعها كِنان بنظرات هادئة وعلى فمه شبه إبتِسامة واخذ يقترِبُ مِنها لتتراجع للخلف بصورة ظنّتها غير ملحوظة الاّ انهُ لمح توتُرها فتوقّف مكانه لتقِف بدورِها تُطالِعهُ بكبرياء الى ان هتف بصرامة
- هيّا لتُدلي بأقوالكِ ، فجوان مُنهارة تنتظِرُكِ بالخارِج .

كانت ستُعنّفهُ كالعادة و تتطاول عليه بلسانِها اللاسِع الاّ ان خوفها على جوان جعلها تزفِر بضيق وتجلِس على الكُرسي المُقابِل لذو العينان المُتسِعتان ليتنحنح مُجلّياً حنجرته قبل ان يقول بعمليّة .
- إخبريني بما حدث منذ بداية الحفل .

سردت إليه ما حدث وغضبها يتفاقم الى ان همس بتساؤل
هل نفتحُ بلاغاً بمُحاولة الإعتِداء ؟
اجابت هي بغموض
- لا . سنحلّ الأمر بيننا .
بدى شِهاب مُتجمّداً على وضعية الدهشة منذ ان لمح تلك الفتاة غريبة الأطوار الاّ ان كِنان إقترب مُستنِداً على الطاوِلة امامها و هدر امام وجهها بعُنف
- حقّاً ؟! كيف ستحلّين الأمر آنسة ريفال ؟ هل جُننتي ام ماذا ؟

هزّت كتِفيها بلا مُبالاة وهمست بهدوء
- لا تتدخّل فيما لا يعنيك .
واعاد نظراتها الى الضابط هامِسة بملل
- هل مطلوب منّي شيء آخر ام اُغادر ؟
اجابها بدهشة
- بما اننا إستجوبنا شهوداً على الحادِثة و لدينا ملفّ الجاني الإجرامي فلا شيء ضدّك .. واذا اردتي ان اجعلهُ يوقّع على محضر بعدم التعرّض سيكون أامن لكِليكُما .

إبتسمت هامِسة بسُخرية
- لا تقلق سيّدي لن يجروء على النظر اليها بعد ما فعلتهُ به هذا اذا لم يفقِد ذاكِرتهُ الى الأبد .
تحركت للخارج مُتجاهِلةً إياهم بصفاقة ليلحق بها وبراكين الغضب تثور امامهُ الاّ ان شهاب امسك به هامِساً بغرابة
- دعك مِنها .. تبدوا مريضة نفسيّاً .

رمقهُ بنظرةٍ قاتِلة تحمِلُ غضباً اسوداً وقد شعر شِهاب بأنهُ خاض بمنطقةٍ خطِرة فآثر الصمت لتنقضي هذه الليلة على خير وتبِع كِنان بهدوء الى ان اطلّت من عيناهُ نظرة اسفٍ وهو يرى الصغيرة الشقراء تبكِ بقهر وريفال الوقِحة تحتضِنها بحُبّ صادِق الى ان هتفت بصرامة وملامِحها المُتجمّدة لا تُظهِرُ اي شعورٍ بالضعف
- لا تبكِ ! دعينا نعود للمنزِل فأنا بخير وها انتِ بخير لما البُكاء ؟ لا تخافي ذلك الحقير نال عِقابه واكثر .. و عِندما يخرُج من المشفى لي معهُ حِساب آخر .. سأجعلهُ يكره السُكر طوال حياته و سيأتي ليعتذِر اليكِ رُغماً عن انفه .. فقط إهدأي .

إستكانت بين ذراعيها وشعور الأمان يُغلّف قلبها الحزين وللحظة تخيّلت ماذا سيحدُث لو لم تأتي ريفال في الوقت المُناسِب .. اغمضت عيناها بحدّة وتشنّجت اطرافها قبل ان تتوه معالم النور من حولها فحاولت ريفال إبعادها عندما شعرت بصمتِها الاّ انها فوجِئت بثِقل جسدها و غيابها عن الوعي لتهمِس بإرتِجاف
- جوان ؟!
هزّتها صارِخة بهلع
- جوان ، إستيقِظي حبيبتي .. انتِ بخير ، هيا بِنا لمنزِلنا .

