تشتت

8.2K 451 135
                                    

انهت الطبيبة فحص ريفال بوجود كنان، وقالت بهدوء:
- سيّدة ريفال يبدوا انّ طفلك ِمُتمسّكٌ بكِ كما تفعلين، لقد تخطّى مرحلة الخطر دون مشاكل الى الآن ولكن هذا لا يعني انّكِ ستعودين كما السابِق.
ماتت ابتسامة الراحة على شفاه ريفال وقد أصبح قلبها ساحةً من الخوف بتلك النبضات العالية بينما همس كنان بتشوّش:
- ماذا تقصدين؟

اجابت الطبيبةُ وهي تتفحّص صور الاشِعة المأخوذة حديثًا لظهر ريفال قائلة:
- الظهر هو الجُزء الأوّل الذي يتأثّر بعمليّة الحمل، وبالشهور المُتقدّمة يتحمّل الظهر كامل وزن الجنين لذلك من الطبيعيّ الشعور بالألم ولكن بالنسبة لكِ سيكونُ الأمرُ مُضاعفًا لذا سأنصحُكِ بعدم الوقوف لمُدّةٍ طويلة، هل يُمكِنني معرِفة طبيعة عملكِ؟

اغمضت عيناها بتشوّشٍ غير قادِرةٍ على فهم حديث الطبيبة الذي يختلِطُ بلُغةٍ اجنبيّةٍ لا تُجيدُها، أجاب عنها كِنان لتعود الطبيبةُ للحديث بتلك اللُغة لتهتِف بحدّة:
- هلّا تحدّثتي بلُغة البلد الذي تقطُنيه؛ فلا أفهمُ ايّ كلمةٍ ممّا تنطُقين.
همس كنان مهدئا اياها:
- إهدأي يا ريفال، ليس هُنالِكَ داعٍ للعصبيّة، فالطبيبة لا تعلمُ بعدم إجادتكِ للغُة. 

هتفت بحدّةٍ وهي تلوّحُ بيديها بغضب:
- انتَ تُجادِلني صحيح؟! بالطبع ستفعل؛ فانتَ تفهُم ما يُقال ولستَ جاهِلًا مثلي، ولكن ما لا تعرِفهُ هو انّني انا من ...
- آسفة سيّدتي.
قاطعتها الطبيبة لتزفِر بعُمق في مُحاولة لتهدئة أعصابِها التالِفة، وحدّجت كِنان بنظراتٍ حارِقة عندما بدأ بالإعتذار عن الطبيبة نيابة عنها، فأكملت الطبيبة قائلة بعامّية الأغنياء التي تختلف عن شعبيّة ريفال:
- انتِ تعملين بمتجر حلوى صحيح؟

أومأت ريفال بصبرٍ نافِذ لتُكمِل الطبيبة بصوتٍ قاطِع:
- ستحتاجين للراحة من العمل في الفترة القادِمة لأنّ حالة الجنين ليست مُستقِرّة الى الآن وعلى الأرجح سيحتاج لجوّ من الهدوء النفسيّ والراحة الجسديّة.
تسائلت بتردّدُ:
- يا الهي! هل هُنالكَ احتمالٌ بتأذّي الجنين؟

- نعم للأسف! ولا يمكننا تحديد الأمر الآن سنحتاج لعمل فحوصات دقيقة بعد إسبوع من الآن.
اجابت الطبيبة لتُغلِق ريفال عينيها كابِحة دموع الخوف الذي تسلّل الى قلبها وما ان احتضنها كنان مُطمئنًا همست بجانب أُذُنه بنبرةٍ مُتألّمة:
- لن أُسامِحَ أخيكَ ما حييت.

.
.

سقطت باقة الورد من يد زمرُّد وهي تقِفُ أمام والدتها عائدةً لأعوامِها الأولى، وكأنّ الحياة محت سنواتِ غيابها تارِكةً منها طفلةً على عتبات الشغب، نقيّةً من ملوّثات الحياة وقذارتها، إمتلئت عيناها بالدموع فأسدلت سِتارها تارِكةً من همسها المُتعبُ المُشبّع بالحنين يخرُجُ بعد سنواتٍ من الفُراق قائلة:
- أُمّي!

في تلك اللحظة فقط ومع تردُّد نبرتها الرقيقةِ التي لا تُخطئها سمحت بوران لعينيها بالإغماض علّ روحها المُتعبة بثِقل الذنبِ تجِدُ الراحة، سارع كُلّ من بُراق وأدهم وأوس بالإقتراب من زين الذي التقط بوران قبل سقوطها أرضًا فاقِدةً للوعي لتتراجع ورد وعلى ملامِحها فزعٌ يُغلّفهُ النُكران لتصطدِم بأوس الذي أوقفها هامِسًا بقلق:
- إهدأي!

سُكّر غامِقWhere stories live. Discover now