" و كَـيـفَ لِـلـمُـحَـارِبِ ان يَـحْـيَـي دُونَ عَـسَـلِـيَّـتَـاه ؟ "
-
" إيريك "
صعدتُ الي غرفه روليا بعدما أمرني فاليريو بإحضارها الي احد المطاعم و كأنني الخادمه الفلبينية الخاصه بهم ، تمتمت بسبه لفاليرو ثم فتحت باب غرفه روليا لتركض بسرعه صوبي تحتضنني بقوه ، رغما عني تناسيت غضبي من فاليريو ليحل محله ابتسامه عريضه شقت وجهي و انا احمل روليا ثم اخذت بمداعبتها لتملئ ضحكاتها الطفوليه المكان ، ضحكتُ انا الآخر و كل جزء بي يخبرني للمره الألف انني اعود طفل صغير بجانب برائتها و كأنها الجزء الوحيد النقي في حياتي بأكملها .
بعد مده من المداعبه و الضحكات المرتفعه انزلتها علي سريرها برفق ثم تحدثت :
_ لدي مفاجأه لكِ .
ظهر الحماس علي وجهها بوضوح لتقول بسرعه :
_ ماذا ؟
_ لقد دعانا فاليريو الي احد المطاعم لنتاول الطعام بالخارج .
سريعا ما انطفت ابتسامتها و حل محلها العبوس و هي تقول ببرود :
_ لا .
رفعت حاجباي متعجبا من رفضها و غضبها السريع ، هي تغتنم اي فرصه للخروج من المنزل و عندما اتت لها علي طبق من ذهب رفضت بكل ثقه !
_ لماذا ؟
جلست علي الفراش ثم قالت بحزن :
_ ابي لم يأتي لزيارتي منذ اكثر من يومين ، لا اراه ولا يتصل بي كالعاده ، تركت له خطاب ليله امس اخبره به بحزني الشديد منه لأنني اعلم انني لن اراه لأخبره بمدي حزني ، و قد اخبرتني الخادمه انه اخذ منها الخطاب و لكن بالرغم من ذلك لم يحادثني الي الآن .
اي خطاب هذا و اللعنه ؟ فاليريو القاسي كيف يتصرف مع تلك الفراشه الرقيقه هكذا ، اقسم ان القنه درسا قاسيا ، ابتسمت و انا اقول لها :
_ فاليريو كان حزين جدا بسبب خطابك هو من اخبرني بهذا ، و اتاه عمل مهم لذلك اضطر للرحيل قبل موعد عودتك من المدرسه ، و هو من طلب مني ان احضرك للمطعم لكي يستطيع رؤيتك و الحديث معك كما يشاء ، ادري انني لا يفترض بي قول هذا ولكنه احضر لكِ مفاجأه رائعه و لذلك يجب ان نذهب .
بدا الفضول ظاهرا علي وجهها و لكنها سريعا ما عادت لبرودها و هي تربع يديها قائله :
_ لا اريد ، اذهب انت و استمتع بمفاجأته .
تلك اللعينه عنيده كـ والدها تماما كأنها ورثت جميع صفاته ، تنهدت عندما فقدت الامل ثم اخذت الهاتف لأحدث فاليريو ، ثواني حتي اجابني لأبدأ الحديث :
_ فاليريو روليا لا تريد القدوم .
_ ماذا يعني لا تريد القدوم ؟
قالها بصوت غاضب لأجاوبه بغضب مماثل :
_ هل تسألني انا ؟ انها غاضبه منك لأنك قرأت خطابها ولم تبالي ، متي اصبحت بتلك القسوه مع روليا ، انها لا تست..
_ إيريك ، امامك نصف ساعه ، اريدك ان تكون بالمطعم قبلي انا و راسيل ، اكذب عليها ان تطلب الامر و لكني اريد حضورها ، ان كنت تحبها و تهتم لأمرها ستفعل ذلك .
اغلق الهاتف بعد حديثه ، لما و اللعنه راسيل معه و ما دخلها بـ روليا ؟ تأففت و انا اعود للداخل لأري روليا تقرأ احدي القصص متظاهره بعدم الاهتمام ، اعلم انها تحترق شوقا لمعرفه ماهيه المفاجأه ، لا يوجد مفاجأه تلك كانت كذبه بيضاء مني ، و بعد القليل من التفكير .. اعتقد انه لا مانع من كذبه بيضاء أخري !
انتشلت القصه الورقيه منها بهدوء ثم جلست بجانبها احاول ان اكون جادا للغايه :
_ روليا .. هل تريدي ان تعرفي ما هي المفاجأه ؟
_ لا .
غبيه ، ظننت انها ستخبرني انها تريد ان تعرف لأبدي حزني الشديد متظاهرا بأنني لا اريد اخبارها ، و لكنها خربت السيناريو بداخل رأسي ، لذا قلت غير مباليا برفضها :
_ فاليريو في المطعم برفقه والدتكِ .
ادارت رأسها الي بسرعه البرق تنظر الي بعدم استيعاب ، و ها قد بدأ الندم ينهش قلبي و انا اري عدم التصديق في عينيها ، نظرت لعيني مباشره ثم قالت بصوت متحشرج :
_ انت تكذب صحيح ؟
لا استطيع رؤيه القطرات التي بدأت تتسلل بخفه فوق اهدابها ، بدأتُ اشعر بفداحه الخطأ الذي ارتكبته ، و لكن لن استطيع التراجع هذا سيحطمها اكثر !
اقتربت مني اكثر و دموعها تتساقط علي وجهها ثم امسكت بقميصي تتشبث به قائله :
_ امي ليست ميته ؟ هي علي قيد الحياه ؟
دون اراده مني وجدت نفسي اومئ برأسي كالأبله ، لا استطيع قول لا و كسر قلبها ، اعلم ان ما افعله سيكسر قلبها اكثر ، و لكني لم اكن اتخيل ان امر والدتها يعنيها لتلك الدرجه ، فـ هي تعلم انها ميته و لم تراها بحياتها !
وضعت يديها الصغيرتين علي وجنتيها اللتان تصبغتا بحمره البكاء ثم اخذ نحيبها يرتفع ، رفعتها اضعها فوق قدمي برفق ثم مسدتُ علي خصلاتها بحنو بينما احتضنها ، اخذت اهمس بكلمات معتذره في اذنيها و الندم ينهش قلبي ، بعد قليل عندما هدأت قليلا مسحت دموعها و كأنها تستجمع شجاعتها ثم نزلت الي الأرضيه و هي تسحب بيدي نحو خزانه ملابسها :
_ هيا احضر لي ثياب ، اريد ان اذهب لرؤيه امي .
و الآن انتهي بي الأمر و انا اجلس علي الطاوله في المطعم اضرب بيداي علي وجنتي بحسره و انا اري روليا تتعلق بقدم راسيل التي لا تفهم شيئ بينما شهقات روليا تخترق صمت المكان ، كان فاليريو ينظر لها كالمشلول لا يعرف ما الذي حل بها ، ثم بعد ثواني ربما عندما تذكر جملته "اكذب عليها ان تطلب الأمر" نظر لي و الشرارات تتطاير من عينيه ، حسره علي شبابك الذي انتهي علي يد فاليريو يا ايريك المسكين ، هو ليس بحاجه لقتلي بسلاح فـ عينيه ترسل جيشا بأكمله للفتك بي !
عندما بدأ فاليريو بتدارك الأمر ابعد روليا بعيدا عن راسيل و هي لا تكف عن مناداتها بـ " أمي " ، حملها ثم اعتذر من راسيل تقريبا و خرج بصحبه روليا للخارج ، تقدمت راسيل نحوي بتيه ثم جلست تسألني بعدم فهم :
_ انا لا افهم شيئ ، طوال الوقت كانت روليا طفله صغيره ؟ ثم لما تناديني بـ " امي " ؟
ضربت علي وجهي بحسره مره اخري و انا اشعر اني اكاد ابكي من فرط الحرج و الخوف مما سيفعله بي فاليريو ، نظرت لي راسيل بعدما سمعتني اولول كالنساء ، قوست حاجبيها و هي تقول :
_ ما بالك تكاد تبكي كـ الاطفال ؟
لم اجيبها و انا امسح علي وجهي بيدي ، اقتربت من وجهي بشك ثم قالت :
_ اشعر أنك قمت بمصيبه !