صفعتها على وجنتيها في مُحاولة لإفاقتها الى ان شعرت بيد احدِهم تحوي زُجاجة عطرٍ صغيرة نثر شذاها على كفّها الصغير قبل ان يُقرِب من انفها طرف الزُجاجة وينحني ليُربّت على وجنتيها بخشونة لتعقِد حاجِبيها بإنزِعاج قبل ان تفتح عيناها لتصطدِم بعينان سوداء مُظلِمة تحمِلُ نظرةً عميقة كبحرٍ غادِر قد تُغرِق كُلّ من حولها .. كانت نظرةً تشمِل وجهها كُلّه وكأنهُ يُعانِقها دون لمس الى ان افلت من بين شفتيها زفيرٍ مُتردّد ليبتسِم مُبتعِداً عنها وقد تأكد مِن انّها إستعادت وعيها ليهتِف
- دعنا نأخُذها للمنزِل يا كِنان فهي تبدوا مُتعبة ، ولتنقضي هذه الليلة التي ليس لها نهاية .

اومأ كِنان بالإيجاب وإقترب مِن ريفال هامِساً - اظنّ انكِ لن تُمانِعي إن إصطحبنا جوان للمنزِل
وقبل ان يسمع ردّها اشار لأوس الذي إقترب مِنها وساعدها على النهوض وتوجّها للسيارة تحت انظار ريفال القاتِمة وقبل ان تنطق بشيء هتف كِنان قائلاً لأوس
- سيأخُذكُم شِهاب للمنزِل لديّ حديث مع ريفال وسنلحق بكم بعد قليل .

نظر اوس لأُخته وقد بدت شارِدة وملامِح الألم تكسوا وجهها فأسبل جفنيه بحُزن و دلف للسيّارة الفخمة ذات الطِراز الحديث لتتحرك بعد ان وصف لشِهاب - الذي لا يعرِفُ صلة قرابته بهِم - عنوان منزله .

إلتفت إليها ليرِقّ قلبه على حالها وبالرغم من جمود ملامِحها الاّ انهُ يشعُرُ بألمِها الذي يتسرّبُ من قلبها لقلبه . فإقترب منها بِضع خطوات و تأمّلها مليّاً مُشبِعاً عيناهُ مِن حُسنِها الذي يلمحه طوال الاعوام السابِقة من بعيد دون ان يجِد الجُرأة للإقتِراب ولكن الآن وبِما انه بطريقة ما يقِفُ امامها فلن يسمح لهذه اللحظات الثمينة ان تضيع هباءاً فمُتعة النظر اليها تُضاهي لذّة الإرتواء قبل اعوامٍ من الظمأ .

اجفلت عندما وجدت عيناها بعيناهُ مُستفيقةً من شرودها الى ان عقدت ذراعيها حول صدرِها وهمست ببرود
- استمِعُ اليك ، ماذا تُريد ؟
إزدرد ريقهُ بإرتِباك وقد بدى الحديثُ اصعب مِن ان يفِرّ من بين شفتيه ؛ لأنهُ يُدرِك تماماً عدم تقبُلِها للوضع ولكن فكرة ان تكون امامه طوال الوقت يأويهِما سقفاً واحد اسرت بقلبه مشاعراً لذيذة جعلتهُ يهمِسُ بهدوء
- جدّي يُريدُ ان يستعيدكُما ، ستسكُنون في القصر برفقة العائلة .. انتِ واوس وجوان .. وسأحرصُ على ان لا يُزعِجكُم احد .

بدى حديثهُ غبيّاً للغاية و لبرود وجهها ظنّ انها لم تسمعهُ الاّ ان الضحكة الساخِرة القصيرة التي افلتت من بين شفتيها اثبتت انها سمِعت كُلّ حرف فإستعدّ لنوبة ثورانها التي تعوّد عليها الاّ انها همست بصوت ساخر ، حاد لشدّة المه
- لماذا ؟ ما الذي جدّ على رضوان بِك فؤاد ليجعلهُ بهذه العاطفة الجيّاشة ؟ هل هو على فِراش الموت لذلك يودّ إراحة ضميره قبل الرحيل عن الحياة ام ماذا ؟

ضيّقت حاجِبيها بحيرة واضافت بتفكير
- ما قرأتهُ عنه انه ليس بهذا الغباء وإلاّ لما صنع إمبراطوريّة كالتي يمتلِكها . هل يظُنّ انني قد ارتمي بجناحه فور سماحه لي بالدخول لجنّته الذهبيّة ؟ يا الهي .. هو حقّاً غبيّ .. إضافةً لأنهُ ظالم وحقير و ...

