توق

9.6K 418 248
                                    

التفتت للجِهة المُقابِلة للشرِكة، ابتسمت بحماس وما ان ازال كنان يداهُ أُضيئ المبنى المُقابِل بألونٍ تخطِفُ الأنفاس ليتجلّى أسم "سُكّر غامق" على واجِهةٍ كبيرة تنبِضُ بالروعة، وقبل ان تُعبّر عمّا يجوب بخاطِرها أضاف كِنان برِقّة:
- هنا ستعودين لفعل ما تبرعين فيه.
إلتقط كفّها ليستنشِقهُ بتلذُذٍٍ ويقول:
- سيعودُ عبقُ القِرفة، والفانيلا، والكاكاو لهاتين اليدين، وسأحظى أنا وابنتي بحلوى السُكّر الغامق.

اتسعت عيناها التي تشبهُ في لونها نعاس القمر خلف الغيوم السوداء وتحوّلت ابتسامتها لعبوسٍ حزين بالتزامُن مع ترقرُق عيناها بالدموع وهي تقولُ بتردُد:
- انا لا أستطيع، لم أعُد قادِرة على صُنع شيء؛ فكُلّ مرّة لا أذكُرُ سوى وجه فاتن، وعندما اتذكّرُ حديثها أشعُرُ بأنني حقيرة للغاية.

- ريفال، انظُري إليّ جيّدًا، انا لن أسمح لكِ بإيذاء نفسكِ بهذه الطريقة، وان كان هُنالك من هو حقيرٌ في هذه الحكاية فهي فاتن التي تخلّت عنكِ لأجل المال الذي أخذتهُ من جُلنار وباعت سنوات صداقتكما بأبخس الأثمان وعندما عاتبتِها جعلتكِ المُخطِئة لتُبرِر ما اقترفتهُ من ذنب مُدرِكةً انكِ ستكرهين نفسكِ بعد أقوالها.

الى الآن لا أُصدّقُ انني استمعتُ لرجائكِ ولم أُبلِغ الشُرطة عنها، ولكن يُمكِنني الآن ان أفعلها وستُحاسب على ما حدث؛ فأنا لن أنظُر اليكِ وانتِ تكتئبين بسببها.
- كنان!
نبرتها المُعترضة جعلتهُ يهمِسُ بانزعاج:
- سأحبِسها إن لم تعودي الى العمل، انا لا أمزحُ يا ريفال.

زمّت شفتيها بحنقٍ أزال كُلّ سعادتها ليزفِر بخيبة فقد كان تخيُّلهُ لردةِ فعلِها أكثر رقّةً من ذلك؛ فقد أمضى الشهران الفائتان في تجهيزه ولكنها بكُلّ بساطة لا تُراعي لكُلّ ما يفعل لأجلِها، نظرت لملامحه الحزينة وأدركت انّها تمادت في الرفض وأزعجتهُ في أوّل ذكرى لزواجهما.
- هل سنبقى بالشارِع طويلًا ام سندلف للداخل فالجوّ باردٌ كثيرًا على ما أرتدي.

نظر إلى ثوبها ذو الأكمام المائلة مُظهِرةً كتِفيها الرقيقين ووضع يديه عليهما قائلًا بزجر:
- لماذا لم ترتدي معطفًا؛ فكتِفيكِ مُتجمّدين، وساقيكِ كذلك.
أجابتهُ بشغبٍ جريئٍ لا يليقُ بسواها:
- لم أُظنّ انني قد أحتاجهُ بعد رؤيتك.

لم يستطِع كبح ابتسامته العميقةِ وهو يضُمّها بين ذراعيه الحانيتين مُسلّمًا بأنّ ريفال رضوان ستظلُّ الأُنثى الأولى والأخيرة بحياته مهما حدث لن يستطيع أحدٌ ان يُزلزِلُ مكانتها بقلبه، قادها لداخل المقهى الفارِغ سوى من كُرسيّان أنيقان بمُنتصفِهما طاوِلة تحوي شموعًا بعطر الفانيلا وورود الياسمين المُفضّلة لريفال التي ابتسمت باعجاب لمرأى المكان من الداخل فبالرغم من خلوّه من الطاولات والمقاعد إلاّ انّها رسمتهُم بخيالها ليغدوا المكانُ غايةً في الجمال.

سُكّر غامِقWhere stories live. Discover now