اومئت برأسي بتأكيد ثم قلت :
_ ليست مصيبه عاديه ، سأُقتل اليوم !
بحركه سريعه منها رفعت سكين الطعام الذي كان يوجد علي الكرسي ثم وضعته علي رقبتي كتهديد فتراجعت بالكرسي للخلف برهبه من حركتها المفاجأه ، و لكنها اقتربت و لم تبالي :
_ اقسم انني سئمت منك ، هل انت السبب بأنها تنادني بـ " امي " ؟
اومئت برأسي مره اخري لتبتعد عني و هي تسب بصوت منخفض و كأنني لن اسمعها ، لم اكد اعتدل علي الكرسي حتي دفعتني مره اخري و هي تعاود وضع السكين علي رقبتي :
_ استمع ايها المغفل ، لقد مللت منك انت و صديقك الخنزير الوردي ، حفنه من الأغبياء تسير كقطيع الكلاب ظنا من انهم يستطيعون القضاء علي الجميع ، و لكنكم لا تعرفون من اكون ، اقسم ان اجعلكم تسيرون علي أيديكم من فرط الخوف مني ، سأقتلكم جميعا !
لم اعلم ما علاقه ان نسير علي ايدينا بخوفنا منها ، و لكني تجاهلت تهديدها الذي بدي و كأنه تهديد طفله في الرابعه من عمرها ثم نظرت خلف راسيل و قد استطعت ان اري الموت يقف خلفها ، عدت بنظري اليها ثم نظرت للسكين علي رقبتي و رفعت اصبعي اشير خلف راسيل :
_ الخنزير الوردي .
رفعت حاجبها بعدم فهم ثم سريعا ما ادركت مقصدي ، سألتني بصوت خافت و اقسم انني استمعت لرعشته و الخوف الذي احتل نبرتها :
_ هل هو خلفي ؟
_ نعم .
عضت علي شفتيها بتوتر ثم ابتعدت بهدوء و هي تترك السكين علي الطاوله ، التفتت بتريث نحو فاليريو و اكثر ما ارعب كلانا هو نظرات البرود التي احتلت ملامحه ، كافحت راسيل لرسم ابتسامه علي شفتيها ثم قالت :
_ مرحبا ايها اللطيف .
ازاحها فاليريو كـ قطعه قماش باليه ثم سحب كرسي لترفع روليا فستانها الازرق لأعلي ثم جلست علي الكرسي ليقربه فاليريو صوب الطاوله ، ظن كلا منا انه سيجلس بعد هذا و لكنه اقترب من راسيل ثم سحب الكرسي الموجود بجانبها و عيناه لم تتحرك بعيدا عن خاصتها ، اما هي .. فـ اقسم بأن انفاسها لا تستطيع العبور نحو انفها من فرط التوتر .
جلست راسيل علي الكرسي الذي سحبه لها فاليريو ثم جلس بينها و بين روليا ، ابتسمت روليا بحماس ثم مدت يدها نحو راسيل ، نظرت راسيل ليدها الممتده نحوها لتحرك خاصتها لتلامس يديها لتقول روليا بعدها :
_ امي .. انتِ اجمل مما توقعت !
ابتسمت راسيل ابتسامه لم تصل لعينيها ثم اعادت يديها لتضعها علي فخذها مره اخري ، سحب فاليريو قائمه الطعام لينظر لها و كأنه لا يبالي بما يحدث حوله .. و لكن وحدي اعلم بأن داخله الاف الصراعات التي يحاول القضاء عليها للبقاء هادئا ، بعد عدة ثواني قامت راسيل قائله :
_ سأذهب للحمام حالما تنتهون من اختيار الطعام .
ابتعدت عنا قليلا ليترك فاليريو قائمه الطعام ثم استقام هو الآخر و قبل رأس روليا هامسا لها :
_ خمس دقائق و سأعود .
اومئت روليا موافقه برأسها ليتحرك فاليريو خلف راسيل ، لا احب راسيل و لكني لست اكرهها لأحبذ موتها علي يد فاليريو ، هل سيقتلها في الحمام ام ماذا ؟ سحبت قائمه الطعام اري ماذا يمكنني ان اتناول ، ربما تكن تلك وجبتي الاخيره !
-
جلست علي اريكتها تشرب مشروبها المفضل باستمتاع ، اخذت تقلب في المحطات التليفزيونيه بملل و عقلها منشغل عما حدث لها صباحا ، لا تدري كيف باتت تتوتر من وجوده معها في مكان واحد ، هو الذي كانت تمقت وجوده و تتهرب منه حتي لا تراه ، الآن باتت مغرمة بالأوقات التي تقضيها برفقته و مزاحه الدائم المخصص لها ، ابتسمت دون اراده و هي تتلفظ اسمه ببطئ .. " إيريك " ، هي من كانت تسب راسيل و تتهمها بالجنون لأنها احبت قاتل ، باتت هي تُحب صديق القاتل ، و لسوء الحظ .. هو ايضا قاتل ، و لكنها لا تستطيع الاعتراف بحبها حتي في سرها ، لن تدع قلبها يتحكم بها قاتله كل ذرة تعقل بداخلها .
فاقت من شرودها علي رنين هاتفها ، نظرت في الهاتف لتجد اسم سام يضيئ الشاشه ، لو كانت مكالمته تلك منذ عدة شهور لكانت تطير فرحا و هي تستمع لصوته ، و لكن الآن انطفئت كل ذرة حماس تجاهه بداخلها و كأنه انتقل تلقائيا الي ايريك .. الشخص الخاطئ تماما !
فتحت الهاتف و اجابت :
_ مرحبا سام !
_ آيلا ، كيف حالك ؟
وضعت بعد المقرمشات بفمها و هي تجيب بآلية :
_ جيدة ، ماذا عنك ؟
شعر سام ببرودها في الحديث ، فكان دائما يشعر بحماسها المفرط اثناء حديثها معه ، سألها :
_ هل لديكِ مخططات اليوم ؟
_ لا
انتهز الفرصه وهو يقول :
_ ما رأيك ان نذهب للتنزه ؟
كرمشت وجهها برفض و كأنه سيراها ، صمتت عدة ثواني تبحث عن حُجه ثم قالت :
_ في الواقع انا مريضه اليوم و الجو بارد للغايه ، ان خرجتُ من المنزل سيزداد مرضي .
اجاب بخيبه أمل :
_ نعم انتِ محقة .. هل يمكنني ان اقابلكِ في منزلك ؟
ادارت عينيها بضيق واضح ثم قالت :
_ اعتذر سام ، و لكن اخر مره اتيت فيها الي المنزل انزعجت راسيل مما حدث لأنها لا تحب استضافة احد في المنزل ، و انا وعدتها بالا استضيف احد مره اخري .
بدأ الغضب يزحف بداخله تدريجيا ، ابعد الهاتف عن اذنه قليلا و هو يأخذ انفاسه محاولا تهدئه اعصابه ، نادتهُ آيلا عندما طال صمته :
_ سام هل لازلت علي الخط ؟
اعاد الهاتف علي اذنه مجيبا :
_ نعم ، هل يمكنني التحدث مع راسيل ؟
_ راسيل ليست بالمنزل .
قوس حاجبيه و هو ينظر للساعه التي تعدت العاشره ، هو يعلم ان دوامها بالعمل ينتهي في الساعه الثامنه مساءا ، سألها محاولا الا يُظهر فضوله :
_ فهمت .. هي تعمل لوقت متأخر اذا .
اجابته آيلا بتلقائيه :
_ لا ، انها مع فاليريو بالخارج .
سب فاليريو بصوت منخفض .. هو كان يعلم الاجابه بل و متأكد منها ، و لكنه كان ينتظر اجابه اخري ترضي غروره ، عاد يتحدث بغضب دون ان ينتبه لما يقول :
_ لم تستمع الي تحذيراتي ، و انتِ لم تحاولي منعها من مقابلته !