زمّت شفتيها واسنانها تصطكّ من الألم فمِرفقها يكادُ يتهشّم بين يده الضخمة .. رفعت عيناها تُطالِع السحاب الأسود المُتقِد بعيناه من فرط الغضب فإفترّت شفتيها عن إبتسامةَ سعادةً حقيقية وهي ترى عُمق الجُرح الذي سببتهُ اليه فهي تعلم انّ رضوان يعني لهُ الكثير . ولكن ما لا تعلمهُ هو انه مُتألِمٌ عليها .. مُتألِمٌ لجُرحٍ خبيثٍ ينتشِرُ بروحها النقيّة مُهدِداً بتشويهها .

ظلّا صامِتين لوقتٍ طويل الى ان ارخى قبضته حولها واخذت انامِلهُ تتحسسُ مِرفقها بلمساتٍ ناعمة كأجنِحة الفراشات وكأنه يمسحُ مرهماً على جروح روحها بينما تنظُر اليه بحاجِبان مُقترِنان بكُره شديد و قد بدت شارِدة بالرغم من حدّة ملامِحها فعيناها تائهتان بعيداً بتفكير بينما انفاسها المُتردّدة تجتاحُ كيانه بضراوة وللحظة شعر بأنها تتأثر بقُربه الاّ ان تلك اللحظة لم تدُم سوى لثوانٍ قبل ان تستلّ يدها منهُ بعُنف وتبتعِد خطوتان قبل ان تُعيد قِناعها الرخاميّ الصلب هامِسة بقوّة
- اذهب واخبر جدّكَ المُبجّل انّ ريفال ابنة عِطر ليست للبيع .

تجاوزتهُ بغضب ليتبع خطواتها السريعة ببطء شديد قبل ان يهتِف بصوتٍ عالي
- تتزوجيني ؟
وقفت مكانها وإلتفتت اليه ببُطءٍ شديد ورمقتهُ بإبتِسامةٍ غريبة قبل ان تُعاوِد سيرها بخطواتٍ مُعتدِلة مُتأنّية شديدة الشرود .

.
.

- الفتاة في الخامِسة والعشرون مِن عُمرِها هذا يعني انّك تزوجت بأُمِها قبل زواجك بأُمّي .. ولكن ماذا عن الفتى الذي يصغرُ غصون بعامٍ واحِد ؟ هل كُنتَ تخون اُمّي ؟!
تسائلت كاميليا - الإبنة الكُبرى لجُلنار- بهدوء شديد عاقِدة حاجِبيها بألم وعيناها الرماديّتان تلتمِعان بالدمع ليهتِف والدها بحدّة وغضب
- لم استطِع ترك عِطر حتى بعد زواجي من والِدتكِ .. لم اُطلِقها الاّ بعد عامين من ولادة اوس ووالدتكِ تعلم ذلك .. الجميع يعلم انني إخترتُ عِطر زوجةً وحبيبة ولكن عندما وضِعتُ بين خيارين اصعبهُما مُرّ على قلبي إخترتُ ان اُطلِقها بدلاً عن سحب إسمي عن ابنائي .

طلّقتها لتظلّ ابنتي ريفال ايمن رضوان .. انا اعلمُ تماماً انها الآن تكرهني وليس لي الجُرأة لمواجتها لأنني تخليتُ عنهم سابِقاً بملء إرادتي - كما تظُنّ - ولكن ما لا تعلمهُ انني كُنتُ مُجبراً على كُلّ ما حدث .. لقد خِفتُ عليهِما من بعدي .. ماذا قد يحدُثُ لهُما بعد موتي ؟ ما فعلته هو ان جعلتهُما على إسمي لينالهُما نصيبٌ من ثروتي رُغماً عنكم جميعاً لأنهُما يستحِقّان هذا المال لأنهُما ابنائي .. مِن لحمي ودمي انجبتهُما من إمرأةٍ ما زالت تسكُنُ بقلبي حتى بعد موتِها ولم تستطِع والدتكُم ان تنتزِعها من بين اضلُعي .

شهقت غصون ببكاء بينما ظلّت كاميليا تنظُرُ لعينيّ والدها بنظرات حزينة للغاية و دموعها تتسرّب ببُطء الى وجنتيها الناعِمتان وقد بدى الجميع في حالة صمتٍ مشحون الى ان هتفت كادي - الإبنة الصُغرى لأيمن - ذات السادِسة عشر عاماً
- اُقسِمُ ان اقتُلها بيداي .. دعها فقط تقترِبُ من هذا المكان . سأجعلها تندمُ على التفكير بغزو منزِلنا .. انا اكرهها واكرهك بشدّة .. فلتذهب للجحيم هي واخيها.