تعجبت من اسلوبه المنفعل في حديثه ، لذا توقفت عن الاكل و هي تتحدث بحده :
_ ما بك سام ؟ راسيل ليست طفله و تعلم جيدا ماذا تفعل ، لا انا ولا انت لدينا الحق في التدخل في حياتها ، لا تتخطي حدودك معها ولا تتحدث عنها بسوء !
سب آيلا هي الأخري دون ان تسمعه ، الخطه لا تسير كما اراد .. تحدث بلين مصطنع :
_ عذرا آيلا انا لم اقصد ، انفعلتُ قليلا لأنني خائف عليكما و ..
_ نحن لسنا صغارا لتقلق علينا ، اشكرك لخوفك ذلك ولكن لا حاجه له ، و الآن اعذرني يجب ان اغلق الهاتف .
لم تنظر حتي يجيب بل اغلقت و هي تقول بعصبيه :
_ لم يكن ينقصني سواك !
بينما علي الجانب الآخر .. القي سام هاتفه بغضب علي الأرض بقوه و هو يخلع نظاراته الطبيه ليكسرها بيديه ، ادار عينيه في الغرفه بسرعه و هو يلعن نفسه علي غباءه في الحديث و عدم قدرته للتحكم في نفسه ، سأل نفسه ما الذي دهي آيلا حتي اصبحت تتعامل معه بهذا البرود و الحده ؟ هي التي كانت تتلهف علي نظره واحده منه الآن اصبحت تتهرب منه ! اقسم بداخله ان يضعها خاتم في اصبعه مره أخري ليصل الي ما يريد .. سيحرق الجميع حتي يستطيع الوصول الي المرأه التي احبها منذ سنين و لم يستطع الوصول اليها ، سيدهس الجميع بما فيهم آيلا و حتي فاليريو ليصل اليها .. الي راسيل !
-
خرجت راسيل من الحمام بعدما غسلت وجهها لتشعر بيد تسحبها بمجرد خروجها ، كادت تصرخ بعلو صوتها و لكنها تراجعت حين رأت ان من يسحبها هو فاليريو ، خرجوا من المطعم تماما ليأخذها خلف المطعم حيث حي صغير هادئ نوعا ما ، توقف ثم وضع يديه بجيبه بينما هي استجمعت قوتها لتقول :
_ انت تدين لي بالكثير من التفسيرات !
استند بجانبه علي الحائط و هو يقول :
_ و انتِ تدينين لي بالكثير من الشكر .
استنكرت حديثه قائله :
_ شكر عن ماذا ؟
_ عن انكِ لا زلتِ بمقدورك التنفس بعد حديثك بالداخل .
فهمت انه يقصد الكلام الذي اخبرت ايريك به ، اقتربت منه قليلا ثم قالت :
_ و لم تركتني اتنفس ؟
نطق بثبات و هو ينظر لعسليتاها :
_ و كيف للمحارب ان يحيي دون عسليتاه ؟
نقلت راسيل نظرها بين حدقتا عينيه و هي تشعر بأن قلبها سيخرج من اضلعها من قسوه ضرباته ، لانت ملامحها المتأهبه ثم قالت :
_ رفقا بي فاليريو .. انا لن استطيع .
اعتدل فاليريو في وقفته ثم اقترب يسألها بشك :
_ لن تستطيعي ماذا ؟
عادت عده خطوات للخلف ثم قالت مغيره مجري الحديث :
_ من روليا تلك ؟ و لم تنادني امي ؟
فهم فاليريو محاولتها في التهرب من الحديث ، لذا حمحم بصوته الرخيم قائلا بهدوء كما و كأنه يقول اخبار الطقس :
_ روليا تكون ابنتي .
دقائق مرت و الصمت يخيم عليهم و كأن حل علي رؤوسهم الطير ، راسيل كانت تنظر لـ فاليريو نظرات عديده ما بين الخيبه و عدم التصديق ، حاولت استعاده صوتها لتقول :
_ هل .. انت متزوج ؟
اجابها فاليريو سريعا :
_ لا .
اعادت طرح سؤالها بصيغه اخري :
_ كنت متزوج اذا ؟
_ لا .
نفس الجواب كما المره السابقه ، نظرت بعدم فهم لتلقي اخر سؤال ظنا ان الاجابه ستكون نعم :
_ ابنتك بالتبني صحيح ؟
_ ايضا .. لا.
ماذا يعني بـ لا و لا و لا ؟ هل يريد ان يصيبها بالجنون ؟ سألته بنبره تخللها بعض من الحده :
_ هل تكاثرت ذاتيا و انجبتها بمفردك ام ماذا لا افهم ؟
ابتسم نصف ابتسامه و هو يمسح علي طرف انفه ثم قال :
_ منذ سنوات عندما كانت امي و سيلينو علي قيد الحياه ، كانت هناك مربيه تدعي ايزابيلا ، كانت تعين امي علي تربيتي انا و شقيقي ، كانت تصغر أمي بعده اعوام تقريبا ، تلك المرأه احببتها كما لم احب احدا من قبل ، احببتها اكثر من سيلينو و من الجميع ، كانت الاقرب و الاحب الي بعد أمي ، و بعد وفاة امي لم تتركني و ظلت معي بالرغم من انها كانت تحمل طفلتها في بطنها و يجب عليها الراحه بمنزلها ، و لكنها تحاملت علي نفسها و فضلت فتح صدرها لي ليسع بكائي حزنا علي امي كل ليله ، و بعد عدة اشهر قليله مات زوج ايزابيلا تاركا اياها وحدها دون اقارب او عائله سواي ، حزنت إيزابيلا حزنا شديدا علي زوجها ، حتي انجبت ابنتها الاولي التي انجبتها بعد اعوام كثيره من انتظار طفل ينير عائلتها الصغيره المكونه من زوجها فقط ، ليشاء القدر ان يموت زوجها قبل ان يري ابنته التي كان يتلهف شوقا لرؤيتها و سماع صوتها ، لتأتي الي إيزابيلا قبل موعد ولادتها بعده ايام لتطلب مني طلب كان صعبا للغايه في نظري ، قالت لي " بني .. اشعر ان موعد موتي قد اقترب ، فأن رحلتُ و تركتُ ابنتي علي قيد الحياه ، فكُن لها انت الأب و الأخ و الصديق ، وفر لها ما حُرمتُ انا منه ، فـ ان لم تستطع ، فـ اعطها لشخص يستطيع الاعتناء بها كـأنها ابنته تماما ولا يخبرها بأنها متبناه ، انا اثق بكَ ! " استطيع تذكر ذلك اليوم عندما انجبتها ، كنتُ انا اول من حملتها ، استطيع تذكر المشاعر المختلطه التي شعرتُ بها تجاهها ، لم اكن ذلك الشخص الذي يحب التواجد حول الاطفال نهائيا ، و لكن هي كانت مختلفه ، رائحتها الطفوليه تسللت عبر انفي مخترقه حصون قسوتي تخبرني بألا ادعها تبتعد ، و حدث ما شعرت به إيزابيلا ، ماتت بعد انجاب ابنتها مباشره ، فـ لم استطع تجاهل ما وعدته بها ، و عندها قررت ان تلك الطفله لا تستحق ان تذهب لشخص آخر يعتني بها ، تلك الطفله لا تليق الا ان تكون ابنتي ، و لم تعلم ابدا انني لستُ اباها الحقيقي ، الحقيقه الوحيده التي تعلمها ان والدتها توفيت مباشره بعد موتها ، اعلم ان حياتها معي من البدايه قامت علي كذبه ، ولكني لا اهتم .. استطيع اباده قاره بأكملها و اشعال الحروب في البلاد فقط من اجل ابتسامه واحده منها .
كانت الصدمه تحتل معالم وجه راسيل ، فـ ها هي تري جانب لم تشهده من فاليريو ، و رغم بروده و قسوته المعتاده ، الا ان حديثه عن روليا و اللهفه التي تخرج من عينيه عند ذكر اسمها تستطيع ان تريك انه ليس كما تعتقد تماما ، و لن تنهتي من اكتشاف اسرار و جوانب لا تعرفها عنه ، فـ هو بالنهايه المحارب القاتل !
اومئت راسيل بتفهم بعد مده ثم عادت بسؤالها الرئيسي :
_ و لم تنادني بأمي ؟
شعر فاليريو بالقليل من الحرج ولكنه تناسي ذلك و هو يقول :
_ في الحقيقه هي لم ترغب بالقدوم ، لذا اضطر إيريك للكذب عليها قائلا ان والدتها ستكون في المطعم .
تشنج وجه راسيل بغباء و هي تقول :
_ و هل لم يجد كذبه سوي تلك الكذبه الغبيه ؟
رفع فاليريو كتفيه بقله حيله و لم يجيب ، مسحت راسيل علي رأسها قائله :
_ هذا ليس بأمر يمكننا الكذب به ، نحن نتحدث عن مشاعر طفله !
_ انتِ محقه ، و لكني لن استطيع اخبارها بالحقيقه الآن ، سأفعل عندما نعود الي المنزل ، و لكن حتي نعود اريدك ان تتصنعي بأنك امها .
نظرت له بصدمه و كأنها توقعت انه سيصلح من الموقف ، و لكن ما يفعله هو انه يزيد من سوء الموقف !
_ ما الذي تقوله ؟ انا لا استطيع فعل هذا !
تحدث فاليريو بجديه :
_ ارجوكي راسيل ، لقد مر الكثير و لم اري السعاده بعينيها مثل الآن ، لا تخربي ذلك !
ربعت يديها فوق صدرها ولا زالت مصره علي رأيها :
_ مستحيل ، لن اشارك بتلك الكذبه و اكسر قلب تلك المسكينه .
تراقصت السخريه في عيني فاليريو و هو يسألها للمره الأخيره :
_ اذا هل هذا اخر ما لديكِ ؟
اومئت قائله :
_ نعم ، لن افعل ذلك مستحيل .
_ هيا يا قلب الماما ضعي الأرز في فمك .
قالتها راسيل بعدما وضعت الملعقه المملوءه بالأرز في فم روليا التي كانت تجلس بجانبها ، فـ ها قد عادت بذاكرتها بعدما اقسمت مئه مره لـ فاليريو بأنها لن تكذب علي روليا مدعيه انها امها ، و لكن بعد مده طويله للغايه كان يحاول اقناعها بها من وجهة نظرها " لم يستغرق في اقناعها اكثر من نصف دقيقه " استطاع استعطافها و استمالت قلبها ، لذا وافقت علي مضض شرط ان يخبرها بالحقيقه بعد عودتهم فـ وافق علي شرطها ، و ها هي تطعم روليا الصغيره بابتسامه واسعه علي فمها و هي تري استمتاع روليا الشديد و السعاده المرتسمه في عينيها ، و عكس توقعات فاليريو الذي ظن ان راسيل ستمل من الجلوس و اللعب من حين لآخر مع روليا ، الا انه يكاد يظن ان سعاده راسيال اكبر من روليا بمراحل ، و دون ان يدري ارتسمت ابتسامه واسعه علي فمه و هو يراهم يهتمون بطعام بعضهم البعض و يشاكسون بعضهم من حين لآخر ليرتفع صدي ضحكاتهم في المكان الهادئ ، مال إيريك قليلا ناحيه أذن فاليريو ثم همس بأمل :
_ هل كُتب الي عمر جديد ؟
اجاب فاليريو و لازالت الضحكه تحتل وجهه :
_ انتظر عندما نعود للمنزل و ستعلم .
_ ويلتي !
هتف بها إيريك بحسره و هو يعتدل علي كرسيه مره اخري ، انتهوا من الطعام سريعا ليصيح إيريك باستمتاع :
_ اريد كعكه كراميل .
ثم نظر لفاليرو هامسا بجمله استطاع فاليريو وحده سماعها :
_ لربما تكون تلك اخر كعكه سأتناولها في حياتي .
ضحك فاليريو قليلا ثم اقترب منه قائلا بغمزه مشاكسه :
_ انت تعلم اني رقيق القلب و انفذ طلب ضحاياي الأخير اليس كذلك ؟
عاد يستند علي الكرسي مره اخري ثم سأل كلا من روليا و راسيل عن طلبهم فـ اتفقوا علي تناول المثلجات ، عاد النادل بعد دقائق قليله بـ المثلجات لراسيل و روليا و كعكه الكراميل لـ إيريك بينما فاليريو اكتفي بقهوته .
طالت احاديث راسيل و روليا في اشياء مختلفه و فاليريو يتابعهم باستمتاع و علي الجانب الآخر إيريك يتناول كعكته بتلذذ ، وضع قطعه من الكعكه في فمه و اثناء مضغها تأوه بصوت منخفض عندما ضغط علي شيئ صلب بأسنانه ، قوس حاجبيه بتقزز و هو لا يعلم ماهيه ذلك الشيئ الذي عضه عن طريق الخطأ ، كاد يخرجه من فمه ولكنه توقف فجأه ، اخذ يبتلع جميع فتاتات الكعك المتبقيه في فمه ليبقي فقط تلك القطعه الصلبه ، حرك لسانه عليها يحاول التأكد مما يظن ، و يا ليته لم يتأكد !
اخذ منديل ورقي من الطاوله ثم انزل رأسه للخلف قليلا و اخرج القطعه المعدنيه من فمه واضعا اياها بداخل المنديل ثم اغلقه جيدا دون ان ينظر حتي للمعدن ذلك ، رفع رأسه و يده اليسري تقبض علي المنديل مخفيه اياه بداخلها ، نظر لفاليرو ليجده بالفعل يحدق به بعدم ارتياح و كأنه يشك في حدوث شيئا ما ، اومئ إيريك إيمائه بسيطه برأسه و كأنه يؤكد له ان هناك شيئ خطير بالفعل ، اعتدل فاليريو في مقعده و كأن شيئا لم يكن ، ثم مد يديه صوب كوب الماء ليسقط الشوكه علي الارضيه و كأنه لم يكن يقصد ذلك ، مال كلا من فاليريو و إيريك صوب الشوكه و كأنهم سيرفعونها ، ليعطي إيريك المنديل الي فاليريو بسرعه ثم رفع الشوكه و اعتدل في مقعده مره أخري ، انزل فاليريو المنديل علي قدمه لتحجب الطاوله الرؤيه ثم فتح المنديل ، ليجد أخر شيئ توقع رؤيته .. رصاصه ، رصاصه يعلم جيدا تعود لمسدس من ، و ذلك كان بسبب اسم صاحب السلاح الذي نُحِت اسفل الرصاصه بخط منمق ، كُتِب علي الرصاصه اسم صاحبها .. كُتِب علي الرصاصه اسم " آريان " !
ثم و في ثوانٍ معدوده و قبل ان يتخذ فاليريو اي ردة فعل انهالت الطلقات صوبهم كـ المطر من حيث لا يدروا !
-
استيقظت بعد نوم طويل بعدما فقدت السيطره علي نفسها بعد بكائها الطويل .. تتذكر انكسارها حين رفضها فاليريو بكل قوه دون ان يعطيها فرصه للتبرير ، و لكنه محق و للأسف هي تلعن انه محق ، تعلم انها لا تمتلك الحق في التبرير بعد غيابها لكل هذه السنوات ، و لكنها كانت تأمل ان يعطيها فرصه واحده للحديث ، و لكنه لم يفعل !
نهضت من فراشها متجهه صوب الحمام ، تجردت من ملابسها و هي تتأوه بسبب علامات الضرب و الاعتداء علي جسدها ، سبت آريان في سرها ثم جلست بداخل حوض الاستحمام برفق كي لا يؤلمها جسدها ، غطست بداخل المياه الدافئه متنهده براحه عند ملامسه المياه لجسدها ، ارتخي جسدها المُحاط بالماء ثم بدأت احدي الذكريات تداهم عقلها دون رحمه .. بالتحديد ذلك اليوم عندما اعترف لها فاليريو بحبه لها !