صرخت ببكاء وركضت لغُرفتِها ليبدأ الجميع بالتسلُل بهدوء الى ان تبقّى كُلّ مِن رضوان وايمن واسمهان التي إقتربت من عمّها هامِسة
- لقد فعلت الصواب ، سيكون كُلّ شيء بخير فالأيام كفيلة بتبرئة الجروح .
نظر رضوان لإبنة اخيه ليرى بعيناها ابنه جواد .. الأبن الأكبر الذي توفي قبل اعوام تارِكةً زوجةً حكيمة وابناء يُجابِهون الشمس بعظمتِهم .. ولم يلُمهُ احد على حُبّ ابناء جواد وإمتِلاكهُم مكانةً خاصّة بقلبه فكِنان و ليليان هُما احبّ احفاده اليه لأنهُما يشبهان والدهُما كثيراً .

همس ايمن بألم
- لا اظُنّ ان الايام ستجعلهُم يُحِبّونها ويتقبّلونها كأُخت .. والأيام لن تجعل بناتي يحبِِِِبنني من جديد .. كاميليا وغصون وكادي وريفال جميعهُنّ يكرهنني بشدّة و لم يبق لي سوى ابني الذي لا اعلمُ إن كان سيُسامِحني ام لا .
تنهّدت اسمهان بحُزن مُدركة ان الأيام القادِمة لن تكون هادئة ابداً .

.
.

بعد إسبوع ، يجلِس كِنان مُتحدّثاً في إجتِماع لأكبر مُصمّمي الأجهِزة الإلكترونية بصدد المُناقشة حول المشروع الجديد الخاص بتحسين جودة ماركة - اكبر - الخاصّة بأنواع الهواتف الذكيّة والحواسيب . الى ان رنّ هاتِفه بالنغمة المُميزّة التي يقشعر لها قلبه فقطع حديثهُ مُعتذِراً قبل ان يتفحّص الهاتِف ليقع قلبه صريعاً لرؤية اسم إبنته الحبيبة فتصلّبت انفاسه للحظة وهو يهمِسُ بقلق
- ريفال ؟!

من الجِهة الأُخرى كانت ريفال تجلِسُ بغُرفتِها وامامها على السرير صندوقاً خشبيّاً عتيقاً قد نثرت محتوياته بعشوائية حيثُ جديلةً طويلةً بلون العسل كثيفة تحمِلُ رائحة شامبو يُستخدم للأطفال . وبِضعة صور لإمرأة شقراء ذات وجه طفولي مُبتسِم دائماً . احد الصور وهي برفقة رجُل مليح الملامِح حادّ العينان مُبتسِم القسمات يُحيطها بذراعيه بعفويّة بينما اُخرى لذات المرأة وذات الرجُل ولكن بملامِح مُختلِفة فالشقراء الطفولية مُنتفِخة البطن مُتعبة الوجه مع ذات الإبتِسامة الحُلوة بينما الرجُل يتصنّع إبتسامةً صفراء وعلى ملامِحه قلقاً غريب .

مسحت ريفال دمعةً فرّت من عيناها وهمست بنبرةٍ بدت غريبة عليها
- انا موافِقة على عرضك .. فلنتزوّج .

.
.
.
.
.
.
.
.
..
...
مرحباً
رأيكم بالأحداث
والشخصيّات .

.
.
هل سيتقبّل افراد العائلة فكرة زواج كِنان من ريفال ؟
هل ستُنفّذ كادي تهديدها لوالدها ؟
ما ردّة فِعل جوان تجاه موضوع الذهاب الى القصر ؟
هذا واكثر ما سنعرِفهُ في الاجزاء القادِمة

.
.
.
.
.
.
..
...
مع حُبّي ❤❤❤
.
.
.
..
...
فايا

Seguir leyendo

También te gustarán

471K 38.3K 15
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
846K 29.6K 40
حبيبها سيتزوج باخرى ..وعليها البحث عن زوج
1.9M 53.5K 32
#رواية_رومانسية لو كان اﻷلم من أي شخص ربما كان أهون ، لكن أن يكون من الرجل الذي عشقت هذا مالم تتوقعه في ابشع كوابيسها ، ان يتحول من ذلك الحنون المراع...
1M 21K 13
افوت بشارع اطلع مِن شارع وماعرف وين اروح المنو اروح ويضمني عنده صار بعيوني بيت خالته وساسًا ما عندي غيرها حتى الجئ اله اابجي واصرخ شفت بيتهم مِن بع...