" Flash Back "
كانت جالسه علي الارجوحه الصغيره الموجوده في حديقه منزل عمها سيلينو ، صحيح انها لا تحب عمها ولكنها تشعر بالألفه في وجود فاليريو و زوجه عمها إيلاريا ، زوجه عمها التي عوضت مكانه والدتها و لم تشعرها يوما انها يتيمة الأم ، رفعت خصلات شعرها الأشقر تضعها وراء شعرها بينما تزفر انفاسها بحزن ، شعرت بمن يجلس بجانبها و لم تحتاج لمعرفه هويه ذلك الشخص ، فـ أي شخص يعرف فاليريو يستطيع تمييز وجوده بسبب رائحته الرجوليه المميزه ، رفعت عيناها تلقي نظره سريعه عليه لتجده بالفعل ينظر لها بتركيز لذا اخفضت رأسها مره أخري بخجل ، تنهد فاليريو و هو يقول :
_ لما لا زلتِ مستيقظه ؟ الساعه تعدت الثالثه فجرا .
شعرت بالحرج يتسلل اليها فقد ظنت انه يريد الجلوس بمفرده و يريد منها الذهاب ، لذا استقامت و هي تعدل من وضعيه معطفها الاسود قائله :
_ لم اكن ادري ان الوقت تأخر لهذا الحد ، لن ازعجك و سأذهـ ..
امسك بيديها مقاطعا حديثها و هو يطلب منها الجلوس مجددا :
_ اجلسي معي قليلا ، اشعر بالراحه في وجودك .
تسللت حمرة الخجل الي وجهها و هي تومئ موافقه ثم جلست مجددا ، هي ليست ذلك الشخص الذي يشعر بالخجل طيله الوقت ، بل هي ليست فتاة خجوله نهائيا ، و لكن في وجود فاليريو فقط تشعر بالخجل و كأنه شعور ينتابها في حضوره فقط ، ربما لأنها تحبه منذ سنين عدة ، و لكنها صريحه مع نفسها للحد الذي يجعلها تدرك ان علاقتهم مستحيله لعده اسباب ، اولهم انه يعاملها و كأنها شقيقته و ثانيهم أنه ير ..
_ الطقس جميل اليوم .
نظرت الي الأشجار المزروعه في الحديقه التي تكاد تنخلع من مكانها بسبب قوه البروده و تيار الهواء القوي ، ابتسمت و هي تتذكر ان فاليريو يقع بعشق تلك الاجواء .. المطر و الرعد و الهواء الشديد ، فبينما تشعرك تلك الاجواء بالخوف و الرغبه في البقاء في المنزل بعيدا عنها ، ستري فاليريو من نافذة منزلك يسير في الشوارع مستمتعا ببرودة الجو و الأمطار الغزيره ، و انا لا ابالغ حقا في وصفي !
_ افضل الاجواء الصيفيه اكثر .
قالتها و هي تضم المعطف علي جسدها اكثر ، نظر الي يديها الزرقاء بسبب شده البروده ليخلع معطفه الاسود ثم وقف يستدير نحو ظهرها و هو يضع المعطف علي كتفيها ، استدارت بسرعه تنظر لمعطفه الذي حاوط جسدها و الذي كان ممتلئ برائحته ، هزت رأسها برفض و هي تنظر له قائله :
_ لا اريد المعطف ، ارتديه انت الجو بارد للغايه .
نفي برأسه ثم قال و هو يعود للجلوس بجانبها :
_ لا اريد ارتدائه ، افضل الاستمتاع ببرودة الجو و الهواء المنعش .
هزت رأسها بيأس و لم تكد تسبح في مخيلاتها حتي قاطعها سؤاله :
_ ما الذي حدث ؟
قوست حاجبيها بعدم فهم و هي تنظر اليه متسائله :
_ ماذا ؟
اعاد صياغه سؤاله :
_ لما انتِ حزينه ؟
نفت برأسها محاوله الا تظهر توترها :
_ لما تقول هذا ؟ انا لستُ حزينه ابـ ..
_ لم اعهدكِ كاذبه .. ايليت !
دب انذار الخطر بداخلها و هي تشعر بأن دموعها علي وشك الهطول ، سألته محاولة عدم اظهار القهر في صوتها :
_ و ما ادراك اني حزينه ؟
ابتسم بجانب فمه و هو يقول ببساطه :
_ لا يمكنكِ الكذب علي ، انا احفظك عن ظهر قلب ، اعرف كيف تتصرفين عند حزنك و عند سعادتك ، اعلم ان كنتِ متوتره من حركه اصابعك الطفيفه ، اعلم ان كنتِ حزينه من ابعاد عينيكِ عن خاصتي ، اعلم ان كنتِ سعيده من حركتكِ العشوائيه التي تفعلينها دون قصد ، اعلم متي تضورين جوعا و متي تشعرين بالنعاس و متي تشعرين بالملل ، انا اعلم عنكِ كل شيئ إيليت .. لا يمكن لعيناكِ ان تكذب علي !
هل اخبرتكم انها كانت تحاول منع هبوط دموعها ؟ الآن و بعد حديثه اصبحت دموعها تهطل كشلالات غزيره تصحبها رياح قويه ، اغمضت عينيها مذكره نفسها للمره الألف انه لا يحبها ، المشاعر التي تشعر بها ليست مشتركه ابدا ، لم يكن يعلم بأنها تبكي بسبب شعرها الذي كان يغطي وجهها ، لذا تحدث مره أخري :
_ ادري ان إيدن هو السبب في حزنك ، ادري انه لم يتوقف عن القاء كلماته القاسيه علي مسامعك ، و اتذكر انكِ اكثر من مره منعتني من التدخل و التحدث معه ، و ادري جيدا انني في الفتره الأخيره ابتعدتُ عنكِ قليلا بسبب عملي ، و لكن هل ابتعدتُ لدرجه الا تعطيني الحق في مشاركتك حزنك ؟ هل قسوتُ عليكِ لتلك الدرجه ؟
ارتفعت شهقاتها و هي تنفي برأسها بقوه و كأنها تزيح عنه تهمه فظيعه ، استقام سريعا ثم توجه ليجلس امام ركبتيها ، رفع خصلاتها خلف اذنها ليتسني له رؤيه وجهها جيدا ، كان يستطيع ان يري القمر ينعكس في محيط عينيها الزرقاء ، عينيها التي امتلئت بشلالات العبرات و كأنها خلقت للبكاء فقط ، مسح دموعها بأبهامه ليميل برأسه قليلا ثم قال :
_ لا تبكي إيلي ، اريدك ان تعطيني اشارتكِ فقط ، و اعدك ان اجعل ايدين يركع امام ركبتيك طالبا منكِ العفو ، انتِ فقط تستطيعي أن تأمُري قلبي و سيصبح رهن اشارتكِ !
نظرت لابعد نقطه بعينيه و كأنها تبحث عن الصدق بداخلهما ، تنهد بعدما جفت دموعها تقريبا ثم سألها :
_ اخبريني الآن ماذا حدث .
نظرت حولها و كأنها تتأكد من خلو المكان ثم تحدثت :
_ كالعاده .. يستمر بمعاملتي كالخدم و كلما سنحت له الفرصه يسخر مني ، و ابي لا يفعل شيئ سوي الصمت ، يري معاملته السيئه لي و يقابلها بالصمت و البرود ، حتي في المره الأخيره عندما ضربني لأنني تأخرت عن موعد عودتي للمنزل بخمس دقائق ، كان ابي يقف يشاهده و هو يتعدي علي بالضرب و السب كأنه يشاهد عرض تليفزيوني ممل ، لستُ حزينه من قسوة إيدين بقدر انكساري من لامبالاة ابي ، يعاملونني و كأنني خرده ليست لها الحق في التحدث او المطالبه بحقوقها ، اقسم ان الخدم يتقلون معامله اكرم مني ، ادري انني اصبحت شكاءه للغايه ، ولكني مللتُ و تعبتُ اقسم انني تعبت ، لا احد يطيق التحدث الي او الاستماع لمشاكلي ، لا احد يحبني او يحـ ..
_ انا احبك !
توقفت عن الحديث عقب سماعها لجملته ، جمله مكونه من كلمتين كانت قادره علي جعل قلبها يتوقف من الصدمه ، نظرت له تتأكد مما تسمعه ، لم يهتم بصدمتها الظاهره علي وجهها و اكمل حديثه :
_ احبك ولا ادري كيف تنفين حب الجميع لكِ ؟ اقسم ان حبي لكِ ان وزع علي الكره الأرضيه بأكملها سيكفي و يفيض ، احبك اكثر مما ينبغي علي الجميع ان يحبك .
صمتت قليلا جراء كلماته العذبه التي القاها بلين علي مسامعها ، استعادت صوابها قليلا مذكره نفسها بأنه بالتأكيد يحبها لأنها تربت معه منذ طفولتها و يشعر بالمسؤوليه تجاهه لذا قالت :
_ ادري انك تحبني كـ شقيقتك تماما و ..
_ لا .
نفي جملتها و هو يصحح لها :
_ لم اعاملكِ يوما كـ شقيقتي ، انا احبك ايلي ، احبك منذ ان كنتِ طفله صغيره لا تفقه شيئ ، كنتُ اراكِ تتقدمي في العمر امام عيناي و انا انتظر بصبر اللحظه التي ستكونين بها زوجتي ، عندها لا والدكِ ولا إيدين سيستطيعوا احزانك مجددا .
كانت تحاول تخطي صدمتها ولكن لا فائده ، هدئت من روع انفاسها و هي تقول :
_ و لكني صغيره ، عمري لا يتجاوز الستة عشر !
_ و لكني احبك !
_ هل ستقبل الزواج من طفله ؟
ضحك بسخريه و هو يقول :
_ بربك ايليت ، و كأنني سأتزوجك الآن ، انا ايضا لا زلتُ في التاسعة عشر ، يمكننا الانتظار عده اعوام .
قالها و هو يضحك باستمتاع ، كادت تضحك هي الاخري و لكنها عبست مره اخري قائله :
_ كيف سيوافق ابي و والدك علي علاقتنا ؟ تعلم انهم يكرهون بعضهم البعض و يتظاهرون بعكس ذلك من اجل العمل لا اكثر .
_ لا اهتم ، انا احبك .
_ ماذا ان رفض ابي ؟
_ رأيه لن يهم كثيرا ، انا احبك .
_ هل ستنتظرني لعده اعوام ؟ ليس عام او اثنين ربما خمسة او سبعة او حتي عشره !
_ سأنتظرك الي نهايه العمر ايلي ، ستكوني انتِ مكافئتي قبل الموت .. انا احبك !
ابتسمت بخجل عقب كلماته التي كانت تدغدغ قلبها ، شعرت برغبه ملحه في القاء اعترافها الآن ، و كأنها ليلة الاعترافات :
_ احبك فاليريو !
فاقت من شرودها مانعه عقلها من الغوص في المزيد من الذكريات ، انتهت من الاستحمام لتجفف جسدها بالمنشفه ، خرجت من الحمام لتبدأ في ارتداء ملابسها و في رأسها تدور فكره واحده .. ستستعيده لها ، ستعيده لها مهما كلفها الأمر ، و ليكن هو مكافئتها هي قبل الموت !
-
انقلبت فجأه الأجواء من الصمت التام الي اصوات اسلحه ناريه مرتفعه و صراخ الناس الذين كانو يجلسون بالمطعم ، قلب إيريك الطاوله و كأنه يتخد منها حصنا بينما راسيل و روليا لم يعطيهم فاليريو حتي الفرصه لاستيعاب ما يحدث ، بل قام بسحب كليهما بقوه ليقعا خلف الطاوله التي أوقفها إيريك علي جانبها حتي لا تصيبهم احدي الطلقات .
اخرج كلا من فاليريو و إيريك اسلحتهما ليقول فاليريو بسرعه :
_ إيريك يجب ان نخرج راسيل و روليا بسرعه ، الطاوله لن تشكل لنا حصن سريعا ما ستخترقها الاعيره الناريه !
ثم ارتفع بنصف جسده و هو يسدد لهم الطلقات بسرعه و مهاره عاليه و كأنه يعلم اين يقفون تماما و اين يختبئون ليسقط اثنين منهما علي الأرض بعدما اصابتهم رصاصة فاليريو ، عاد لمكانه و هو ينظر ل راسيل و روليا يطمئن عليهما ليجد راسيل تحتضن روليا بكلتا ذراعيها تخفيها بداخل احضانها و كأنها تمنعها عن رؤية ما يحدث ، ادارت رأسها تنظر اليه حتي رأي العبرات المتشكله في عينيها و الهلع المرتسم علي وجهها ، طال تحديقه بها و كأنه نسي ما يحدث ليتلقي خبطه من ايريك علي كتفه و كأنه يطلب منه بأن يشارك معه ، ليرتفع هو الآخر و يبدأ بإطلاق رصاصاته من كلا مسدسيه فقد كان يحمل واحدا بكل يد ، عاد يختبئ بعدما فرغت خزينة احدي مسدساته ، اخرج فاليريو هاتفه و قام بمكالمه سريعة ثم اغلق الهاتف ، اعطاه إيريك خزينة احتياطيه كان يضعها في جيبه ليسمع تعليمات فاليريو :
_ إيريك ، راسيل و روليا لن يستطيعا الخروج من البوابه الرئيسيه ، انظر امامك علي اليسار ، ستجد بوابه تقودك حيث المطبخ ، خذهم الي هناك و سر بهم قليلا ستجد باب يقودك للشارع و بالخارج ستجد سيارة لأحد رجالنا ، انتظر حتي يذهبوا بالسياره ثم عد الي .
كان إيريك يستمع الي كلامه الذي يعد ضربا من الجنون ، لم يتعجب كيف علم بالباب الذي يوجد في المطبخ ولا بالسياره التي اتت للخارج ، كل هذا كان بسبب المكالمه التي دارت بينه و بين احد من الرجال اكيد ، هم ان يعترض ولكن سبقته راسيل :
_ هل انت مجنون ؟ تريده الخروج و تركك هنا بمفردك ؟ هل تظن نفسك خارق لتستطيع التخلص من كل هؤلاء الرجال بمفردك ؟
كان حديثها صحيح مئه بالمئه ، و لكن اتتها اجابة فاليريو ببرود :
_ نعم انا الخارق الذي يستخلص منهم جميعا ، و الآن اصمتي و اللعنه و نفذي ما اقول ان اردتِ العيش .
_ لن اتركك بمفردك .
قالت راسيل بتصميم و هي تحتضن روليا بيديها جيدا و تخبئ وجهها في صدرها ، عاد إيريك مكانه بعدما كان يحاصر الرجال بطلقاته حتي لا يستغل احد انشغالهم و يقبضوا عليهم ، علم فاليريو ان لا فائده معها و انها ان رفضت الذهاب فلن تذهب مهما حدث حتي و بالقوه ، و هو يريد ان يكون خروجهم سلسا حتي لا ينتبه لهم احد ، لذا قال لها مره اخري برجاء :
_ ارجوكِ راسيل ، ليس من اجلي ولا من اجلك ، من اجل روليا ، لا اريدها ان تتأذي انها كل ما أملك !
نظرت راسيل الي روليا التي تبكي بخوف في احضانها متمسكه بها بيديها الصغيرتان و قد بدأت تقتنع بما يقول ، انها طفله صغيره بالنهايه و لا يجب ان تري حتي ما يحدث ، عندما رأي فاليريو الموافقه في عينيها فأنه التفت الي إيريك و قبل حتي ان يتحدث اجابه إيريك :
_ لا و الف لا ، انت تنتحر !
_ لقد طلبتُ العون و في اقل من دقيقه سينتشر الرجال هنا و لن اكون بمفردي ، اذهب بسرعه قبل ان نندم ، لن اسمح بأن يصاب ايا من روليا او راسيل بخدش صغير .
عاد إيريك يعترض و لكن غضب فاليريو جعله يرفع من صوته دافعا اياه :
_ انا لستُ فاليريو صديقك الآن ، ان آمُرك بصفتي زعيمك ، خذهم للخارج و الا ستُعد خائنا للزعيم !
_ فلتذهب للجحيم ايها الزعيم السافل !
قالها إيريك بغضب ثم حمل روليا عن راسيل و سحب يديها كي تزحف خلفه دون ان يراها احد ، و لكنها قبل ان تذهب امسكت بتلابيب ثيابه قائله له :
_ عدني انك ستعود .
نظر لعينيها و كأنه يراها للمره الأخيره ثم قال :
_ انا قاتل .. و لكني لا اعطي وعودا كاذبة .
نفت برأسها و هي تقول :
_ لم يكن زيوس ليرفض النجاة من اجل مارسيا !
_ و لكنه لم يكن ليعدها بوعد لا يضمن صحته ، لذا كل ما يستطيع فاليريو فعله هو وعد راسيل بالتمسك بالنجاه بكل ما يستطيع .
_ روميو و جولييت هل ننتظر حتي يفجرنا اولئك الرجال ام ماذا ؟
قالها ايريك و هو يحثهم علي الاسراع فلا وقت لتضييعه ، ابتعدت راسيل معه لتزحف خلفه ارضا و هي تنظر خلفها حيث فاليريو يقاتل بسلاحيه بمهاره ، ثم فجأه دخل رجال فاليريو ليملئو المكان و يقفوا امام فاليريو و خلفه يقاتلون معه بكل ما يملكون ، ثم اتي مجموعة منهم يقفون امام إيريك و راسيل يشكلون حاجزا بيهم و كأنهم يمنعون وصول الخطر اليهم ، لذا لم يعد هناك حاجه للزحف فوقف إيريك آخذا بيد راسيل و هو يركض بأقصي ما يمكن صوب المطبخ و منه الي الشارع ، وجد بالفعل سيارة تقف بالخارج لذا دفعهم بداخل السياره و هو يغلق خلفهم الباب :
_ اوصلهم الي منزلي بسرعه و تأكد من عدم وجود مراقبين ، و اتصل بالحراس و أأمرهم بتكثيف الحراسه علي المنزل ، ان اصابهم خدش صغير ستتدحرج رؤوسكم من فوق اجسادكم ، هذا امر من الزعيم .
اظهر الحارس احترامه الشديد و هو يقول :
_ سمعا و طاعة للزعيم .
ثم ركب بجانب السائق متوهجين ناحية منزل إيريك ليعود بسرعه الي فاليريو مجددا .
دخل ليركض الي حيث كان فاليريو ، فكان يتوقع ان يري القتال مشتعلا هناك ولكن ما رآه قد خيب آماله ، ففي غضون ثلاثة دقائق استطاع فاليريو و رجاله بالقضاء علي الرجال الذين يقاتلونهم بالداخل و اصابة بعضهم ، اقترب إيريك قليلا من فاليريو لينظر ارضا حيث كان فاليريو يرفع قدمه اليمني يسندها بكل اريحيه علي شيئ ما ، و في الحقيقه ذلك الشيئ كان وجه إيدن الذي كان يصرخ متألما بسبب ضغط حذاء فاليريو فوق وجهه و الاصابه القويه في قدمه اليسري ، و في المنتصف ، كان يقف آريان مجردا من السلاح و الغضب يتطاير في عينيه مقارنة بالاستمتاع و لذة الانتصار التي تتراقص بعيني فاليريو .
ضرب إيريك وجهه بقوه دون ان يراه فاليريو مهمها :
_ انا ميت لا محاله !
لعن نفسه و هو يتذكر المصيبتان اللتان قام بهما ، اولا ارسل راسيل و روليا الي منزله و قد نسي تماما ان إيليت ستكون هناك ، و ما سيحدث بعد ذلك ان فاليريو سيتجه الي منزله بالتأكيد لاصطحاب روليا و راسيل و هناك سيجد ايليت التي عاني حتي يخبئها منه ، و علي الناحيه الأخري هو لن يحتاج الي الذهاب لمنزله ليعلم ان إيليت هناك .. فهجوم آريان علي فاليريو و إيريك بكل هذه الجرائه لا تعني سوي شيئ واحد فقط ، و هو انه يدري ان احداهما إيريك او فاليريو يخبئها لديه !
اشعل فاليريو سيجارته و هو يقول ببرود :
_ من اين اتيت بتلك الجرئه حتي تهجم علي اخاك الكبير ؟
لم يجيب آريان بل اكتفي بالصمت و الغضب يسيطر عليه من برود فاليريو اللامتناهي ، قال فاليريو مجددا :
_ دعك من انني اخاك الكبير فـ انت لا تعترف بي اساسا ، و في الواقع هذا لن يهم ، و لكن ان لم اكن اخاك .. فـ انا الزعيم ، هل تعلم من هو الزعيم ؟
_ انا اعلم من هو الزعيم ، و لكن اليس عيبا علي الزعيم ان يخطف زوجتي ؟
قوس فاليريو حاجبيه و هو يدرك انه يقصد إيليت و لكنه لا يعلم بشأن الاختطاف فـ هو قد طردها من مكتبه عندما اتت اليه ، نظر فاليريو الي رجاله محاولا اثارة غضب آريان :
_ اي زوجة تلك ؟ هل تعلمون من هي زوجته ؟
نفي الرجال برأسهم بصدق ، و حتي ان كانوا يعلمون من هي و لكن ان اظهرت طريقه فاليريو بأنه يريدهم النفي سيكذبوا بكل آليه ، عاد فاليريو ينظر الي آريان و هو يقول :
_ أرأيت ؟ لا احد يعلم من هي زوجتك .
اقترب منه آريان حتي بات قريبا منه للغايه ، وضع سبابته علي صدر فاليريو ثم تحدث و هو ينظر لعينيه :
_ انا اعلم انها معك ، لم تتركها لي عندما كنا صغارا ، و الآن عندما عدنا تريدها لك مجددا !
_ اتري السيجاره تلك التي بين اصابعي ؟ إيليت بالنسبه الي ارخص من تلك السيجارة ، فـ ان كانت قديما تعني الكثير بالنسبه الي فـ هي الآن ارخص من سيجارة ، السيجاره ان تذوقتها و لم تعجبني القيها ارضا ثم ادهسها بقدمي فلك ان تتخيل مكانة زوجتك العزيزه لدي ، اذهب و ابحث عن سيجارتك بعيدا عني .
صرخ إيدين عندما سقط الجزء المشتعل من السيجاره فوق رأسه عندما القي بها فاليريو دون قصد فوق وجهه ، نظر له فاليريو بتقزز و هو يقول :
_ ما هذا ؟ اقسم ان كنت احضرت عنزه لتقاتل معك كانت ستكون اكفئ من هذا الغبي .
قالها و هو ينظر الي إيدن ، رفع رأسه عندما تحدث آريان :
_ ان لم تكن معك ، فـ هي مع إيريك ، و انا متأكد مئه بالمئه من حديثي .
_ ويلتي !
قالها إيريك بصوت مرتفع عقب سماعه لاتهام آريان و لم ينتبه لعلو صوته ، التف كلا من فاليريو و آريان ينظران لردة فعله الأشبه بتصرفات النساء ، حمحم إيريك محاولا تصحيح موقف قائلا :
_ انا اقصد .. ويلتي ! كيف تتهمني هكذا اتهام الا تعلم من اكون ؟ استط ..
توقف عندما رأي نظرات فاليريو الموجهه نحوه و كأنه يطلب منه الصمت لذا قال :
_ حسنا سأصمت .
_ انها معه .
قالها آريان قاصدا إيريك ، بدأ التوتر يسري بداخل إيريك حتي قال فاليريو مدافعا عنه :
_ زوجتك ليست معه ، لقد طردتها من مكتبي حين اتت الي ، عذرا الم اخبرك انها اتت الي ؟
قالها فاليريو قاصدا استفزازه ، و بالفعل ابتسم عندما رأي النيران تشتعل بعينيه و القوه التي يقبض بها علي كفه مناعا نفسه من التهور ، اكمل حديثه دون ان يعيره اهتمام :
_ اتت الي و جلست تبكي و تترجاني ، تترجاني بالعوده اليها مخبره اياي بان قرارها بالبقاء معك كان اغبي قرار اتخذته في حياتها ، بكت و بكت و هي تتذلل امام قدمي طالبه العفو ، اتدري لما ؟ لانها ادركت انها تخلت عن رجل لأجل امرأه مثلها و الفرق بينكما ان لديك شارب بينما هي لا ، بكت لأنها تذكرت كيف كان يعاملها الرجل الذي كان يحبها بالمقارنه بكيف يعاملها المخـ ..
توقف عن الحديث بعدما لكمه آريان بقوه علي فكه ، اخرج الرجال اسلحتهم و هم يستعدون للقضاء علي آريان بما فيهم إيريك و لكن اوقفتهم اشاره من يد فاليريو يمنعهم من التدخل ، و بالفعل اعادوا اسلحتهم داخل جيوبهم مره اخري ، ابعد فاليريو قدمه بعيدا عن وجه إيدن الذي مات تقريبا ثم تحدث مره أخري باستفزاز :
_ حتي لكمتك تثبت انها لكمة انثي .
لم يعد آريان يستطع تحمل المزيد لذا هجم علي فاليريو يوقعه ارضا و هو يلكم وجهه بكل قوته ، لم يتدخل احدا من الرجل بسبب منع فاليريو لهم من التدخل ولكن إيريك كان متعجب من تصرفات فاليريو ، فهو يستطيع ان يقتل آريان ان اراد و لكن بدلا عن ذلك يتركه ليضربه دون حتي ان يدافع عن نفسه ، لم يتحمل إيريك اكثر من هذا لذا ذهب يحاول ابعاد آريان عن فاليريو و لكن هيهات فقد فقد السيطره علي نفسه حتي انه دفع إيريك بعيدا عنه و هو يكمل في ضرب فاليريو ، اشتعل غضب فاليريو و هو يستمع الي تأوه إيريك عندما اصطدم رأسه بالأرض بقوه ، دفع آريان عنه بقوه ليتوجه ناحيه إيريك يطمئن عليه ، لحسن حظه لم يطوله سوي جرح بسيط لا يذكر ، وقف فاليريو يهم بضرب آريان ولكن اوقفه إيريك الذي حال بينه ثم امسك رأسه بكلتا يديه و هو يهمس بأذنه :
_ ايليت في منزلي !
اضطر إيريك لقول الحقيقه عندما رأي الوضع يتأزم سوءا و الدماء تنهال من وجه كلا من فاليريو و آريان ، لم يظهر علي وجه فاليريو اي تعبير و كأن إيريك لم يكن يخبره شيئ ، و لكنه كان يجاهد حتي لا يظهر دهشته و انفعاله ، ابتعد إيريك عن فاليريو و هو ينظر له كأنه يرجوه الا يتخذ قرار خاطئ ، التف إيريك الي آريان ثم قال :
_ زوجتك معي .
نظر الرجال لبعضهم لدهشه ، فهم يدرون ان فاليريو و إيريك لا يكذبون حتي ان فعلوا شيئا خاطئ ، فـ ان كان يخبئ زوجته في منزله لما ينكر ؟ تحدث إيريك بعد فتره مبررا له :
_ لقد طلبت حمايتي ، و لم استطع الرفض .
دفعه آريان قائلا :
_ لما و اللعنه تحمي زوجتي ؟ ما شأنك بها ؟
_ هي من طلبت هذا ، ثم ان احد قوانين المافيا هو حمايه الجميع .
تحدث احدي رجال فاليريو يصوب له جملته و قد عُرف عن هذا الرجل أحقيته و عدم الصمت امام الكذب :
_ المافيا تحمي جميع اعضائها و من هم تحت جناحها ، اي شخص لا يتبعنا فلا حق لنا في حمايته .
ابتسم آريان نصف ابتسامه و قد بدأ يشعر بنشوة الانتصار ثم قال بمراوغه :
_ لستُ من المافيا ، و لكني ادري ان الزعيم يعاقب من يخالف قوانينه او يتصرف دون علمه ، هل سيتغاضي الزعيم عن عقاب مساعده الخائن ؟
كان الجميع يعلم بأن آريان يحاول اقامة حرب بين كلا من فاليريو و إيريك فهو يدري ان صراع صغير بين إيريك و فاليريو سيؤدي الي صراع المافيا و انهيارها ، و بنفس الوقت يحاول ان يكسب رجال فاليريو لصفه او علي الاقل يجعلهم يتهمونه بالتفرقه ، اخذ فاليريو نفسا عميقا و قد انتظر الجميع رده علي احر من الجمر :
_ لا .. في قانون الزعيم الخائن يعاقب حتي و ان كان مساعده .
احتبست انفاس الجميع و هم ينتظرون العقاب الذي سيتفوه به فاليريو بينما إيريك فقد وضع نظره ارضا منتظرا عقابه ، فمن امامه الآن ليس صديقه بل زعيمه ، مسح فاليريو علي طرف انفه بهدوء ثم قال لآريان :
_ في غضون نصف ساعه ستكون زوجتك في منزلك ، اما عن العقاب ..
اخرج فاليريو سلاحه ثم اعطاه الي آريان قائلا :
_ لديك الحق في اطلاق رصاصه واحده عليه ، لقد اخذ زوجتك و خبئها بمنزله دون علمك ، اطلق الرصاصة اينما تريد .
اعطاه المسدس في يديه ثم ضغط عليها و هو ينظر لعيناه .. لطالما تمني آريان تلك الفرصه ، التخلص من فاليريو و إيريك ، و لكن تلك النظرات التي كان يوجهها فاليريو اليه ، و لأول مره يراها بعينيه .. و كأنه يرجوه ان لا يفعل هذا ، لم يستطع قولها مباشرة و لكن عيناه قالت الكثير ، قالت ان لم تكن لي اخا و عونا فـ اترك لي اخا استند عليه ، ترك يديه ثم ابتعد و هو ينظر الي إيريك الذي كان ينظر الي الارض بثبات يحاول التخمين اين ستصيبه الرصاصه ، سحب آريان زر الأمان ليعتدل إيربك في وقفته ناظرا له بجمود ، حاول آريان ابعاد صورة عينا فاليريو المترجيه مذكرا نفسه بأن تلك فرصته و عليه اكتنازها ، القي نظره سريعه علي فاليريو ، ثم اطلق رصاصته صوب إيريك !
-
بعد مرور ساعاتان ، دق باب منزل إيريك لتذهب الخادمه الي فتح الباب ، و في الخلف وقف كلا من راسيل و إيليت و آيلا بعدما استدعتها راسيل ليروا هويه الطارق ، دخل فاليريو الي المنزل بخطوات بطيئه ثم توقف امام نظرات الثلاث فتيات التي كانت تحيط به ، منها نظرات آيلا المتحيره و نظرات راسيل الخائفه عليه و إيليت الخائفه منه بعدما اكتشف مخبئها ، كانت آيلا هي اول المتحدثين فقالت :
_ أين إيريك ؟
لم يجيب و هو ينقل عينيه بين راسيل و إيليت بهدوء ، عادت إيليت عدة خطوات للخلف تختبئ خلف راسيل التي كانت تنظر لملابس فاليريو الممتلئه بالدماء برعب شديد ، تتفحصه من بداية شعره حتي قدميه بحثا عن مصدر الدماء ، ناهيك عن بعض الجروح البسيطه في وجهه التي لا تسبب بقع الدماء الكبيره تلك ، و عندما طال الصمت و لم تجد آيلا إجابه علي سؤالها فإنها اعادت سؤالها و لكن بصوت متحشرج هذه المره :
_ فاليريو .. اين إيريك ؟
نظر لها فاليريو هذه المره ، اطال النظر بعينيها دون ان يرمش او يجيب حتي و كأنه فقد النطق .. كان الصمت حينها سيد المكان ، فما الذي يحاول اخفائه وراء صمته ؟
-